المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم على من أقر بالزنا - زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم - جـ ٥

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصولٌ(1)في هَدْيه صلى الله عليه وسلم في أقضيته وأحكامه

- ‌فصلٌفي حكمه فيمن قَتَل عبدَه

- ‌فصلفي حُكمه في المحاربين

- ‌فصلفي حُكمه بين القاتل ووليّ المقتول

- ‌فصلفي حُكمه بالقوَد على من قتل جاريةً، وأنه يُفعَل به كما فَعَل

- ‌فصلفي حُكمه صلى الله عليه وسلم فيمن ضرب امرأة حاملًا فطرحها

- ‌فصلفي حُكمه صلى الله عليه وسلم بالقَسَامة(3)فيمن لم يُعرف قاتلُه

- ‌فصلفي حُكمه صلى الله عليه وسلم في أربعة سقطوا في بئر فتعلّق بعضُهم ببعض فهَلَكوا

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم فيمن تزوّج امرأة أبيه

- ‌فصلفي حُكمه صلى الله عليه وسلم بقتل من اتهم بأم ولده فلما ظهرت براءته أمسك عنه

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم في القتيل يوجد بين قريتين

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم بتأخير القصاص من الجرح حتى يندمل

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم بالقصاص في كسر السِّنّ

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم فيمن عضّ يدَ رجلٍ فانتزع يدَه من فيهفسقطت ثنيةُ العاضّ بإهدارها

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم فيمن اطلع في بيت رجل بغير إذنه فخَذَفه بحصاةأو فقأ عينه فلا شيء عليه

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم على من أقرّ بالزنا

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم على أهل الكتاب في الحدود بحكم الإسلام

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم في الرجل يزني بجارية امرأته

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في السارق

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم على مَن اتهم رجلًا بسرقة

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم فيمن سَبّه مِن مسلم أو ذمِّي أو معاهَد

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم فيمن سَمَّه

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الساحر

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في أول غنيمة كانت في الإسلام وأوّل قتيل

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الجاسوس

- ‌فصلفي حُكْمه في الأسرى

- ‌فصل في حُكْمه صلى الله عليه وسلم في فتح خيبر

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في فتح مكة

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في قسمة الغنائم

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم فيما حازه المشركون من أموال المسلمينثم ظَهَر عليه المسلمون أو أَسْلَم عليه المشركون

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم فيما كان يُهدى إليه

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في قسمة الأموال

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الوفاء بالعهد لعدُوِّه، وفي رسلهم أن لا يُقتلوا ولا يُحبَسوا، وفي النَّبْذِ إلى مَن عاهده على سواءٍ إذا خاف منه نقض العهد

- ‌فصلفي حُكْمه في الأمان الصادر من الرجال والنساء

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الجزية ومقدارها وممن تُقبل

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الهدنة وما ينقضها

- ‌ذِكْر أقضيته وأحكامه في النكاح وتوابعه

- ‌فصلفي حُكْمه في الثَّيِّب والبكر يزوِّجهما أبوهما

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في النكاح بلا وليّ

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم في نكاح التفويض

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم فيمن تزوج امرأةً فوجدها في الحَبَلِ

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الشروط في النكاح

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في نكاح الشِّغار، والمحلِّل والمتعة،ونكاح المُحرِم، ونكاح الزانية

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم فيمن أسلم على أكثر من أربعة نسوة أو على أختين

- ‌فصلفيما حَكَم الله سبحانه بتحريمه من النساء على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الزوجين يُسلم أحدُهما قبل الآخر

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في العَزْل

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم في الغَيْل، وهو وطء المرضعة

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في قَسْم الابتداء والدوام بين الزوجات

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم في تحريم وطء المرأة الحُبْلى من غير الواطئ

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الرجل يُعتق أمته ويجعل عتقها صَداقها

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم في صحة النكاح الموقوف على الإجازة

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم في الكفاءة في النكاح

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم بثبوت الخيار للمعتقة تحت العبد

- ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم في الصّداق بما قلّ وكثر، وقضائه بصحة النكاحعلى ما مع الزوج من القرآن

- ‌فصلفي حُكْمه صلى الله عليه وسلم وخلفائه في أحد الزوجين يجد بصاحبه بَرَصًاأو جُنونًا أو جُذامًا أو يكون الزوج عنّينًا

- ‌فصلفي حُكْم رسول الله صلى الله عليه وسلم في خدمة المرأة لزوجها

- ‌حُكْم(1)رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الزوجين يقع الشقاق بينهما

- ‌حُكْم النبي صلى الله عليه وسلم في الخُلْع

- ‌ذِكْر أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطَّلاق

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطلاق قبل النكاح

- ‌حُكْم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم طلاق الحائض والنفساءوالموطوءة في طُهرها، وتحريم إيقاع الثلاث جملة

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم فيمن طلَّق ثلاثًا بكلمة واحدة

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في العبد يُطلِّق زوجته تطليقتين ثم يَعْتِق بعد ذلك، هل تَحِلُّ له بدون زوج وإصابة

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنّ الطلاق بيد الزوجِ لا بيد غيرِه

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن طلَّق دون الثلاث،ثم راجعها بعدَ زوج: أنها على بقية الطلاق

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن المطلقة ثلاثًا لا تَحِلُّ للأوّلحتى يطأها الزوج الثاني

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرأة تُقيم شاهدًا واحدًا على طلاق زوجها والزوج مُنكِر

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخيير أزواجه بين المُقَام معهوبين مفارقتهن له

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بيَّنه عن ربّه تبارك وتعالى فيمن حرَّمَ أمتَه أو زوجتَه أو متاعَه

- ‌فصلالفصل الثَّالث:

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الرجل لأمرته: الْحقي بأهلِكِ

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظِّهاروبيان ما أنزل الله فيه، ومعنى العَوْد الموجب للكفَّارة

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإيلاء

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللعان

- ‌فصلالحكم الثَّاني:

- ‌فصلالحكم الثَّالث:

- ‌فصلالحكم الرَّابع:

- ‌فصلالحكم الخامس:

- ‌فصلالحكم السَّادس:

- ‌فصلالحكم السَّابع:

- ‌فصلالحكم الثَّامن:

- ‌فصلالحكم التَّاسع:

- ‌فصلالحكم العاشر:

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم في لحوق النَّسب بالزَّوج إذا خالف لونُ ولده لونَه

- ‌فصلفي حكمه صلى الله عليه وسلم بالولد للفراش، وأن الأمة تكون فراشًا، وفيمن استلحق بعدَ موتِ أبيه

- ‌فصلالثَّالث: البيِّنة

- ‌فصلالرَّابع: القافة

- ‌ذكر حكمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضائه باعتبار القافة وإلحاقِ النَّسب بها

- ‌ذكر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في استلحاق ولد الزِّنا وتوريثه

- ‌ذكر الحكم الذي حكم به علي بن أبي طالب في الجماعةالذين وقعوا على امرأة في طهرٍ واحد، ثم تنازعوا الولدَ،فأقرعَ بينهم فيه، ثم بلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فضحكَ ولم يُنكِره

الفصل: ‌فصلفي قضائه صلى الله عليه وسلم على من أقر بالزنا

وبين هذا القضاء، فإنَّه في الرِّقِّ بعد، ولا تحصل حرِّيَّتُه التَّامَّة إلا بالأداء

(1)

، والله أعلم.

‌فصل

في قضائه صلى الله عليه وسلم على من أقرّ بالزنا

ثبت في صحيح البخاريِّ ومسلم

(2)

: أنَّ رجلًا مِن أسْلَم جاء إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فاعترف بالزِّنا، فأعرض عنه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، حتَّى شهد على نفسه أربع مرَّاتٍ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«أبكَ جنونٌ؟» قال: لا. قال: «أحْصَنْتَ؟» قال: نعم، فأَمَر به، فرُجِم في المصلَّى، فلمَّا أذلقَتْه الحجارةُ فرَّ، فأُدْرِك، فرُجِم حتَّى مات، فقال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم خيرًا، وصلَّى عليه.

وفي لفظٍ لهما

(3)

: أنَّه قال له: «أحقٌّ ما بلغني عنك؟» قال: وما بلغك عنِّي؟ قال: «بلغني أنَّك وقعت بجارية بني فلانٍ!» قال: نعم، قال: فشهد أربع

(1)

ب: «بالأداء التام» .

(2)

البخاري (6820) من حديث جابر رضي الله عنه بلفظه، ومسلم (1694) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.

(3)

«لهما» ليست في ب، وهذا لفظ مسلم (1693) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وظاهر هذه الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه وابتدأه، والمشهور في باقي الروايات أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم معترفًا! وقد جمع بينهما النووي في «شرح مسلم»:(11/ 196 - 197) فلينظر.

ص: 45

شهاداتٍ

(1)

، ثمَّ أَمَر به فرُجِم.

وفي لفظٍ لهما

(2)

: فلمَّا شهد على نفسه أربع شهاداتٍ، دعاه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:«أبِكَ جنونٌ؟» قال: لا. قال: «أحْصَنْتَ؟» قال: نعم

(3)

. قال: «اذهبوا به فارجموه» .

وفي لفظٍ للبخاريِّ

(4)

: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: «لعلَّك قبَّلتَ، أو غمزتَ، أو نظرْتَ!» قال: لا يا رسول اللَّه. قال: «أَنِكْتَها؟» لا يَكْنِي، قال: نعم، فعند ذلك أمر برجمه.

وفي لفظٍ لأبي داود

(5)

: أنَّه شهد على نفسه أربع مرَّاتٍ، كلُّ ذلك يُعرض عنه، فأقبل في الخامسة، فقال:«أَنِكْتَها؟» قال: نعم. قال: «حتَّى غاب ذلك منك في ذلك منها؟» قال: نعم. قال: «كما يغيب المِرْوَد

(6)

في المُكْحُلة

(1)

في المطبوع زيادة: «ثم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبك جنون؟ قال: لا، قال: أحصنتَ؟ قال: نعم» . ولا وجود لها في النسخ ولا في «صحيح مسلم» .

(2)

البخاري (6815) ومسلم (1691) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

(3)

«ثم أمر به

» إلى هنا سقط من د.

(4)

(6824) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(5)

(4428) من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أن عبد الرحمن بن الصامت، ابن عم أبي هريرة أخبره، أنه سمع أبا هريرة

فذكره، وإسناده ضعيف؛ عبد الرحمن بن الصامت مجهول كما قال الذهبي، وإن ذكره ابن حبان في «الثقات» ، وقال البخاري: لا يعرف إلا بهذا الحديث. تنظر ترجمته في «تهذيب التهذيب» : (6/ 198)، وضعف الألباني الحديث في «الإرواء» (2354).

(6)

غيّرت في المطبوع إلى: «الميل» . وهما بمعنًى.

ص: 46

والرِّشاء في البئر؟» قال: نعم. قال: «فهل تدري ما الزِّنا؟» قال: نعم، أتيتُ منها حرامًا ما يأتي الرَّجلُ من امرأته حلالًا. قال:«فما تريد بهذا القول؟» قال: أريد أن تطهِّرني، فأَمَر به فرُجِم.

وفي «السُّنن»

(1)

: أنَّه لمَّا وَجَد مسَّ الحجارة، قال: يا قوم رُدُّوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنَّ قومي قتلوني وغرُّوني من نفسي، وأخبروني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قاتلي.

وفي «صحيح مسلم»

(2)

: فجاءت الغامديةُ فقالت: يا رسول الله، إنِّي قد زنيت فطهِّرني، وأنَّه ردَّدها

(3)

، فلمَّا كان من الغد، قالت: يا رسول الله، لِمَ تردّدني، لعلَّك أن تردّدني كما رَدّدْتَ ماعزًا؟ فواللَّه إنِّي لحبلى، قال:«إمَّا لا، فاذهبي حتَّى تلدي» ، فلمَّا ولدت، أتته بالصَّبيِّ في خرقةٍ، قالت: هذا قد ولدته، قال:«اذهبي فأرضعيه حتَّى تفطميه» ، فلمَّا فطمَتْه أتته بالصَّبيِّ في يده كسرة خبزٍ، فقالت: هذا يا نبيَّ الله قد فطمته، وقد أكل الطَّعام، فدفع الصَّبيَّ إلى رجلٍ من المسلمين، ثمَّ أَمَر بها فحُفِر لها إلى صدرها، وأمر النَّاس فرجموها، فأقبل خالد بن الوليد بحجرٍ، فرمى رأسها، فانتضح الدَّمُ على وجهه، فسبَّها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مهلًا يا خالد، فوالَّذي نفسي بيده لقد

(1)

لأبي داود (4420) من طريق ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن الحسن بن محمد بن علي، عن جابر رضي الله عنه ، وإسناده حسن، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع؛ فانتفت شبهة تدليسه، وجوَّد الألباني إسناده. ينظر:«الإرواء» (2322).

(2)

(1695) من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه.

(3)

ز، د، ب، ن، ط الرسالة:«ردّها» وهو لفظٌ لمسلم، وكذا ما بعدها في بعض النسخ والمصادر.

ص: 47

تابت توبةً لو تابها صاحب مُكْسٍ لغُفِر له» ثمَّ أمر بها، فصلَّى عليها، ودُفنت.

وفي «صحيح البخاريِّ»

(1)

: أنَّه صلى الله عليه وسلم قضى فيمن زنى ولم يُحْصَن بنفي عامٍ وإقامة الحدِّ عليه.

وفي «الصَّحيحين»

(2)

: أنَّ رجلًا قال له: أنشدُكَ بالله إلا قضيتَ بيننا بكتاب اللَّه، فقام خصمه ــ وكان أفقه منه ــ فقال: صدقَ، اقضِ بيننا بكتاب اللَّه، وائذن لي، فقال:«قل» ، قال: إنَّ ابني كان عسيفًا على هذا، فزنى بامرأته، فافتديتُ منه بمئة شاةٍ وخادمٍ، وإنِّي سألتُ أهلَ العلم، فأخبروني أنَّ على ابني جَلْد مئةٍ وتغريب عامٍ، وأنَّ على امرأة هذا الرَّجْم، فقال:«والَّذي نفسي بيده لأقضينَّ بينكما بكتاب اللَّه، المئة والخادم ردٌّ عليك، وعلى ابنك جلدُ مائةٍ وتغريب عامٍ، واغْدُ يا أُنيس على امرأةِ هذا فاسألها، فإن اعترفت فارجمها» . فاعترفت فرجَمَها.

وفي «صحيح مسلم»

(3)

عنه صلى الله عليه وسلم: «الثَّيِّب بالثَّيِّب جَلْد مئةٍ والرَّجم، والبِكْر بالبكر جَلْد مئةٍ وتغريب عامٍ» .

فتضمَّنت هذه الأقضية: رجم الثَّيِّب، وأنَّه لا يُرجَم حتَّى يقرَّ أربع مرَّاتٍ، وأنَّه إذا أقرَّ دون الأربع، لم يُلزَم بتكميل نصاب الإقرار، بل للإمام أن يُعْرِض عنه، ويعرِّض له بعدم تكميل الإقرار.

(1)

(6833) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

أخرجه البخاري (2695، 6859) واللفظ له، ومسلم (1697) و (1698)، من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما.

(3)

(1690) من حديث عُبادة بن الصامت رضي الله عنه.

ص: 48

وأنَّ إقرارَ زائلِ العقل بجنونٍ أو سُكْرٍ ملغًى لا عبرة به، وكذلك طلاقه وعتقه وأيمانه ووصيَّته.

وجواز إقامة الحدِّ في

(1)

المصلَّى، وهذا لا يناقض نهيه أن تُقام الحدود في المساجد.

وأنَّ الحرَّ المحصَن إذا زنى بجاريةٍ فحدُّه الرَّجم، كما لو زنى بحرَّةٍ.

وأنَّ الإمام يستحبُّ له أن يعرِّض للمقرِّ لئلَّا

(2)

يقرَّ، وأنَّه يجب استفسار المقرِّ في محلِّ الإجمال، لأنَّ اليدَ والفمَ والعين لمَّا كان استمتاعها زنًا استفسر

(3)

عنه دفعًا لاحتماله.

وأنَّ الإمام له أن يصرِّح باسم الوطء الخاصِّ به عند الحاجة إليه، كالسُّؤال عن الفعل.

وأنَّ الحدَّ لا يجب على جاهلٍ بالتَّحريم، لأنَّه صلى الله عليه وسلم سأله عن حكم الزِّنا، فقال: أتيتُ منها حرامًا ما يأتي الرَّجلُ مِن أهله حلالًا.

وأنَّ الحدَّ لا يُقام على الحامل، وأنَّها إذا ولدت الصَّبيَّ أُمْهِلت حتَّى ترضعه وتفطمه، وأنَّ المرأة يُحْفَر لها دون الرَّجل.

وأنَّ الإمام لا يجب عليه أن يبدأ بالرَّجم.

وأنَّه لا يجوز سبُّ أهل المعاصي إذا تابوا، وأنَّه يصلَّى على مَن قُتِل في

(1)

ب: «عليه في» .

(2)

ب، ط الفقي والرسالة:«بأن لا» .

(3)

س، د، ن:«استفسره» .

ص: 49

حدِّ الزِّنا، وأنَّ المقرَّ إذا استقال في أثناء الحدِّ، وفرَّ، تُرِك ولم يُتمَّم عليه

(1)

.

فقيل: لأنَّه رجوعٌ. وقيل: لأنَّه توبةٌ قبل تكميل الحدِّ، فلا يقام عليه كما لو تاب

(2)

قبل الشُّروع فيه. وهذا اختيار شيخنا

(3)

.

وأنَّ الرَّجل إذا أقرَّ أنَّه زنى بفلانة، لم يُقَم عليه حدُّ القذف مع حدِّ الزِّنا.

وأنَّ ما قُبِض من المال بالصُّلح الباطل باطلٌ يجب ردُّه.

وأنَّ الإمام له أن يوكِّل في استيفاء الحدِّ.

وأنَّ الثَّيِّب لا يُجْمَع عليه بين الجلد والرَّجم، لأنَّه صلى الله عليه وسلم لم يجلد ماعزًا ولا الغامدية، ولم يأمر أُنيسًا أن يجلد المرأة التي أرسله إليها

(4)

، وهذا قول الجمهور.

وحديث عبادة: «خذوا عنِّي قد جعل الله لهنَّ سبيلًا: الثَّيِّب بالثَّيِّب جلد مئةٍ والرَّجم»

(5)

منسوخٌ، فإنَّ هذا كان في أوَّل الأمر عند نزول حدِّ الزَّاني، ثمَّ رجَمَ ماعزًا والغامديةَ ولم يجلدهما، وهذا كان بعد حديث عُبادة بلا شكٍّ.

وأمَّا حديث جابر في «السُّنن» : «أنَّ رجلًا زنى، فأمر به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فجُلِد الحدَّ، ثمَّ أقرَّ أنَّه محصَنٌ، فأَمَر به فرُجِم. فقد قال جابر في الحديث نفسه: إنَّه

(1)

في المطبوع زيادة: «الحد» .

(2)

ي، ز، ط الهندية:«مات» ، تصحيف.

(3)

ينظر «مجموع الفتاوى» : (16/ 31 - 32)، و «الطرق الحكمية»:(1/ 150) للمؤلف.

(4)

د، ب: «ماعزًا، ولم يأمر أنيسًا أن يجلد الغامدية

».

(5)

سبق تخريجه.

ص: 50

لم يعلم بإحصانه، فجُلِد، ثمَّ عَلِم بإحصانه فرُجِم». رواه أبو داود

(1)

.

وفيه: أنَّ الجهل بالعقوبة لا يُسقط الحدَّ إذا كان عالمًا بالتَّحريم، فإنَّ ماعزًا لم يعلم أنَّ عقوبته القتل، ولم يُسقط هذا الجهلُ الحدَّ عنه.

وفيه: أنَّه يجوز للحاكم أن يحكم بالإقرار في مجلسه، وإن لم يسمعه معه شاهدان، نصَّ عليه أحمد

(2)

، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يقل لأنيس: فإن اعترفَتْ بحضرة شاهدين فارجمها.

وأنَّ الحكم إذا كان حقًّا محضًا لله لم يُشترط الدَّعوى به عند الحاكم.

وأنَّ الحدَّ إذا وجب على امرأةٍ، جاز للإمام أن يبعث إليها من يقيمه عليها، ولا يحضرها، وترجم النَّسائيُّ

(3)

على ذلك فقال: باب

(4)

صون النِّساء عن مجلس الحكم.

وأنَّ الإمام والحاكم والمفتي يجوز له الحلف على أنَّ هذا حكم الله إذا تحقَّق ذلك وتيقَّنه بلا ريبٍ.

(1)

(4438، 4439) من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه. وفيه عنعنة ابن جريج، وهو مدلّس. وقد اختلف في رفعه ووقفه؛ فرواه البُرساني وأبو عاصم عن ابن جريج موقوفًا على جابر، وتفرَّد برفعه ابنُ وهب عن ابن جريج، والصواب وقفُه، كما قال النسائي في «الكبرى» (7173، 7174).

(2)

في رواية حرب، ينظر:«الهداية» (ص 570)، و «المغني»:(11/ 403)، و «الإنصاف»:(11/ 250).

(3)

(8/ 240).

(4)

«فقال: باب» من س، ي، وهامش ز. وفي ب، وط الفقي والرسالة:«صونًا للنساء» . ون، س، ز:«على ذلك: صون النساء» .

ص: 51