الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنَّه يجوز التَّوكيل في إقامة الحدود، وفيه نظرٌ، فإنَّ هذا استنابةٌ من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وتضمَّن تغريب المرأة كما يغرَّب الرَّجل، لكن يُغرَّب معها محرمها إن أمكن، وإلَّا فلا، وقال مالك
(1)
: لا تغريب على النِّساء
(2)
؛ لأنَّهنَّ عورةٌ.
فصل
في حكمه صلى الله عليه وسلم على أهل الكتاب في الحدود بحكم الإسلام
ثبت في «الصَّحيحين» والمساند
(3)
: أنَّ اليهود جاءوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أنَّ رجلًا منهم وامرأةً زنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما تجدون في التَّوراة في شأن الرَّجم؟» قالوا: نفضحهم ويُجْلَدون، فقال عبد الله بن سلامٍ: كذبتم إنَّ فيها الرَّجم، فأتوا بالتَّوراة فنشروها، فوضع أحدُهم يدَه على آية الرَّجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلامٍ: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرَّجم، فقالوا: صدق يا محمَّد، إنَّ فيها الرَّجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرُجِما.
فتضمَّنت هذه الحكومة: أنَّ الإسلام ليس بشرطٍ في الإحصان، وأنَّ الذِّمِّيَّ يحصِّن الذِّمِّيَّة، وإلى هذا ذهب أحمد والشَّافعيُّ
(4)
، ومن لم يقل
(1)
«المدونة» : (4/ 504).
(2)
ب: «لا تغرّب النساء» .
(3)
أخرجه البخاري (1329، 3635) واللفظ له، ومسلم (1699)، ومالك في «الموطأ» (2374)، وأحمد في «المسند» (4498)، وأبو داود (4446، 4449)، والترمذي (1436)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. ووقع في ز، ن:«المسانيد» وكلاهما صحيح.
(4)
ينظر «الأم» : (6/ 619)، و «الهداية» (ص 530).
بذلك اختلفوا في وجه
(1)
هذا الحديث، فقال مالك
(2)
في غير «الموطَّأ» : لم يكن اليهوديان أهل
(3)
ذمَّةٍ، والَّذي في «صحيح البخاريِّ»
(4)
: أنَّهم أهل ذمَّةٍ. ولا شكَّ أنَّ هذا كان بعد العهد الذي وقع بين النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وبينهم، ولم يكونوا إذ ذاك حربًا، كيف وقد تحاكموا إليه، ورضوا بحكمه؟
وفي بعض طرق الحديث: أنَّهم قالوا: اذهبوا بنا إلى هذا النَّبيِّ فإنَّه بُعِث بالتَّخفيف
(5)
. وفي بعض طرقه: أنَّهم دعوه إلى بيت مِدْراسهم، فأتاهم وحكم بينهم
(6)
، فهم كانوا أهل عهدٍ وصلحٍ بلا شكٍّ.
وقالت طائفةٌ أخرى: إنَّما رجمهما بحكم التَّوراة. وقالوا: وسياق القصَّة
(1)
د: «تفسير» .
(2)
في «المدونة» : (3/ 412).
(3)
ب والمطبوعات: «اليهود بأهل» .
(4)
بوّب البخاري (4/ 101): باب هل يُعفى عن الذِّمِّي إذا سحر، وذكر حديث سحر لبيد بن الأعصم اليهودي للنبي صلى الله عليه وسلم. وبوّب أيضًا (8/ 57): باب كيف يردّ على أهل الذمة السلام، وذكر حديث عائشة في دخول رهط من اليهود وسلامهم على النبي صلى الله عليه وسلم.
(5)
عند أبي داود (4450) من طرق عن الزهري عن رجل من مزينة وكان عند سعيد يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وسنده ضعيف للجهالة، وله شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما - في «الصحيحين» ، ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما - عند الحاكم بسند جيد.
(6)
عند أبي داود (4449) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ابن عمر، وقد تفرد به هشام، وهو صدوق له أوهام لا يحتمل تفرده، وخالفه الزهري كما تقدم في «الصحيحين» وغيرهما. وكذا جاء ذكر الحضور في مِدْراسهم عند أبي داود (4450) من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه ، وقد تقدم تخريجه.
صريحٌ في ذلك، وهذا ممَّا لا يجدي
(1)
عليهم شيئًا البتَّة، فإنَّه حَكَم بينهم
(2)
بالحقِّ المحض، فيجب اتِّباعه بكلِّ حالٍ، فماذا بعد الحقِّ إلا الضَّلال.
وقالت طائفةٌ: رجَمَهما سياسةً، وهذا من أقبح الأقوال، بل رجمهما بحكم الله الذي لا حكم سواه.
وتضمَّنت هذه الحكومة أنَّ أهل الذِّمَّة إذا تحاكموا إلينا لم نحكم بينهم إلا بحكم الإسلام.
وتضمَّنت قبول شهادة أهل الذِّمَّة بعضهم على بعضٍ لأنَّ الزَّانيين لم يُقرَّا، ولم يشهد عليهم المسلمون، فإنَّهم لم يحضروا زناهما، كيف وفي «السُّنن»
(3)
في هذه القصَّة: فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالشُّهود، فجاءوا أربعةً، فشهدوا أنَّهم رأوا ذكرَه في فرجها مثل الميل في المُكْحُلة.
وفي بعض طرق هذا الحديث: فجاء
(4)
أربعةٌ منهم
(5)
، وفي بعضها:
(1)
غير محررة في الأصول، وفي ب:«مجزى عليهم البتة» .
(2)
س، ث، ب:«بينهم» .
(3)
«سنن أبي داود» (4452) من طريق مجالد عن الشعبي عن جابر رضي الله عنه ، ومجالد ضعيف، وقد تفرد بوصله، وخالفه مغيرة بن مقسم وعبد الله بن شبرمة فروياه عن الشعبي مرسلًا، وضعفه الدارقطني في «السنن» (4350)، وابن عبد الهادي في «التنقيح»:(3/ 551). وقد جاء ذكر الشهود بهذا اللفظ عند أبي داود (4454) أيضًا من طريق هشيم عن ابن شبرمة عن الشعبي مرسلًا.
(4)
س، ي:«فجاءه» .
(5)
في «شرح مشكل الآثار» (4545)، من طريق مجالد عن الشعبي عن جابر رضي الله عنه ، وإسناده ضعيف كما تقدم.