الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واختلف الفقهاء في ذلك، فقال سُحنون: إذا كاتَبَ المسلمُ أهلَ الحرب قُتل ولم يُستتَبْ، وماله لورثته، وقال غيره من أصحاب مالك: يُجلد جلدًا وجيعًا، ويطال حبسه، ويُنفى من
(1)
موضعٍ يقرب من الكفَّار. وقال ابن القاسم: يُقتل، ولا يُعرف لهذا توبةٌ، وهو كالزِّنديق
(2)
.
وقال الشَّافعيُّ، وأبو حنيفة، وأحمد
(3)
: لا يقتل، والفريقان احتجُّوا بقصَّة حاطب، وقد تقدَّم ذِكْر وجه احتجاجهم، ووافق ابنُ عقيل ــ من أصحاب أحمد ــ مالكًا وأصحابَه.
فصل
في حُكْمه في الأسرى
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الأسرى أنَّه قتل بعضَهم، ومَنَّ على بعضهم، وفادى بعضَهم بمالٍ، وبعضهم بأسرى من المسلمين، واسترقَّ بعضهم، ولكنَّ المعروف أنَّه لم يسترقَّ رجلًا بالغًا.
فقَتَل يومَ بدرٍ من الأسرى: عُقبة بن أبي مُعَيط صبرًا، وطُعيمة بن عديّ
(4)
،
(1)
ن: «ويبقى في» ، خطأ. ي، ز:«عن» ، وغير محررة في س، ب.
(2)
ينظر «البيان والتحصيل» : (2/ 536 - 537)، و «الذخيرة»:(3/ 400).
(3)
«وأحمد» ليست في ن وط الهندية. وينظر «الأم» : (5/ 610 - 612)، و «الفروع»:(10/ 116 - 117)، و «الإنصاف»:(10/ 249 - 250)، و «شرح السير الكبير»:(5/ 229). وينظر ما سبق (3/ 136، 517).
(4)
«صبرًا وطعيمة بن عدي» سقطت من ط الرسالة، وسقطت «صبرًا» من ط الهندية وتحرف «طعيمة» إلى «مطعم». ينظر «الاستيعاب»:(4/ 1904)، و «طبقات ابن سعد»:(2/ 16 - 17)، و «مغازي الواقدي»:(1/ 148).
والنّضْر بن الحارث
(1)
. وقَتَل من يهودٍ جماعةً كثيرين من الأسرى، وفادى بأسرى
(2)
بدرٍ بالمال بأربعة آلافٍ إلى أربعمائةٍ
(3)
، وفادى بعضَهم على تعليم جماعةٍ من المسلمين الكتابة
(4)
. ومَنَّ على أبي عَزّة الشاعر يوم بدرٍ
(5)
،
وقال في أُسارى بدرٍ: «لو كان المُطْعِم بن عَديّ حيًّا، ثمَّ كلَّمني في هؤلاء النَّتْنَى لأطلقتُهم له»
(6)
.
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة (37847)، وابن جرير:(13/ 504) بسنده عن سعيد بن جبير مرسلًا، والبيهقي في «الكبرى»:(9/ 64) بسنده عن الشافعي عن النبي صلى الله عليه وسلم معضلًا. وقد جاء لقتل عقبة خاصة شاهد يقويه، ذكره الألباني في «الإرواء» (1214).
(2)
المطبوع: «أسرى» ، ن:«بأسرى من» .
(3)
أخرجه أبو داود (2691) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما -، وفي سنده أبو العنبس؛ وهو مجهول، وصححه الحاكم:(2/ 135). واختلفت الروايات في قدر الفداء، فقيل أربعمائة كما في الرواية السابقة، وجاء أنها أربعة آلاف عند عبد الرزاق (9394) بسند لا بأس به؛ فيه عثمان الجزري؛ قال عنه الحافظ: فيه ضعف. ولأصل القصة شواهد ذكرها الألباني في «الإرواء» (1218).
(4)
العبارة في س، ي:«على تعليمهم جماعةً من المسلمين» .
(5)
أخرجه البيهقي في «الكبرى» : (6/ 320) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وضعَّف إسنادَه، وآفته: علي بن الحسن السامي، قال عنه ابن عدي:«أحاديثه بَوَاطيل، وهو ضعيف جدًّا» ، وأخرجه أيضًا:(9/ 65) عن ابن المسيب مرسلًا، وفي سنده الواقدي، وهو متروك، وضعفه الألباني في «الإرواء» (1215). انظر «البدر المنير»:(9/ 112)، و «السيرة» لابن هشام:(1/ 660) ..
(6)
أخرجه البخاري (3139، 4024) من حديث جُبير بن مُطْعِم رضي الله عنه . والمُطْعم بن عدي من عظماء قريش، وهو ممن نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم وبني المطلب. انظر:«سيرة ابن إسحاق» (ص 162).
وفدى رجلين من المسلمين برجلٍ من المشركين
(1)
.
وفدى رجالًا من المسلمين بامرأةٍ من السَّبْي، استوهبها من سلمة بن الأكوع
(2)
.
ومنَّ على ثُمامة بن أُثال
(3)
.
وأطلقَ يوم فتحِ مكَّةَ جماعةً من قريشٍ، فكان يُقال لهم: الطُّلَقاء
(4)
.
وهذه أحكامٌ لم يُنسَخ منها شيءٌ، بل يخيَّر الإمام فيها بحسب المصلحة.
(1)
أخرجه أحمد (19827)، والترمذي (1568) من حديث عمران بن حصين، قال الترمذي:«حديث حسن صحيح» ، وصححه ابن حبان (4859)، وأصل القصة عند مسلم في «صحيحه» (1641). ينظر «البدر المنير»:(9/ 112)، و «الإرواء» (1217).
(2)
أخرجه مسلم (1755) من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه .
(3)
أخرجه البخاري في مواضع، أتمُّها سياقةً:(4372)، ومسلم (1764) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
(4)
ثبت تأمين النبي صلى الله عليه وسلم لأهل مكة عند مسلم (1780) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، ولفظ (الطلقاء) ثبت إطلاقه على مَسْلمة الفتح، كما في حديث غزوة حنين عند البخاري (4333)، ومسلم (1059) من حديث أنس رضي الله عنه . أما حديث:«اذهبوا فأنتم الطلقاء» فضعيف؛ رواه ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» : (2/ 412) ــ عن بعض أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن طريقه ابن جرير في «التاريخ»:(3/ 60) عن عمر بن موسى الوجيه، عن قتادة مرسلًا، وعمر ضعيف متروك. انظر:«الضعيفة» (1163).
واسْتَرَقَّ مِن أهل الكتاب وغيرِهم، فسبايا أوطاسٍ وبني المصطلق لم يكونوا كتابيِّين، وإنَّما كانوا عبَدَة أوثانٍ من العرب
(1)
.
واسترقَّ الصَّحابةُ سَبْيَ
(2)
بني حنيفة، ولم يكونوا كتابيِّين.
قال ابنُ عبَّاسٍ: «خُيِّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الأسرى بين الفداء والمنِّ والقتل والاستعباد، يفعل ما شاء»
(3)
، وهذا هو الحقُّ الذي لا قول سواه.
فصل
(4)
وحَكَم في اليهود بعدَّة قضايا، فعاهدهم أوَّل مَقْدَمِه المدينة
(5)
، ثمَّ حاربه
(1)
ورد ذكر غزوة أوطاس في البخاري (4323)، ومسلم (2498) من حديث أبي موسى رضي الله عنه. وغزوة بني المصطلق عند البخاري (4138). وراجع «مغازي الواقدي»:(1/ 404) و (3/ 886 وما بعدها).
(2)
في المطبوع: «من سبي» . وخبر سبي بني حنيفة ذكره ابن إسحاق كما في «تاريخ خليفة بن خياط» (ص 110)، و «تاريخ الطبري»:(3/ 297).
(3)
أخرجه ابن جرير في «تفسيره» : (11/ 271)، وابن المنذر في «الأوسط»:(10/ 122)، وابن أبي حاتم في «تفسيره»:(5/ 1732)، من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال الحافظ ابن حجر في «العجاب»:(1/ 207): «وعليّ صدوق لم يلقَ ابن عباس، لكنه إنما حَمَل عن ثقات أصحابه، فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة» .
(4)
ب، ط الهندية: «فصل في حكمه (صلى الله عليه وسلم) في اليهود
…
».
(5)
رواه أبو عبيد في «الأموال» (ص 260) وابن زنجويه في «الأموال» : (2/ 466) عن ابن شهاب مرسلًا، ووصله البيهقي في «الكبرى»:(9/ 182) عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، قال: أظنه عن أبيه، وأبوه تابعي. وانظره في «سيرة ابن هشام»:(1/ 504)، و «البداية والنهاية»:(1/ 197) ــ دون إسناد ــ عن ابن إسحاق معضلًا.