الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: " قلت: ليس معارضا
لها إن صح، فإنه لم يحرم الجنة بفعل والديه، بل إن النطفة الخبيثة لا يتخلق
منها طيب في الغالب، ولا يدخل الجنة إلا نفس طيبة، فإن كانت في هذا الجنس
طيبة دخلت الجنة، وكان الحديث من العام المخصوص.
وقد ورد في ذمه " أنه شر الثلاثة "، وهو حديث حسن، ومعناه صحيح بهذا
الاعتبار، فإن شر الأبوين عارض وهذا نطفته خبيثة وشره من أصله وشر الأبوين
من فعلهما ".
673
- " لا يدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر ولا ولد زنية ".
أخرجه الدارمي (2 / 112) وكذا النسائي (2 / 332) والبخاري في " التاريخ
الصغير " (124) وعبد الرزاق في " المصنف " (2 / 205) وابن خزيمة في
" التوحيد "(ص 236) وابن حبان (1382، 1383) والطحاوي في " المشكل "
(1 / 395) وأحمد (2 / 201، 203) من طريق سالم بن أبي الجعد عن جابان عن
عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم به. وليس للبخاري منه إلا
الزيادة وقال:
" لا يعلم لجابان سماع من عبد الله، ولا لسالم سماع من جابان
ويروى عن علي بن زيد عن عيسى بن حطان عن عبد الله بن عمرو رفعه في أولاد الزنا
ولا يصح ". وقال ابن خزيمة: " ليس هذا الخبر من شرطنا لأن جابان مجهول ".
ورواه محمد بن مخلد العطار في " المنتقى من حديثه "(2 / 15 / 1) من طريق
عبد الله بن مرة عن جابان عن عبد الله بن عمرو به.
قلت: وعلة هذا الإسناد، جابان هذا، فإنه لا يدرى من هو كما قال الذهبي،
وإن وثقه ابن حبان على قاعدته. والزيادة التي في آخره منكرة لأنها بظاهرها
تخالف النصوص القاطعة بأن أحدا لا يحمل وزر أحد وأنه لا يجني أحد على أحد وفي
ذلك غير الآية أحاديث كثيرة، خرجتها في " الإرواء "(2362) ولذلك أنكرتها
السيدة عائشة رضي الله عنها فقد روى عبد الرزاق عنها أنها كانت تعيب ذلك وتقول
: " ما عليه من وزر أبويه، قال الله تعالى * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * ".
وإسناده صحيح. وقد رواه الطبراني في " الأوسط "(1 / 183 - 184) عنها
مرفوعا. وفي إسناده من لم أعرفه. وكذا قال الهيثمي (6 / 257) . وقال
البيهقي (10 / 58) عقب الموقوف: " رفعه بعض الضعفاء، والصحيح موقوف ".
ومن هذا تعلم أن قول السخاوي فيما نقله ابن عراق عنه (2 / 228) : " أخرجه
الطبراني من حديث عائشة، وسنده جيد ". فهو غير جيد.
وقد وجدت للحديث شواهد يتقوى بها، فقال الطحاوي (1 / 395) : حدثنا أبو أمية
حدثنا محمد بن سابق حدثنا إسرائيل (في الأصل: أبو إسرائيل) عن منصور عن أبي
الحجاج عن مولى لأبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره بتمامه.
قلت: وهذا شاهد قوي رجاله كلهم ثقات غير مولى أبي قتادة، فلم أعرفه لكنه إن
كان صحابيا، فلا تضر الجهالة به لأن الصحابة كلهم عدول كما هو معلوم ومن
المحتمل أن يكون منهم لأن الراوي عنه أبا الحجاج هو مجاهد بن جبر التابعي
المشهور. وقد ذكره ابن أبي حاتم في " العلل "(2 / 31) من طريق عبيد بن
إسحاق عن مسكين بن دينار التيمي عن مجاهد: حدثني زيد الجرشي قال: سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره وقال: " قال أبي: هذا حديث منكر ".
قلت: وعلته عبيد هذا وهو العطار ضعفه الجمهور. وقد اختلف على مجاهد في
إسناده هذا الحديث اختلافا كبيرا، استوعب أبو نعيم في " الحلية " (3 / 307 -
309) طرقه. وقد جاء الحديث في بعضها بتمامه منها طريق عبيد هذه وغيرها
وبعضها في " المسند "(3 / 28، 44) ولم يرد في بعضها الآخر إلا الزيادة
التي في آخره وقد أخرجها الطحاوي (1 / 393 - 394) . وقد رويت هذه الزيادة
من حديث أبي هريرة ولكنها غير محفوظة عنه كما بينته في الكتاب الآخر (1462)
. وجملة القول أن الحديث بهذه الطرق والشواهد لا ينزل عن درجة الحسن.
والله
أعلم. وقوله " لا يدخل الجنة ولد زنية "، ليس على ظاهره بل المراد به من
تحقق بالزنا حتى صار غالبا عليه، فاستحق بذلك أن يكون منسوبا إليه، فيقال:
هو ابن له، كما ينسب المتحققون بالدنيا إليها، فيقال لهم: بنو الدنيا بعلمهم
وتحققهم بها، وكما قيل للمسافر ابن السبيل، فمثل ذلك ولد زنية وابن زنية،
قيل لمن تحقق بالزنا، حتى صار تحققه منسوبا إليه، وصار الزنا غالبا عليه،
فهو المراد بقوله " لا يدخل الجنة " ولم يرد به المولود من الزنا ولم يكن هو
من ذوي الزنا، لما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله. وهذا المعنى استفدته من
كلام أبي جعفر الطحاوي رحمه الله وشرحه لهذا الحديث. والله أعلم.
ثم وجدت للحديث شاهدا آخر دون الزيادة، ولفظه: " لا يلج حائط القدس: مدمن
خمر ولا العاق لوالديه ولا المنان عطاءه ". أخرجه أحمد (3 / 226) قال:
حدثنا هشيم حدثنا محمد بن عبد الله العمي عن علي بن زيد عن أنس بن مالك قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف. ومحمد بن عبد الله العمي أورده
السمعاني في " الأنساب " من روايته عن ثابت البناني، ورواية أبي النضر وغيره
عنه، فهو مستور.
وبالجملة فهو شاهد لا بأس به. ويقويه ما أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد "
(ص 237) من طريقين عن خالد بن الحارث قال: حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن
نافع عن عروة بن مسعود عن عبد الله بن عمرو أنه قال: " لا يدخل حظيرة القدس
سكير ولا عاق ولا منان ".