الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصنم في الوسط، فوافقه قوم وخالفه آخرون. فقال للسلطان: ائذن لي برفع حجرين من رأس القبة ليظهر ذلك، فأذن له فلما رفع حجرين اعوج الصنم ومال إلى أحد الجوانب، فلم يزل يرفع الأحجار والصنم ينزل حتى وقع على الأرض.
صنف
موضع بالهند أو الصين ينسب إليه العود الصنفي، وهو أردأ أصناف العود، ليس بينه وبين الحطب إلا فرق يسير.
صيمور
مدينة بأرض الهند قريبة بناحية السند لأهلها حظ وافر في الجمال والملاحة لكونهم متولدين من الترك والهند، وهم مسلمون ونصارى ويهود ومجوس، ويخرج إليها تجارات الترك، وينسب إليها العود الصيموري.
بها بيت الصيمور، وهو هيكل على رأس عقبة عظيمة عندهم، ولها سدنة وفيها أصنام من الفيروزج والبيجاذق يعظمونها.
وفي المدينة مساجد وبيع وكنائس وبيت النار، وكفارها لا يذبحون الحيوان ولا يأكلون اللحم ولا السمك ولا البيض، وفيهم من يأكل المتردية والنطيحة دون ما مات حتف أنفه. أخبر بذلك كله مسعر بن مهلهل، صاحب عجائب البلدان، وانه كان سياحاً دار البلاد وأخبر بعجائبها.
الطائف
بليدة على طرف واد، بينها وبين مكة اثنا عشر فرسخاً، طيبة الهواء شمالية، ربما يجمد الماء بها في الشتاء. قال الأصمعي: دخلت الطائف وكأني أبشر وقلبي ينضح بالسرور، ولم أجد لذلك سبباً إلا انفساح جوها وطيب نسيمها.
بها جبل عروان يسكنه قبائل هذيل، وليس بالحجاز موضع أبرد من هذا الجبل، ولهذا اعتدال هواء الطائف، ويجمد الماء به وليس في جميع الحجاز موضع يجمد الماء به إلا جبل عروان.
ويشق مدينة الطائف واد يجري بينها يشقها، وفيها مياه المدابغ التي يدبغ فيها الأديم، والطير تصرع إذا مرت بها من نتن رائحتها. وأديمها يحمل إلى سائر البلدان، ليس في شيء من البلاد مثله.
وفي أكنافها من الكروم والنخيل والموز وسائر الفواكه، ومن العنب العدي ما لا يوجد في شيء من البلاد، وأما زبيبها فيضرب بحسنه المثل.
بها وج الطائف، وإنها واد نهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن أخذ صيدها واختلاء حشيشها.
بها حجر اللات تحت منارة مسجدها، وهو صخرة كان في قديم الزمان يجلس عليه رجل يلت السويق للحجيج، فلما مات قال عمرو بن لحي: إنه لم يمت لكن دخل في هذه الصخرة! وأمر قومه بعبادة تلك الصخرة، وكان في اللات والعزى شيطانان يكلمان الناس، فاتخذت ثقيف اللات طاغوتاً وبنت لها بيتاً وعظمته وطافت به، وهي صخرة بيضاء مربعة، فلما أسلمت ثقيف بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبا سفيان بن حرب ومغيرة بن شعبة فهدماه، والحجر اليوم تحت منارة مسجد الطائف.
وبها كرم الرهط، كرم كان لعمرو بن العاص معروشاً على ألف ألف خشبة، شري كل خشبة درهم، فلما حج سليمان بن عبد الملك أحب أن ينظر إليه، فلما رآه قال: ما رأيت لأحد مثله لولا أن هذه الحرة في وسطه! قالوا: ليس بحرة بل مسطاح الزبيب. وكان زبيبه جمع في وسطه ليجف، فرآه من بعيد فظنه حرة.
وبها سجن عارم، وهو الحبس الذي حبس فيه عبد الله بن الزبير محمد ابن الحنفية، يزوره الناس ويتبركون به سيما الشيعة، سيما الكيسانية؛ قال
كثير يخاطب ابن الزبير:
يخبّر من لاقيت أنّك عائدٌ
…
بل العائد المحبوس في سجن عارم
ومن يلق هذا الشّيخ بالخيف من منى
…
من النّاس يعلم أنّه غير ظالم
سميّ النبيّ المصطفى وابن عمّه
…
وفكّاك أغلالٍ وقاضي مغارم
أبى هو لا يشري هدىً بضلالةٍ
…
ولا يتّقي في الله لومة لائم
فما نعمة الدّنيا بباقٍ لأهله
…
ولا شدّة البلوى بضربة لازم
وينسب إليها الحجاج بن يوسف الثقفي من فحول الرجال، كان أول أمره معلماً لوشاقية سليمان بن نعيم، وزير عبد الملك بن مروان، وكان فصيحاً شاطراً، قال عبد الملك لوزيره: إني إذا ترحلت يتخلف مني أقوام، أريد شخصاً يمنع الناس عن التخلف. فاختار الوزير الحجاج لذلك، فرأى في بعض الأيام أن الخليفة قد رحل وتخلف عنه قوم من أصحاب الوزير، فأمرهم بالرحيل فامتنعوا وشتموه في أمه وأخته، فأخذ الحجاج النار وأضرمها في رحل الوزير، فانتهى الخبر إلى عبد الملك فأحضر الحجاج وقال: لم أحرقت رحل الوزير؟ فقال: لأنهم خالفوا أمرك! فقال للحجاج: ما عليك لو فعلت ذلك بغير الحرق؟ فقال الحجاج: وما عليك لو عوضته من ذلك ولا يخالف أحد بعد هذا أمرك! فأعجب الخليفة كلامه وما زال يعلو أمره حتى ولي اليمن واليمامة، ثم استعمل على العراق سنة خمس وسبعين. وكان أهل العراق كل من جاءهم والياً استخفوا به وضحكوا منه، وإذا صعد المنبر رموه بالحصاة؛ فبعث عبد الملك إليهم الحجاج، فلما صعد المنبر متلثماً وكان قصير القامة ضحكوا منه، فعرف الحجاج ذلك فأقبل عليهم وقال:
أنا ابن جلا وطلاّع الثّنايا
…
متى أضع العمامة تعرفوني
إن أمير المؤمنين نثل كنانته فوجدني أصلبها عوداً فرماكم بي، واني أرى
رؤوساً دنا أوان حصادها، وأنا الذي أحصدها. فدخل القوم منه رعب، فما زال بهم حتى أراهم الكواكب بالنهار.
ولما بنى واسط عد في حبسه ثلاثة وثلاثون ألف إنسان، حبسوا بلا دم ولا تبعة ولا دين، ومات في حبسه واحد وعشرون ألفاً صبراً، ومن قتله بالسيف فلا يعد ولا يحصى! وقال يوماً على المنبر في خطبته: أتطلبون مني عدل عمر ولستم كرعية عمر؟ وإنما مثلي لمثلكم كثير، لبئس المولى ولبئس العشير! وكان في مرض موته يقول:
يا ربّ قد زعم الأعداء واجتهدوا
…
أيمانهم أنّني من ساكني النّار
أيحلفون على عمياء؟ ويحهم
…
ما علمهم بعظيم العفو غفّار؟
وحكى عمر بن عبد العزيز أنه رأى الحجاج في المنام بعد مدة من موته، قال: فرأيته على شكل رماد على وجه الأرض، فقلت له: أحجاج؟ قال: نعم، قلت: ما فعل الله بك؟ قال: قتلني بكل من قتلته مرةً مرةً، وبسعيد بن جبير سبعين مرة، وأنا أرجو ما يرجوه الموحدون! وينسب إلى الطائف سعيد بن السائب، كان من أولياء الله وعباد الله الصالحين، نادر الوقت عديم النظير، وكان الغالب عليه الخوف من الله تعالى لا يزال دمعه جارياً، فعاتبه رجل على كثرة بكائه فقال له: إنما ينبغي أن تعاتبني على تقصيري وتفريطي لا على بكائي!
وقال له صديق له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أنتظر الموت على غير عدة! وقال سفيان الثوري: جلسنا يوماً نحدث ومعنا سعيد بن السائب، وكان يبكي حتى رحمه الحاضرون، فقلت له: يا سعيد لم تبكي وأنت تسمع حديث أهل الخير؟ فقال: يا سفيان ما ينفعني إذا ذكرت أهل الخير وأنا عنهم بمعزل؟