الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
برجان
بلاد غائطة في جهة الشمال، ينتهي قصر النهار فيها إلى أربع ساعات والليل إلى عشرين ساعة وبالعكس. أهلها على الملة المجوسية والجاهلية، يحاربون الصقالبة. وهم مثل الإفرنج في أكثر أمورهم، ولهم حذق بالصناعات ومراكب البحر.
بلغار
مدينة على ساحل بحر مانيطس؛ قال أبو حامد الأندلسي: هي مدينة عظيمة مبنية من خشب الصنوبر، وسورها من خشب البلوط، وحولها من أمم الترك ما لا يعد ولا يحصى. وبين بلغار وقسطنطينية مسيرة شهرين وبين ملوكهم قتال. يأتي ملك بلغار بجنود كثيرة ويشن الغارات على بلاد قسطنطينية، والمدينة لا تمتنع منهم إلا بالأسوار.
قال أبو حامد الأندلسي: طول النهار ببلغار يبلغ عشرين ساعة وليلهم يبقى أربع ساعات، وإذا قصر نهارهم يعكس ذلك. والبرد عندهم شديد جداً لا يكاد الثلج ينقطع عن أرضهم صيفاً وشتاء.
حكى أبو حامد الأندلسي أن رجلاً صالحاً دخل بلغار، وكان ملكها وزوجته مريضين مأيوسين من الحياة، فقال لهما: إن عالجتكما تدخلان في ديني؟ قالا: نعم! فعالجهما فدخلا في دين الإسلام، وأسلم أهل تلك البلاد معهما، فسمع بذلك ملك الخزر فغزاهم بجنود عظيمة، فقال ذلك الرجل الصالح: لا تخافوا واحملوا عليهم وقولوا الله أكبر الله أكبر! ففعلوا ذلك وهزموا ملك الخزر، ثم بعد ذلك صالحهم ملك الخزر وقال: إني رأيت في عسكركم رجالاً كباراً على خيل شهب يقتلون أصحابي! فقال الرجل الصالح: أولئك جند الله! وكان اسم ذلك الرجل بلار، فعربوه فقالوا بلغار؛ هكذا ذكر القاضي البلغاري في
تاريخ بلغار، وكان من أصحاب إمام الحرمين، وملك بلغار في ذلك البرد الشديد يغزو الكفار ويسبي نساءهم وذراريهم. وأهل بلغار أصبر الناس على البرد، وسببه أن أكثر طعامهم العسل ولحم القندر والسنجاب.
وحكى أبو حامد الأندلسي أنه رأى بأرض بلغار شخصاً من نسل العاديين الذين آمنوا بهود، عليه السلام، وهربوا إلى جانب الشمال، كان طوله أكثر من سبعة أذرع، كان الرجل الطويل إلى حقوه، وكان قوياً يأخذ ساق الفرس فيكسرها، ولا يقدر غيره أن يكسرها بالفأس. وكان في خدمة ملك بلغار، وهو قربه واتخذ له درعاً على قدره وبيضة كأنها مرجل كبير، ويأخذه معه في الحروب على عجلة لأن الجمل ما كان يحمله، ويمشي إلى الحرب على عجلة كيلا يتعب من المشي، ويقاتل راجلاً بخشبة في يده طويلة لا يقدر الرجل الواحد على حملها، وكانت في يده كالعصا في يد أحدنا، والأتراك يهابونه إذا رأوه مقبلاً إليهم انهزموا، ومع ذلك كان لطيفاً مصلحاً عفيفاً.
وفي كتاب سير الملوك أن القوم الذين آمنوا بهود، عليه السلام، وهربوا إلى بلاد الشمال، وأمعنوا فيها توجد بأرض بلغار عظامهم؛ قال أبو حامد: رأيت سناً واحدة عرضها شبران وطولها أربعة أشبار، وجمجمة رأسه كالقبة، وتوجد تحت الأرض أسنان مثل أنياب الفيلة بيض كالثلج، ثقيلة في الواحدة منها مائتا من، لا يدرى لأي حيوان هي، فلعلها سن دوابهم تحمل إلى خوارزم.
والقفل متصلة من بلاد بلغار إلى خوارزم إلا أن طريقهم في واد من الترك، ويشترى من تلك الأسنان في خوارزم بثمن جيد، تتخذ منها الأمشاط والحقاق وغيرهما، كما تتخذ من العاج بل هي أقوى من العاج لا تنكسر البتة.
وحكي من الأمور العجيبة أن أهل ويسو ويورا إذا دخلوا بلاد بلغار ولو في وسط الصيف برد الهواء، ويصير كالشتاء يفسد زروعهم؛ وهذا مشهور عندهم لا يخلون أحداً يدخل بلغار من أهل تلك البلاد.
وبها نوع من الطير لم يوجد في غيرها من البلاد؛ قال أبو حامد: هو طير