الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأحضروا وقال: أريد أن يحملني فلان على رقبته، والمغنون يغنون قدامي، والقوم خلفي وقدامي يؤدونني إلى الرباط على هذه الحال! ففعلوا ذلك كله، فلما دخل الرباط والذهب معه قال: من الذي ضربني؟ فيقول كل واحد: أنا ما ضربت شيئاً! فقال: من ضربني ضربة فله دينار، ومن ضربني ثنتين فله ديناران، ومن ضربني ثلاثاً فله ثلاثة دنانير! فجاء كل واحد يقول: أنا لكمت كذا وكذا. ففرق الذهب عليهم وسافر. توفي في نيف وعشرين وستمائة.
قصران
اسم قرية من قرى الري. وهي قسمان: يقال لأحدهما قصران الداخل، وللآخر قصران الخارج. قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض الري قرية تسمى قصران بيروني، عند بابها الأعلى يرى كل ليلة سراج مشعل بحيث يبصره كل أحد من البعيد من جميع الجوانب، وإذا دنا منه لا يبين شيء.
ينسب إليها القصراني المهندس. كان عالماً بالهندسة، وكان عديم المثل في زمانه، وله كتب مصنفة في الهندسة مشهورة.
قصر شيرين
بين بغداد وهمذان في فضاء من الأرض على طرف نهر جار. بناها كسرى أبرويز لشيرين وهي خطيبة كانت له من أجمل خلق الله تعالى، والفرس يقولون: كان لكسرى أبرويز ثلاثة أشياء لم تكن لملك قبله ولا بعده: خطيبته شيرين، ومغنيه بلهبد، وفرسه شبديز، وقصر شيرين باق إلى الآن، وهي أبنية عظيمة شاهقة وايوانات عالية وعقود وقصور وأروقة ومتشرفات، واختلفوا في سبب بنائه: ذكر في كتب العجم أن شيرين كانت من بنات بعض ملوك أرمن، وكانت أجمل خلق الله صورة، ذكر لكسرى أبرويز وكان مشغوفاً بالنساء، بعث إليها من خدعها فهربت على ظهر شبديز. فلما وصلت إلى العراق وكان كسرى
غائباً، فرأتها أزواج كسرى وولائده، علمن أن كسرى يختارها عليهن، فأخذهن من الغيرة ما يأخذ الضرات، فاخترن لها أرضاً سبخة وهواء ردياً وقلن: ان الملك أمرنا أن نبني لك ها هنا قصراً. وهي موضع قصر شيرين على طرف نهر عذب الماء.
وحكي أن شيرين كانت تحب اللبن الحليب، وكان القصر بعيداً عن مرعى المواشي، فإلى أن حمل إلى القصر زالت سخونته، فطلبوا الحيلة في ذلك فاتفق رأيهم على أن يتخذوا جدولاً حجرياً من المرعى إلى القصر، فطلبوا صانعاً يعمل ذلك، فدلوا على صانع اسمه فرهاذ، فطلبت اتخاذ جدول مسافته فرسخان من المرعى إلى القصر على أن يأتي اللبن منها إلى القصر بسخونته، وكان القصر على نشز من الأرض والمرعى في منحدر، فاتخذ حائطاً طوله أكثر من فرسخين وارتفاعه عند المرعى عشرون ذراعاً، وعند القصر مساوياً لأرضه، وركب على الحائط جدولاً حجرياً، وغطى رأسه بالصفائح الحجرية، واتخذ عند المرعى حوضاً كبيراً، وفي القصر أيضاً مثله، وهذا كله باق إلى زماننا، رأيته عند اجتيازي به لا شك في شيء منه.
وذكر محمد الهمذاني انه كان سبب بناء قصر شيرين، وهو أحد عجائب الدنيا، أن كسرى أبرويز، وكان مقامه بقرميسين، أمر أن يبنى له باغ فرسخين في فرسخين، وأن يجعل فيه من الطيور والوحوش حتى تتناسل فيه، ووكل بذلك ألف رجل أجرى عليهم الرزق حتى عملوا فيه سبع سنين. فلما تم نظر إليه الملك وأعجبه، وأمر للصناع بمال. فقال في بعض الأيام لشيرين: سليني حاجة، فقالت: أريد أن تبني لي قصراً في هذا البستان لم يكن في ملكك لأحد مثله، وتجعل فيه نهراً من حجارة يجري فيه الخمر! فأجابها إلى ذلك ونسي، ولم تجسر شيرين على أن تذكره به، فقالت للبلهبد المار ذكره: حاجتي في غناء، ولك ضيعتي التي بأصفهان! فأجابها إلى ذلك وعمل شعراً وصوتاً في ذلك. فلما سمع كسرى قال له: لقد ذكرتني حاجة شيرين. فأمر ببناء القصر وعمل النهر،