الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدل عمر.
قال الاصطخري: غرج الشار مدينتان، يقال لإحداهما نشين وللأخرى سورمين، وهما متقاربتان ولهما مياه كثيرة وبساتين. يحمل منهما الزيت والأرز إلى سائر البلاد.
وحكى بعض التجار قال: مشيت إلى غرشستان فاتفق لهم غرس، فوضعوا دستاً عالياً وجاء الزوج وجلس فيه، وأسبلوا على وجهه سجفاً سخيفاً شبه وقاية، وجاء المغني يغني بالدفوف وغيرها، وتأتي نساء أقاربهم وجيرانهم يرقصن بين يدي الزوج فرادى ومثنى وجماعة، والزوج يراهن ويتفرج على رقصهن حتى لا تبقى واحد إلا رقصت، ثم تأتي العروس في الآخر وترقص بين يديه أحسن رقص، ثم خلوا بينها وبينه.
غريان
بناءان كالصومعتين بظهر الكوفة قرب مشهد أمير المؤمنين علي. بناهما المنذر بن امريء القيس بن ماء السماء، وسببه انه كان له نديمان من بني أسد، فثملا فراجعا الملك ببعض كلامه، فأمر وهو سكران أن يحفر لهما حفرتان ويدفنا فيهما حيين. فلما أصبح استدعاهما فأخبر بما أمضى فيهما فغمه ذلك، وقصد حفرتيهما وأمر ببناء طربالين عليهما وقال: لا يمر وفود العرب إلا بينهما! وجعل لهما في السنة يوم بؤس ويوم نعيم، يذبح يوم بؤسه من يلقاه ويغري بدمه الطربالين، فإن وقعت لهما الوحش طلبها بالخيل، وإن وقع طائر أرسل عليه الجوارح. وفي يوم نعيمه يجيز من يلقاه ويخلع عليه. ولبث بذلك برهة من دهره، فخرج يوماً من أيام بؤسه إذ طلع عبيد بن الأبرص الأسدي الشاعر، جاء ممتدحاً، فلما رآه قال: هلا كان الذبح لغيرك يا عبيد؟ فقال بعض الحاضرين: أبيت اللعن! عنده من حسن القريض ما هو خير مما تريد منه! فاسمع فإن كان حسناً استرده وإن كان غير ذلك فالأمر بيدك. فأنزله حتى طعم وشرب وقال له:
أنشدني فقد كان يعجبني شعرك! فقال عبيد: حال الجريض دون القريض. فقال المنذر: أنشدني قولك اقفر من أهله ملحوب. فقال عبيد:
أقفر من أهله عبيد
…
فاليوم لا يبدي ولا يعيد
عنّت له منيّةٌ نكود
…
وحان منه لهما ورود!
فقال المنذر: يا عبيد لا بد من الموت! ولقد علمت لو أن النعمان ابني عرض لي يوم بؤسي لا بد لي من ذبحه! واستدعى له الخمر فلما أخذت منه نفسه وطابت وقدم للقتل أنشد.
ألا أبلغ بنّي وأعمامهم
…
بأنّ المنايا هي الوارده!
لها مدّةٌ فنفوس العباد
…
إليها، وإن كرهت، قاصده
فلا تجزعوا لحمامٍ دنا
…
فللموت ما تلد الوالده
فأمر به ففصد حتى نزف دمه وغرى بدمه الغريين.
وحكي أن في بعض أيام بؤسه وقع رجل من طيء يقال له حنظلة، فقال له المنذر: لا بد من قتلك! سل حاجتك. فقال: أجرني سنة حتى أرجع إلى أهلي وأفعل ما أريد ثم أصير إليك! فقال المنذر: ومن يكفلك أنك تعود؟ فنظر إلى جلسائه فعرف شريك بن عمرو بن شراحيل الشيباني فقال:
يا شريكٌ يا ابن عمروٍ
…
ويا أخا من لا أخا له
يا أخا المنذر فكّ
…
اليوم رهناً قد أنى له
إنّ شيبان قبيلٌ
…
أكرم النّاس رجاله
وأبو الخيرات عمروٌ
…
وشراحيل الحماله
ورثاك اليوم في المجد
…
وفي حسن المقاله
فوثب شريك وقال: أبيت اللعن! يدي بيده ودمي بدمه! فأطلقه المنذر،