الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دود القز والرزق الحلال في زماننا عندهم. ونساؤهم ينسجن الميازر والمشدات الفرية الملاح وتحمل منها إلى سائر البلاد.
ومن عاداتهم أن فقهاءهم في كل سنة يستأذنون من الأمير الأمر بالمعروف، فإذا أذن لهم أحضروا كل واحد كائناً من كان وضربوه مائة خشبة، فربما يحلف الرجل أيماناً انه ما شرب ولا زنى فيقول الفقيه: ايش صنعتك؟ فيقول: بقال أنا! فيقول: أما كان بيدك الميزان؟ فيقول: نعم. فيأمر بضربه مائة! ينسب إليها الشيخ محمد بن خالد الملقب بنور الدين. كان شيخاً عظيم الشأن ظاهر الكرامات. رأيته في صغر سني كان شيخاً مهيباً وضيء الوجه طويل القامة، كث اللحية طويلها، ما رآه أحد ولو كان ملكاً إلا أخذته هيبته. له مصنفات في عجائب أحواله ومشاهدته الملائكة والجنة والنار، وأحوال الأموات وخواص الأذكار والآيات.
حكى بعض من صحبه قال: سرنا ذات يوم فرفع لنا خان فقصدناه، فقال بعض السابلة: لا تدخلوا الخان فإن يأوي إليه سبع! فقال الشيخ: نتكل على الله. فدخلناها وفرش الشيخ مصلاءة يصلي، فسمعت زئير الأسد فأنكرت في نفسي على الشيخ لدخول الخان، فدخل الخان سبع هائل، فلما رآنا جعل يأتينا إتياناً ليناً لا إتيان صائل، وأنا أنظر إلى شكله فذهب عقلي، فهربت إلى الشيخ وجعلته بيني وبين الأسد، فجاء وافترش عند مصلى الشيخ، فلما فرغ الشيخ من صلاته مسح رأسه وقال بالعجمية: فارق هذا الموضع ولا ترجع تفزع الناس ههنا! فقام السبع وخرج من الخان ولم يره أحد بعد ذلك هناك.
الحضر
مدينة كانت بين تكريت وسنجار مبنية بالحجارة المهندمة، كان على سورها ستون برجاً كباراً، بين البرج والبرج تسعة أبراج صغار، بإزاء كل برج قصر وإلى جانبه حمام. وبجانب المدينة نهر الثرثار وكان نهراً عظيماً عليه جنان بناها
الضيزن بن معاوية، وكان من قضاعة من قبل شابور بن اردشير ملك الفرس، وقد طلسمها أن لا يقدر على هدمها إلا بدم الحمامة الورقاء، ودم حيض المرأة الزرقاء؛ وإياها أراد عدي بن زيد:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة تجبى إليه والخابور
شاده جندلاً وجلّله كلساً، وللطّير في ذراه وكور
فاتفق أنه ظهر لشابور خصم بخراسان، فذهب إليه وطالت غيبته فعصى ضيزن عليه واستوى على بلاد الجزيرة، وأغار على بلاد الفرس وخرب السواد وأسر ماه أخت شابور الملك. فلما عاد شابور من خراسان وأخبر بما فعل ضيزن، ذهب إليه بعساكره وحاصره سنين ولم يظفر بشيء، فهم بالرجوع فصعدت النصيرة بنت الضيزن السطح ورأت شابور فعشقته، فبعثت إليه أن ما لي عندك ان دللتك على فتح هذه المدينة؟ فقال شابور: آخذك لنفسي وأرفعك على نسائي. فقالت: خذ من دم حمامة ورقاء، واخلطه بدم حيض امرأة زرقاء، واكتب بهما واشدده في عنق ورشان وأرسله، فإنه إذا وقع على السور تهدم! ففعل كما قالت فدخل المدينة وقتل مائة ألف رجل وأسر البقية، وقتل ضيزن وأنسابه فقال الحدس بن الدلهاث:
ألم يجزيك والأبناء تمنى
…
بما لاقت سراة بني العبيد؟
ومقتل ضيزنٍ وبني أبيه
…
وإجلاء القبائل من يزيد
أتاهم بالفيول مجلّلاتٍ
…
وبالأبطال شابور الجنود
فهدّم من بروج الحضر صخراً
…
كأنّ ثقاله زبر الحديد!
ثم سار شابور إلى عين التمر وعرس بالنصيرة هناك، فلم تنم هي تلك الليلة تململاً على فراشها، فقال لها شابور: ما أصابك؟ فقالت: لم أنم قط على فراش أخشن من هذا! فنظر فإذا في الفراش ورقة آس لصقت بين عكنتين