الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكبار بقزوين، أن الشيخ عقد المجلس يوم الجمعة أول النهار الثاني عشر من المحرم سنة تسعين وخمسمائة وذكر تفسير قوله تعالى: واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله؛ وان النبي، صلى الله عليه وسلم، ما عاش بعد ذلك إلا سبعة أيام، وكان ذلك تعريضاً ينعى نفسه، فرجع إلى بيته محموماً وبقي سبعة أيام ورفع نعشه في اليوم الثامن. ولما بلغوا به الوادي قرب تربته أنار الله تعالى، من فضله عليه ورحمته له، آيات بينات وأمارات واضحات أنواراً متلألئة وأضوا متضاعفة وألواناً غريبة في السماء، ولقد عددت النور الساطع والوميض المتلأليء في سبعة مواضع من الهواء. وعند ذلك صار الخلق حيارى مبهوتين، ودمعت العيون ووجلت القلوب، وضجت الأصوات والخلق بين ساجد وممرغ في التراب خده لا يستطيع المتحرك سكوناً ولا الساكن حراكاً، إلى أن وضع في لحده، فعادت السماء إلى حالها وعاد الهواء لهيئته، وما ذلك بعجيب من لطف الله تعالى بأرباب العلوم وأصحاب الديانات، عليه رحمة الله ورضوانه.
الطاهرية
قرية من قرى بغداد. بها مستنقع يجتمع فيه في كل سنة ماء كثير عند زيادة دجلة، فيظهر فيه السمك المعروف بالبني، فيضمنه السلطان بمال وافر. ولسمكه فضل على سائر السمك لطيب لحمه، وانه غلة من حاصل هذه القرية مع سائر غلاتها، والله الموفق.
طبرستان
بلاد معروفة، والعجم يقولون مازندران، وهي بين الري وقومس وبحر الخزر. أرضها كثيرة الأشجار والمياه والأنهار إلا أن هواءها وخم جداً. حكي أن بعض الأكاسرة اجتمع في حبسه جناة كثيرون، فقال وزيره: غربهم إلى بعض البلاد ليعمروها، فإن عمروها كان العمران لك، وانتلفوا برئت من دمهم!
واختار أرض طبرستان، وهي يومئذ جبال وأشجار، فأرادوا قطع الأشجار فطلبوا فؤوساً والفأس بالعجمية تبر، فكثرت بها الفؤوس فقالوا: طبرستان، وطبر معرب تبر. وقالوا: كانت أيمانهم مغلولة فكانوا يعملون بشمالهم، فلهذا ترى فيها أكثرهم عسراً. ونفوا الفواجر أيضاً إليها فتزوجوا بهن، فلهذا قلة الغيرة بينهم. وأكثرهم يتعانون تربية دود القز فيرتفع منها الابريسم الكثير ويحمل إلى سائر البلاد.
وبها الخشب الخلنج، يتخذ منه الظروف والآلات والأطباق والقصاع ثم يحمل إلى الري، وصناع بلد الري يجعلونه في الخرط مرة أخرى حتى يبقى لطيفاً ويزوقونه، ومن الري يحمل إلى سائر البلاد، ومن هذا الخشب تتخذ النشاشيب الجيدة. وبها المآزر والمناديل الرفيعة الطبرية تحمل منها إلى سائر البلاد، وكذلك الثياب الابريسمية والأكسية والصوف.
وبها شجر إذا ألقيت شيئاً من خشبها في الماء يموت ما فيه من السمك وتطفو.
وبها جبل طارق؛ قال أبو الريحان الخوارزمي: بطبرستان جبل فيه مغارة فيها دكة تعرف بدكان سليمان بن داود، عليه السلام، إذا لطخت بشيء من الأقذار انفتحت السماء ومطرت حتى تزيل الأقذار منها؛ هذا في الآثار الباقية من تصانيف أبي الريحان الخوارزمي. وقال صاحب تحفة الغرائب: بها حشيش يسمى جوز ماثل من قطعه ضاحكاً وأكله غلب عليه الضحك، ومن قطعه باكياً وأكله في تلك الحالة يغلب عليه البكاء، ومن قطعه راقصاً وأكله كذلك على كل حال قطعه وأكله تغلب عليه تلك الحالة.
حكى أبو الريحان الخوارزمي أن أهل طبرستان أجدبوا في أيام الحسن ابن زيد العلوي، فخرجوا للاستسقاء فما فرغوا من دعائهم حتى وقع الحريق في أطراف البلد، وبيوتهم من الخشب اليابس، فقال أبو عمر في ذلك:
خرجوا يسألون صوب غمامٍ
…
فأجيبوا بصيّبٍ من حريق!
جاءهم ضدّ ما تمنّوه إذ
…
جاءت قلوبٌ محشوّةٌ بالفسوق!
وحكى الشيخ الصالح محمد الهمداني قال: رأيت بطبرستان أمراً عجيباً من الأمور، وهو: شاهدت بطبرستان دودة إذا وطئها من كان حامل ماء صار الماء مراً، وأعجب من هذا انه لو كان خلف الواطيء حمال الماء صار كل المياه مراً، ولو كانوا مائة، فترى نساءهم يحملن الماء من النهر في الجرار وقدامهن واحدة معها مكنسة تكنس الطريق، والنساء الحاملات للماء يمشين على خط واحد كالإبل المقطرة.
وحكى علي بن رزين الطبري، وكان حكيماً فاضلاً، قال: عندنا طائر يسمونه ككو، وهو على حجم الفاختة وذنبه ذنب الببغاء، يظهر أيام الربيع، فإذا ظهر نبعه صنف من العصافير موشاة الريش يخدمه طول نهاره، يأتي له بالغداء فيزقه، فإذا كان آخر النهار وثب على ذلك العصفور وأكله، وإذا أصبح صاح فجاء آخر فإذا أمسى أكله، فلا يزال كذلك مدة أيام الربيع، فإذا زال الربيع فقد ذلك النوع واتباعه إلى الربيع القابل.
وينسب إليها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، صاحب التفسير والتاريخ الطبري والمصنفات الكثيرة، وكان كثيراً ما ينشد:
أاقتبس الضّياء من الضّراب
…
وألتمس الشّراب من الشراب؟
أريد من الزّمان النّذل بذلاً
…
وأرياً من جنى سلعٍ وصاب!
أأرجو أن ألاقي لاشتياقي
…
خيار النّاس في زمن الكلاب؟
وينسب إليها أبو الحسن المعروف بالكيا الهراسي. كان عالماً فاضلاً تالي أبي حامد الغزالي، إلا أن الغزالي أثقب منه ذهناً وأسرع بياناً وأصوب خاطراً. كان مدرساً بالمدرسة النظامية ببغداد، دخل ديوان الخليفة والقاضي أبو الحسن اللمغاني كان حاضراً ما قام له، فشكا إلى الخليفة الناصر لدين الله، فقال الخليفة: إذا دخل القاضي أنت أيضاً لا تقم له! ففعل ذلك ونظم هذين البيتين: