الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضوء. وأهل بلغار يحملون بضائعهم إليها للتجارة، وكل واحد يجعل متاعه في ناحية، ويعلم عليه ويتركه ثم يرجع إليه فيجد إلى جنبه متاعاً يصلح لبلاده، فإن رضي بها أخذ العوض وترك متاعه، وإن لم يرض أخذ متاعه وترك العوض، ولا يرى البائع المشتري ولا المشتري البائع كما ذكرنا في بلاد الجنوب بأرض السودان.
وأهل ويسو لا يدخلون بلاد بلغار لأنهم إذا دخلوها تغير الهواء وظهر البرد، وإن كان في وقت الصيف، فيهلك حيوانهم ويفسد نباتهم. وأهل بلغار يعرفون ذلك فلا يمكنونهم من دخول بلادهم.
يأجوج ومأجوج
قبيلتان عظيمتان من الترك من ولد يافث بن نوح، عليه السلام. مسكنهم شرقي الإقليم السابع. روى الشعبي أن ذا القرنين لما وصل إلى أرض يأجوج ومأجوج اجتمع إليه خلق كثير، واستغاثوا من يأجوج ومأجوج وقالوا: أيها الملك المظفر إن وراء هذا الجبل أمماً لا يحصيهم إلا الله، يخربون ديارنا ويأكلون زروعنا وثمارنا، ويأكلون كل شيء حتى العشب، ويفترسون الدواب افتراس السباع، ويأكلون حشرات الأرض كلها، ولا ينمو خلق مثل نمائهم، لا يموت أحدهم حتى يولد له ألف من الولد! قال ذو القرنين: كم صنفهم؟ قالوا: هم أمم لا يحصيهم إلا الله. وأما من قربت منازلهم فست قبائل: يأجوج ومأجوج وتأويل وتاريس ومنسك وكمادى. وكل قبيلة من هؤلاء مثل جميع أهل الأرض، وأما من كان منا بعيداً فإنا لا نعرفهم. قال ذو القرنين: وما طعامهم؟ قالوا: يقذف البحر إليهم في كل عام سمكتين، ويكون بين رأس كل سمكة وذنبها أكثر من مسيرة عشرة أيام، ويرزقون من التماسيح والثعابين والتنانين في أيام الربيع، وهم يستمطرونها كما يستمطر الغيث، فإذا مطروا بذلك أخصبوا وسمنوا؛ وإذا لم يمطروا بذلك أجدبوا وهزلوا. قال ذو القرنين: وما صفتهم؟ قالوا:
قصار ضلع، عراض الوجوه، مقدار طولهم نصف قامة رجل مربوع، ولهم أنياب كأنياب السباع، ومخالب مواضع الأظفار، ولهم صلب عليه شعر، ولهم أذنان عظيمتان: إحداهما على ظاهرها وبر كثير وباطنها أجرد، والأخرى على باطنها وبر كثير وظاهرها أجرد، تلتحف إحداهما وتفترش الأخرى. وعلى بدنهم من الشعر مقدار ما يواريه، وهم يتداعون تداعي الحمام ويعوون عواء الكلب، ويتسافدون حيث التقوا تسافد البهائم.
جاء في بعض الأخبار أن يأجوج ومأجوج ينحتون السد كل يوم حتى يكادون يرون الشمس من ورائه، فيقول قائلهم: ارجعوا سوف ننقبه غداً، فيرجعون فيعيده الله تعالى ليلتهم كما كان، ثم يحفرونه وينحتونه من الغد كذلك كل يوم وليلة، إلى أن يأتي وقت خروجهم فيقول قائلهم: ارجعوا سننقبه غداً إن شاء الله تعالى! فيبقى رقيقاً إلى أن يعودوا إليه من غدهم فيرونه كذلك، فينقبونه ويخرجون على الناس فيشربون مياه الأرض حتى ينشفوها، ويتحصن الناس بحصونهم فيظهرون على الأرض ويقهرون من وجدوه، فإذا لم يبق أحد لهم رموا بالنشاب إلى السماء، فيرجع إليهم وفيها كهيئة الدم، فيقولون: قد غلبنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء! ثم إن الله تعالى يبعث إليهم دوداً يقال له النغف، يدخل في آذانهم ومناخرهم فيقتلهم، قال، صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، إن دواب الأرض لتسمن من لحومهم! روى أبو سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: يفتح سد يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس كما قال تعالى: وهم من كل حدب ينسلون. فيغشون الأرض كلها، فينحاز المسلمون إلى حصونهم ويضمون إليهم مواشيهم، فيشرب يأجوج ومأجوج مياه الأرض، فيمر أوائلهم بالنهر فيشربون ما فيه ويتركونه يابساً، فيمر به من بعدهم ويقولون: لقد كان ههنا مرة ماء! ولا يبقى أحد من الناس إلا من كان في حصن أو جبل شامخ أو وزر، فيقول قائلهم: قد فرغنا من أهل الأرض، بقي من في السماء. ثم