المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌غزة مدينة طيبة بين الشام ومصر على طرف رمال مصر، قال، - آثار البلاد وأخبار العباد

[زكريا القزويني]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌خطبة الكتاب

- ‌المقدمة الاولى

- ‌في الحاجة الداعية إلى إحداث المدن والقرى

- ‌المقدمة الثانية

- ‌في خواص البلاد

- ‌الفصل الأول

- ‌في تأثير البلاد في سكانها

- ‌الفصل الثاني

- ‌في تأثير البلاد في المعادن والنبات والحيوان

- ‌المقدمة الثالثة

- ‌في أقاليم الأرض

- ‌الاقليم الاول

- ‌إرم ذات العماد

- ‌البجة

- ‌بكيل

- ‌بلاد التبر

- ‌بلاد الحبشة

- ‌بلاد الزنج

- ‌بلاد السودان

- ‌بلاد النوبة

- ‌تغارة

- ‌تكرور

- ‌جابرسا

- ‌جاوة

- ‌جزاير الخالدات

- ‌جزيرة الرامني

- ‌جزيرة زانج

- ‌جزيرة سكسار

- ‌جزيرة القصار

- ‌جزيرة النساء

- ‌جزيرة واق واق

- ‌جوف

- ‌حرث

- ‌حضرموت

- ‌دلان ودموران

- ‌دنقلة

- ‌ذات الشعبين

- ‌ذمار

- ‌سبأ

- ‌سجلماسة

- ‌سرنديب

- ‌سفالة

- ‌سلوق

- ‌سمهر

- ‌سندابل

- ‌الشحر

- ‌شعب

- ‌شمخ

- ‌شيلا

- ‌صنعاء

- ‌الصين

- ‌ظفار

- ‌عمان

- ‌غانة

- ‌غدامس

- ‌قاع

- ‌قلعة الشرف

- ‌كاكدم

- ‌كله

- ‌كنام

- ‌كوار

- ‌لنجوية

- ‌مأرب

- ‌مذيخرة

- ‌مرباط

- ‌مسور

- ‌مقدشو

- ‌مقرى

- ‌مهرة

- ‌وبار

- ‌ورور

- ‌ اليمن

- ‌الاقليم الثاني

- ‌الأبلق

- ‌أجأ وسلمى

- ‌ارام

- ‌البحرين

- ‌بدر

- ‌تبت

- ‌تكناباذ

- ‌جاجلى

- ‌جزيرة برطاييل

- ‌جزيرة جابة

- ‌جزيرة سقطرى

- ‌جزيرة السلامط

- ‌جزيرة سيلان

- ‌جزيرة الشجاع

- ‌جزيرة القصر

- ‌الحجاز

- ‌الحجر

- ‌خط

- ‌خيبر

- ‌رحا بطان

- ‌زغر

- ‌زويلة

- ‌السند

- ‌سومناة

- ‌صنف

- ‌صيمور

- ‌الطائف

- ‌طيفند

- ‌عدن

- ‌فاس

- ‌فيصور

- ‌قبا

- ‌قزدار

- ‌قشمير

- ‌قمار

- ‌كلبا

- ‌كله

- ‌كنزة وقران

- ‌كولم

- ‌مدينة يثرب

- ‌المشقر

- ‌مغمس

- ‌مراكش

- ‌مكة

- ‌ملتان

- ‌مليبار

- ‌منىً

- ‌مندورفين

- ‌مندل

- ‌المنصورة

- ‌مهيمة

- ‌نجران

- ‌الندهة

- ‌الهند

- ‌يترب

- ‌ اليمامة

- ‌الاقليم الثالث

- ‌أبرقوه

- ‌أبسوج

- ‌أبيار

- ‌أجر

- ‌إخميم

- ‌أرجان

- ‌الأردن

- ‌أريحا

- ‌الإسكندرية

- ‌أسيوط

- ‌إصطخر

- ‌إفريقية

- ‌أفيق

- ‌أنصنا

- ‌أنطاكية

- ‌أنطرطوس

- ‌أورم الجوز

- ‌الأهواز

- ‌أيلة

- ‌باميان

- ‌بداً

- ‌براق

- ‌البشمور

- ‌بعلبك

- ‌بلقاء

- ‌بلينا

- ‌بلرم

- ‌بنارق

- ‌بنزرت

- ‌بيت لحم

- ‌ بيت المقدس

- ‌بلاد بربر

- ‌البيضاء

- ‌تاهرت

- ‌تدمر

- ‌تستر

- ‌تلمسان

- ‌تنس

- ‌تونس

- ‌التيه

- ‌الجابية

- ‌جاشك

- ‌جالطة

- ‌جزيرة تنيس

- ‌أنواع الطيور التي توجد بجزيرة تنيس

- ‌ويعرف بها من السمك تسعة وسبعون نوعاً

- ‌جزيرة الجساسة

- ‌جزيرة الكنيسة

- ‌جفار

- ‌جنابة

- ‌جور

- ‌جيرفت

- ‌جيزة

- ‌حلب

- ‌حمص

- ‌حوران

- ‌الحيرة

- ‌خبيص

- ‌خربة الملك

- ‌الخليل

- ‌دارا

- ‌دارابجرد

- ‌دمشق

- ‌دمندان

- ‌دمياط

- ‌دندرة

- ‌دورق

- ‌دورقستان

- ‌دير أبي هور

- ‌دير أتريب

- ‌دير أيوب

- ‌دير سمعان

- ‌دير طور سينا

- ‌دير الطير

- ‌دير نهيا

- ‌الرصافة

- ‌الرقادة

- ‌زكندر

- ‌سابور

- ‌سبتة

- ‌سجستان

- ‌سخا

- ‌سدوم

- ‌سمنود

- ‌سنجل

- ‌سنون

- ‌سوبلا

- ‌سيراف

- ‌سيرجان

- ‌سيلون

- ‌الشام

- ‌شرشال

- ‌شطا

- ‌شعب بوان

- ‌شيراز

- ‌سقياً لدشت الأرزن الطوّال

- ‌الصعيد

- ‌صفت

- ‌صفين

- ‌صقلية

- ‌صور

- ‌طبرستان

- ‌طبرية

- ‌طرسوس

- ‌العباسة

- ‌العريش

- ‌عزاز

- ‌عسقلان

- ‌عسكر مكرم

- ‌عكة

- ‌عين جارة

- ‌عين الشمس

- ‌الغريان

- ‌غزة

- ‌الغوطة

- ‌فارس

- ‌فرغانة

- ‌الفسطاط

- ‌فيروزاباد

- ‌الفيوم

- ‌القادسية

- ‌القاهرة

- ‌قبرس

- ‌قرية صاهك

- ‌قرية عبد الرحمن

- ‌قفط

- ‌قلعة النجم

- ‌القيروان

- ‌قيس

- ‌كابل

- ‌كاريان

- ‌كازرون

- ‌كدال

- ‌كرد فناخسرو

- ‌كركويه

- ‌كرمان

- ‌كفرطاب

- ‌كفرمندة

- ‌كفرنجد

- ‌كلز

- ‌كوزا

- ‌الكوفة

- ‌اللاذقية

- ‌اللجون

- ‌ماردين

- ‌ماسبدان

- ‌مجانة

- ‌محجة

- ‌مدين

- ‌مرسى الخرز

- ‌المرقب

- ‌مريسة

- ‌مريوط

- ‌مصر

- ‌المزة

- ‌المطرية

- ‌معرة النعمان

- ‌مكران

- ‌مليانة

- ‌منبج

- ‌منف

- ‌منية هشام

- ‌موتة

- ‌مورجان

- ‌المهدية

- ‌نابلس

- ‌ناصرة

- ‌نفزاوة

- ‌وادي الرمل

- ‌وادي موسى

- ‌وادي النمل

- ‌واقصة

- ‌ودان

- ‌هجر

- ‌هراة

- ‌هنديجان

- ‌هنديان

- ‌هيت

- ‌يابسة

- ‌ياقد

- ‌يزد

- ‌الاقليم الرابع

- ‌آبه

- ‌آذربيجان

- ‌آرشت وناشقين

- ‌آمل

- ‌أبلة

- ‌أبهر

- ‌أبيورد

- ‌إربل

- ‌اردبهشتك

- ‌أردبيل

- ‌أرسلان كشاد

- ‌أرمية

- ‌أستوناوند

- ‌أسفجين

- ‌أسفرايين

- ‌اشتروين

- ‌أصفهان

- ‌أفشنة

- ‌الموت

- ‌إيذج

- ‌إيراوه

- ‌ايلابستان

- ‌بابل

- ‌بالس

- ‌بدخشان

- ‌برقعيد

- ‌بروجرد

- ‌بسطام

- ‌البصرة

- ‌بغداد

- ‌بغشور

- ‌بلاد الديلم

- ‌بلخ

- ‌بلد

- ‌بلور

- ‌بنان

- ‌بوشنج

- ‌باخرز

- ‌بيهق

- ‌تبريز

- ‌تهران

- ‌جاجرم

- ‌الجبال

- ‌ جبل

- ‌جرباذقان

- ‌جرجان

- ‌جرجرايا

- ‌الجزيرة

- ‌جوهسته

- ‌جوين

- ‌جيلان

- ‌الحضر

- ‌حصن الطاق

- ‌حلوان

- ‌الحويزة

- ‌الحيرة

- ‌حيزان

- ‌خاوران

- ‌خراسان

- ‌خرقان

- ‌خوار

- ‌خواف

- ‌خوست

- ‌دامسيان

- ‌دامغان

- ‌داوردان

- ‌دور

- ‌دوراق

- ‌ديار بكر

- ‌دير الجب

- ‌دير الجودي

- ‌دير حزقيل

- ‌دير الخنافس

- ‌دير سعيد

- ‌دير العذارى

- ‌دير القيارة

- ‌دير كردشير

- ‌دير متى

- ‌دير مر توما

- ‌دير مر جرجيس

- ‌رأس العيس

- ‌رحبة الشام

- ‌روذبار

- ‌روذراور

- ‌رويان

- ‌الري

- ‌زاوه

- ‌زراعة

- ‌زز

- ‌زنجان

- ‌ساباط

- ‌سامرا

- ‌ساوه

- ‌سبران

- ‌سرجهان

- ‌سرخس

- ‌سلماس

- ‌سميرم

- ‌سناباذ

- ‌سنجار

- ‌سهرورد

- ‌شاذياخ

- ‌شاه دز

- ‌شكمبة

- ‌شهرزور

- ‌شهرستان

- ‌شيز

- ‌صيمرة

- ‌طالقان

- ‌الطاهرية

- ‌طبرستان

- ‌طبس

- ‌طرابلس

- ‌طرق

- ‌طرزك

- ‌طروز

- ‌طمغاج

- ‌طوس

- ‌طيب

- ‌طيزناباد

- ‌عانة

- ‌عبادان

- ‌عبد الله اباذ

- ‌العراق

- ‌عزان

- ‌عقرقوف

- ‌غرشستان

- ‌غريان

- ‌غزنة

- ‌الغور

- ‌فراهان

- ‌فم الدبل

- ‌فنك

- ‌قاشان

- ‌قرميسين

- ‌قزوين

- ‌قصران

- ‌قصر شيرين

- ‌قم

- ‌كران

- ‌كرخ

- ‌كركان

- ‌كسكر

- ‌كشم

- ‌كندر

- ‌كنكور

- ‌كوثى

- ‌لنبان

- ‌ليخواست

- ‌ماذران

- ‌ماذروستان

- ‌ماهاباذ

- ‌ماوشان

- ‌المدائن

- ‌مرو

- ‌المشان

- ‌المطيرة

- ‌الموصل

- ‌ميسان

- ‌ناووس الظبية

- ‌نسا

- ‌نخشب

- ‌نصراباذ

- ‌نصيبين

- ‌نضيراباذ

- ‌النعمانية

- ‌نهاوند

- ‌النهروان

- ‌نيسابور

- ‌نينوى

- ‌واسط

- ‌ورجند

- ‌هراة

- ‌همذان

- ‌يل

- ‌يمكان

- ‌الاقليم الخامس

- ‌آمد

- ‌أبروق

- ‌أران

- ‌أرزنجان

- ‌أرزن الروم

- ‌ارطانة

- ‌أرمية

- ‌أرمينية

- ‌الأشبونة

- ‌اشبيلية

- ‌أفرنجة

- ‌أفسوس

- ‌أفلوغونيا

- ‌إلبيرة

- ‌ الش

- ‌الأندلس

- ‌أنقرة

- ‌باب الابواب

- ‌بتم

- ‌بجانة

- ‌بخارى

- ‌ بذ

- ‌برذعة

- ‌بسطة

- ‌بلقوار

- ‌بلنسية

- ‌بيضاء

- ‌بيلقان

- ‌تركستان

- ‌تفليس

- ‌جرجانية

- ‌جنبذق

- ‌جنزة

- ‌ختلان

- ‌خلاط

- ‌خوارزم

- ‌خوي

- ‌خيوق

- ‌دير برصوما

- ‌الروم

- ‌رندة

- ‌روين دز

- ‌زمخشر

- ‌سبتة

- ‌سبرى حصار

- ‌سرقسطة

- ‌سمرقند

- ‌سيواس

- ‌شاش

- ‌شاطبة

- ‌شاشين

- ‌شبلية

- ‌شغنسة

- ‌شلب

- ‌شنترة

- ‌شنترين

- ‌شنت مرية

- ‌شنقنيرة

- ‌صغد

- ‌طراز

- ‌طرطوشة

- ‌طركونة

- ‌طلبيرة

- ‌ طليطلة

- ‌غرناطة

- ‌غنجرة

- ‌فاراب

- ‌فبرة

- ‌فراغة

- ‌فرمنتيرة

- ‌فهمين

- ‌قادس

- ‌قاليقلا

- ‌قرطبة

- ‌قسطلونة

- ‌قلعة اللان

- ‌قيصرية

- ‌كش

- ‌كند

- ‌لبلة

- ‌لشبونة

- ‌لورقة

- ‌مالطة

- ‌ما وراء النهر

- ‌مدينة النحاس

- ‌مراغة

- ‌مربيطر

- ‌المستطيلة

- ‌المصيصة

- ‌ملطية

- ‌موغان

- ‌ميافارقين

- ‌هرقلة

- ‌هزاراسب

- ‌وادي الحجارة

- ‌وشلة

- ‌والوطة

- ‌ياسي جمن

- ‌يونان

- ‌الاقليم السادس

- ‌أبولدة

- ‌اشت

- ‌أفرنجة

- ‌افش

- ‌انطرحت

- ‌ايرلاندة

- ‌باكويه

- ‌باني وأريشة

- ‌برذيل

- ‌برطاس

- ‌بلاد بجناك

- ‌بلاد بجا

- ‌بلاد بغراج

- ‌بلاد تاتار

- ‌بلاد التغزغز

- ‌بلاد جكل

- ‌بلاد الختيان

- ‌بلاد خرخيز

- ‌بلاد الخرلخ

- ‌بلاد الخزر

- ‌بلاد خطلخ

- ‌بلاد الروس

- ‌بلاد الروم

- ‌بلاد الغز

- ‌بلاد كيماك

- ‌بلدة بهى

- ‌بيقر

- ‌تركستان

- ‌رذوم

- ‌رومية

- ‌زره كران

- ‌سد يأجوج ومأجوج

- ‌سقسين

- ‌شابر

- ‌شروان

- ‌شلشويق

- ‌شناس

- ‌ظاخر

- ‌فاراب

- ‌فرغانة

- ‌قسطنطينية

- ‌القليب

- ‌كرتنة

- ‌كرمالة

- ‌مدينة النساء

- ‌مغانجة

- ‌نيقية

- ‌الاقليم السابع

- ‌ باشغرت

- ‌باطن الروم

- ‌بجنة

- ‌برجان

- ‌بلغار

- ‌شوشيط

- ‌صقلاب

- ‌مشقة

- ‌واطر بورونة

- ‌ورنك

- ‌ويسو

- ‌يأجوج ومأجوج

- ‌يورا

الفصل: ‌ ‌غزة مدينة طيبة بين الشام ومصر على طرف رمال مصر، قال،

‌غزة

مدينة طيبة بين الشام ومصر على طرف رمال مصر، قال، صلى الله عليه وسلم: أبشركم بالعروسين غزة وعسقلان. فتحها معاوية بن أبي سفيان في أيام عمر بن الخطاب. وكفاها معجزاً انها مولد الإمام محمد بن إدريس الشافعي. ولد بها سنة خمسين ومائة. انه كان يجعل الليل اثلاثاً: ثلثاً لتحصيل العلم، وثلثاً للعبادة، وثلثاً للنوم. وقال الربيع: كان يختم في رمضان ستين ختمة كل ذلك في الصلاة.

وحكي أن عامل اليمن كتب إلى الرشيد: إن ههنا شاباً قرشياً يميل إلى العلوية ويتعصب، فكتب الرشيد إليه: ابعثه إلي تحت الاستظهار. فحمل إلى الرشيد. حدث الفضل بن الربيع وقال: أمرني الرشيد بإحضار الشافعي، وكان غضبان عليه، فأحضرته فدخل عليه وهو يقرأ شيئاً. فلما رآه أكرمه وأمر له بعشرة آلاف درهم، فدخل خائفاً وخرج آمناً. فقلت: يا أبا عبد الله أخبرني بم كنت تقرأ عند دخولك؟ فقال: إنها كلمات حدثني بها أنس بن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، انه قرأها يوم الأحزاب؛ فقلت: اذكرها لي. فقال: اللهم اني أعوذ بنور قدسك وعظمة طهارتك وبركة جلالك من كل آفة وعاهة وطارق الجن والانس إلا طارقاً يطرق بخير! اللهم أنت عياذي فبك أعوذ، وأنت ملاذي فبك ألوذ! يا من ذلت له رقاب الجبابرة وخضعت له مقاليد الفراعنة، أعوذ بجلال وجهك وكرم جلالك من خزيك وكشف سترك، ونسيان ذكرك والاضراب عن شكرك! إلهي أنا في كنفك في ليلي ونهاري ونومي وقراري وظعني وأسفاري، ذكرك شعاري وثناؤك دثاري! لا إله إلا أنت تنزيهاً لأسمائك وتكريماً لسبحات وجهك الكريم! أجرنا يا ربنا من خزيك ومن شر عقابك، واضرب علينا سرادقات فضلك وقناسيات عذابك، واعنا بخير منك، وأدخلنا في حفظ عنايتك

ص: 227

يا أرحم الراحمين! وقد جربت هذه الكلمات لا يقولها خائف إلا آمنه الله تعالى، وكان الرشيد يقربه ويكرمه لما عرف فضله وغزارة علمه.

وكان القاضي أبو يوسف ومحمد بن حسن رتبا عشرين مسألة وبعثاها على يد حدث من أصحابهما فقال الشافعي له: من حملك على هذا؟ فقال: من أراد حكمها. فقال: متعنت أو متعلم؟ فسكت الغلام، فقال الشافعي: هذا من تعنت أبي يوسف ومحمد! ثم نظر فيها وحفظها ورد الدرج إلى الحدث، فأخبر الخليفة بذلك فأحضر أبا يوسف ومحمداً وسألهما عن حال الدرج فاعترفا به، فأحضر الشافعي وقال: بين أحكامها ولك الفضل. فقال: يا أمير المؤمنين قل لهما يسألاني عن واحدة واحدة ويسمعان جوابها بتوفيق الله. فعجزا عن استحضارها، فقال الشافعي: أنا أكفيهما. سألاني عن رجل ابق له عبد فقال: هو حر ان طعمت طعاماً حتى أجده، كيف الخلاص من ذلك؟ الجواب: يهبه لبعض أولاده ويطعم حتى لا يعتق.

وسألاني عن رجلين كانا فوق سطح فوقع أحدهما من السطح ومات فحرمت على الآخر امرأته. الجواب: ان امرأة الحي كانت أمة للميت، وكان الزوج بعض ورثته، فصارت الأمة ملكاً للزوج بحق الارث فحرمت عليه.

وسألاني عن رجلين خطبا امرأة في حالة واحدة وانها لم تحل لأحدهما وحلت للآخر. الجواب: لأحد الرجلين أربع وهي خامسة فلا تحل له، والآخر ما كان كذلك فحلت له.

وسألاني عن رجل ذبح شاة في منزله وخرج لحاجة ورجع، قال لأهله: كلوا فإنها حرمت علي، فقال له أهله: ونحن أيضاً قد حرمت علينا. الجواب: كان الرجل مجوسياً أو وثنياً، فذبح شاة وخرج لحاجة وأسلم وأهله أيضاً أسلموا، فقال لأهله: كلوا فإني أسلمت لا تحل لي ذبيحة المجوس! فقال له أهله: نحن أيضاً قد أسلمنا وحرمت علينا أيضاً.

ص: 228

وسألاني عن امرأة تزوجت في شهر واحد ثلاثة أزواج، كل ذلك حلال غير حرام. الجواب: إن هذه المرأة طلقها زوجها وهي حامل فوضعت. انقضت عدتها بالوضع فتزوجت، ثم ان هذا الزوج خالعها قبل الدخول فلا عدة عليها، فتزوج بها آخر وهكذا ان أردت رابعاً وخامساً وسادساً.

وسألاني عن رجل حرمت عليه امرأته سنة من غير حنث أو طلاق أو عدة. الجواب: هذا الرجل وامرأته كانا محرمين فلم يدركا الحج، فلم تزل امرأته تحرم عليه إلى العام القابل، فإذا فرغت من الحج في العام المقبل حلت لزوجها.

وسألا عن امرأتين لقيتا غلامين فقالتا: مرحباً بابنينا وابني زوجينا وهما زوجانا! الجواب: إن للمرأتين ابنين، وكل واحدة منهما مزوجة بابن صاحبتها، فكان الغلامان ابنيهما وابني زوجيهما وهما زوجاهما.

وسألا عن رجلين شربا الخمر فوجب الحد على أحدهما دون الآخر. الجواب: كان أحدهما غير موصوف بأوصاف وجوب الحدث كالعقل والبلوغ.

وسألا عن مسلمين سجدا لغير الله وهما مطيعان في هذه السجدة. الجواب: هذه سجدة الملائكة لآدم، عليه السلام.

وسألا عن رجل شرب من كوز بعض الماء وحرم الباقي عليه. الجواب: انه رعف فوقع في باقيه شيء من الدم فحرم عليه.

وسألا عن امرأة ادعت البكارة وزوجها يدعي أنه أصابها فكيف السبيل إلى تحقيق هذا الأمر؟ الجواب: تؤمر القابلة بأن تحملها بيضة فإن غابت البيضة كذبت المرأة وإن لم تغب صدقت.

وسألا عن رجل سلم إلى زوجته كيساً وقال لها: أنت طالق إن فتحته أو فتقته أو خرقته أو حرقته! وأنت طالق إن لم تفرغيه! الجواب: يكون في الكيس سكر أو ملح أو ما شابههما فيوضع في الماء الحار ليذوب ويفرغ الكيس.

وسألا عن امرأة قبلت غلاماً وقالت: فديت من أمه ولدت أمه وأنا امرأة أبيه. الجواب: انها أمه.

ص: 229

وسألا عن خمسة نفر زنوا بامرأة: فعلى أحدهم القتل، وعلى الثاني الرجم، وعلى الثالث الحد، وعلى الرابع نصف الحد، وعلى الخامس لا يجب شيء. الجواب: الأول مشرك زنا بامرأة مسلمة يجب قتله، والثاني محصن فعليه الرجم، والثالث بكر فعليه الحد، والرابع مملوك عليه نصف الحد، والخامس مجنون لا شيء عليه.

وسألا عن امرأة قهرت مملوكاً على وطئها وهو كاره لوطئها، فما يجب عليهما؟ الجواب: إن كان المملوك يخشى أن تقتله أو تضربه أو تحبسه فلا شيء عليه، وإلا فعليه نصف الحد. وأما مولاته إن كانت محصنة فعليها الرجم وإلا فالحد، ويباع المملوك عليها.

وسألا عن رجل يصلي بقوم فسلم عن يمينه طلقت امرأته، وعن يساره بطلت صلاته، ونظر إلى السماء فوجب عليه ألف درهم. الجواب: لما سلم عن يمينه رأى رجلاً كان زوج امرأته وكان غائباً، فثبت عند القاضي موته فتزوج بامرأته هذا المصلي، فرآه وقد قدم من سفره فحرمت عليه زوجته. ثم سلم عن شماله فرأى على ثوبه دماً فلزم عليه إعادة الصلاة، ونظر إلى السماء فرأى الهلال فحل عليه الدين المؤجل إلى رأس الشهر.

وسألا عن رجل ضرب رأس رجل بعصاً وادعى المضروب ذهاب إحدى عينيه وتجفيف الخياشيم والخرس من تلك الضربة، فيوميء بذلك كله إيماء أو يكتب كتابة. الجواب: يقام في مقابل الشمس، فإن لم يطرق رأسه فهو صادق، ويشم الحراق، فإن لم ينفعل فهو صادق، ويغرز لسانه، فإن خرج منه دم فهو صادق.

وسألا عن إمام يصلي بقوم وكان وراءه أربعة نفر، فدخل المسجد رجل فصلى عن يمين الإمام، فلما سلم الإمام عن يمينه رآه الرجل الداخل، فله قتل الإمام وأخذ امرأته وجلد الجماعة وهدم المسجد. الجواب: ان الداخل أمير تلك البقعة، وسافر وخلف أخاً مقامه في البلد فقتله المصلي، وشهد الجماعة

ص: 230

أن زوجة الأمير في نكاح القاتل، وأخذ دار الأمير غصباً جعلها مسجداً، فلما سلم رآه الأمير فعرفه فله قتله وأخذ منكوحته منه، وجلد الذين شهدوا زوراً، ورد المسجد داراً كما كانت.

فقال الرشيد: لله درك يا ابن ادريس ما أفطنك! وأمر له بألف دينار وخلعة، فخرج الشافعي من مجلس الخليفة يفرق الدنانير في الطريق قبضة قبضة، فلما انتهى إلى منزله لم يبق معه إلا قبضة واحدة أعطاها لغلامه.

وحكى أبو عبد الله نصر المروزي قال: كنت قاعداً في مسجد رسول الله، عليه السلام، إذ أغفيت إغفاءة فرأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في المنام فقلت له: اكتب يا رسول الله رأي أبي حنيفة؟ قال: لا! قلت: اكتب رأي مالك؟ قال: اكتب ما وافق حديثي! قلت: اكتب رأي الشافعي؟ طأطأ رأسه شبه الغضبان وقال: هو رد على من خالف سنتي! فخرجت في إثر هذه الرؤيا إلى مصر وكتبت كتب الشافعي. وقال الربيع بن سليمان: قال لي الشافعي: رضى الناس غاية لا تدرك، فعليك بما يصلحك فإنه لا سبيل إلى رضاهم. واعلم أن من تعلم القرآن جل عند الناس، ومن تعلم الحديث قويت حجته، ومن تعلم النحو هيب، ومن تعلم العربية رق طبعه، ومن تعلم الحساب جزل رأيه، ومن تعلم الفقه نبل قدره، ومن لم يصن لم ينفعه علمه، وملاك ذلك كله التقوى.

قال محمد بن المنصور: قرأت في كتاب طاهر بن محمد النيسابوري بخط الشافعي:

إنّ امرأً وجد اليسار فلم يصب

حمداً ولا شكراً لغير موفّق

الجدّ يدني كلّ شيءٍ شاسعٍ

والجدّ يفتح كلّ بابٍ مغلق

وإذا سمعت بأنّ مجدوداً حوى

عوداً فأثمر في يديه فصدّق

وإذا سمعت بأنّ محروماً أتى

ماءً ليشربه فغاض فحقّق

ص: 231