الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يهز حربته فيرمي نحو السماء، فترجع إليهم مخضوبة بالدم للبلاء والفتنة فيقولون: قد قتلنا أهل السماء! فبينا هم كذلك إذ سلط الله تعالى عليهم دوداً مثل النغف يدخل آذانهم، وقيل ينقب آذانهم أو أعناقهم، فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس ولا حركة البتة! فيقول المسلمون: ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هؤلاء؟ فيتجرد رجل منهم موطن نفسه من القتل فينزل إلى الأرض فيجدهم موتى بعضهم فوق بعض، فينادي: يا معشر المسلمين، ابشروا فقد كفاكم الله عدوكم! فيخرجون من حصونهم ومعاقلهم.
وروي أن الأرض تنتن من جيفهم فيرسل الله مطراً يسيل منه السيول، فيحمل جيفهم إلى البحار. وروي أن مدتهم أربعون يوماً، وقبل سبعون يوماً، وقيل أربعة أشهر. وقال، صلى الله عليه وسلم: هؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد، ولا يمرون بفيل ولا خنزير ولا جمل ولا وحشي ولا دابة إلا أكلوه، ومن مات منهم أكلوه أيضاً، مقدمتهم بالشام وساقيهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية.
يورا
بلاد بقرب بحر الظلمات. قال أبو حامد الأندلسي: قال بعض التجار: النهار عندهم في الصيف طويل جداً، حتى ان الشمس لا تغيب عنهم مقدار أربعين يوماً. في الشتاء ليلهم طويل جداً حتى تغيب الشمس عنهم مقدار أربعين يوماً، والظلمات قريبة منهم. وحكي أن أهل يورا يدخلون تلك الظلمة بالضوء فيجدون شجرة عظيمة مثل قرية كبيرة، وعليها حيوان يقولون انه طير، وأهل يورا ليس لهم زرع ولا ضرع بل عندهم غياض كثيرة، وأكلهم منها ومن السمك، والطريق إليهم في أرض لا يفارقها الثلج أبداً.
وحكي أن أهل بلغار يحملون السيوف من بلاد الإسلام إلى ويسو، وهي سيوف لم يتخذ لها نصاب ولا حلي، بل تصل كما تخرج من النار وتسقى، فإن
علق السيف بخيط ونقر بإصبع سمع له طنين، فذلك السيف يصلح أن يحمل إلى بلاد يورا ويشتريه أهل يورا بثمن بالغ، ويرمونه في البحر المظلم. فإذا فعلوا ذلك أخرج الله لهم من البحر سمكة مثل الجمل العظيم، تطردها سمكة أخرى أكبر منها تريد أكلها، فتهرب منها حتى تقرب من الساحل فتصير في موضع لا يمكنها الحركة فيه، فتتشبث بالرمل فيعرف أهل يورا فيذهبون إليها في المراكب فكل من ألقى السيف يجتمع عليها ويقطع من لحمها. وربما يكثر ماء البحر بالمد، فترجع السمكة إلى البحر بعدما قطع منها من اللحم ما يملأ ألف بيت، وربما تبقى عندهم زماناً طويلاً مؤونتهم فيقطعون منها، وإذا لم يبق في البحر من تلك السيوف لم تخرج لهم السمكة، فيكون عندهم الجدب والقحط.
وحكي أن في بعض السنين خرجت عليهم هذه السمكة، فاجتمع القوم عليها ونقبوا أذنها وجعلوا فيها حبلاً ومدوها إلى الساحل، فانفتحت أذن السمكة وخرجت من داخلها جارية تشبه الآدميين، بيضاء حمراء سوداء الشعر عجزاء من أحسن النساء وجهاً، فأخذها أهل يورا وأخرجوها إلى البر، وهي تضرب وجهها وتنتف شعرها وتصيح، وقد خلق الله تعالى في وسطها جلداً ضعيفاً كالثوب من سرتها إلى ركبتها لستر عورتها، فبقيت عندهم مدة. وأهل يورا إن لم يلقوا السيف في البحر لا تخرج السمكة فيجوعون لأن قوتهم من هذا.
إلى ههنا انتهى علم أهل بلادنا، والله أعلم بما وراء ذلك من البلاد والبحار. وليكن هذا آخر الكلام.