الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خرز أصلاب السمك، ولا يأكلون السمك ولا يذبحون الحيوان، ويأكلون الميتة، وتعمل بها غضائر تباع في بلادنا على انه صيني وليس كذلك، لأن طين الصين أصلب من طين كولم وأصبر على النار، وغضائر كولم لونها أدكن وغضائر الصين أبيض وغيره من الألوان.
بها منابت الساج المفرط الطول ربما جاوز مائة ذراع وأكثر. وبها البقم والخيزران والقنا بها كثير جداً، وبها الراوند وهو قرع ينبت هناك، ورقه الساذج الهندي العزيز الوجود لأجل أدوية العين، ويحمل إليها أصناف العود والكافور واللبان، والعود يجلب من جزائر خلف خط الاستواء، لم يصل إلى منابته أحد ولا يدرى كيف شجره، وإنما الماء يأتي به إلى جانب الشمال. وبها معدن الكبريت الأصفر ومعدن النحاس ينعقد دخانه توتياء جيداً.
مدينة يثرب
هي مدينة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وهي في حرة سبخة مقدار نصف مكة. من خصائصها أن من دخلها يشم رائحة الطيب، وللعطر فيها فضل رائحة لم توجد في غيرا، وأهلها أحسن الناس صوتاً. قيل لبعض المدنيين: ما بالكم أنتم أطيب الناس صوتاً؟ فقال: مثلنا كالعيدان خلت أجوافنا فطاب صوتنا.
بها التمر الصيحاني لم يوجد في غيرها من البلاد. وبها حب البان يحمل منها إلى سائر البلاد. وعن ابن عباس ان النبي، عليه السلام، حين عزم الهجرة قال: اللهم إنك قد أخرجتني من أحب أرضك إلي فأنزلني أحب أرضك إليك! فأنزله المدينة، ورأى النبي، صلى الله عليه وسلم، بلال بن حمامة وقد هاجر فاجتوى المدينة وهو يقول:
ألا ليت شعري! هل ابيتنّ ليلةً
…
بفخٍّ وحولي إذخرٌ وجليل؟
وهل أردن يوماً مياه مجنّةٍ؟
…
وهل يبدون لي شامةٌ وطفيل؟
فقال، صلى الله عليه وسلم: خفت يا ابن السوداء! ثم قال: اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت مكة وأشد، وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حماها إلى خيبر والجحفة.
وعن أبي هريرة أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: إن إبراهيم عبد الله وخليله وأنا عبد الله ورسوله، وان إبراهيم حرم مكة واني حرمت المدينة ما بين لابتيها عضاهها وصيدها، لا يحمل فيها سلاح لقتال ولا تقطع منها شجرة إلا لعلف البعير.
وعن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم: من صبر على لأواء المدينة وشدتها كنت له يوم القيامة شفيعاً أو شهيداً.
والمدينة مسورة، ومسجد النبي، عليه السلام، في وسطها وقبره في شرقي المسجد، وبجنبه قبر أبي بكر وبجنب قبر أبي بكر قبر عمر.
وكتب الوليد بن عبد الملك إلى صاحب الروم يطلب منه صناعاً لعمارة مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فبعث إليه أربعين رجلاً من صناع الروم وأربعين من صناع القبط، ووجه معهم أربعين ألف مثقال ذهباً وأحمالاً من الفسيفساء. فجاء الصناع وخمروا النورة سنة للفسيفساء، وجعلوا أساسها بالحجارة، وجعلوا أسطوانات المسجد من حجارة مدورة في وسطها أعمدة حديد، وركبوها بالرصاص، وجعلوا سقفها منقشة مزوقة بالذهب، وجعلوا بلاط المحراب مذهباً، وجعلوا وجه الحائط القبلي من داخله بازار رخام من أساسه إلى قدر قامة، وفي وسط المحراب مرآة مربعة ذكروا أنها كانت لعائشة، والمنبر كان للنبي قد غشي بمنبر آخر، وقال، عليه السلام: ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة.
بها بئر بضاعة. روي أن النبي، عليه السلام، توضأ بمائها في دلو ورد الدلو إلى البئر، وشرب من مائها وبصق فيها، وكان إذا مرض المريض في أيامه يقول: اغسلوه بماء بضاعة، فإذا غسل فكأنما أنشط من عقال. وقالت أسماء
بنت أبي بكر: كنا نغسل المرضى من بئر بضاعة ثلاثة أيام فيعافون.
بها بئر ذروان، ويقال لها بئر كملى هي البئر المشهورة. عن ابن عباس: طب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى مرض مرضاً شديداً، فبينا هو بين النائم واليقظان رأى ملكين أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما وجعه؟ فقال: طب! قال: ومن طبه؟ قال لبيد بن الأعصم اليهودي. قال: وأين طبه؟ قال: في كربة تحت صخرة في بئر كملى، وهي بئر ذروان. فانتبه النبي، صلى الله عليه وسلم، وحفظ كلام الملكين، فبعث علياً وعماراً مع جمع من الصحابة إلى البئر فنزحوا ماءها حتى انتهوا إلى الصخرة فقلبوها ووجدوا الكربة تحتها، وفيها وتر فيها إحدى عشرة عقدة، فأحرقوا الكربة بما فيها فزال عنه، عليه السلام، ما كان به وكأنه أنشط من عقال. فأنزل الله تعالى عليه المعوذتين إحدى عشرة آية على عدد عقده.
بها بئر عروة، تنسب إلى عروة بن الزبير؛ قال الزبير بن بكار: ماء هذه البئر من مر بالعقيق يأخذه هدية لأهله، ورأيت أبي يأمر به فيغلى ثم يأخذه في قوارير يهديه إلى الرشيد وهو بالرقة، وقال السري بن عبد الرحمن الأنصاري:
كفّنوني إن متّ في درع أروى
…
واجعلوا لي من بئر عروة مائي
سخنةٌ في الشّتاء باردة الصّي
…
ف سراجٌ في اللّيلة الظّلماء
وأهل المدينة الأنصار، عليهم الرحمة والرضوان، ان الله تعالى أكثر من الثناء عليهم في القرآن.
وقد خص بعضهم بخاصية لم توجد في غيرهم، منهم حمي الدبر وهو عاصم بن الأفلح، رضوان الله عليه، استشهد وأراد المشركون أن يمثلوا به فبعث الله الزنابير أحاطت به ومنعت المشركين الوصول إليه.