المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌رومية مدينة رئاسة الروم وعلمهم. وهي في شمالي غربي القسطنطينية، وبينهما - آثار البلاد وأخبار العباد

[زكريا القزويني]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌خطبة الكتاب

- ‌المقدمة الاولى

- ‌في الحاجة الداعية إلى إحداث المدن والقرى

- ‌المقدمة الثانية

- ‌في خواص البلاد

- ‌الفصل الأول

- ‌في تأثير البلاد في سكانها

- ‌الفصل الثاني

- ‌في تأثير البلاد في المعادن والنبات والحيوان

- ‌المقدمة الثالثة

- ‌في أقاليم الأرض

- ‌الاقليم الاول

- ‌إرم ذات العماد

- ‌البجة

- ‌بكيل

- ‌بلاد التبر

- ‌بلاد الحبشة

- ‌بلاد الزنج

- ‌بلاد السودان

- ‌بلاد النوبة

- ‌تغارة

- ‌تكرور

- ‌جابرسا

- ‌جاوة

- ‌جزاير الخالدات

- ‌جزيرة الرامني

- ‌جزيرة زانج

- ‌جزيرة سكسار

- ‌جزيرة القصار

- ‌جزيرة النساء

- ‌جزيرة واق واق

- ‌جوف

- ‌حرث

- ‌حضرموت

- ‌دلان ودموران

- ‌دنقلة

- ‌ذات الشعبين

- ‌ذمار

- ‌سبأ

- ‌سجلماسة

- ‌سرنديب

- ‌سفالة

- ‌سلوق

- ‌سمهر

- ‌سندابل

- ‌الشحر

- ‌شعب

- ‌شمخ

- ‌شيلا

- ‌صنعاء

- ‌الصين

- ‌ظفار

- ‌عمان

- ‌غانة

- ‌غدامس

- ‌قاع

- ‌قلعة الشرف

- ‌كاكدم

- ‌كله

- ‌كنام

- ‌كوار

- ‌لنجوية

- ‌مأرب

- ‌مذيخرة

- ‌مرباط

- ‌مسور

- ‌مقدشو

- ‌مقرى

- ‌مهرة

- ‌وبار

- ‌ورور

- ‌ اليمن

- ‌الاقليم الثاني

- ‌الأبلق

- ‌أجأ وسلمى

- ‌ارام

- ‌البحرين

- ‌بدر

- ‌تبت

- ‌تكناباذ

- ‌جاجلى

- ‌جزيرة برطاييل

- ‌جزيرة جابة

- ‌جزيرة سقطرى

- ‌جزيرة السلامط

- ‌جزيرة سيلان

- ‌جزيرة الشجاع

- ‌جزيرة القصر

- ‌الحجاز

- ‌الحجر

- ‌خط

- ‌خيبر

- ‌رحا بطان

- ‌زغر

- ‌زويلة

- ‌السند

- ‌سومناة

- ‌صنف

- ‌صيمور

- ‌الطائف

- ‌طيفند

- ‌عدن

- ‌فاس

- ‌فيصور

- ‌قبا

- ‌قزدار

- ‌قشمير

- ‌قمار

- ‌كلبا

- ‌كله

- ‌كنزة وقران

- ‌كولم

- ‌مدينة يثرب

- ‌المشقر

- ‌مغمس

- ‌مراكش

- ‌مكة

- ‌ملتان

- ‌مليبار

- ‌منىً

- ‌مندورفين

- ‌مندل

- ‌المنصورة

- ‌مهيمة

- ‌نجران

- ‌الندهة

- ‌الهند

- ‌يترب

- ‌ اليمامة

- ‌الاقليم الثالث

- ‌أبرقوه

- ‌أبسوج

- ‌أبيار

- ‌أجر

- ‌إخميم

- ‌أرجان

- ‌الأردن

- ‌أريحا

- ‌الإسكندرية

- ‌أسيوط

- ‌إصطخر

- ‌إفريقية

- ‌أفيق

- ‌أنصنا

- ‌أنطاكية

- ‌أنطرطوس

- ‌أورم الجوز

- ‌الأهواز

- ‌أيلة

- ‌باميان

- ‌بداً

- ‌براق

- ‌البشمور

- ‌بعلبك

- ‌بلقاء

- ‌بلينا

- ‌بلرم

- ‌بنارق

- ‌بنزرت

- ‌بيت لحم

- ‌ بيت المقدس

- ‌بلاد بربر

- ‌البيضاء

- ‌تاهرت

- ‌تدمر

- ‌تستر

- ‌تلمسان

- ‌تنس

- ‌تونس

- ‌التيه

- ‌الجابية

- ‌جاشك

- ‌جالطة

- ‌جزيرة تنيس

- ‌أنواع الطيور التي توجد بجزيرة تنيس

- ‌ويعرف بها من السمك تسعة وسبعون نوعاً

- ‌جزيرة الجساسة

- ‌جزيرة الكنيسة

- ‌جفار

- ‌جنابة

- ‌جور

- ‌جيرفت

- ‌جيزة

- ‌حلب

- ‌حمص

- ‌حوران

- ‌الحيرة

- ‌خبيص

- ‌خربة الملك

- ‌الخليل

- ‌دارا

- ‌دارابجرد

- ‌دمشق

- ‌دمندان

- ‌دمياط

- ‌دندرة

- ‌دورق

- ‌دورقستان

- ‌دير أبي هور

- ‌دير أتريب

- ‌دير أيوب

- ‌دير سمعان

- ‌دير طور سينا

- ‌دير الطير

- ‌دير نهيا

- ‌الرصافة

- ‌الرقادة

- ‌زكندر

- ‌سابور

- ‌سبتة

- ‌سجستان

- ‌سخا

- ‌سدوم

- ‌سمنود

- ‌سنجل

- ‌سنون

- ‌سوبلا

- ‌سيراف

- ‌سيرجان

- ‌سيلون

- ‌الشام

- ‌شرشال

- ‌شطا

- ‌شعب بوان

- ‌شيراز

- ‌سقياً لدشت الأرزن الطوّال

- ‌الصعيد

- ‌صفت

- ‌صفين

- ‌صقلية

- ‌صور

- ‌طبرستان

- ‌طبرية

- ‌طرسوس

- ‌العباسة

- ‌العريش

- ‌عزاز

- ‌عسقلان

- ‌عسكر مكرم

- ‌عكة

- ‌عين جارة

- ‌عين الشمس

- ‌الغريان

- ‌غزة

- ‌الغوطة

- ‌فارس

- ‌فرغانة

- ‌الفسطاط

- ‌فيروزاباد

- ‌الفيوم

- ‌القادسية

- ‌القاهرة

- ‌قبرس

- ‌قرية صاهك

- ‌قرية عبد الرحمن

- ‌قفط

- ‌قلعة النجم

- ‌القيروان

- ‌قيس

- ‌كابل

- ‌كاريان

- ‌كازرون

- ‌كدال

- ‌كرد فناخسرو

- ‌كركويه

- ‌كرمان

- ‌كفرطاب

- ‌كفرمندة

- ‌كفرنجد

- ‌كلز

- ‌كوزا

- ‌الكوفة

- ‌اللاذقية

- ‌اللجون

- ‌ماردين

- ‌ماسبدان

- ‌مجانة

- ‌محجة

- ‌مدين

- ‌مرسى الخرز

- ‌المرقب

- ‌مريسة

- ‌مريوط

- ‌مصر

- ‌المزة

- ‌المطرية

- ‌معرة النعمان

- ‌مكران

- ‌مليانة

- ‌منبج

- ‌منف

- ‌منية هشام

- ‌موتة

- ‌مورجان

- ‌المهدية

- ‌نابلس

- ‌ناصرة

- ‌نفزاوة

- ‌وادي الرمل

- ‌وادي موسى

- ‌وادي النمل

- ‌واقصة

- ‌ودان

- ‌هجر

- ‌هراة

- ‌هنديجان

- ‌هنديان

- ‌هيت

- ‌يابسة

- ‌ياقد

- ‌يزد

- ‌الاقليم الرابع

- ‌آبه

- ‌آذربيجان

- ‌آرشت وناشقين

- ‌آمل

- ‌أبلة

- ‌أبهر

- ‌أبيورد

- ‌إربل

- ‌اردبهشتك

- ‌أردبيل

- ‌أرسلان كشاد

- ‌أرمية

- ‌أستوناوند

- ‌أسفجين

- ‌أسفرايين

- ‌اشتروين

- ‌أصفهان

- ‌أفشنة

- ‌الموت

- ‌إيذج

- ‌إيراوه

- ‌ايلابستان

- ‌بابل

- ‌بالس

- ‌بدخشان

- ‌برقعيد

- ‌بروجرد

- ‌بسطام

- ‌البصرة

- ‌بغداد

- ‌بغشور

- ‌بلاد الديلم

- ‌بلخ

- ‌بلد

- ‌بلور

- ‌بنان

- ‌بوشنج

- ‌باخرز

- ‌بيهق

- ‌تبريز

- ‌تهران

- ‌جاجرم

- ‌الجبال

- ‌ جبل

- ‌جرباذقان

- ‌جرجان

- ‌جرجرايا

- ‌الجزيرة

- ‌جوهسته

- ‌جوين

- ‌جيلان

- ‌الحضر

- ‌حصن الطاق

- ‌حلوان

- ‌الحويزة

- ‌الحيرة

- ‌حيزان

- ‌خاوران

- ‌خراسان

- ‌خرقان

- ‌خوار

- ‌خواف

- ‌خوست

- ‌دامسيان

- ‌دامغان

- ‌داوردان

- ‌دور

- ‌دوراق

- ‌ديار بكر

- ‌دير الجب

- ‌دير الجودي

- ‌دير حزقيل

- ‌دير الخنافس

- ‌دير سعيد

- ‌دير العذارى

- ‌دير القيارة

- ‌دير كردشير

- ‌دير متى

- ‌دير مر توما

- ‌دير مر جرجيس

- ‌رأس العيس

- ‌رحبة الشام

- ‌روذبار

- ‌روذراور

- ‌رويان

- ‌الري

- ‌زاوه

- ‌زراعة

- ‌زز

- ‌زنجان

- ‌ساباط

- ‌سامرا

- ‌ساوه

- ‌سبران

- ‌سرجهان

- ‌سرخس

- ‌سلماس

- ‌سميرم

- ‌سناباذ

- ‌سنجار

- ‌سهرورد

- ‌شاذياخ

- ‌شاه دز

- ‌شكمبة

- ‌شهرزور

- ‌شهرستان

- ‌شيز

- ‌صيمرة

- ‌طالقان

- ‌الطاهرية

- ‌طبرستان

- ‌طبس

- ‌طرابلس

- ‌طرق

- ‌طرزك

- ‌طروز

- ‌طمغاج

- ‌طوس

- ‌طيب

- ‌طيزناباد

- ‌عانة

- ‌عبادان

- ‌عبد الله اباذ

- ‌العراق

- ‌عزان

- ‌عقرقوف

- ‌غرشستان

- ‌غريان

- ‌غزنة

- ‌الغور

- ‌فراهان

- ‌فم الدبل

- ‌فنك

- ‌قاشان

- ‌قرميسين

- ‌قزوين

- ‌قصران

- ‌قصر شيرين

- ‌قم

- ‌كران

- ‌كرخ

- ‌كركان

- ‌كسكر

- ‌كشم

- ‌كندر

- ‌كنكور

- ‌كوثى

- ‌لنبان

- ‌ليخواست

- ‌ماذران

- ‌ماذروستان

- ‌ماهاباذ

- ‌ماوشان

- ‌المدائن

- ‌مرو

- ‌المشان

- ‌المطيرة

- ‌الموصل

- ‌ميسان

- ‌ناووس الظبية

- ‌نسا

- ‌نخشب

- ‌نصراباذ

- ‌نصيبين

- ‌نضيراباذ

- ‌النعمانية

- ‌نهاوند

- ‌النهروان

- ‌نيسابور

- ‌نينوى

- ‌واسط

- ‌ورجند

- ‌هراة

- ‌همذان

- ‌يل

- ‌يمكان

- ‌الاقليم الخامس

- ‌آمد

- ‌أبروق

- ‌أران

- ‌أرزنجان

- ‌أرزن الروم

- ‌ارطانة

- ‌أرمية

- ‌أرمينية

- ‌الأشبونة

- ‌اشبيلية

- ‌أفرنجة

- ‌أفسوس

- ‌أفلوغونيا

- ‌إلبيرة

- ‌ الش

- ‌الأندلس

- ‌أنقرة

- ‌باب الابواب

- ‌بتم

- ‌بجانة

- ‌بخارى

- ‌ بذ

- ‌برذعة

- ‌بسطة

- ‌بلقوار

- ‌بلنسية

- ‌بيضاء

- ‌بيلقان

- ‌تركستان

- ‌تفليس

- ‌جرجانية

- ‌جنبذق

- ‌جنزة

- ‌ختلان

- ‌خلاط

- ‌خوارزم

- ‌خوي

- ‌خيوق

- ‌دير برصوما

- ‌الروم

- ‌رندة

- ‌روين دز

- ‌زمخشر

- ‌سبتة

- ‌سبرى حصار

- ‌سرقسطة

- ‌سمرقند

- ‌سيواس

- ‌شاش

- ‌شاطبة

- ‌شاشين

- ‌شبلية

- ‌شغنسة

- ‌شلب

- ‌شنترة

- ‌شنترين

- ‌شنت مرية

- ‌شنقنيرة

- ‌صغد

- ‌طراز

- ‌طرطوشة

- ‌طركونة

- ‌طلبيرة

- ‌ طليطلة

- ‌غرناطة

- ‌غنجرة

- ‌فاراب

- ‌فبرة

- ‌فراغة

- ‌فرمنتيرة

- ‌فهمين

- ‌قادس

- ‌قاليقلا

- ‌قرطبة

- ‌قسطلونة

- ‌قلعة اللان

- ‌قيصرية

- ‌كش

- ‌كند

- ‌لبلة

- ‌لشبونة

- ‌لورقة

- ‌مالطة

- ‌ما وراء النهر

- ‌مدينة النحاس

- ‌مراغة

- ‌مربيطر

- ‌المستطيلة

- ‌المصيصة

- ‌ملطية

- ‌موغان

- ‌ميافارقين

- ‌هرقلة

- ‌هزاراسب

- ‌وادي الحجارة

- ‌وشلة

- ‌والوطة

- ‌ياسي جمن

- ‌يونان

- ‌الاقليم السادس

- ‌أبولدة

- ‌اشت

- ‌أفرنجة

- ‌افش

- ‌انطرحت

- ‌ايرلاندة

- ‌باكويه

- ‌باني وأريشة

- ‌برذيل

- ‌برطاس

- ‌بلاد بجناك

- ‌بلاد بجا

- ‌بلاد بغراج

- ‌بلاد تاتار

- ‌بلاد التغزغز

- ‌بلاد جكل

- ‌بلاد الختيان

- ‌بلاد خرخيز

- ‌بلاد الخرلخ

- ‌بلاد الخزر

- ‌بلاد خطلخ

- ‌بلاد الروس

- ‌بلاد الروم

- ‌بلاد الغز

- ‌بلاد كيماك

- ‌بلدة بهى

- ‌بيقر

- ‌تركستان

- ‌رذوم

- ‌رومية

- ‌زره كران

- ‌سد يأجوج ومأجوج

- ‌سقسين

- ‌شابر

- ‌شروان

- ‌شلشويق

- ‌شناس

- ‌ظاخر

- ‌فاراب

- ‌فرغانة

- ‌قسطنطينية

- ‌القليب

- ‌كرتنة

- ‌كرمالة

- ‌مدينة النساء

- ‌مغانجة

- ‌نيقية

- ‌الاقليم السابع

- ‌ باشغرت

- ‌باطن الروم

- ‌بجنة

- ‌برجان

- ‌بلغار

- ‌شوشيط

- ‌صقلاب

- ‌مشقة

- ‌واطر بورونة

- ‌ورنك

- ‌ويسو

- ‌يأجوج ومأجوج

- ‌يورا

الفصل: ‌ ‌رومية مدينة رئاسة الروم وعلمهم. وهي في شمالي غربي القسطنطينية، وبينهما

‌رومية

مدينة رئاسة الروم وعلمهم. وهي في شمالي غربي القسطنطينية، وبينهما مسيرة خمسين يوماً، وهي في يد الفرنج، ويقال لملكهم ملك المان. وبها يسكن البابا الذي تطيعه الفرنج، وهو عندهم بمنزلة الإمام الذي يكون واجب الطاعة.

ومدينة رومية من عجائب الدنيا لعظم عمارتها وكثرة خلقها خارج عن العادة إلى حد لا يصدقه السامع؛ ذكر الوليد بن مسلم الدمشقي أن استدارة رومية أربعون ميلاً، في كل ميل منها باب مفتوح، فمن دخل من الباب الأول يرى سوق البياطرة، ثم يصعد درجاً فيرى سوق الصيارفة والبزازين، ثم يدخل المدينة فيرى في وسطها برجاً عظيماً واسعاً، في أحد جانبيه كنيسة قد استقبل بمحرابها المغرب، وببابها المشرق، وفي وسط البرج بركة مبطنة بالنحاس، يخرج منها ماء المدينة كله. حكي أن في وسطها عموداً من حجارة عليه صورة راكب على بعير، يقول أهل المدينة: إن الذي بنى هذه المدينة يقول لا تخافوا على مدينتكم حتى يأتيكم قوم على هذه الصفة، فهم الذين يفتحونها! وثلاثة جوانب المدينة في البحر، والرابع في البر، ولها سوران من رخام، وبين السورين فضاء طوله مائتا ذراع، وعرض السور ثمانية عشر ذراعاً، وارتفاعه اثنان وستون ذراعاً. بها نهر بين السورين يدور ماؤه في جميع المدينة، وهو ماء عذب يدور على بيوتهم ويدخلها، وعلى النهر قنطرة بدفوف النحاس، كل دفة منها ستة وأربعون ذراعاً. إذا قصدهم عدو رفعوا تلك الدفوف فيصير بين السورين بحر لا يرام، وعمود النهر ثلاثة وتسعون ذراعاً في عرض ثلاثة وأربعين ذراعاً، وبين باب الملك إلى باب الذهب اثنا عشر ميلاً، وسوق ممتد من شرقيها إلى غربيها بأساطين النحاس، وسقفه أيضاً نحاس، وفوقه سوق آخر في الجميع التجار وأصحاب الأمتعة. وذكر أن بين يدي هذا السوق سوقاً آخر على أعمدة نحاس، كل عمود منها ثلاثون ذراعاً. وبين هذه الأعمدة نقير

ص: 591

من نحاس في طول السوق من أوله إلى آخره، فيه لسان من البحر تجري فيه السفن، فتجيء السفينة في هذه النقرة، وفيه الأمتعة حتى تجتاز على السوق بين يدي التجار، فتقف على تاجر تاجر فيختار منها ما يريد ثم ترجع إلى البحر.

وبها كنيسة داخل المدينة بنيت على اسم مار بطرس ومار بولس، وهما مدفونان فيها، يقصدهما الروم، ولهم فيهما اعتقاد عظيم ويذكرون عنهما أشياء عجيبة. وطول هذه الكنيسة ألف ذراع في خمسمائة ذراع في سمك مائتي ذراع.

وبها كنيسة أخرى بنيت باسم اصطافنوس رأس الشهداء. طولها ستمائة ذراع في عرض ثلاثمائة ذراع في سمك مائة وخمسين ذراعاً. وسقوف هذه الكنيسة وحيطانها وأرضها وبيوتها وكواها كلها حجر واحد. وفي المدينة كنائس كثيرة.

وفيها عشرة آلاف دير للرجال والنساء، وحول سورها ثلاثون ألف عمود للرهبان. وفيها اثنا عشر ألف زقاق، يجري في كل زقاق منها نهران: أحدهما للشرب، والآخر للحشوش. وفيها اثنا عشر ألف سوق، في كل سوق قبانان، وأسواقها كلها مفروشة بالرخام الأبيض، منصوبة على أعمدة النحاس، مطبقة بدفوف النحاس. وفيها ستمائة وستون ألف حمام. وإذا كان وقت الزوال يوم السبت ترك جميع الناس أشغالهم في جميع الأسواق إلى غروب الشمس يوم الأحد، وهو عيد النصارى.

وبها مجامع لمن يلتمس صنوف العلم من الطب والنجوم والحكمة والهندسة وغير ذلك؛ قالوا: انها مائة وعشرون موضعاً.

وبها كنيسة صهيون. شبهت بصهيون بيت المقدس، طولها فرسخ في عرض فرسخ في سمك مائتي ذراع، ومساحة هيكلها ستة أجربة. والمذبح الذي يقدس عليه القربان من زبرجد أخضر، طوله عشرون ذراعاً في عرض عشرة أذرع، يحمله عشرون تمثالاً من ذهب، طول كل تمثال ثلاثة أذرع، أعينها يواقيت

ص: 592

حمر، وفي الكنيسة ألف ومائتا أطسوانة من المرمر الملمع، ومثلها من النحاس المذهب، طول كل أسطوانة خمسون ذراعاً، لكل أسطوانة رجل معروف من الأساقفة. ولها ألف ومائتا باب كبار من النحاس الأصفر المفرغ، وأربعون باباً من الذهب، وأما الأبواب من الآبنوس والعاج فكثيرة. وفيها مائتا ألف وثلاثون ألف سلسلة من ذهب معلق من السقف ببكر تعلق منها القناديل، سوى القناديل التي تسرج يوم الأحد.

وبها من الأساقفة والشمامسة، وغيرهم ممن يجري عليه الرزق من الكنيسة خمسون ألفاً، كلما مات واحد قام مقامه آخر. وفيها عشرة آلاف جرة، وعشرة آلاف خوان من ذهب، وعشرة آلاف كاس، وعشرة آلاف مسرجة من ذهب. والمنائر التي تدار حول المذبح سبعمائة منارة، كلها ذهب، وفيها من الصلبان التي تقوم يوم الشعانين ثلاثون ألف صليب، وأما صلبان الحديد والنحاس المنقوشة والمموهة فمما لا يحصى، ومن المصاحف الذهبية والفضية عشرة آلاف مصحف. وقد مثل في هذه الكنيسة صورة كل نبي بعث من وقت آدم إلى عيسى، عليه السلام، وصورة مريم، عليها السلام، كان الناظر إذا نظر إليهم يحسبهم أحياء.

وفيها مجلس الملك حوله مائة عمود، على كل عمود صنم، في يد كل صنم جرس عليه اسم أمة من الأمم جميعاً. زعموا أنها طلسمات إذا تحرك صنم عرفوا ان ملك تلك الأمة يريدهم فيأخذون حذرهم.

وبها طلسم الزيتون، بين يدي هذه الكنيسة صحن يكون خمسة أميال في مثلها، في وسطه عمود من نحاس ارتفاعه خمسون ذراعاً، وهو كله قطعة واحدة، وفوقه تمثال طائر، يقال له السوداني، من ذهب، على صدره نقش وفي منقاره شبه زيتونة، وفي كل واحدة من رجليه مثل ذلك. فإذا كان أوان الزيتون لم يبق طائر في تلك الأرض إلا أتى وفي منقاره زيتونة وفي رجليه

ص: 593

زيتونتان يلقيها على ذلك الطلسم، فزيت أهل رومية وزيتونهم من ذلك؛ قالوا: هذا من عمل بليناس صاحب الطلسمات. وعلى هذا الطلسم أمناء وحفظة من قبل الملك، وأبواب مختومة فإذا ذهب أوان الزيتون وامتلأ الصحن من الزيتون يجتمع الأمناء، ويعطي الملك البطارقة منه ومن يجري مجراهم على قدرهم، ويجعل الباقي لقناديل الكنيسة. وهذه القصة، أعني طلسم الزيتون، رأيتها في كتب كثيرة قلما تترك في شيء من عجائب البلاد.

وقد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: من عجائب الدنيا شجرة برومية من نحاس، عليها صورة سودانية، في منقارها زيتونة، فإذا كان أوان الزيتون صفرت فوق الشجرة، فيوافي كل طير في تلك الأرض من جنسها ثلاث زيتونات في منقاره ورجليه، ويلقيها على تلك الشجرة فيعصرها أهل رومية فتكفيهم لقناديل بيعهم وأكلهم جميع الحول.

وبها طلسم آخر وهو أنه في بعض كنائسهم نهر يدخل من خارج المدينة، وفيه من الضفادع والسلاحف والسرطانات شيء كثير، وعلى الموضع الذي يدخله الماء من الكنيسة صورة صنم من حجارة، في يده حديدة معتقة كأنه يريد أن يتناول بها شيئاً من الماء، فإذا انتهت إليه هذه الحيوانات المؤذية رجعت ولم يدخل الكنيسة شيء منها البتة.

وهذه كلها منقولة من كتاب ابن الفقيه، وهو محمد بن أحمد الهمذاني، وأعجب من هذه كلها أن مدينة هذه صفتها من العظم ينبغي أن تكون مزارعها وضياعها إلى مسيرة أشهر، وإلا لا يقوم بميرة أهلها. وذكر قوم من بغداد أنهم شاهدوا هذه المدينة قالوا: انها في العظم والسعة وكثرة الخلق مما يقارب هذا، والذي لم يرها يشكل عليه.

وحكي أن أهل رومية يحلقون لحاهم ووسط هاماتهم، فسئلوا عن ذلك فقالوا: لما جاءهم شمعون الصفا والحواريون دعوهم إلى النصرانية، فكذبوهم

ص: 594