الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفّاخ غزنة نفّاعٌ ونفّاح
…
كأنّه الشّهد والرّيحان والرّاح!
أحبّه لصفاتٍ حازها قمرٌ
…
في وجهه أبداً وردٌ وتفّاح!
وينسب إليها مجدود بن آدم السنائي. كان حكيماً عارفاً شاعراً تاركاً للدنيا، وله ديوان كبير كله حكم ومواعظ من حقها أن تكتب بالذهب، ليس فيها مدح أصلاً. وكان يحب العزلة والانزواء عن الناس، ويسكن الخرابات ويمشي حافياً، وكان بعض الوزراء يرى له والسنائي يأتيه في أوقات، فإذا جاءه يقوم الوزير ويجلسه مكانه في دسته، وهو ربما كانت ملطخة بالطين فقعد في مسند الوزير، ومد رجليه لئلا يتلطخ المطرح بالطين. وحكي أن السنائي كان يمشي حافياً ولا يقبل من أحد شيئاً، فاشترى له بعض أصدقائه مداساً وألح عليه بالشفاعة أن يلبسه ففعل، فاتفق أنه تلاقاه في اليوم الثاني وسلم على السنائي فخلع المداس ورده إليه، فسئل عن ذلك فقال: سلامه في اليوم الثاني ما كان يشبه السلام الذي كان قبل ذلك، وما كان له سبب إلا المداس! وبها عين إذا ألقي فيها شيء من القاذورات، يتغير الهواء ويظهر البرد والريح العاصف والمطر في أوانه والثلج في أوانه، وتبقى تلك الحالة إلى أن تنحى عنها النجاسة. وحكي أن السلطان محمود بن سبكتكين لما أراد فتح غزنة كلما قصدها بادر أهلها وألقوا شيئاً من القاذورات في هذه العين، ولم تمكن الإقامة عندهم للعسكر. وكان الأمر على ذلك حتى عرف السلطان ذلك منهم، وتلك العين خارج المدينة بقربها، فبعث أولاً على العين حفاظاً ثم سار نحوها فلم ير شيئاً مما كان قبل ذلك، فافتتحها.
الغور
ولاية بين هراة وغزنة عامرة، ذات عيون وبساتين كثيرة خصبة جداً، والجبال محتوية عليها من جميع جوانبها مثل الحظيرة، ونهر هراة يقطعها، يدخلها من جانب ويخرج من آخر. وإنها شديدة البرد جداً لا تنطوي على مدينة مشهورة
وأكبر ما فيها قلعة يقال لها فيروزكوه، وحكى الأمير عماد الدين والي بلخ أن بأرض الغور عيناً يذهب الناس إليها في ليلة من السنة معلومة بقسي وسهام، ويرمي كل واحد إليها نشابة وعليها علامة، فإذا أصبحوا وجدوا النشابات خارجة من العين، وعلى نصل بعضها رؤوس الحيوانات من الذهب، إما رأس طير أو سمك أو إوز أو حيوان آخر، وبعض الناس لا يصيب على نشابه شيئاً، والله أعلم بصحته في ذلك، والعهدة على الراوي.
وبها السمندل، وهو حيوان كالفأر يدخل النار ولا يحترق، ويخرج والنار قد أزالت وسخه وصفت لونه وزادته بريقاً. يتخذ من جلده مناديل الغمر للملوك، فإذا توسخت تلقى في النار ليزول وسخها.
ينسب إليها أبو الفتح محمد بن سام الملقب بغياث الدين. كان ملكاً عالماً عادلاً مظفراً في جميع وقائعه، وحروبه كانت مع كفار خطاء. وكان كثير الصدقات جواداً شافعي المذهب، وقد بنى مدارس ورباطات وكتب بخطه المصاحف وقفها عليها. وكان من عادته إذا مات غريب في بلده لا يتعرض لتركته حتى يأتي وارثه ويأخذها. وكان أول أمره كرامي المذهب وفي خدمته أمير عالم عاقل ظريف شاعر، يقال له مباركشاه الملقب بعز الدين، علم أن هذا الملك الجليل القدر على اعتقاد باطل، وكان يأخذه الغبن لأنه كان محسناً في حقه، وكان في ذلك الزمان رجل عالم فاضل ورع يقال له محمد بن محمود المروروذي، الملقب بوحيد الدين، عرفه إلى الملك وبالغ في حسن أوصافه حتى صار الملك معتقداً فيه، ثم ان الرجل العالم صرفه عن ذلك الاعتقاد الباطل وصار شافعي المذهب.
وينسب إليها أبو المظفر محمد بن سام بشهاب الدين. كان ملكاً عادلاً حسن السيرة. كان يقعد حتى يفصل قاضيه الحكومات بحضوره. ومن مات أو قتل من مماليكه وعليه دين لا يقطع معيشته حتى يستوفى الدين. وحكي أن صبياً علوياً لقيه في طريقه وقال له: إني منذ خمسة أيام ما أكلت شيئاً!