الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيخرج سليماً! فقال له عبد الله: لا تقدر على قتلي حتى تؤمن بمن آمنت به. فوحد الله ودخل في دينه ثم ضربه بعصاً كانت في يده فشجه شجة يسيرة، فمات عليها. فلما رأى أهل نجران ذلك قالوا: آمنا برب عبد الله. فحفر الملك اخدوداً وملأها حطباً وأضرم فيه النار وأحضر القوم، فمن رجع عن دينه تركه، ومن لم يرجع ألقاه في النار؛ فذلك قوله تعالى: قتل أصحاب الأخدود. وذكر أن عبد الله بن النامر أخرج في زمن عمر بن الخطاب وإصبعه على شجته، كما وضعها عليها حين قتل.
الندهة
أرض واسعة بالسند بها خلق كثير إلا أنهم كالزط. وبها خير كثير، وأكثر زروعهم الرز. وبها الموز والعسل والنارجيل. وبها الجمل الفالج ذو السنامين، وهذا الصنف من الإبل لا يوجد إلا هناك، يجلب منها إلى خراسان وفارس، ويجعل فحلاً للنوق العربية فتولد منهما البخاتي.
الهند
هي بلاد واسعة كثيرة العجائب. تكون مسافتها ثلاثة أشهر في الطول وشهرين في العرض، وهي أكثر أرض الله جبالاً وأنهاراً، وقد اختصت بكريم النبات وعجيب الحيوان، ويحمل منها كل طرفة إلى سائر البلاد مع أن التجار لا يصلون إلا إلى أوائلها. وأما أقصاها فقلما يصل إليها أهل بلادنا لأنهم كفار يستبيحون النفس والمال.
والهند والسند كانا أخوين من ولد توقير بن يقطن بن حام بن نوح، عليه السلام، وهم أهل ملل متلفة: منهم من يقول بالخالق دون النبي، وهم البراهمة، ومنهم من لا يقول بهما، ومنهم من يعبد الصنم، ومنهم من يعبد القمر، ومنهم من يعبد النار، ومنهم من يبيح الزنا.
بها من المعدنيات جواهر نفيسة، ومن النبات أشياء غريبة، ومن الحيوانات حيوانات عجيبة ومن العمارة رفيعة؛ قال أبو الضلع السندي يذكر بلاد الهند وما يجلب منها:
لقد أنكر أصحابي وما ذلك بالأمثل
إذا ما مدح الهند وسهم الهند في المقتل
لعمري إنّها أرضٌ إذا القطر بها ينزل
يصير الدّرّ والياقوت والدّرّ لمن يعطل
فمنها المسك والكافور والعنبر والمندل
وأصنافٌ من الطّيب ليستعمل من يتفل
وأنواع الأفاويه وجوز الطّيب والسّنبل
ومنها العاج والسّاج ومنها العود والصّندل
وإنّ التّوتيا فيها كمثل الجبل الأطول
ومنها الببر والنّمر ومنها الفيل والدّغفل
ومنها الكرك والببغاء والطّاووس والجوزل
ومنها شجر الرّانج والسّاسم والفلفل
سيوفٌ ما لها مثلٌ قد استغنت عن الصّيقل
وأرماحٌ إذا ما هزّت اهتزّ بها الجحفل
فهل ينكر هذا الفضل إلاّ الرّجل الأخطل
ومن عجائب الهند حجر موسى، فإنه يوجد بالليل ولا يوجد بالنهار، يكسر كل حجر ولا يكسره حجر.
ومن عجائبها شجرة كسيوس فإنها شجرة حلوة الثمرة تقع الحمام عليها وتأكل من ثمرتها فيغشى على الحمام فتأتي الحية لقصد الحمام، فإن كان على
غصن الشجرة أو ظلها لا تقدر الحية أن تقربها.
ومن عجائبها البيش، وهو نبت لا يوجد إلا بالهند، سم قاتل، أي حيوان يأكل منه يموت، ويتولد تحته حيوان يقال له فأرة البيش، يأكل منه ولا يضره، ومما ذكر أن ملوك الهند إذا أرادوا الغدر بأحد عمدوا إلى الجواري إذا ولدن، وفرشوا من هذا النبت تحت مهودهن زماناً، ثم تحت فراشهن زماناً، ثم تحت ثيابهن زماناً، ثم يطعمونهن منه في اللبن، حتى تصير الجارية إذا كبرت تتناول منه ولا يضرها، ثم بعثوا بها مع الهدايا إلى من أرادوا الغدر به من الملوك فإنه إذا غشيها مات.
وبها غنم لها ست ألايا: إحداها على المكان المعهود، والثانية على الصدر، والثالثة والرابعة على الكتفين، والخامسة والسادسة على الفخذين، رأيت واحدة منها حملت إلى بلادنا.
وبها حيات إذا لسعت إنساناً يبقى كالميت، فيشدونه على لوح ويلقونه في الماء، والماء يذهب به إلى موضع فيه مارستان، وعلى الماء من يترصد الملسوعين فيأخذهم ويعالجونهم، فيرجع بعد مدة إلى أهله سالماً.
وبها طير عظيم الجثة جداً؛ قالوا: إنه في بعض جزائرها إذا مات نصف منقاره يتخذ مركباً يركب الناس فيه في البحر، وعظم ريشه يتخذ آزون الطعام ويسع الواحد منه أحمالاً كثيرة.
ومن عجائبها مدينة إذا دخلها غريب لم يقدر على المجامعة أصلاً، ولو أقام بها ما أقام، فإذا خرج عنها زال عنه المانع ورجع إلى حاله.
قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض الهند بحيرة مقدار عشرة فراسخ في مثلها، ماؤها ينبع من أسفلها لا يأتيها شيء من الأنهار. وفي تلك البحيرة حيوانات على صورة الإنسان، إذا كان الليل يخرج منها عدد كثير يلعبون على ساحل البحر ويرقصون ويصفقون باليدين، وفيهم جوار حسناوات. ويخرج منها أيضاً حيوانات على غير صورة الإنسان عجيبة الأشكال، والناس في الليلة
القمراء يقعدون من البعد وينظرون إليهم، وكلما كان النظار أكثر كان الخارجون أكثر. وربما جاءوا بالفواكه الكثيرة أكلوها وتركوا ما فضل منها على الساحل، وإن مات منهم أحد أخرجوه من البحيرة وستروا سوأته بالطين، والناس يدفنونه، وما دام يبقى على الساحل لا يخرج من الماء أحد البتة.
قال صاحب عجائب الأخبار: بأقصى بلاد الهند أرض رملها مخلوط بالذهب، وبها نوع من النمل عظام، وهي أسرع عدواً من الكلب! وتلك الأرض شديدة الحرارة جداً، فإذا ارتفعت الشمس واشتدت الحرارة تهرب النمل إلى أسراب تحت الأرض وتختفي فيها إلى أن تنكسر سورة الحر فتأتي الهند بالدواب عند اختفاء النمل ويحمل من ذلك الرمل، ويسرع في المشي مخافة أن يلحقهم النمل فيأكلهم.
قال المسعودي: بأرض الهند هيكل عظيم عندهم يقال له بلاذري، ليس لهم هيكل أعظم منه، له بلد قد وقف عليه، وحوله ألف مقصورة فيها جوار موقوفة على الصنم لمن جاءه زائراً. ومن جاء سجد له وأقام في ضيافته ثلاثاً وبات عند جارية من جواريه ثم رجع.
بها جبل؛ قال صاحب تحفة الغرائب: على هذا الجبل صورة أسدين يخرج من فمهما ماء كثير يصير ساقيتين، عليهما شرب قريتين، علي كل ساقية قرية، فوقعت بين القريتين خصومة فكسروا فم أحدهما فانقطع ماؤه، فأصلح المكسور ليرجع إلى حاله فما أفاد شيئاً.
وبها نهر كبك، وهو نهر عظيم، وللهند فيه اعتقاد عظيم، من مات من عظمائهم يلقون عظامه في هذا النهر، ويقولون إنها تساق إلى الجنة، وبين هذا النهر وسومناة مائتا فرسخ، يحمل كل يوم من مائه إلى سومناة ليغسلوا به بيوت الأصنام وغيرها يتبركون به.
وبها عين العقاب؛ قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض الهند جبل فيه عين ماء إذا هرمت العقاب تأتب بها أفراخها هذه العين وتغسلها فيها، ثم تضعها في الشمس