الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والوقايات الرقاع، وكذلك في عمل السكاكين والنصول والأقفال الجيدة تحمل منها إلى سائر البلاد، وبقربها دشت الأرزن الذي يقول فيه المتنبي:
سقياً لدشت الأرزن الطوّال
!
به من الصيد ما لا يعد ولا يحصى. كان متصيد عضد الدولة. ومن خواصه انه ينبت عصياً صلبة الخشب ارزنية لا توجد تلك الخشبة إلا بها، وهي مشهورة تسمى خشبة الأرزن.
ينسب إليها قاضيها أبو العباس أحمد بن سريج، أحد المجتهدين على مذهب الإمام الشافعي، يقال له البازي الأشهب، مصنفاته تزيد على أربعمائة، ينصر مذهب الشافعي، وكان يناظر أبا بكر محمد بن داود فقال له أبو بكر: بلعني ريقي! فقال له: ابلعتك دجلة! وقال له يوماً آخر: امهلني ساعة! فقال: أمهلتك إلى قيام الساعة! وقال له يوماً: أكلمك من الرجل وتجيبني من الرأس! فقال: هكذا البقر إذا حفيت أظلافها دهن قرنها! وذكر الوليد بن حسان قال: كنا في مجلس القاضي أبي العباس أحمد بن سريج، فقام إليه رجل من أهل العلم وقال: ابشر أيها القاضي! فإن الله تعالى يبعث على رأس كل مائة من يجدد دينه، وان الله قد بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وعلى رأس المائتين محمد بن إدريس الشافعي، وبعثت على رأس الثلاثمائة، وأنشأ يقول:
اثنان قد مضيا فبورك فيهما:
…
عمر الخليفة ثمّ نجل السؤدد
والشّافعيّ الألمعيّ محمّدٌ
…
إرث النّبوّة وابن عمّ محمّد
ابشر أبا العبّاس! إنّك ثالثٌ
…
من بعدهم، سقياً لتربة أحمد
وحكي أن أبا العباس أحمد بن سريج رأى في مرض موته كأن القيامة قد قامت، وإذا الجبار سبحانه يقول: أين العلماء؟ فجاؤوا بهم. فقال: ماذا عملتم بما علمتم؟ فقالوا: يا رب قصرنا وأسألنا! فأعاد السؤال مرة أخرى كأنه
أراد جواباً آخر فقلت: يا رب أما أنا فليس صحيفتي الشرك، وقد وعدت أن تغفر ما دونها! فقال: اذهبوا فقد غفرت لكم! وفارق الدنيا بعد ذلك بثلاثة أيام.
وينسب إليها أبو نصر بن أبي عبد الله الخياط، كان فقيهاً أصولياً أديباً مناظراً، أخذ العلم من أبيه وله مصنفات كثيرة، وأخذ الفقيه منه أهل شيراز، وهو الذي يقول في كتاب المزني:
هذا الذي كنت أطويه وأنشره
…
حتى بلغت به ما كنت آمله
فدم عليه وجانب من يجانبه
…
فالعلم أنفس شيءٍ أنت حامله
وحكي أنه أو اباه استدل يوماً في مسألة، فأعجب الحاضرين كلامه فقالوا للقاضي أبي سعيد بشر بن الحسين الداودي قاضي القضاة بفارس والعراق وجميع أعمال عضد الدولة: هذا الكلام لا يجاب عنه حتى يلج الجمل في سم الخياط، فقال القاضي:
وحتّى يؤوب القارظان كلاهما
…
وينشر في القتلى كليبٌ لوائل
وينسب إليها أبو عبد الله محمد بن خفيف، شيخ وقته وأوحد زمانه، قال: دخلت بغداد وفي رأسي نخوة الصوفية، ما أكلت أربعين يوماً ولا دخلت على الجنيد! وكنت على عزم الحج، فلما وصلت إلى زبالة رأيت ظبية تشرب من بئر، وكنت عطشان، فمشيت إليها فولت الظبية ورأيت الماء في أسفل البئر فقلت: يا رب ما لي محل هذه الظبية؟ فنوديت من خلفي: جربناك ما تصبر، ارجع خذ الماء! فلما رجعت رأيت البئر ملآنة، فأخذت منه وشربت وتوضأت فسمعت هاتفاً يقول: إن الظبية جاءت بلا دلو ولا حبل وأنت جئت بالدلو والحبل! فلما رجعت إلى بغداد قال لي الجنيد: لو صبرت لنبع الماء من تحت رجليك.