المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وحكى عبد الله الثقفي قال: لما مات المريسي رأيت زبيدة - آثار البلاد وأخبار العباد

[زكريا القزويني]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌خطبة الكتاب

- ‌المقدمة الاولى

- ‌في الحاجة الداعية إلى إحداث المدن والقرى

- ‌المقدمة الثانية

- ‌في خواص البلاد

- ‌الفصل الأول

- ‌في تأثير البلاد في سكانها

- ‌الفصل الثاني

- ‌في تأثير البلاد في المعادن والنبات والحيوان

- ‌المقدمة الثالثة

- ‌في أقاليم الأرض

- ‌الاقليم الاول

- ‌إرم ذات العماد

- ‌البجة

- ‌بكيل

- ‌بلاد التبر

- ‌بلاد الحبشة

- ‌بلاد الزنج

- ‌بلاد السودان

- ‌بلاد النوبة

- ‌تغارة

- ‌تكرور

- ‌جابرسا

- ‌جاوة

- ‌جزاير الخالدات

- ‌جزيرة الرامني

- ‌جزيرة زانج

- ‌جزيرة سكسار

- ‌جزيرة القصار

- ‌جزيرة النساء

- ‌جزيرة واق واق

- ‌جوف

- ‌حرث

- ‌حضرموت

- ‌دلان ودموران

- ‌دنقلة

- ‌ذات الشعبين

- ‌ذمار

- ‌سبأ

- ‌سجلماسة

- ‌سرنديب

- ‌سفالة

- ‌سلوق

- ‌سمهر

- ‌سندابل

- ‌الشحر

- ‌شعب

- ‌شمخ

- ‌شيلا

- ‌صنعاء

- ‌الصين

- ‌ظفار

- ‌عمان

- ‌غانة

- ‌غدامس

- ‌قاع

- ‌قلعة الشرف

- ‌كاكدم

- ‌كله

- ‌كنام

- ‌كوار

- ‌لنجوية

- ‌مأرب

- ‌مذيخرة

- ‌مرباط

- ‌مسور

- ‌مقدشو

- ‌مقرى

- ‌مهرة

- ‌وبار

- ‌ورور

- ‌ اليمن

- ‌الاقليم الثاني

- ‌الأبلق

- ‌أجأ وسلمى

- ‌ارام

- ‌البحرين

- ‌بدر

- ‌تبت

- ‌تكناباذ

- ‌جاجلى

- ‌جزيرة برطاييل

- ‌جزيرة جابة

- ‌جزيرة سقطرى

- ‌جزيرة السلامط

- ‌جزيرة سيلان

- ‌جزيرة الشجاع

- ‌جزيرة القصر

- ‌الحجاز

- ‌الحجر

- ‌خط

- ‌خيبر

- ‌رحا بطان

- ‌زغر

- ‌زويلة

- ‌السند

- ‌سومناة

- ‌صنف

- ‌صيمور

- ‌الطائف

- ‌طيفند

- ‌عدن

- ‌فاس

- ‌فيصور

- ‌قبا

- ‌قزدار

- ‌قشمير

- ‌قمار

- ‌كلبا

- ‌كله

- ‌كنزة وقران

- ‌كولم

- ‌مدينة يثرب

- ‌المشقر

- ‌مغمس

- ‌مراكش

- ‌مكة

- ‌ملتان

- ‌مليبار

- ‌منىً

- ‌مندورفين

- ‌مندل

- ‌المنصورة

- ‌مهيمة

- ‌نجران

- ‌الندهة

- ‌الهند

- ‌يترب

- ‌ اليمامة

- ‌الاقليم الثالث

- ‌أبرقوه

- ‌أبسوج

- ‌أبيار

- ‌أجر

- ‌إخميم

- ‌أرجان

- ‌الأردن

- ‌أريحا

- ‌الإسكندرية

- ‌أسيوط

- ‌إصطخر

- ‌إفريقية

- ‌أفيق

- ‌أنصنا

- ‌أنطاكية

- ‌أنطرطوس

- ‌أورم الجوز

- ‌الأهواز

- ‌أيلة

- ‌باميان

- ‌بداً

- ‌براق

- ‌البشمور

- ‌بعلبك

- ‌بلقاء

- ‌بلينا

- ‌بلرم

- ‌بنارق

- ‌بنزرت

- ‌بيت لحم

- ‌ بيت المقدس

- ‌بلاد بربر

- ‌البيضاء

- ‌تاهرت

- ‌تدمر

- ‌تستر

- ‌تلمسان

- ‌تنس

- ‌تونس

- ‌التيه

- ‌الجابية

- ‌جاشك

- ‌جالطة

- ‌جزيرة تنيس

- ‌أنواع الطيور التي توجد بجزيرة تنيس

- ‌ويعرف بها من السمك تسعة وسبعون نوعاً

- ‌جزيرة الجساسة

- ‌جزيرة الكنيسة

- ‌جفار

- ‌جنابة

- ‌جور

- ‌جيرفت

- ‌جيزة

- ‌حلب

- ‌حمص

- ‌حوران

- ‌الحيرة

- ‌خبيص

- ‌خربة الملك

- ‌الخليل

- ‌دارا

- ‌دارابجرد

- ‌دمشق

- ‌دمندان

- ‌دمياط

- ‌دندرة

- ‌دورق

- ‌دورقستان

- ‌دير أبي هور

- ‌دير أتريب

- ‌دير أيوب

- ‌دير سمعان

- ‌دير طور سينا

- ‌دير الطير

- ‌دير نهيا

- ‌الرصافة

- ‌الرقادة

- ‌زكندر

- ‌سابور

- ‌سبتة

- ‌سجستان

- ‌سخا

- ‌سدوم

- ‌سمنود

- ‌سنجل

- ‌سنون

- ‌سوبلا

- ‌سيراف

- ‌سيرجان

- ‌سيلون

- ‌الشام

- ‌شرشال

- ‌شطا

- ‌شعب بوان

- ‌شيراز

- ‌سقياً لدشت الأرزن الطوّال

- ‌الصعيد

- ‌صفت

- ‌صفين

- ‌صقلية

- ‌صور

- ‌طبرستان

- ‌طبرية

- ‌طرسوس

- ‌العباسة

- ‌العريش

- ‌عزاز

- ‌عسقلان

- ‌عسكر مكرم

- ‌عكة

- ‌عين جارة

- ‌عين الشمس

- ‌الغريان

- ‌غزة

- ‌الغوطة

- ‌فارس

- ‌فرغانة

- ‌الفسطاط

- ‌فيروزاباد

- ‌الفيوم

- ‌القادسية

- ‌القاهرة

- ‌قبرس

- ‌قرية صاهك

- ‌قرية عبد الرحمن

- ‌قفط

- ‌قلعة النجم

- ‌القيروان

- ‌قيس

- ‌كابل

- ‌كاريان

- ‌كازرون

- ‌كدال

- ‌كرد فناخسرو

- ‌كركويه

- ‌كرمان

- ‌كفرطاب

- ‌كفرمندة

- ‌كفرنجد

- ‌كلز

- ‌كوزا

- ‌الكوفة

- ‌اللاذقية

- ‌اللجون

- ‌ماردين

- ‌ماسبدان

- ‌مجانة

- ‌محجة

- ‌مدين

- ‌مرسى الخرز

- ‌المرقب

- ‌مريسة

- ‌مريوط

- ‌مصر

- ‌المزة

- ‌المطرية

- ‌معرة النعمان

- ‌مكران

- ‌مليانة

- ‌منبج

- ‌منف

- ‌منية هشام

- ‌موتة

- ‌مورجان

- ‌المهدية

- ‌نابلس

- ‌ناصرة

- ‌نفزاوة

- ‌وادي الرمل

- ‌وادي موسى

- ‌وادي النمل

- ‌واقصة

- ‌ودان

- ‌هجر

- ‌هراة

- ‌هنديجان

- ‌هنديان

- ‌هيت

- ‌يابسة

- ‌ياقد

- ‌يزد

- ‌الاقليم الرابع

- ‌آبه

- ‌آذربيجان

- ‌آرشت وناشقين

- ‌آمل

- ‌أبلة

- ‌أبهر

- ‌أبيورد

- ‌إربل

- ‌اردبهشتك

- ‌أردبيل

- ‌أرسلان كشاد

- ‌أرمية

- ‌أستوناوند

- ‌أسفجين

- ‌أسفرايين

- ‌اشتروين

- ‌أصفهان

- ‌أفشنة

- ‌الموت

- ‌إيذج

- ‌إيراوه

- ‌ايلابستان

- ‌بابل

- ‌بالس

- ‌بدخشان

- ‌برقعيد

- ‌بروجرد

- ‌بسطام

- ‌البصرة

- ‌بغداد

- ‌بغشور

- ‌بلاد الديلم

- ‌بلخ

- ‌بلد

- ‌بلور

- ‌بنان

- ‌بوشنج

- ‌باخرز

- ‌بيهق

- ‌تبريز

- ‌تهران

- ‌جاجرم

- ‌الجبال

- ‌ جبل

- ‌جرباذقان

- ‌جرجان

- ‌جرجرايا

- ‌الجزيرة

- ‌جوهسته

- ‌جوين

- ‌جيلان

- ‌الحضر

- ‌حصن الطاق

- ‌حلوان

- ‌الحويزة

- ‌الحيرة

- ‌حيزان

- ‌خاوران

- ‌خراسان

- ‌خرقان

- ‌خوار

- ‌خواف

- ‌خوست

- ‌دامسيان

- ‌دامغان

- ‌داوردان

- ‌دور

- ‌دوراق

- ‌ديار بكر

- ‌دير الجب

- ‌دير الجودي

- ‌دير حزقيل

- ‌دير الخنافس

- ‌دير سعيد

- ‌دير العذارى

- ‌دير القيارة

- ‌دير كردشير

- ‌دير متى

- ‌دير مر توما

- ‌دير مر جرجيس

- ‌رأس العيس

- ‌رحبة الشام

- ‌روذبار

- ‌روذراور

- ‌رويان

- ‌الري

- ‌زاوه

- ‌زراعة

- ‌زز

- ‌زنجان

- ‌ساباط

- ‌سامرا

- ‌ساوه

- ‌سبران

- ‌سرجهان

- ‌سرخس

- ‌سلماس

- ‌سميرم

- ‌سناباذ

- ‌سنجار

- ‌سهرورد

- ‌شاذياخ

- ‌شاه دز

- ‌شكمبة

- ‌شهرزور

- ‌شهرستان

- ‌شيز

- ‌صيمرة

- ‌طالقان

- ‌الطاهرية

- ‌طبرستان

- ‌طبس

- ‌طرابلس

- ‌طرق

- ‌طرزك

- ‌طروز

- ‌طمغاج

- ‌طوس

- ‌طيب

- ‌طيزناباد

- ‌عانة

- ‌عبادان

- ‌عبد الله اباذ

- ‌العراق

- ‌عزان

- ‌عقرقوف

- ‌غرشستان

- ‌غريان

- ‌غزنة

- ‌الغور

- ‌فراهان

- ‌فم الدبل

- ‌فنك

- ‌قاشان

- ‌قرميسين

- ‌قزوين

- ‌قصران

- ‌قصر شيرين

- ‌قم

- ‌كران

- ‌كرخ

- ‌كركان

- ‌كسكر

- ‌كشم

- ‌كندر

- ‌كنكور

- ‌كوثى

- ‌لنبان

- ‌ليخواست

- ‌ماذران

- ‌ماذروستان

- ‌ماهاباذ

- ‌ماوشان

- ‌المدائن

- ‌مرو

- ‌المشان

- ‌المطيرة

- ‌الموصل

- ‌ميسان

- ‌ناووس الظبية

- ‌نسا

- ‌نخشب

- ‌نصراباذ

- ‌نصيبين

- ‌نضيراباذ

- ‌النعمانية

- ‌نهاوند

- ‌النهروان

- ‌نيسابور

- ‌نينوى

- ‌واسط

- ‌ورجند

- ‌هراة

- ‌همذان

- ‌يل

- ‌يمكان

- ‌الاقليم الخامس

- ‌آمد

- ‌أبروق

- ‌أران

- ‌أرزنجان

- ‌أرزن الروم

- ‌ارطانة

- ‌أرمية

- ‌أرمينية

- ‌الأشبونة

- ‌اشبيلية

- ‌أفرنجة

- ‌أفسوس

- ‌أفلوغونيا

- ‌إلبيرة

- ‌ الش

- ‌الأندلس

- ‌أنقرة

- ‌باب الابواب

- ‌بتم

- ‌بجانة

- ‌بخارى

- ‌ بذ

- ‌برذعة

- ‌بسطة

- ‌بلقوار

- ‌بلنسية

- ‌بيضاء

- ‌بيلقان

- ‌تركستان

- ‌تفليس

- ‌جرجانية

- ‌جنبذق

- ‌جنزة

- ‌ختلان

- ‌خلاط

- ‌خوارزم

- ‌خوي

- ‌خيوق

- ‌دير برصوما

- ‌الروم

- ‌رندة

- ‌روين دز

- ‌زمخشر

- ‌سبتة

- ‌سبرى حصار

- ‌سرقسطة

- ‌سمرقند

- ‌سيواس

- ‌شاش

- ‌شاطبة

- ‌شاشين

- ‌شبلية

- ‌شغنسة

- ‌شلب

- ‌شنترة

- ‌شنترين

- ‌شنت مرية

- ‌شنقنيرة

- ‌صغد

- ‌طراز

- ‌طرطوشة

- ‌طركونة

- ‌طلبيرة

- ‌ طليطلة

- ‌غرناطة

- ‌غنجرة

- ‌فاراب

- ‌فبرة

- ‌فراغة

- ‌فرمنتيرة

- ‌فهمين

- ‌قادس

- ‌قاليقلا

- ‌قرطبة

- ‌قسطلونة

- ‌قلعة اللان

- ‌قيصرية

- ‌كش

- ‌كند

- ‌لبلة

- ‌لشبونة

- ‌لورقة

- ‌مالطة

- ‌ما وراء النهر

- ‌مدينة النحاس

- ‌مراغة

- ‌مربيطر

- ‌المستطيلة

- ‌المصيصة

- ‌ملطية

- ‌موغان

- ‌ميافارقين

- ‌هرقلة

- ‌هزاراسب

- ‌وادي الحجارة

- ‌وشلة

- ‌والوطة

- ‌ياسي جمن

- ‌يونان

- ‌الاقليم السادس

- ‌أبولدة

- ‌اشت

- ‌أفرنجة

- ‌افش

- ‌انطرحت

- ‌ايرلاندة

- ‌باكويه

- ‌باني وأريشة

- ‌برذيل

- ‌برطاس

- ‌بلاد بجناك

- ‌بلاد بجا

- ‌بلاد بغراج

- ‌بلاد تاتار

- ‌بلاد التغزغز

- ‌بلاد جكل

- ‌بلاد الختيان

- ‌بلاد خرخيز

- ‌بلاد الخرلخ

- ‌بلاد الخزر

- ‌بلاد خطلخ

- ‌بلاد الروس

- ‌بلاد الروم

- ‌بلاد الغز

- ‌بلاد كيماك

- ‌بلدة بهى

- ‌بيقر

- ‌تركستان

- ‌رذوم

- ‌رومية

- ‌زره كران

- ‌سد يأجوج ومأجوج

- ‌سقسين

- ‌شابر

- ‌شروان

- ‌شلشويق

- ‌شناس

- ‌ظاخر

- ‌فاراب

- ‌فرغانة

- ‌قسطنطينية

- ‌القليب

- ‌كرتنة

- ‌كرمالة

- ‌مدينة النساء

- ‌مغانجة

- ‌نيقية

- ‌الاقليم السابع

- ‌ باشغرت

- ‌باطن الروم

- ‌بجنة

- ‌برجان

- ‌بلغار

- ‌شوشيط

- ‌صقلاب

- ‌مشقة

- ‌واطر بورونة

- ‌ورنك

- ‌ويسو

- ‌يأجوج ومأجوج

- ‌يورا

الفصل: وحكى عبد الله الثقفي قال: لما مات المريسي رأيت زبيدة

وحكى عبد الله الثقفي قال: لما مات المريسي رأيت زبيدة في المنام فقلت لها: ما فعل الله بك؟ قالت: غفر لي بأول معول ضربت في طريق مكة، وأنا حفرت في طريق مكة آباراً كثيرة. فقلت لها: اني أرى في وجهك صفرة! قالت: قد حمل إلينا بشر المريسي فزفرت جهنم زقرة لقدومه، هذه الصفرة من اثرها.

‌مريوط

قرية ب‌

‌مصر

قرب الإسكندرية. من عجائبها طول عمر سكانها، قال ابن زولاق: كشف الطوال الأعمار فلم يوجد أطول عمراً من سكان مريوط.

‌المزة

قرية كبيرة غناء في وسط بساتين دمشق، على نصف فرسخ منها. من جميع جهاتها أشجار ومياه وخضر، وهي من أنزه أرض الله وأحسنها. يقال لها مزة كلب، يقصدها أرباب البطالة للهو والطرب؛ قال قيس بن الرقيات:

حبّذا ليلتي بمزّة كلبٍ

غال عني بها الكوانين غول

بتّ أسقى بها وعندي حبيبٌ

إنّه لي وللكرام خليل

عندنا المشرفات من بقر الإن

س هواهنّ لابن قيسٍ دليل

مصر

ناحية مشهورة، عرضها أربعون ليلة في مثلها. طولها من العريش إلى اسوان وعرضها من برقة إلى ايلة. سميت بمصر بن مصرايم بن حام بن نوح، عليه السلام، وهي أطيب الأرض تراباً وأبعدها خراباً، ولا يزال فيها بركة ما دام على وجه الأرض إنسان.

ومن عجائبها انه إن لم يصبها مطر زكت بخلاف سائر النواحي، وإن أصابها

ص: 263

ضعف زكاؤها. ووصف بعض الحكماء مصر فقال: إنها ثلاثة أشهر لؤلؤة بيضاء، وثلاثة أشهر مسكة سوداء، وثلاثة أشهر زمردة خضراء، وثلاثة أشهر سبيكة ذهب حمراء. قال كشاجم:

أما ترى مصر كيف قد جمعت

بها صنوف الرّياحين في مجلس

السّوسن الغضّ والبنفسج وال

ورد وصفّ البهار والنّرجس

كأنّها الأرض ألبست حللاً

من فاخر العبقريّ والسّندس

كأنّها الجنّة التي جمعت

ما تشتهيه العيون والأنفس

ومن عجائبها زيادة النيل عند انتقاص جميع المياه في آخر الصيف، حتى يمتليء منه جميع أرض مصر، فإذا زاد اثني عشر ذراعاً ينادي المنادي كل يوم: زاد الله في النيل المبارك كذا وكذا.

وفي وسط النيل مسجد بناه المأمون لما ذهب إلى مصر، وخلف المسجد صهريج، وفي وسط الصهريج عمود من الرخام الأبيض طوله أربعة وعشرون ذراعاً، وكتب على كل ذراع علامة، وقسم كل ذراع أربعاً وعشرين إصبعاً، وكل إصبع ستة أقسام. وللصهريج منفذ إلى النيل يدخل إليه الماء، فأي مقدار زاد في النيل عرف من العمود، وعلى العمود قوم أمناء يشاهدون ذلك ويخبرون عن الزيادة، فإذا بلغ ستة عشر ذراعاً وجب الخراج على أهل مصر، فإذا زاد على ذلك يزيد في الخصب والخير إلى عشرين، فإن زاد على ذلك يكون سبباً للخراب. واليوم الذي بلغ الماء فيه ستة عشر ذراعاً يكون يوم الزينة، يخرج الناس بالزينة العظيمة لكسر الخلجان فتصير أرض مصر كلها بحراً واحداً. والماء يخرج الفئران والثعابين من جحرتها، فتدخل على الناس في القرى ويأكلها الكلاب والزيغان، ويبقى ماء النيل على وجه الأرض أربعين يوماً ثم يأخذ في الانتقاص. وكلما ظهر شيء من الأرض يزرعها الاكرة وتمشي عليها الأغنام لغيب البذر في الطين، ويرمون بذراً قليلاً فيأتي بريع كثير لأن الله تعالى جعل فيه البركة.

ص: 264

وبها نهر النيل؛ قالوا: ليس على وجه الأرض نهر أطول من النيل لأن مسيره شهر في بلاد الإسلام، وشهران في بلاد النوبة، وأربعة أشهر في الخراب إلى أن يخرج ببلاد القمر خلف خط الاستواء. وليس في الدنيا نهر يصب من الجنوب إلى الشمال، ويمد في شدة الحر عند انتقاص المياه والأنهار كلها، ويزيد بترتيب وينقص بترتيب إلا النيل.

قال القضاعي: من عجائب مصر النيل، جعله الله تعالى سقياً يزرع عليه ويستغنى عن المطر به في زمان القيظ، إذا نضبت المياه. وسبب مده ان الله تعالى يبعث ريح الشمال فيقلب عليه البحر الملح، فيصير كالسكر فيزيد حتى يعم الربى والعوالي ويجري في الخليج والمساقي، فإذا بلغ الحد الذي هو تمام الري وحضرت أيام الحراثة، بعث الله ريح الجنوب فأخرجته إلى البحر الملح وانتفع الناس بما أروى من الأرض. ولهم مقياس ذكرنا قبل يعرفون به مقدار الزيادة ومقدار الكفاية.

قال القضاعي: أول من قاس النيل بمصر يوسف، عليه السلام، وبنى مقياسه بمنف، وذكر أن المسلمين لما فتحوا مصر جاء أهلها إلى عمر بن العاص حين دخل بؤونه من شهر القبط وقالوا: أيها الأمير إن لبلدنا سنة لا يجري النيل إلا بها، وذلك انه إذا كان لاثنتي عشرة ليلة من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر، فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في النيل ليجري. فقال لهم عمرو: إن هذا في الإسلام لا يكون، وإن الإسلام يهدم ما قبله! فأقاموا بؤونه وابيب ومسرى وهو لا يجري قليلاً ولا كثيراً حتى هم الناس بالجلاء. فلما رأى عمرو ذلك كتب إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بذلك، فكتب عمر إليه: قد أصبت، إن الإسلام يهدم ما قبله! وقد بعثت إليك بطاقة فألقها في داخل النيل. وإذا في الكتاب: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر، أما بعد فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك! فألقى

ص: 265

عمرو بن العاص البطاقة في النيل قبل الصليب بيوم، وقد تهيأ أهل مصر للجلاء لأن مصالحهم لا تقوم إلا بالنيل، فأصبحوا وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعاً في ليلة واحدة.

وأما أصل مجراه فإنه يأتي من بلاد الزنج، فيمر بأرض الحبشة حتى ينتهي إلى بلاد النوبة، ثم لا يزال جارياً بين جبلين بينهما قرى وبلدان، والراكب فيه يرى الجبلين عن يمينه وشماله حتى يصب في البحر. وقيل: سبب زيادته في الصيف أن المطر يكثر بأرض الزنجبار، وتلك البلاد ينزل الغيث بها كأفواه القرب ويصب السيول إلى النيل من الجهات، فإلى أن يصل إلى مصر ويقطع تلك المفاوز يكون القيظ ووقت الحاجة إليه.

من عجائب النيل التمساح لا يوجد إلا فيه، وقيل بنهر السند أيضاً يوجد، إلا أنه ليس في عظم النيلي، وهو يعض الحيوان، وإذا عض اشتبكت أسنانه واختلفت فلم يتخلص منها الذي يقع فيها حتى يقطعه. ويحترز الإنسان من شاطيء النيل لخوف التمساح؛ قال الشاعر:

أضمرت للنّيل هجراناً ومقليةً

مذ قيل لي: إنّما التّمساح في النّيل

فمن رأى النّيل رأي العين عن كثبٍ

فما أرى النّيل إلاّ في البواقيل

والبواقيل: كيزان يشرب منها أهل مصر.

وبها شجرة تسمى باليونانية موقيقوس، تراها بالليل ذات شعاع متوهج يغتر برؤيتها كثير من الناس، يحسبها نار الرعاة، فإذا قصدها كلما زاد قرباً زادت خفاء حتى إذا وصل إليها انقطع ضوؤها.

وبها حشيشة يقال لها الدلس، يتخذ منها حبال السفن وتسمى تلك الحبال القوقس. تؤخذ طعة من هذا الحبل وتشعل فتبقى مشتعلة بين أيديهم كالشمع، ثم تطفأ وتمكث طول الليل، فإذا احتاجوا إلى الضوء أخذوا بطرفه وأداروه ساعة كالمخراق فيشتعل من نفسه.

ص: 266

وبها نوع من البطيخ الهندي تحمل اثنتان منه على جمل قوي، وهي حلوة طيبة.

وبها حمير في حجم الكباش ملمعة بشبه البغال، ليس مثلها في شيء من البلاد، إذا أخرجت من موضعها لم تعش.

وبها طير كثير أسود البدن أبيض الرأس يقال له عقاب النيل، إذا طار يقول: الله فوق الفوق! بصوت فصيح يسمعه الناس، يعيش من سمك النيل لا يفارق ذلك الموضع.

والبرغوث لا ينقطع بمصر شتاءً ولا صيفاً، وتولد الفأر بها أكثر من تولدها في سائر البلاد، فترى عند زيادة النيل تسلط الماء على جحرتها، فلا يبقى في جميع ممر الماء فأرة ثم تتولد بعد ذلك بأدنى زمان.

ومن عجائب مصر الدويبة التي يقال لها النمس؛ قال المسعودي: هي دويبة أكبر من الجرذ وأصغر من ابن عرس، أحمر أبيض البطن، إذا رأت الثعبان دنت منه فينطوي عليها الثعبان ليأكلها، فإذا حصلت في فمه ترخي عليه ريحاً فينقطع الثعبان من ريحها، وهذه خاصية هذه الدويبة، قالوا ينقطع الثعبان من شدته قطعتين، فإنها لأهل مصر كالقنافذ لأهل سجستان.

ومن عجائب مصر الهرمان المحاذيان للفسطاط؛ قال أبو الصلت: كل واحد منهما جسم من أعظم الحجارة، مربع القاعدة مخروط الشكل، ارتفاع عموده ثلاثمائة ذراع وسبعة عشر ذراعاً، يحيط بها أربعة سطوح مثلثات متساويات الأضلاع، كل ضلع منها أربعمائة ذراع وستون ذراعاً، وهو مع هذا العظم من أحكم الصنعة واتقان الهندام وحسن التقدير، لم يتأثر من تضاعف الرياح وهطل السحاب وزعزعة الزلازل.

وذكر قوم أن على الهرمين مكتوباً بخط المسند: إني بنيتهما فمن يدعي قوة في ملكه فليهدمهما، فإن الهدم أيسر من البناء، قود كسوناهما بالديباج فمن استطاع فليكسهما بالحصير.

وقال ابن زولاق: لا نعلم في الدنيا حجراً على حجر أعلى ولا أوسع منهما،

ص: 267

طولهما في الأرض أربعمائة ذراع وارتفاعهما كذلك، وقال أبو عبد الله بن سلامة القضاعي في كتاب مصر: إنه وجد في قبر من قبور الأوائل صحيفة، فالتمسوا لها قارئاً فوجدوا شيخاً في دير قلمون يقرأها، فإذا فيها: إنا نظرنا فيها تدل عليه النجوم فرأينا أن آفة نازلة من السماء وخارجة من الأرض، ثم نظرنا فوجدناه مفسداً للأرض ونباتها وحيوانها، فلما تم الهرم الغربي بنى لابن أخيه الهرم المؤزر وكتبنا في حيطانها أن آفة نازلة من أقطار العالم، وذلك عند نزول قلب الأسد أول دقيقة من رأس السرطان، وتكون الكواكب عند نزولها إياها في هذه المواضع من الفلك، الشمس والقمر في أول دقيقة من الحمل، وزحل في درجة وثمان وعشرين دقيقة من الحمل، والمشتري في تسع وعشرين درجة وعشرين دقيقة من الحمل، والمريخ في تسع وعشرين درجة وثلاث دقائق من الحوت، والزهرة في ثمان وعشرين درجة من الحوت، وعطارد في تسع وعشرين درجة من الحوت، والجوزهر في الميزان، وأوج القمر في خمس درجات ودقائق من الأسد. فلما مات سوريل دفن في الهرم الشرين ودفن أخوه هرجيت في الهرم الغربي، ودفن ابن أخيه كرورس في الهرم الذي أسفله. ولهذه الأهرام أبواب في ازج تحت الأرض، طول كل ازج منها مائة وخمسون ذراعاً. فأما باب الهرم الشرقي فمن الناحية الشرقية، وأما باب الهرم الغربي فمن الناحية الغربية، وأما باب الهرم المؤزر فمن الناحية الشمالية. وفي الأهرام من الذهب ما لا يحتمله الوصف.

ثم ان المترجم لهذا الكلام من القبطي إلى العربي أجمل التاريخات إلى سنة خمس وعشرين ومائتين من سني الهجرة، فبلغت أربعة آلاف وثلاثمائة وإحدى وعشرين سنة شمسية، ثم نظر كم مضى من الطوفان إلى وقته هذا فوجده ثلاثة آلاف وتسعمائة وإحدى وأربعين سنة، فألقها من الجملة الأولى، فبقي ثلاثمائة وتسع وتسعون سنة، فعلم أن تلك الصحيفة كتبت قبل الطوفان بهذه المدة. وقال بعضهم:

حسرت عقول ذوي النّهى الأهرام

واستصغرت لعظيمها الأحلام

ص: 268

ملسٌ منبّقة البناء شواهقٌ

قصرت لغالٍ دونهنّ سهام

لم أدر حين كبا التّفكر دونها

واستوهمت لعجيبها الأوهام

أقبور أملاك الأعاجم هنّ أم

طلّسم رملٍ كنّ أم أعلام

وزعم بعضهم أن الأهرام بمصر قبور ملوك عظام بها، آثروا أن يتميزوا بها على سائر الملوك بعد مماتهم، كما تميزوا عنهم في حياتهم، وأرادوا أن يبقى ذكرهم بسبب ذلك على تطاول الدهور.

وذكر محمد بن العربي الملقب بمحيي الدين: ان القوم كانوا على دين التناسخ، فاتخذوا الأهرام علامة لعلهم عرفوا مدة ذهابهم ومجيئهم إلى الدنيا بعلامة ذلك.

ومن الناس من يزعم أن هرمس الأول الذي يسميه اليونانيون أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن انوش بن شيث بن آدم، عليه السلام، وهو ادريس، علم بطوفان نوح إما بالوحي أو بالاستدلال على ذلك من أحوال الكواكب، فأمر ببناء الأهرام وإيداعها الأموال وصحائف العلوم إشفاقاً عليها من الدروس، واحتياطاً عليها وحفظاً لها.

ومن عجائب مصر أبو الهول. وهو صورة آدمي عظيمة مصنعة، وقد غطى الرمل أكثره. يقال: انه طلسم للرمل لئلا يغلب على كورة الجيزة، فإن الرمال هناك كثيرة شمالية متكاثفة، فإذا انتهت إليها لا تتعداه، والمرتفع من الرمل رأسه وكتفاه. وهو عظيم جداً، وصورته مليحة كأن الصانع الآن فرغ منه. وقد ذكر من رأى أن نسراً عشش في أذنه وهو مصبوغ بالحمرة؛ قال ظافر الإسكندري:

تأمّل بنية الهرمين وانظر

وبينهما أبو الهول العجيب

كمثل عمارتين على رحيلٍ

لمحبوبين بينهما رقيب

وماء النّيل تحتهما دموعٌ

وصوت الرّيح عندهما نحيب

ص: 269

ولما وصل المأمون إلى مصر، نقب أحد الهرمين المحاذيين للفسطاط بعد جهد شديد وعناء طويل، فوجد في داخله مراقي ومهادي هائلة يعسر السلوك فيها، ووجد في أعلاه بيتاً مكعباً طول كل ضلع منه ثمانية أذرع، وفي وسطه حوضاً رخاماً مطبقاً، فلما كشف غطاؤه لم يوجد فيه غير رمة بالية، فأمر المأمون بالكف عن نقب ما سواه. وقال بعضهم: ما سمعت بشيء عظيم فجئته إلا رأيته دون صفته إلا الهرمين، فإني لما رأيتهما كانت رؤيتهما أعظم من صفتهما.

ومن عجائب مصر حوض لعين ماء منقور في حجر عظيم، يسيل الماء إلى الحوض من تلك العين من جبل بجنب كنيسة، فإذا مس ذلك الماء جنب أو حائض انقطع الماء السائل من ساعته، وينتن الماء الذي في الحوض فيعرف الناس سببه، فينزفون الماء الذي في الحوض وينظفونه، فيعود إليه الماء على حالته الأولى. وقد ذكر أمر هذا الحوض أبو الريحان الخوارزمي في كتابه الآثار الباقية، وان هذا الحوض يسمى الطاهر.

وبها جبل المقطم، وهو جبل مشرف على القرافة ممتد إلى بلاد الحبشة على شاطيء النيل الشرقي، وعليه مساجد وصوامع، لا نبت فيه ولا ماء غير عين صغيرة تنز في دير للنصارى، يقولون انه معدن الزبرجد، وسأل المقوقس عمرو بن العاص أن يبيعه سفح المقطم بسبعين ألف دينار، فكتب عمرو بن العاص إلى عمر ابن الخطاب، فكتب إليه: ان استخبره لأي شيء بذل ما بذل؟ فقال المقوقس: إننا نجد في كتبنا انه غراس الجنة! فقال عمر: غراس الجنة لا نجد إلا للمؤمنين. فأمره أن يتخذه مقبرة؛ قالوا: ان الميت هناك لا يبلى! وبها موتى كثيرون بحالهم ما بلي منهم شيء، وبها قبر روبيل بن يعقوب وقبر إليع، عليه السلام. وبها قبر عمران بن الحصين صاحب رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

ومن عجائبها عين الناطول، وناطول اسم موضع بمصر فيه غار، وفي الغار عين ينبع الماء منها ويتقاطر على الطين فيصير ذلك الطين فأراً؛ قال صاحب تحفة الغرائب: حكى لي رجل أنه رأى من ذلك الطين قطعة انقلب بعضها فأراً

ص: 270