الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفئة الباغية! فعند ذلك ظهر للناس بغي معاوية، فبذل قوم علي جهدهم في القتال حتى ضيقوا على قوم معاوية، فعند ذلك رفعوا المصاحف وقالوا: رضينا بكتاب الله! فامتنع قوم علي عن القتال. فقال علي: كلمة حق أريد به باطل! فما وافقوا، فقال علي عند ذلك: لا رأي لغير مطاع! فآل الأمر إلى الحكمين، والقصة مشهورة.
صقلية
جزيرة عظيمة من جزائر أهل المغرب مقابلة لافريقية. وهي مثلثة الشكل بين كل زاوية والأخرى مسيرة سبعة أيام. وهي حصينة كثيرة البلدان والقرى، كثيرة المواشي جداً من الخيل والبغال والحمير والبقر والغنم والحيوانات الوحشية. ومن فضلها أن ليس بها عاد بناب أو برثن أو إبرة، وبها معدن الذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد، وكذلك معدن الشب والكحل والزاج ومعدن النوشاذر، ومعدن الزئبق. وبها المياه والأشجار والمزارع وأنواع الفواكه على اختلاف أنواعها، لا تنقطع شتاء ولا صيفاً.
وأرضها تنبت الزعفران. وكانت قليلة العمارة خاملة الذكر إلى أن فتح المسلمون بلاد افريقية، فهرب أهل افريقية إليها وعمروها حتى فتحت في أيام بني الأغلب في ولاية المأمون، فبقيت في يد المسلمين مدة، ثم ظهر عليها الكفار وهي الآن في أيديهم.
وبهذه الجزيرة جبال شامخة وعيون غزيرة وأنهار جارية ونزهة عجيبة، وقال ابن حمديس وهو يشتاق إليها:
ذكرت صقلّيّة والهوى
…
يهيّج للنّفس تذكارها
فإن كنت أخرجت من جنةٍ
…
فإني أحدّث أخبارها
ذكر أن دورها مسيرة ستة عشر يوماً، وقطرها مسيرة خمسة أيام،
وهي مملوءة من الخيرات والمياه والأشجار والمزارع والفواكه. بها جبل يقال له قصر يانه وهو من عجائب الدنيا. على هذا الجبل مدينة عظيمة شامخة، وحولها مزارع وبساتين كثيرة، وهي شاهقة في الهواء، وكل ذلك يحويه باب المدينة، لا طريق إليها إلا بذلك الباب، والأنهار تنفجر من أعلاها.
وبها جبل النار، ذكر أبو علي الحسن بن يحيى أنه جبل مطل على البحر، دورته ثلاثة أيام بقرب طبرمين، فيه أشجار كثيرة وأكثرها البندق والصنوبر والارزن، وفيه أصناف الثمار، وفي أعلاه منافس النار يخرج منه النار والدخان، وربما سالت النار منه إلى جهة تحرق كل ما مرت به، وتجعل الأرض مثل خبث الحديد لا تنبت شيئاً ولا تمر الدابة بها، ويسميه الناس الاخباث. وفي أعلى هذا الجبل السحاب والثلوج والأمطار دائمة، لا تكاد تقلع عنه في صيف ولا شتاء، والثلج لا يفارق أعلاه في الصيف. وأما في الشتاء فيعم الثلج أوله وآخره.
وزعمت الروم أن كثيراً من الحكماء يرحلون إلى جزيرة صقلية للنظر إلى عجائب هذا الجبل واجتماع النار والثلج فيه، فترى بالليل نار عظيمة تشعل على قلته، وبالنهار دخان عظيم لا يستطيع أحد الدنو إليها، فإن اقتبس منها طفئت إذا فارقت موضعها.
وبها البركان العظيم؛ قال أحمد بن عمر العذري: ليس في الدنيا بركان أشنع منه منظراً ولا أعجب مخبراً! فإذا هبت الريح سمع له دوي عظيم كالرعد القاصف، ويقطع من هذا البركان الكبريت الذي لا يوجد مثله.
وقال أيضاً: بها آبار ثلاث يخرج منها من أول الربيع إلى آخره زيت النفط، فينزل في هذه الآبار على درج ويتقنع النازل ويسد منخره، فإن تنفس في أسفلها هلك من ساعته، يغترف ماءها ويجعله في اجانات، فما كان نفطاً علا فيجمع ويجعل في القوارير.