الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يغلبنّ صليبهم
…
ومحالهم أبداً محالك
إن كنت تاركهم وكع
…
بتنا فأمرٌ ما بدا لك!
وترك عبد المطلب الحلقة وتوجه مع قومه في بعض الوجوه، فالحبش قاموا بفيلهم قاصدين مكة، فبعث الله من جانب البحر طيراً أبابيل مثل الخطاف، مع كل طائر ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في منقاره على شكل الحمص. فلما غشين القوم أرسلنها عليهم فلم تصب أحداً إلا هلك، فذلك قوله تعالى: وارسل عليهم طيراً أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول.
ومنها النجاشي الذي كان في عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، واسمه أصحمة، كان ولياً من أولياء الله يبعث إلى رسول الله الهدايا، والنبي، صلى الله عليه وسلم، يقبلها. وفي يوم مات أخبر جبرائيل، عليه السلام، رسول الله بذلك مع بعد المسافة، وكان ذلك معجزة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، في يوم موته، صلى عليه الصلاة مع أصحابه وهو ببلاد الحبشة.
بلاد الزنج
مسيرة شهرين، شمالها اليمن وجنوبها الفيافي، وشرقها النوبة وغربها الحبشة، وجميع السودان من ولد كوش بن كنعان بن حام، وبلاد الزنج شديدة الحر جداً، وحلكة سوادهم لاحتراقهم بالشمس. وقيل: إن نوحاً، عليه السلام، دعا على ابنه حام فاسود لونه، وبلادهم قليلة المياه قليلة الأشجار، سقوف بيوتهم من عظام الحوت.
زعم الكماء أنهم شرار الناس ولهذا يقال لهم سباع الإنس. قال جالينوس: الزنج خصصوا بأمور عشرة: سواد اللون وفلفلة الشعر وفطس الأنف وغلظ الشفة وتشقق اليد والكعب، ونتن الرائحة وكثرة الطرب وقلة العقل وأكل
بعضهم بعضاً، فإنهم في حروبهم يأكلون لحم العدو، ومن ظفر بعدو له أكله. وأكثرهم عراة لا لباس لهم، ولا يرى زنجي مغموماً، الغم لا يدور حولهم والطرب يشملهم كلهم؛ قال بعض الحكماء: سبب ذلك اعتدال دم القلب، وقال آخرون: بل سببه طلوع كوكب سهيل عليهم كل ليلة فإنه يوجب الفرح.
وعجائب بلادهم كثيرة منها كثرة الذهب، ومن دخل بلادهم يحب القتال، وهواؤهم في غاية اليبوسة، لا يسلم أحد من الجرب حتى يفارق تلك البلاد.
والزنوج إذا دخلوا بلادنا وآنقهم هذه البلاد استقامت أمزجتهم وسمنوا. ولهم ملك اسمه اوقليم، يملك سائر بلاد الزنج في ثلاثمائة ألف رجل. ودوابهم البقر يحاربون عليها بالسرج واللجم، تمشي مشي الدواب، ولا خيل لهم ولا بغال ولا إبل، وليس لهم شريعة يراجعونها، بل رسوم رسمها ملوكهم وسياسات. وفي بلادهم الزرافة والفيل كثيرة وحشية في الصحارى يصطادها الزنوج.
ولهم عادات عجيبة، منها أن ملوكهم إذا جاروا قتلوهم وحرموا عقبة الملك، ويقولون: الملك إذا جار لا يصلح أن يكون نائب ملك السموات والأرض. ومنها أكل العدو إذا ظفر به. وقيل: إن عادة بعضهم ليس عادة الكل. ومنها اتخاذ نبيذ من شربها طمس عقله؛ قيل: إنها مأخوذة من النارجيل يسقون منها من أرادوا الكيد به. ومنها التحلي بالحديد مع كثرة الذهب عندهم، يتخذون الحلي من الحديد كما يتخذ غيرهم من الذهب والفضة، يزعمون أن الحديد ينفر الشيطان ويشجع لابسه. ومنها قتالهم على البقر وانها تمشي كالخيل، قال المسعودي: رأيت من هذا البقر وانها حمر العيون يبرك كالإبل بالحمل ويثور بحمله. ومنها اصطيادها الفيل وتجاراتهم على عظامها، وذلك لأن الفيل الوحشية ببلاد الزنج كثيرة، والمستأنسة أيضاً كذلك، والزنج لا يستعملونها في الحرب ولا في العمل، بل ينتفعون بعظامها وجلودها ولحومها، وذاك أن