الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفوق أربعة منها أربعة أعمدة، ودونها مياه كثيرة جارية، قال: ذكر لي أهل تلك البلاد أن أحداً لا يقدر على خوض تلك المياه إلى تلك الأعمدة، وما خاض أحد إلا عدم، وأهل تلك البلاد متفقون على أنها عرش بلقيس.
سبأ
مدينة كانت بينها وبين صنعاء ثلاثة أيام، بناها سبأ بن يشجب بن يعرب ابن قحطان، كانت مدينة حصينة كثيرة الأهل طيبة الهواء عذبة الماء، كثيرة الأشجار لذيذة الثمار كثيرة أنواع الحيوان، وهي التي ذكرها الله تعالى: لقد كان لسبإ في مسكنهم آية، جنتان عن يمين وشمال، كلوا من رزق ربكم واشكروا له، بلدة طيبة ورب غفور؛ ما كان يوجد بها ذباب ولا بعوض ولا شيء من الهوام كالحية والعقرب ونحوهما.
وقد اجتمعت في ذلك الموضع مياه كثيرة من السيول، فيمشي بين جبلين ويضيع في الصحارى، وبين الجبلين مقدار فرسخين، فلما كان زمان بلقيس الملكة بنت بين الجبلين سداً بالصخر والقار، وترك الماء العظيم خارج السد، وجعلت في السد مثاعب أعلى وأوسط وأسفل ليأخذوا من الماء كل ما احتاجوا إليه، فجفت داخل السد ودام سقيها، فعمرها الناس وبنوا وغرسوا وزرعوا، فصارت أحسن بلاد الله تعالى وأكثرها خيراً، كما قال الله تعالى: جنتان عن يمين وشمال. وكان أهلها اخوة وبنو عم بنو حمير وبنو كهلان، فبعث الله تعالى إليهم ثلاثة عشر نبياً فكذبوهم، فسلط الله تعالى الجرذ على سدهم.
منها عمران بن عامر، وكانت سيادة اليمن لولد حمير ولولد كهلان، وكان كبيرهم عمران بن عامر، وكان جواداً عاقلاً، وله ولأقربائه من الحدائق ما لم يكن لأحد من ولد قحطان.
وكانت عندهم كاهنة اسمها طريفة، قالت لعمران: والظلمة والضياء والأرض والسماء ليقبلن إليكم الماء كالبحر إذا طما، فيدع أرضكم خلاءً
يسفي عليها الصبا! فقالوا لها: فجعتنا بأموالنا فبيني مقالتك! فقالت: انطلقوا إلى رأس الوادي لتروا الجرذ العادي يجر كل صخرة صيخاد بأنياب حداد وأظفار شداد! فانطلق عمران في نفر من قومه حتى أشرفوا على السد، فإذا هم بجرذ أحمر فيقلع الحجر الذي لا يستقله رجال ويدفعه بمخاليب رجليه إلى ما يلي البحر ليفتح السد.
فلما رأى عمران ذلك علم صدق قول الكاهنة فقال لأهله: اكتموا هذا القول من بني عمكم بني حمير لعلنا نبيع حدائقنا منهم ونرحل عن هذه الأرض، ثم قال لابن أخيه حارثة: إذا كان الغد واجتمع الناس أقول لك قولاً خالفني، وإذا شتمتك ردها علي، وإذا ضربتك فاضربني مثله! فقال: يا عم كيف ذلك؟ فقال عمران: لا تخالف فإن مصلحتنا في هذا.
فلما كان الغد واجتمع عند عمران أشراف قومه وعظماء حمير ووجوه رعيته، أمر حارثة أمراً فعصاه فضربه بمخصرة كانت بيده، فوثب حارثة عليه واطمه، فأظهر عمران الغضب وأمر بقتل ابن أخيه فوقع في حقه الشفاعات. فلما أمسك عن قتله حلف أن لا يقيم في أرض امتهن بها، وقال وجوه قومه: ولا نقيم بعدك يوماً! فعرضوا ضياعهم على البيع واشتراها بنو حمير بأعلى الأثمان، فارتحل عن أرض اليمن فاء السيل بعد رحيلهم بمدة يسيرة، وخربت البلاد كما قال تعالى: فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل. فتفرقوا في البلاد، ويضرب بهم المثل فيقال: تفرقوا أيادي سبا.
وكانوا عشرة أبطن: ستة تيامنوا وهم كندة والأشعريون والأزد ومذحج وانمار وحمير، وأربعة تشاءموا وهم عامرة وجذام ولخم وغسان، وكانت هذه الواقعة بين مبعث عيسى ونبينا، صلى الله عليهما وسلم.