المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يقبل كالسحاب الأسود، وعيناه تقدان كالبرق الخاطف، والنار تخرج من - آثار البلاد وأخبار العباد

[زكريا القزويني]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌خطبة الكتاب

- ‌المقدمة الاولى

- ‌في الحاجة الداعية إلى إحداث المدن والقرى

- ‌المقدمة الثانية

- ‌في خواص البلاد

- ‌الفصل الأول

- ‌في تأثير البلاد في سكانها

- ‌الفصل الثاني

- ‌في تأثير البلاد في المعادن والنبات والحيوان

- ‌المقدمة الثالثة

- ‌في أقاليم الأرض

- ‌الاقليم الاول

- ‌إرم ذات العماد

- ‌البجة

- ‌بكيل

- ‌بلاد التبر

- ‌بلاد الحبشة

- ‌بلاد الزنج

- ‌بلاد السودان

- ‌بلاد النوبة

- ‌تغارة

- ‌تكرور

- ‌جابرسا

- ‌جاوة

- ‌جزاير الخالدات

- ‌جزيرة الرامني

- ‌جزيرة زانج

- ‌جزيرة سكسار

- ‌جزيرة القصار

- ‌جزيرة النساء

- ‌جزيرة واق واق

- ‌جوف

- ‌حرث

- ‌حضرموت

- ‌دلان ودموران

- ‌دنقلة

- ‌ذات الشعبين

- ‌ذمار

- ‌سبأ

- ‌سجلماسة

- ‌سرنديب

- ‌سفالة

- ‌سلوق

- ‌سمهر

- ‌سندابل

- ‌الشحر

- ‌شعب

- ‌شمخ

- ‌شيلا

- ‌صنعاء

- ‌الصين

- ‌ظفار

- ‌عمان

- ‌غانة

- ‌غدامس

- ‌قاع

- ‌قلعة الشرف

- ‌كاكدم

- ‌كله

- ‌كنام

- ‌كوار

- ‌لنجوية

- ‌مأرب

- ‌مذيخرة

- ‌مرباط

- ‌مسور

- ‌مقدشو

- ‌مقرى

- ‌مهرة

- ‌وبار

- ‌ورور

- ‌ اليمن

- ‌الاقليم الثاني

- ‌الأبلق

- ‌أجأ وسلمى

- ‌ارام

- ‌البحرين

- ‌بدر

- ‌تبت

- ‌تكناباذ

- ‌جاجلى

- ‌جزيرة برطاييل

- ‌جزيرة جابة

- ‌جزيرة سقطرى

- ‌جزيرة السلامط

- ‌جزيرة سيلان

- ‌جزيرة الشجاع

- ‌جزيرة القصر

- ‌الحجاز

- ‌الحجر

- ‌خط

- ‌خيبر

- ‌رحا بطان

- ‌زغر

- ‌زويلة

- ‌السند

- ‌سومناة

- ‌صنف

- ‌صيمور

- ‌الطائف

- ‌طيفند

- ‌عدن

- ‌فاس

- ‌فيصور

- ‌قبا

- ‌قزدار

- ‌قشمير

- ‌قمار

- ‌كلبا

- ‌كله

- ‌كنزة وقران

- ‌كولم

- ‌مدينة يثرب

- ‌المشقر

- ‌مغمس

- ‌مراكش

- ‌مكة

- ‌ملتان

- ‌مليبار

- ‌منىً

- ‌مندورفين

- ‌مندل

- ‌المنصورة

- ‌مهيمة

- ‌نجران

- ‌الندهة

- ‌الهند

- ‌يترب

- ‌ اليمامة

- ‌الاقليم الثالث

- ‌أبرقوه

- ‌أبسوج

- ‌أبيار

- ‌أجر

- ‌إخميم

- ‌أرجان

- ‌الأردن

- ‌أريحا

- ‌الإسكندرية

- ‌أسيوط

- ‌إصطخر

- ‌إفريقية

- ‌أفيق

- ‌أنصنا

- ‌أنطاكية

- ‌أنطرطوس

- ‌أورم الجوز

- ‌الأهواز

- ‌أيلة

- ‌باميان

- ‌بداً

- ‌براق

- ‌البشمور

- ‌بعلبك

- ‌بلقاء

- ‌بلينا

- ‌بلرم

- ‌بنارق

- ‌بنزرت

- ‌بيت لحم

- ‌ بيت المقدس

- ‌بلاد بربر

- ‌البيضاء

- ‌تاهرت

- ‌تدمر

- ‌تستر

- ‌تلمسان

- ‌تنس

- ‌تونس

- ‌التيه

- ‌الجابية

- ‌جاشك

- ‌جالطة

- ‌جزيرة تنيس

- ‌أنواع الطيور التي توجد بجزيرة تنيس

- ‌ويعرف بها من السمك تسعة وسبعون نوعاً

- ‌جزيرة الجساسة

- ‌جزيرة الكنيسة

- ‌جفار

- ‌جنابة

- ‌جور

- ‌جيرفت

- ‌جيزة

- ‌حلب

- ‌حمص

- ‌حوران

- ‌الحيرة

- ‌خبيص

- ‌خربة الملك

- ‌الخليل

- ‌دارا

- ‌دارابجرد

- ‌دمشق

- ‌دمندان

- ‌دمياط

- ‌دندرة

- ‌دورق

- ‌دورقستان

- ‌دير أبي هور

- ‌دير أتريب

- ‌دير أيوب

- ‌دير سمعان

- ‌دير طور سينا

- ‌دير الطير

- ‌دير نهيا

- ‌الرصافة

- ‌الرقادة

- ‌زكندر

- ‌سابور

- ‌سبتة

- ‌سجستان

- ‌سخا

- ‌سدوم

- ‌سمنود

- ‌سنجل

- ‌سنون

- ‌سوبلا

- ‌سيراف

- ‌سيرجان

- ‌سيلون

- ‌الشام

- ‌شرشال

- ‌شطا

- ‌شعب بوان

- ‌شيراز

- ‌سقياً لدشت الأرزن الطوّال

- ‌الصعيد

- ‌صفت

- ‌صفين

- ‌صقلية

- ‌صور

- ‌طبرستان

- ‌طبرية

- ‌طرسوس

- ‌العباسة

- ‌العريش

- ‌عزاز

- ‌عسقلان

- ‌عسكر مكرم

- ‌عكة

- ‌عين جارة

- ‌عين الشمس

- ‌الغريان

- ‌غزة

- ‌الغوطة

- ‌فارس

- ‌فرغانة

- ‌الفسطاط

- ‌فيروزاباد

- ‌الفيوم

- ‌القادسية

- ‌القاهرة

- ‌قبرس

- ‌قرية صاهك

- ‌قرية عبد الرحمن

- ‌قفط

- ‌قلعة النجم

- ‌القيروان

- ‌قيس

- ‌كابل

- ‌كاريان

- ‌كازرون

- ‌كدال

- ‌كرد فناخسرو

- ‌كركويه

- ‌كرمان

- ‌كفرطاب

- ‌كفرمندة

- ‌كفرنجد

- ‌كلز

- ‌كوزا

- ‌الكوفة

- ‌اللاذقية

- ‌اللجون

- ‌ماردين

- ‌ماسبدان

- ‌مجانة

- ‌محجة

- ‌مدين

- ‌مرسى الخرز

- ‌المرقب

- ‌مريسة

- ‌مريوط

- ‌مصر

- ‌المزة

- ‌المطرية

- ‌معرة النعمان

- ‌مكران

- ‌مليانة

- ‌منبج

- ‌منف

- ‌منية هشام

- ‌موتة

- ‌مورجان

- ‌المهدية

- ‌نابلس

- ‌ناصرة

- ‌نفزاوة

- ‌وادي الرمل

- ‌وادي موسى

- ‌وادي النمل

- ‌واقصة

- ‌ودان

- ‌هجر

- ‌هراة

- ‌هنديجان

- ‌هنديان

- ‌هيت

- ‌يابسة

- ‌ياقد

- ‌يزد

- ‌الاقليم الرابع

- ‌آبه

- ‌آذربيجان

- ‌آرشت وناشقين

- ‌آمل

- ‌أبلة

- ‌أبهر

- ‌أبيورد

- ‌إربل

- ‌اردبهشتك

- ‌أردبيل

- ‌أرسلان كشاد

- ‌أرمية

- ‌أستوناوند

- ‌أسفجين

- ‌أسفرايين

- ‌اشتروين

- ‌أصفهان

- ‌أفشنة

- ‌الموت

- ‌إيذج

- ‌إيراوه

- ‌ايلابستان

- ‌بابل

- ‌بالس

- ‌بدخشان

- ‌برقعيد

- ‌بروجرد

- ‌بسطام

- ‌البصرة

- ‌بغداد

- ‌بغشور

- ‌بلاد الديلم

- ‌بلخ

- ‌بلد

- ‌بلور

- ‌بنان

- ‌بوشنج

- ‌باخرز

- ‌بيهق

- ‌تبريز

- ‌تهران

- ‌جاجرم

- ‌الجبال

- ‌ جبل

- ‌جرباذقان

- ‌جرجان

- ‌جرجرايا

- ‌الجزيرة

- ‌جوهسته

- ‌جوين

- ‌جيلان

- ‌الحضر

- ‌حصن الطاق

- ‌حلوان

- ‌الحويزة

- ‌الحيرة

- ‌حيزان

- ‌خاوران

- ‌خراسان

- ‌خرقان

- ‌خوار

- ‌خواف

- ‌خوست

- ‌دامسيان

- ‌دامغان

- ‌داوردان

- ‌دور

- ‌دوراق

- ‌ديار بكر

- ‌دير الجب

- ‌دير الجودي

- ‌دير حزقيل

- ‌دير الخنافس

- ‌دير سعيد

- ‌دير العذارى

- ‌دير القيارة

- ‌دير كردشير

- ‌دير متى

- ‌دير مر توما

- ‌دير مر جرجيس

- ‌رأس العيس

- ‌رحبة الشام

- ‌روذبار

- ‌روذراور

- ‌رويان

- ‌الري

- ‌زاوه

- ‌زراعة

- ‌زز

- ‌زنجان

- ‌ساباط

- ‌سامرا

- ‌ساوه

- ‌سبران

- ‌سرجهان

- ‌سرخس

- ‌سلماس

- ‌سميرم

- ‌سناباذ

- ‌سنجار

- ‌سهرورد

- ‌شاذياخ

- ‌شاه دز

- ‌شكمبة

- ‌شهرزور

- ‌شهرستان

- ‌شيز

- ‌صيمرة

- ‌طالقان

- ‌الطاهرية

- ‌طبرستان

- ‌طبس

- ‌طرابلس

- ‌طرق

- ‌طرزك

- ‌طروز

- ‌طمغاج

- ‌طوس

- ‌طيب

- ‌طيزناباد

- ‌عانة

- ‌عبادان

- ‌عبد الله اباذ

- ‌العراق

- ‌عزان

- ‌عقرقوف

- ‌غرشستان

- ‌غريان

- ‌غزنة

- ‌الغور

- ‌فراهان

- ‌فم الدبل

- ‌فنك

- ‌قاشان

- ‌قرميسين

- ‌قزوين

- ‌قصران

- ‌قصر شيرين

- ‌قم

- ‌كران

- ‌كرخ

- ‌كركان

- ‌كسكر

- ‌كشم

- ‌كندر

- ‌كنكور

- ‌كوثى

- ‌لنبان

- ‌ليخواست

- ‌ماذران

- ‌ماذروستان

- ‌ماهاباذ

- ‌ماوشان

- ‌المدائن

- ‌مرو

- ‌المشان

- ‌المطيرة

- ‌الموصل

- ‌ميسان

- ‌ناووس الظبية

- ‌نسا

- ‌نخشب

- ‌نصراباذ

- ‌نصيبين

- ‌نضيراباذ

- ‌النعمانية

- ‌نهاوند

- ‌النهروان

- ‌نيسابور

- ‌نينوى

- ‌واسط

- ‌ورجند

- ‌هراة

- ‌همذان

- ‌يل

- ‌يمكان

- ‌الاقليم الخامس

- ‌آمد

- ‌أبروق

- ‌أران

- ‌أرزنجان

- ‌أرزن الروم

- ‌ارطانة

- ‌أرمية

- ‌أرمينية

- ‌الأشبونة

- ‌اشبيلية

- ‌أفرنجة

- ‌أفسوس

- ‌أفلوغونيا

- ‌إلبيرة

- ‌ الش

- ‌الأندلس

- ‌أنقرة

- ‌باب الابواب

- ‌بتم

- ‌بجانة

- ‌بخارى

- ‌ بذ

- ‌برذعة

- ‌بسطة

- ‌بلقوار

- ‌بلنسية

- ‌بيضاء

- ‌بيلقان

- ‌تركستان

- ‌تفليس

- ‌جرجانية

- ‌جنبذق

- ‌جنزة

- ‌ختلان

- ‌خلاط

- ‌خوارزم

- ‌خوي

- ‌خيوق

- ‌دير برصوما

- ‌الروم

- ‌رندة

- ‌روين دز

- ‌زمخشر

- ‌سبتة

- ‌سبرى حصار

- ‌سرقسطة

- ‌سمرقند

- ‌سيواس

- ‌شاش

- ‌شاطبة

- ‌شاشين

- ‌شبلية

- ‌شغنسة

- ‌شلب

- ‌شنترة

- ‌شنترين

- ‌شنت مرية

- ‌شنقنيرة

- ‌صغد

- ‌طراز

- ‌طرطوشة

- ‌طركونة

- ‌طلبيرة

- ‌ طليطلة

- ‌غرناطة

- ‌غنجرة

- ‌فاراب

- ‌فبرة

- ‌فراغة

- ‌فرمنتيرة

- ‌فهمين

- ‌قادس

- ‌قاليقلا

- ‌قرطبة

- ‌قسطلونة

- ‌قلعة اللان

- ‌قيصرية

- ‌كش

- ‌كند

- ‌لبلة

- ‌لشبونة

- ‌لورقة

- ‌مالطة

- ‌ما وراء النهر

- ‌مدينة النحاس

- ‌مراغة

- ‌مربيطر

- ‌المستطيلة

- ‌المصيصة

- ‌ملطية

- ‌موغان

- ‌ميافارقين

- ‌هرقلة

- ‌هزاراسب

- ‌وادي الحجارة

- ‌وشلة

- ‌والوطة

- ‌ياسي جمن

- ‌يونان

- ‌الاقليم السادس

- ‌أبولدة

- ‌اشت

- ‌أفرنجة

- ‌افش

- ‌انطرحت

- ‌ايرلاندة

- ‌باكويه

- ‌باني وأريشة

- ‌برذيل

- ‌برطاس

- ‌بلاد بجناك

- ‌بلاد بجا

- ‌بلاد بغراج

- ‌بلاد تاتار

- ‌بلاد التغزغز

- ‌بلاد جكل

- ‌بلاد الختيان

- ‌بلاد خرخيز

- ‌بلاد الخرلخ

- ‌بلاد الخزر

- ‌بلاد خطلخ

- ‌بلاد الروس

- ‌بلاد الروم

- ‌بلاد الغز

- ‌بلاد كيماك

- ‌بلدة بهى

- ‌بيقر

- ‌تركستان

- ‌رذوم

- ‌رومية

- ‌زره كران

- ‌سد يأجوج ومأجوج

- ‌سقسين

- ‌شابر

- ‌شروان

- ‌شلشويق

- ‌شناس

- ‌ظاخر

- ‌فاراب

- ‌فرغانة

- ‌قسطنطينية

- ‌القليب

- ‌كرتنة

- ‌كرمالة

- ‌مدينة النساء

- ‌مغانجة

- ‌نيقية

- ‌الاقليم السابع

- ‌ باشغرت

- ‌باطن الروم

- ‌بجنة

- ‌برجان

- ‌بلغار

- ‌شوشيط

- ‌صقلاب

- ‌مشقة

- ‌واطر بورونة

- ‌ورنك

- ‌ويسو

- ‌يأجوج ومأجوج

- ‌يورا

الفصل: يقبل كالسحاب الأسود، وعيناه تقدان كالبرق الخاطف، والنار تخرج من

يقبل كالسحاب الأسود، وعيناه تقدان كالبرق الخاطف، والنار تخرج من فيه فيبلع الثورين ويرجع إلى مكانه، وإن لم يفعلوا ذلك قصد بلادهم وأتلف من الناس والمواشي والمال ما شاء الله، فشكا أهل هذه الجزيرة إلى الإسكندر، فأمر بإحضار ثورين وسلخهما وحشا جلدهما زفتاً وكبريتاً وكلساً وزرنيخاً وكلاليب حديد، وجعلهما مكان الثورين على العادة، فجاء الشجاع وابتلعهما واضطرم الكلس في جوفه، وتعلقت الكلاليب بأحشائه، فرأوه ميتاً فاتحاً فاه، ففرح الناس بموته.

‌جزيرة القصر

في بحر الهند، ذكروا أن فيها قصراً أبيض يتراءى للمراكب، فإذا رأوا ذلك تباشروا بالسلامة والربح. قيل: إنه قصر شاهق لا يدرى ما في داخله، وقيل: فيها أموات وعظام كثيرة، وقيل: إن بعض ملوك العجم سار إليها فدخل القصر بأتباعه، فوقع عليهم النوم وخدرت أجسامهم، فبادر بعضهم إلى المراكب وهلك الباقون.

وحكي أن ذا القرنين رأى في بعض الجزائر أمة رؤوسهم رؤوس الكلاب، وأنيابهم خارجة من فيهم. خرجوا إلى مراكب ذي القرنين وحاربوها، فرأى نوراً ساطعاً فإذا هو قصر مبني من البلور الصافي، وهؤلاء يخرجون منه، فأراد النزول عليه فمنعه بهرام الفيلسوف الهندي، وعرفه ان من دخل هذا القصر يقع عليه النوم والغشي، ولا يستطيع الخروج فيظفر به هؤلاء، والبحر لا تحصى عجائبه.

‌الحجاز

حاجز بين اليمن والشام وهو مسيرة شهر، قاعدتها مكة، حرسها الله تعالى، لا يستوطنها مشرك ولا ذمي، كانت تقام للعرب بها أسواق في الجاهلية

ص: 84

كل سنة، فاجتمع بها قبائلهم يتفاخرون ويذكرون مناقب آبائهم وما كان لهم من الأيام، ويتناشدون أشعارهم التي أحدثوا.

وكانت العرب إذا أرادت الحج أقامت بسوق عكاظ شهر شوال، ثم تنتقل إلى سوق مجنة فتقيم فيه عشرين يوماً من ذي القعدة، ثم تنتقل إلى سوق ذي المجار فتقيم فيه إلى الحج، والعرب اجتمعوا في هذه المواسم، فإذا رجعوا إلى قومهم ذكروا لقومهم ما رأوا وما سمعوا.

عن ابن عباس، رضي الله عنه، ان وفد اياد قدموا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: أيكم يعرف قس بن ساعدة؟ قالوا: كلنا نعرفه. قال: ما فعل؟ قالوا: هلك! فقال، صلى الله عليه وسلم: ما أنساه بعكاظ في الشهر الحرام على حمل أورق وهو يخطب الناس ويقول: أيها الناس اسمعوا وعوا، من عاش مات ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، إن في السماء لخبراً: سحائب تمور ونجوم تغور في فلك يدور. ويقسم قس قسماً ان لله ديناً هو أرضى من دينكم هذا! ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون؟ ارضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا فناموا؟ ثم قال: أيكم يروي شعره؟ فقال أبو بكر: أنا أحفظه يا رسول الله؛ فقال: هات، فأنشد:

في الذّاهبين الأوّلين من القرون لنا بصائر

لمّا رأيت موارداً للموت ليس لها مصادر

ورأيت قومي نحوها تمضي الأكابر والأصاغر

أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر

لا يرجع الماضي ولا يبقى من الباقين غابر

قال ابن عباس، رضي الله عنه: ذكر قس بين يدي النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: رحم الله قساً، إني لأرجو أن يأتي أمة واحدة.

ص: 85

حكى رجل من ثقيف انه رأى بسوق عكاظ رجلاً قصير القامة، على بعير في حجم شاة، وهو يقول: أيها الناس هل فيكم من يسوق لنا تسعاً وتسعين ناقة، ينطلق بها إلى أرض وبار فيؤديها إلى حماله صبار؟ قال: فاجتمع الناس عليه يتعجبون منه ومن كلامه وبعيره. فلما رأى ذلك عمد إلى بعيره وارتفع في الهواء، ونحن ننظر إليه إلى أن غاب عن أعيننا.

ويكثر لأهل الحجاز الجذام لفرط الحرارة، يحرق أخلاطهم فيغلب على مزاجهم السوداء، سوى أهل مكة فإن الله كفاهم ذلك.

وبها أشجار عجيبة كالدوم، وهو شجر المقل، قيل: إنها شجر النارجيل في غير الحجاز والعنم، ولها ثمرة طويلة حمراء تشبه أصابع العذارى، والاسحل شجر المساويك والكنهبل والبشام؛ قالوا: هو شجر البلسان بمصر والرتم والضال والسمر والسلع.

وبها جبل الحديد وهو في ديار بجيلة، ويسمى جبل الحديد إما لصلابة حجره أو لأنه معدن الحديد.

أسرت بجيلة تأبط شراً فاحتال عليهم حيلة عجيبة، وذاك أن تأبط شراً وعمرو بن براق والشنفرى خرجوا يرون بجيلة، فبدرت بهم بجيلة فابتدر ستة عشر غلاماً من سرعانهم وقعدوا على ما لهم، وأنذر تأبط شراً بخروج القوم لطلبة، فشاور صاحبيه فرجعوا إلى قلة هذا الجبل، وإنه شاهق مشمخر، وأقاموا حتى يضجر القوم وينصرفوا، فلما كان اليوم الثالث قالا لتأبط شراً: رد بنا وإلا هلكنا عطشاً! فقال لهما: البثا هذا اليوم فما للقوم بعد اليوم مقام. فأبيا وقالا له: هلكنا فرد بنا وفينا بقية. قال: هبطا. فلما قربوا من الماء أصغى تأبط شراً وقال لصاحبيه: إني لأونس وحبيب قلوب الرصد على الماء! قالا: وجيب قلبك يا تأبط! قال: كلا ما وجب وما كان وجاباً، ولكن رد يا عمرو واستنقض الموضع وعد إلينا. فورد وصدر ولم ير أحداً، فقال: ما على الماء أحد. فقال تأبط شراً. بلى ولكنك غير مطلوب. ثم قال: رد

ص: 86

يا شنفرى واستنقض الموضع وعد. فورد الشنفرى وشرب وصدر وقال: ما رأيت على الماء أحداً.

قال تأبط شراً: بلى ما يريد القوم غيري! فسر يا شنفرى حتى تكون من خلفهم بحيث لا يرونك وأنت تراهم، فإني سأرد فأؤخذ وأكون في أيديهم فابدلهم يا عمرو حتى يطمعوا فيك، فإذا اشتدوا عليك ليأخذوك وبعدوا عني فابدر يا شنفرى حل عني، وموعدنا قلة جبل الحديد حيث كنا، وورد تأبط شراً وشرب الماء فوثب عليه القوم وأخذوه وشدوا وثاقه، فقال تأبط شراً: يا بجيلة إنكم لكرام فهل لكم أن تمنوا علي بالفداء وعمرو بن براق فتى فهم وجميلها على أن تأسرونا أسر الفداء وتؤمنونا من القتل، ونحن نحالفكم ونكون معكم على أعدائكم، وينشر هذا من كرمكم بين أحياء العرب؟ قالوا: أين عمرو؟ قال: ها هو معي قد أخره الظمأ وخلفه الكلال! فلم يلبث حتى أشرف عمرو في الليل، فصاح به تأبط شراً: يا عمرو إنك لمجهود فهل لك أن تمكن من نفسك قوماً كراماً يمنون عليك بالفداء؟ قال عمرو: أما دون أن أجرب نفسي فلا. ثم عدا فلا ينبعث، فقال تأبط شراً: يا بجيلة دونكم الرجل فإنه لا بصر له على السعي، وله ثلاث لم يطعم شيئاً! فعدوا في أثره فأطمعهم عمرو عن نفسه حتى أبعدهم، وخرج الشنفرى وحل تأبط شراً وخرجا يعدوان ويصيحان: يعاط يعاط! وهي شعار تأبط شراً، فسمع عمرو أنه نجا، واستمر عدواً وفات أبصارهم واجتمعوا على قلة الجبل ونجوا ثم عادوا إلى قومهم، فقال تأبط شراً في تلك العدوة:

يا طول ليلك من همٍّ وإبراق

ومرّ طيف على الأهوال طرّاق

تسري على الأين والحبّاب مختفياً

أحبب بذلك من سارٍ على ساق

لتقرعنّ عليّ السّنّ من ندمٍ

إذا تذكّرن مني بعض أخلاق

نجوت فيها نجاتي من بجيلة إذ

رفعت للقوم يوم الرّوع أرفاقي

ص: 87

لمّا تنادوا فأغروا بي سراعهم

بالعيلتين لدى عمرو بن برّاق

لا شيء أسرع مني ليس ذا عذرٍ

ولا جناح دوين الجوّ خفّاق

أو ذي حيودٍ من الأروى بشاهقةٍ

وأمّ خشفٍ لدى شثٍّ وطبّاق

حتى نجوت ولمّا يأخذوا سلبي

بوالهٍ من قنيص الشّدّ غيداق

وقلّةٍ كشباة الرّمح باسقةٍ

ضحيانةٍ في شهور الصّيف مخراق

بادرت قلتّها صحبي وقد لعبوا

حتى نميت إليها قبل إشراق

ولا أقول إذا ما خلّةٌ صرمت:

يا ويح نفسي من جهدي وإشفاقي!

لكنّما عولي إن كنت ذا عولٍ

على ضروبٍ بحدّ السّيف سبّاق

سبّاق عاديةٍ فكّاك عانيةٍ

قطّاع أوديةٍ جوّاب آفاق!

وبها جبل رضوى، وهو جبل منيف ذو شعاب وأودية يرى من البعد أخضر، وبه مياه وأشجار كثيرة، زعم الكيسانية أن محمد بن الحنفية مقيم به، وهو حي بين يدي أسد ونمر يحفظانه، وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل، ويعود بعد الغيبة يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وهو المهدي المنتظر، وإنما عوقب بهذا الحبس لخروجه على عبد الملك بن مروان، وقلبه على يزيد بن معاوية، وكان السيد الحميري على هذا المذهب، ويقول في أبيات:

ألا قل للوصيّ: فدتك نفسي!

أطلت بذلك الجبل المقاما

ومن جبل رضوى يقطع حجر المسن ويحمل إلى البلاد.

وبها جبل السراة؛ قال الحازمي: إنها حاجزة بين تهامة واليمن، وهي عظيمة الطول والعرض والامتداد، ولهذا قال الشاعر:

سقوني وقالوا: لا تغنّ! ولو سقوا

جبال السّراة ما سقيت لغنّت

قال أبو عمرو بن العلاء: أفصح الناس أهل السروات، أولها هذيل ثم

ص: 88

بجيلة ثم الأزد أزد شنوءة. وإنها كثيرة الأهل والعيون والأنهار والأشجار، وبأسفلها أودية تنصب إلى البحر، وكل هذه الجبال تنبت القرظ، وفيها الأعناب وقصب السكر والاسحل، وفيه معدن البرام يحمل منه إلى سائر البلاد.

وبها جبل قنا، وهو جبل عظيم شامخ، سكانه بنو مرة من فزارة وحظ صاحبة قنا مشهور؛ قال الشاعر:

أصبت ببرّةٍ خيراً كثيراً

كأخت قنا به من شعر شاعر

وهو ما ذكر أن نصيباً الشاعر اجتاز بقنا، ووقف على باب يستسقي، فخرجت إليه جارية بلبن أو ماء وسقته، وقالت له: شبب بي! فقال لها: ما اسمك؟ قالت: هند. فأنشأ يقول:

أحبّ قناً من حبّ هندٍ ولم أكن

أبالي أقرباً زاده الله أم بعدا؟

أروني قناً أنظر إليه فإنّني

أحبّ قناً إنّي رأيت به هندا!

فشاع هذا الشعر وخطبت الجارية وأصابت خيراً بسبب شعر نصيب.

وبها جبل يسوم في بلاد هذيل قرب مكة، لا يكاد أحد يرتقيه ولا ينبت غير النبع والشوحط، تأوي إليه قرود تفسد قصب السكر في جبال السراة، وأهل جبال السراة من تلك القرود في بلاء وشدة عظيمة، لا يمكنهم دفعها لأن مساكنها لا تنال.

وفي الأمثال: الله أعلم بمن حطها عن رأس يسوم؛ قيل: إن رجلاً نذر ذبح شاة، فمر بيسوم فرأى فيه راعياً فاشترى منه شاةً وأنزلها من الجبل، وأمر الراعي بذبحها وتفريقها عنه وولى. فقيل له: إن الراعي يذبحها لنفسه! فقال: الله اعلم بمن حطها عن رأس يسوم.

وبها عين ضارج، عين في برية مهلكة بين اليمن والحجاز في موضع لا مطمع للماء فيه. حدث إبراهيم بن إسحاق الموصلي أن قوماً من اليمن

ص: 89