الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحدث الأمير حسام الدين النعمان: أن البقر بأصفهان يقوى حتى لو حصل فيها أعجف ما يكون، بعد مدة يسيرة يبقى قوياً سميناً حتى يعصي ولا ينقاد.
بها مسجد يسمى مسجد خوشينه. زعموا أن من حلف كاذباً في هذا المسجد تختل أعضاؤه، وهذا أمر مستفيض عند أهل أصفهان.
بها نهر زرنروذ، وهو موصوف بعذوبة الماء ولطافته، يغسل الغزل الخشن بهذا الماء فيبقى ليناً ناعماً مثل الحرير، مخرجه من قرية يقال لها بناكان، ويجتمع إليه مياه كثيرة فيعظم أمره ويمتد، ويسقي بساتين أصفهان ورساتيقها، ثم يمر على مدينة أصفهان ويغور في رمال هناك. ويخرج بكرمان على ستين فرسخاً من الموضع الذي يغور فيه فيسقي مواضع بكرمان ثم يصب في بحر الهند. ذكر أنهم أخذوا قصبة وعلموها بعلائم وأرسلوها في الموضع الذي يغور فيه، فوجدوها بعينها بأرض كرمان، فاستدلوا بذلك على أنه نهر زرنروذ.
أفشنة
قرية من ناحية خرميثن من ضياع بخارى، قال أبو عبيد الجوزجاني: حدثني أستاذي أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا أن أباه كان من بلخ، انتقل إلى بخارى في زمن نوح بن نصر الساماني، وتصرف في الأعمال وتزوج بأفشنة فولدت بها، وطالعي السرطان والمشتري والزهرة فيه، والقمر وعطارد في السنبلة، والمريخ في العقرب، والشمس في الأسد، وكان المشتري في السرطان على درجة الشرف والشعرى مع الرأس على درجة الطالع، فكانت الكواكب كلها في الحظوظ؛ قال: فلما بلغت سن التمييز سلمني إلى معلم القرآن ثم إلى معلم الأدب، فكان كل شيء قرأه الصبيان على الأديب احفظه، والذي كلفني أستاذي كتاب الصفات وكتاب غريب المصنف، ثم أدب الكتاب ثم إصلاح المنطق ثم كتاب العين ثم شعر الحماسة ثم ديوان ابن الرومي، ثم تصريف المازني ثم نحو سيبويه، فحفظت تلك الكتب في سنة ونصف، ولولا تعويق الأستاذ
لحفظتها بدون ذلك، وهذا مع حفظي وظائف الصبيان في المكتب. فلما بلغت عشر سنين كانوا في بخارى يتعجبون مني، ثم شرعت في الفقه، فلما بلغت اثنتي عشرة سنة صرت أفتي في بخارى على مذهب أبي حنيفة، ثم شرعت في علم الطب وصنفت القانون وأنا ابن ست عشرة سنة، فمرض نوح بن نصر الساماني فجمعوا الأطباء لمعالجته فجمعوني أيضاً معهم، فرأوا معالجتي خيراً من معالجات كلهم، فصلح على يدي، فسألت أن يوصي لخازن كتبه أن يعيرني كل كتاب طلبت ففعل، فرأيت في خزانته كتب الحكمة من تصانيف أبي نصر بن طرخان الفارابي، فاشتغلت بتحصيل الحكمة ليلاً ونهاراً حتى حصلتها. فلما انتهى عمري إلى أربع وعشرين كنت أفكر في نفسي أنه لا شيء من العلوم لا أعرفه.
إلى ههنا نقل الجوزجاني عن الشيخ الرئيس. وحكى غيره أن دولة السامانية لما انقرضت صارت مملكة ما وراء النهر لبني سبكتكين، فلما ولي السلطان محمود سعى الحساد إلى السلطان في حق أبي علي، فهرب من بخارى إلى خراسان واجتمع بصاحب نسا فإنه كان ملكاً حكيماً، فأكرمه فعرف أعداؤه السلطان أنه عند صاحب نسا؛ فقال لوزيره: اكتب إلى صاحب نسا ان ابعث إلينا رأس أبي علي! فكتب إلى صاحب نسا: ان كان أبو علي عندك فابعده سريعاً! وكتب بعد يوم على يد قاصد آخر ان ابعث إلينا رأس أبي علي. فلما وصل القاصد الأول أبعده، فلما وصل الثاني قال: إنه كان عندنا فمشى منذ مدة! فعزم أبو علي طبرستان خدمة شمس المعالي قابوس بن وشمكير، وكان ملكاً فاضلاً حكيماً، فلما ورد طبرستان كان قابوس محبوساً في قلعة، فأتى ارض الجبال مملكة آل بويه خائفاً، فورد همذان وقصد فصاداً يفصد الناس. فطلب يوماً لفصد امرأة فلما رآها قال: الفصد لا يصلح لها، وأبى. فطلبوا غيره فلما فصدها غشي عليها فقالوا لأبي علي: كنت أنت مصيباً فدبر أمرها. فوصف شيئاً من المقويات فصلحت، فتعجبوا من ذكائه وقالوا: إنه طبيب جيد.
ومرضت امرأة من بنات الملوك وعجز الأطباء عن علاجها، فرآها أبو علي