الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاراب
ولاية في تخوم الترك بقرب بلاد ساغو، مقدارها في الطول والعرض أقل من يوم، إلا أن بها منعة وبأساً. وهي أرض سبخة ذات غياض.
ينسب إليها الأديب الفاضل إسماعيل بن حماد الجوهري، صاحب كتاب صحاح اللغة، وكذلك خاله إسحق بن إبراهيم، صاحب ديوان الأدب، ومن العجب أنهما كانا من أقصى بلاد الترك، وصارا من أئمة العربية!
فرغانة
ناحية بما وراء النهر متاخمة لبلاد الترك كثيرة الخيرات وافرة الغلات؛ قال ابن الفقيه: بناها أنوشروان كسرى الخير. نقل إليها من كل أهل بيت وسماها هرخانه، بها جبال ممتدة إلى بلاد الترك، وفيها من الأعناب والتفاح والجوز وسائر الفواكه، ومن الرياحين الورد والبنفسج وغيرهما، كلها مباح لا مالك لها، وفيها وفي أكثر جبال ما وراء النهر الفستق المباح. وبها من المعادن معدن الذهب والفضة والزئبق والحديد والنحاس، والفيروزج والزاج والنوشاذر والنفط والقير والزفت، وبها جبل تحترق حجارته مثل الفحم، يباع، وإذا احترق يستعمل رماده في تبييض الثياب؛ قال الاصطخري: لا أعرف مثل هذا الحجر في جميع الأرض. وبها عيون ماؤها يجمد في الصيف عند شدة الحر، وفي الشتاء يكون حاراً جداً حتى يأوي إليها السوام لدفء موضعها.
قسطنطينية
دار ملك الروم، بينها وبين بلاد المسلمين البحر الملح، بناها قسطنطين بن سويروس صاحب رومية، وكان في زمن شابور ذي الأكتاف، وجرى بينهما محاربات استخرج الحكماء وضعها. لم يبن مثلها قبلها ولا بعدها، والحكاية عن عظمها وحسنها كثيرة، وهذه صورتها:
والآن لم تبق على تلك الصورة، لكنها مدينة عظيمة. بها قصر الملك يحيط به سور دورته فرسخ، له ثلثمائة باب من حديد، فيه كنيسة الملك، وقبتها من ذهب، لها عشرة أبواب: ستة من ذهب، وأربعة من فضة. والموضع الذي يقف فيه الملك أربعة أذرع في أربعة أذرع، مرصع بالدر والياقوت، والموضع الذي يقف فيه القس ستة أشبار من قطعة عود قماري.
وجميع حيطان الكنيسة بالذهب والفضة، وبين يديه اثنا عشر عموداً، كل عمود أربعة أذرع، وعلى رأس كل عمود تمثال، إما صورة آدمي أو ملك أو فرس أو أسد أو طاووس أو فيل أو جمل. وبالقرب منه صهريج، فإذا
أرسل فيه الماء امتلأ، يصعد الماء إلى تلك التماثيل التي على رؤوس الأساطين، فإذا كان يوم الشعانين، وهو عيدهم، في الصهريج حياض ملؤها حوض زيتاً وحوض خمراً وحوض عسلاً، وحوض ماءً ورداً وحوض خلاً، وطيبوها بالمسك والقرنفل، وحوض ماء صافياً. ويغطى الصهريج بحيث لا يراه أحد فيخرج الماء والشراب والمائعات من أفواه تلك الصور، فيتناول الملك وأصحابه وجميع من خرج معه إلى العيد.
وبقرب الكنيسة عمود طوله ثلاثمائة ذراع وعرضه عشرة أذرع، وفوق العمود قبر قسطنطين الملك الذي بنى الكنيسة، وفوق القبر تمثال فرس من صفر، وعلى الفرس صنم على صورة قسطنطين، على رأسه تاج مرصع بالجواهر، ذكروا أنه كان تاج هذا الملك، وقوائم الفرس محكمة بالرصاص على الصخرة، ما عدا يده اليمنى فإنها سائبة في الهواء، ويد الصنم اليمنى فإنها في الجو كأنه يدعو الناس إلى قسطنطينية، وفي يده اليسرى كرة، وهذا العمود يظهر في البحر من مسيرة بعض يوم للراكب في البحر، واختلفت أقاويل الناس فيها: فمنهم مني قول في يد الصنم طلسم يمنع العدو عن البلد، ومنهم من يقول: على الكرة التي بيده مكتوب: ملكت الدنيا حتى صارت بيدي هكذا، يعني كهذه الكرة، وخرجت منها مبسوط اليد هكذا. والله أعلم.
ومن عجائب الدنيا ما ذكره الهروي، وهو منارة قسطنطينية، وهي منارة موثقة بالرصاص والحديد، وهي في الميدان إذا هبت رياح أمالتها جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً من أصل كرسيها. ويدخل الناس الخزف والجوز في خلل بنائها فتطحنها.
وبها فنجان الساعات: اتخذ فيه اثنا عشر باباً، لكل باب مصراع طوله شبر على عدد الساعات، كلما مرت ساعة من ساعات الليل أو النهار انفتح باب وخرج منه شخص، ولم يزل قائماً حتى تتم الساعة، فإذا تمت الساعة دخل ذلك الشخص ورد الباب، وانفتح باب آخر وخرج منه شخص آخر على هذا المثال.