الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحكي أن الإسكندر لما فتح تلك البلاد ودخل هذا البيت أعجبه، فكتب إلى أرسطاطاليس وأطنب في وصف قبة هذا البيت فأجابه أرسطو: إني رأيتك تتعجب من قبة عملها الآدميون، وتدع التعجب من هذه القبة المرفوعة فوقك، وما زينت به من الكواكب وأنوال الليل والنهار! وسأل عثمان بن عفان عبد الله بن عامر عن السند فقال: ماؤها وشل، وتمرها دقل، ولصها بطل! إن قل الجيش بها ضاعوا وإن كثروا جاعوا! فترك عثمان غزوها.
وبها نهر مهران، وهو نهر عرضه كعرض دجلة أو أكثر، يقبل من المشرق آخذاً إلى الجنوب متوجهاً نحو المغرب، ويقع في بحر فارس أسفل السند؛ قال الاصطخري: نهر مهران يخرج من ظهر جبل يخرج منه بعض أنهار جيحون، ثم يظهر بناحية ملتان على حد سمندور، ثم على المنصورة ثم يقع في البحر شرقي الديبل، وهو نهر كبير عذب جداً، وان فيه تماسيح كما في نيل مصر، وقيل: إن تماسيح نهر السند أصغر حجماً وأقل فساداً. وجري نهر السند كجري نهر النيل، يرتفع على وجه الأرض ثم ينصب، فيزرع عليه كما يزرع بأرض مصر على النيل.
سومناة
بلدة مشهورة من بلاد الهند على ساحل البحر بحيث تغلبه أمواجه.
كان من عجائبها هيكل فيه صنم اسمه سومناة، وكان الصنم واقفاً في وسط هذا البيت لا بقائمة من أسفله تدعمه، ولا بعلاقة من أعلاه تمسكه، وكان أمر هذا الصنم عظيماً عند الهند، من رآه واقفاً في الهواء تعجب، مسلماً كان أو كافراً، وكانت الهند يحجون إليه كل ليلة خسوف، يجتمع عنده ما يزيد على مائة ألف إنسان، وتزعم الهند أن الأرواح إذا فارقت الأجساد اجتمعت إليه وهو ينشئها في من شاء، كما هو مذهب أهل التناسخ، وان المد والجزر عبادة
البحر له. وكانوا يحملون إليه من الهدايا كل شيء نفيس، وكان له من الوقوف ما يزيد على عشرة آلاف قرية.
ولهم نهر يعظمونه، بينه وبين سومناة مائتا فرسخ، يحمل ماؤها إلى سومناة كل يوم ويغسل به البيت، وكانت سدنته ألف رجل من البراهمة لعبادته وخدمة الوفود، وخمسمائة أمة يغنين ويرقصن على باب الصنم، وكل هؤلاء كانت أرزاقهم من أوقاف الصنم، وأما البيت فكان مبنياً على ست وخمسين سارية من الساج المصفح بالرصاص، وكانت قبة الصنم مظلمة وضوءها كان من قناديل الجوهر الفائق، وعنده سلسلة ذهب وزنها مائتا من، كلما مضت طائفة من الليل حركت السلسلة فتصوت الأجراس فتقوم طائفة من البراهمة للعبادة.
حكي أن السلطان يمين الدولة، محمود بن سبكتكين، لما غزا بلاد الهند سعى سعياً بليغاً في فتح سومناة وتخريبها، طمعاً بدخول الهند في الإسلام، فوصل إليها منتصف ذي القعدة سنة ست عشرة وأربعمائة، فقاتل الهنود عليها أشد القتال، وكان الهند يدخلون على سومناة ويبكون ويتضرعون، ثم يخرجون إلى القتال فقوتلوا حتى استوعبهم الفناء، وزاد عدد القتلى على خمسين ألفاً، فرأى السلطان ذلك الصنم وأعجبه أمره وأمر بنهب سلبه وأخذ خزانته، فوجدوا أصناماً كثيرة من الذهب والفضة وستوراً مرصعة بالجواهر، كل واحد منها بعث عظيم من عظماء الهند. وكانت قيمة ما في بيوت الأصنام أكثر من عشرين ألف دينار.
ثم قال السلطان لأصحابه: ماذا تقولون في أمر هذا الصنم ووقوفه في الهواء بلا عماد وعلاقة؟ فقال بعضهم: إنه علق بعلاقة وأخفيت العلاقة عن النظر، فأمر السلطان شخصاً أن يذهب إليه برمح، ويدور به حول الصنم وأعلاه وأسفله، ففعل وما منع الرمح شيء. وقال بعض الحاضرين: إني أظن أن القبة من حجر المغناطيس، والصنم من الحديد، والصانع بالغ في تدقيق صنعته، وراعى تكافؤ قوة المغناطيس من الجوانب، بحيث لا تزيد قوة جانب على الجانب الآخر، فوقف