المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عجيبة، وكان المعتصم والواثق والمتوكل بنوا بها قصوراً، والمتوكل اشتق - آثار البلاد وأخبار العباد

[زكريا القزويني]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌خطبة الكتاب

- ‌المقدمة الاولى

- ‌في الحاجة الداعية إلى إحداث المدن والقرى

- ‌المقدمة الثانية

- ‌في خواص البلاد

- ‌الفصل الأول

- ‌في تأثير البلاد في سكانها

- ‌الفصل الثاني

- ‌في تأثير البلاد في المعادن والنبات والحيوان

- ‌المقدمة الثالثة

- ‌في أقاليم الأرض

- ‌الاقليم الاول

- ‌إرم ذات العماد

- ‌البجة

- ‌بكيل

- ‌بلاد التبر

- ‌بلاد الحبشة

- ‌بلاد الزنج

- ‌بلاد السودان

- ‌بلاد النوبة

- ‌تغارة

- ‌تكرور

- ‌جابرسا

- ‌جاوة

- ‌جزاير الخالدات

- ‌جزيرة الرامني

- ‌جزيرة زانج

- ‌جزيرة سكسار

- ‌جزيرة القصار

- ‌جزيرة النساء

- ‌جزيرة واق واق

- ‌جوف

- ‌حرث

- ‌حضرموت

- ‌دلان ودموران

- ‌دنقلة

- ‌ذات الشعبين

- ‌ذمار

- ‌سبأ

- ‌سجلماسة

- ‌سرنديب

- ‌سفالة

- ‌سلوق

- ‌سمهر

- ‌سندابل

- ‌الشحر

- ‌شعب

- ‌شمخ

- ‌شيلا

- ‌صنعاء

- ‌الصين

- ‌ظفار

- ‌عمان

- ‌غانة

- ‌غدامس

- ‌قاع

- ‌قلعة الشرف

- ‌كاكدم

- ‌كله

- ‌كنام

- ‌كوار

- ‌لنجوية

- ‌مأرب

- ‌مذيخرة

- ‌مرباط

- ‌مسور

- ‌مقدشو

- ‌مقرى

- ‌مهرة

- ‌وبار

- ‌ورور

- ‌ اليمن

- ‌الاقليم الثاني

- ‌الأبلق

- ‌أجأ وسلمى

- ‌ارام

- ‌البحرين

- ‌بدر

- ‌تبت

- ‌تكناباذ

- ‌جاجلى

- ‌جزيرة برطاييل

- ‌جزيرة جابة

- ‌جزيرة سقطرى

- ‌جزيرة السلامط

- ‌جزيرة سيلان

- ‌جزيرة الشجاع

- ‌جزيرة القصر

- ‌الحجاز

- ‌الحجر

- ‌خط

- ‌خيبر

- ‌رحا بطان

- ‌زغر

- ‌زويلة

- ‌السند

- ‌سومناة

- ‌صنف

- ‌صيمور

- ‌الطائف

- ‌طيفند

- ‌عدن

- ‌فاس

- ‌فيصور

- ‌قبا

- ‌قزدار

- ‌قشمير

- ‌قمار

- ‌كلبا

- ‌كله

- ‌كنزة وقران

- ‌كولم

- ‌مدينة يثرب

- ‌المشقر

- ‌مغمس

- ‌مراكش

- ‌مكة

- ‌ملتان

- ‌مليبار

- ‌منىً

- ‌مندورفين

- ‌مندل

- ‌المنصورة

- ‌مهيمة

- ‌نجران

- ‌الندهة

- ‌الهند

- ‌يترب

- ‌ اليمامة

- ‌الاقليم الثالث

- ‌أبرقوه

- ‌أبسوج

- ‌أبيار

- ‌أجر

- ‌إخميم

- ‌أرجان

- ‌الأردن

- ‌أريحا

- ‌الإسكندرية

- ‌أسيوط

- ‌إصطخر

- ‌إفريقية

- ‌أفيق

- ‌أنصنا

- ‌أنطاكية

- ‌أنطرطوس

- ‌أورم الجوز

- ‌الأهواز

- ‌أيلة

- ‌باميان

- ‌بداً

- ‌براق

- ‌البشمور

- ‌بعلبك

- ‌بلقاء

- ‌بلينا

- ‌بلرم

- ‌بنارق

- ‌بنزرت

- ‌بيت لحم

- ‌ بيت المقدس

- ‌بلاد بربر

- ‌البيضاء

- ‌تاهرت

- ‌تدمر

- ‌تستر

- ‌تلمسان

- ‌تنس

- ‌تونس

- ‌التيه

- ‌الجابية

- ‌جاشك

- ‌جالطة

- ‌جزيرة تنيس

- ‌أنواع الطيور التي توجد بجزيرة تنيس

- ‌ويعرف بها من السمك تسعة وسبعون نوعاً

- ‌جزيرة الجساسة

- ‌جزيرة الكنيسة

- ‌جفار

- ‌جنابة

- ‌جور

- ‌جيرفت

- ‌جيزة

- ‌حلب

- ‌حمص

- ‌حوران

- ‌الحيرة

- ‌خبيص

- ‌خربة الملك

- ‌الخليل

- ‌دارا

- ‌دارابجرد

- ‌دمشق

- ‌دمندان

- ‌دمياط

- ‌دندرة

- ‌دورق

- ‌دورقستان

- ‌دير أبي هور

- ‌دير أتريب

- ‌دير أيوب

- ‌دير سمعان

- ‌دير طور سينا

- ‌دير الطير

- ‌دير نهيا

- ‌الرصافة

- ‌الرقادة

- ‌زكندر

- ‌سابور

- ‌سبتة

- ‌سجستان

- ‌سخا

- ‌سدوم

- ‌سمنود

- ‌سنجل

- ‌سنون

- ‌سوبلا

- ‌سيراف

- ‌سيرجان

- ‌سيلون

- ‌الشام

- ‌شرشال

- ‌شطا

- ‌شعب بوان

- ‌شيراز

- ‌سقياً لدشت الأرزن الطوّال

- ‌الصعيد

- ‌صفت

- ‌صفين

- ‌صقلية

- ‌صور

- ‌طبرستان

- ‌طبرية

- ‌طرسوس

- ‌العباسة

- ‌العريش

- ‌عزاز

- ‌عسقلان

- ‌عسكر مكرم

- ‌عكة

- ‌عين جارة

- ‌عين الشمس

- ‌الغريان

- ‌غزة

- ‌الغوطة

- ‌فارس

- ‌فرغانة

- ‌الفسطاط

- ‌فيروزاباد

- ‌الفيوم

- ‌القادسية

- ‌القاهرة

- ‌قبرس

- ‌قرية صاهك

- ‌قرية عبد الرحمن

- ‌قفط

- ‌قلعة النجم

- ‌القيروان

- ‌قيس

- ‌كابل

- ‌كاريان

- ‌كازرون

- ‌كدال

- ‌كرد فناخسرو

- ‌كركويه

- ‌كرمان

- ‌كفرطاب

- ‌كفرمندة

- ‌كفرنجد

- ‌كلز

- ‌كوزا

- ‌الكوفة

- ‌اللاذقية

- ‌اللجون

- ‌ماردين

- ‌ماسبدان

- ‌مجانة

- ‌محجة

- ‌مدين

- ‌مرسى الخرز

- ‌المرقب

- ‌مريسة

- ‌مريوط

- ‌مصر

- ‌المزة

- ‌المطرية

- ‌معرة النعمان

- ‌مكران

- ‌مليانة

- ‌منبج

- ‌منف

- ‌منية هشام

- ‌موتة

- ‌مورجان

- ‌المهدية

- ‌نابلس

- ‌ناصرة

- ‌نفزاوة

- ‌وادي الرمل

- ‌وادي موسى

- ‌وادي النمل

- ‌واقصة

- ‌ودان

- ‌هجر

- ‌هراة

- ‌هنديجان

- ‌هنديان

- ‌هيت

- ‌يابسة

- ‌ياقد

- ‌يزد

- ‌الاقليم الرابع

- ‌آبه

- ‌آذربيجان

- ‌آرشت وناشقين

- ‌آمل

- ‌أبلة

- ‌أبهر

- ‌أبيورد

- ‌إربل

- ‌اردبهشتك

- ‌أردبيل

- ‌أرسلان كشاد

- ‌أرمية

- ‌أستوناوند

- ‌أسفجين

- ‌أسفرايين

- ‌اشتروين

- ‌أصفهان

- ‌أفشنة

- ‌الموت

- ‌إيذج

- ‌إيراوه

- ‌ايلابستان

- ‌بابل

- ‌بالس

- ‌بدخشان

- ‌برقعيد

- ‌بروجرد

- ‌بسطام

- ‌البصرة

- ‌بغداد

- ‌بغشور

- ‌بلاد الديلم

- ‌بلخ

- ‌بلد

- ‌بلور

- ‌بنان

- ‌بوشنج

- ‌باخرز

- ‌بيهق

- ‌تبريز

- ‌تهران

- ‌جاجرم

- ‌الجبال

- ‌ جبل

- ‌جرباذقان

- ‌جرجان

- ‌جرجرايا

- ‌الجزيرة

- ‌جوهسته

- ‌جوين

- ‌جيلان

- ‌الحضر

- ‌حصن الطاق

- ‌حلوان

- ‌الحويزة

- ‌الحيرة

- ‌حيزان

- ‌خاوران

- ‌خراسان

- ‌خرقان

- ‌خوار

- ‌خواف

- ‌خوست

- ‌دامسيان

- ‌دامغان

- ‌داوردان

- ‌دور

- ‌دوراق

- ‌ديار بكر

- ‌دير الجب

- ‌دير الجودي

- ‌دير حزقيل

- ‌دير الخنافس

- ‌دير سعيد

- ‌دير العذارى

- ‌دير القيارة

- ‌دير كردشير

- ‌دير متى

- ‌دير مر توما

- ‌دير مر جرجيس

- ‌رأس العيس

- ‌رحبة الشام

- ‌روذبار

- ‌روذراور

- ‌رويان

- ‌الري

- ‌زاوه

- ‌زراعة

- ‌زز

- ‌زنجان

- ‌ساباط

- ‌سامرا

- ‌ساوه

- ‌سبران

- ‌سرجهان

- ‌سرخس

- ‌سلماس

- ‌سميرم

- ‌سناباذ

- ‌سنجار

- ‌سهرورد

- ‌شاذياخ

- ‌شاه دز

- ‌شكمبة

- ‌شهرزور

- ‌شهرستان

- ‌شيز

- ‌صيمرة

- ‌طالقان

- ‌الطاهرية

- ‌طبرستان

- ‌طبس

- ‌طرابلس

- ‌طرق

- ‌طرزك

- ‌طروز

- ‌طمغاج

- ‌طوس

- ‌طيب

- ‌طيزناباد

- ‌عانة

- ‌عبادان

- ‌عبد الله اباذ

- ‌العراق

- ‌عزان

- ‌عقرقوف

- ‌غرشستان

- ‌غريان

- ‌غزنة

- ‌الغور

- ‌فراهان

- ‌فم الدبل

- ‌فنك

- ‌قاشان

- ‌قرميسين

- ‌قزوين

- ‌قصران

- ‌قصر شيرين

- ‌قم

- ‌كران

- ‌كرخ

- ‌كركان

- ‌كسكر

- ‌كشم

- ‌كندر

- ‌كنكور

- ‌كوثى

- ‌لنبان

- ‌ليخواست

- ‌ماذران

- ‌ماذروستان

- ‌ماهاباذ

- ‌ماوشان

- ‌المدائن

- ‌مرو

- ‌المشان

- ‌المطيرة

- ‌الموصل

- ‌ميسان

- ‌ناووس الظبية

- ‌نسا

- ‌نخشب

- ‌نصراباذ

- ‌نصيبين

- ‌نضيراباذ

- ‌النعمانية

- ‌نهاوند

- ‌النهروان

- ‌نيسابور

- ‌نينوى

- ‌واسط

- ‌ورجند

- ‌هراة

- ‌همذان

- ‌يل

- ‌يمكان

- ‌الاقليم الخامس

- ‌آمد

- ‌أبروق

- ‌أران

- ‌أرزنجان

- ‌أرزن الروم

- ‌ارطانة

- ‌أرمية

- ‌أرمينية

- ‌الأشبونة

- ‌اشبيلية

- ‌أفرنجة

- ‌أفسوس

- ‌أفلوغونيا

- ‌إلبيرة

- ‌ الش

- ‌الأندلس

- ‌أنقرة

- ‌باب الابواب

- ‌بتم

- ‌بجانة

- ‌بخارى

- ‌ بذ

- ‌برذعة

- ‌بسطة

- ‌بلقوار

- ‌بلنسية

- ‌بيضاء

- ‌بيلقان

- ‌تركستان

- ‌تفليس

- ‌جرجانية

- ‌جنبذق

- ‌جنزة

- ‌ختلان

- ‌خلاط

- ‌خوارزم

- ‌خوي

- ‌خيوق

- ‌دير برصوما

- ‌الروم

- ‌رندة

- ‌روين دز

- ‌زمخشر

- ‌سبتة

- ‌سبرى حصار

- ‌سرقسطة

- ‌سمرقند

- ‌سيواس

- ‌شاش

- ‌شاطبة

- ‌شاشين

- ‌شبلية

- ‌شغنسة

- ‌شلب

- ‌شنترة

- ‌شنترين

- ‌شنت مرية

- ‌شنقنيرة

- ‌صغد

- ‌طراز

- ‌طرطوشة

- ‌طركونة

- ‌طلبيرة

- ‌ طليطلة

- ‌غرناطة

- ‌غنجرة

- ‌فاراب

- ‌فبرة

- ‌فراغة

- ‌فرمنتيرة

- ‌فهمين

- ‌قادس

- ‌قاليقلا

- ‌قرطبة

- ‌قسطلونة

- ‌قلعة اللان

- ‌قيصرية

- ‌كش

- ‌كند

- ‌لبلة

- ‌لشبونة

- ‌لورقة

- ‌مالطة

- ‌ما وراء النهر

- ‌مدينة النحاس

- ‌مراغة

- ‌مربيطر

- ‌المستطيلة

- ‌المصيصة

- ‌ملطية

- ‌موغان

- ‌ميافارقين

- ‌هرقلة

- ‌هزاراسب

- ‌وادي الحجارة

- ‌وشلة

- ‌والوطة

- ‌ياسي جمن

- ‌يونان

- ‌الاقليم السادس

- ‌أبولدة

- ‌اشت

- ‌أفرنجة

- ‌افش

- ‌انطرحت

- ‌ايرلاندة

- ‌باكويه

- ‌باني وأريشة

- ‌برذيل

- ‌برطاس

- ‌بلاد بجناك

- ‌بلاد بجا

- ‌بلاد بغراج

- ‌بلاد تاتار

- ‌بلاد التغزغز

- ‌بلاد جكل

- ‌بلاد الختيان

- ‌بلاد خرخيز

- ‌بلاد الخرلخ

- ‌بلاد الخزر

- ‌بلاد خطلخ

- ‌بلاد الروس

- ‌بلاد الروم

- ‌بلاد الغز

- ‌بلاد كيماك

- ‌بلدة بهى

- ‌بيقر

- ‌تركستان

- ‌رذوم

- ‌رومية

- ‌زره كران

- ‌سد يأجوج ومأجوج

- ‌سقسين

- ‌شابر

- ‌شروان

- ‌شلشويق

- ‌شناس

- ‌ظاخر

- ‌فاراب

- ‌فرغانة

- ‌قسطنطينية

- ‌القليب

- ‌كرتنة

- ‌كرمالة

- ‌مدينة النساء

- ‌مغانجة

- ‌نيقية

- ‌الاقليم السابع

- ‌ باشغرت

- ‌باطن الروم

- ‌بجنة

- ‌برجان

- ‌بلغار

- ‌شوشيط

- ‌صقلاب

- ‌مشقة

- ‌واطر بورونة

- ‌ورنك

- ‌ويسو

- ‌يأجوج ومأجوج

- ‌يورا

الفصل: عجيبة، وكان المعتصم والواثق والمتوكل بنوا بها قصوراً، والمتوكل اشتق

عجيبة، وكان المعتصم والواثق والمتوكل بنوا بها قصوراً، والمتوكل اشتق من دجلة قناتين شتوية وصيفية، وتدخلان الجامع وتتخللان شوارع المدينة.

وفي جامعها السرداب المعروف الذي تزعم الشيعة ان مهديهم يخرج منه، لأنهم زعموا أن محمد بن الحسن دخل فيه، وكان على باب هذا السرداب فرس أصفر، سرجه ولجامه من الذهب إلى زمن السلطان سنجر بن ملكشاه. جاء يوم الجمعة إلى الصلاة فقال: هذا الفرس ههنا لأي شيء؟ فقالوا: ليخرج من هذا الموضع خير الناس يركبه. فقال: ليس يخرج منه خير مني! وركبه. زعموا أنه ما كان مباركاً لأن الغز غلبته وزال ملكه. ولم تزل سامرا في زيادة عمارة من أيام المعتصم إلى أيام المستعين، فعند ذلك قويت شوكة الأتراك ووقعت المخالفة في الدولة، فلم تزل في نقص إلى زمان المعتضد بالله، فإنه انتقل إلى بغداد وترك سامرا بالكلية، فلم يبق بها إلا كرخ سامرا وموضع المشهد والباقي خراب يباب، يستوحش الناظر إليها بعد ان لم يكن في الأرض أحسن ولا أجمل ولا أوسع ملكاً منها. فسبحان من يقلب الأمور ولا يتغير بتغير الأزمنة والدهور! قال ابن المعتز:

غدت سرّ من را في العفاء فيا لها

قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل

تفرّق أهلوها ولم يعف رسمها

لما نسجته من جنوبٍ وشمأل

إذا ما امرؤٌ منهم شكا سوء حاله

يقولون: لا تهلك أسىً وتجمّل!

‌ساوه

مدينة طيبة كثيرة الخيرات والثمرات والمياه والأشجار، في وهدة من الأرض. وكانت في قديم الزمان على ساحل بحيرة غاضت عند مولد النبي، صلى الله عليه وسلم، ورأيت موضع البحيرة زرعوه شعيراً. وحدثني بعض مشايخها انه شاهد السفينة تجري فيها. وأهل ساوه مخصوصون بحسن الصورة

ص: 386

واستقامة الطبع، ومعرفة وزن الشعر وعلم الغناء، وذلك يترشح منهم حتى من نسائهم وصبيانهم، وكلهم على مذهب الشافعي، ما فيها واحد يخالفهم إلا الغريب.

وبها رباطات ومدارس ومارستانات والطاق الذي على باب الجامع، وهو طاق عال جداً مثل طاق كسرى، على طرفيه منارتان في غاية العلو ليس في شيء من البلاد مثله. وفي وسط الجامع خزانة الكتب المنسوبة إلى الوزير أبي طاهر الخاتوني، فيها كل كتاب معتبر كان في زمانه مع أشياء نادرة من الخطوط المنسوبة والاصطرلابات والكرات.

ومن عجائبها أن الترنجبين يقع في كل ثلاثين سنة بأرضها على الشوك الذي يختص به، ويكثر حتى يجمع ويبتاع على الناس منه شيء كثير، وأنا شاهدت ذلك مرة.

وينسب إليها القاضي عمر بن سهلان. كان أديباً فقيهاً حكيماً خصه الله تعالى بلطافة الطبع وفطانة الذهن، وفصاحة الكلام ومتانة البيان. جميع تصانيفه حسن، وكان معاصر الإمام حجة الاسلام الغزالي.

ومن عجائب ما حكي من لطف الله تعالى في حقه انه قال: أردت الاشتغال بالعلوم وما كان لي مال ولم يبن في ذلك الوقت شيء من المدارس، وكان له خط في غاية الحسن، قال: كتبت ثلاث نسخ من كتاب الشفاء لأبي علي بن سينا، وكان إذ ذاك للشفاء رواج عظيم، بعت كل نسخة بمائة دينار وأودعت ثمنها ثلاثمائة دينار عند بزاز صديق لي. وكلما احتجت أخذت منها وأنفقت حتى غلب علي ظبي اني استوفيتها، فانقطعت عنه، فرآني الرجل وقال: ما لي أراك تأخرت عن طلب النفقة؟ قلت: لأني استوفيتها! قال: لا، بعد أكثره باق! فكنت أمشي إليه بعد ذلك مرة أخرى ثم انقطعت لما علمت اني استوفيت أكثر من مالي، فرآني وقال: ما سبب انقطاعك؟ قلت: جزاك الله عني خيراً! اني استوفيت أكثر من مالي! فقال: لا تنقطع فإنه قد بقي منها بعد كثير!

ص: 387

فكنت أمشي مرة أخرى مستحياً ثم انقطعت بالكلية، فرآني الرجل وسأل ان لا أنقطع فامتنعت، فلما ايس عن ذلك أخرج من كمه ثلاثمائة دينار وقال: هذا رأس مالك والذي أخذته مكسبها، لأني كنت أتجر لك عليها، ولله تعالى الحمد إذ وفقني لبعض قضاء حاجة مثلك.

وينسب إليها القاضي عدة. كان واعظاً ظريفاً حلو الكلام يرى الملوك له. حكي انه كان يعقد مجلس الوعظ بهمذان، وينفي التشبيه والقوم لم يقدروا عليه لمكانته عند السلطان، فكانوا يكتبون إليه رقاعاً ويشتمونه فيها في نفسه وأهله وأولاده، وهو يقول: قد كتبوا كيت وكيت وهذا ممكن، لكن وجود الإله على العرش محال! وحكي أن بعض الملوك أراد رسولاً يبعثه إلى ملك آخر، فعينوا على القاضي عدة فقالوا: انه جيد لكنه يفسد الرسالة بطلب المال! فقال: حلفوه أن لا يطلب شيئاً! فحلفوه وبعثوه، فلما ذهب إليهم صبر أياماً لم يبعث إليه أحد شيئاً غير المرسل إليه، فعقد مجلساً وقال: يا قوم، إن مرسلي حلفني أن لا أطلب من أحد شيئاً، فقولوا أنتم من حلفكم أن لا تبعثوا إلي شيئاً؟ وله حكايات عجيبة من هذا الجنس، وبهذا مقنع.

وينسب إليها التاج محمد الواعظ المعروف بشجويه. كان واعظاً فقيهاً حلو الكلام عذب اللهجة، ذا قبول عند الخواص والعوام، وكان وعظه معائب طبقات الناس، فإذا حضر ملك يقول: أيها الملك، ماذا تقول في عبد لبعض الملوك، اصطفاه سيده في حال هوانه وأفاض إليه أنواع إحسانه، وفوض إليه أمر البلاد وجعل بيده أزمة العباد، ثم ان هذا العبد خرب بلاده وقهر بالظلم عباده، وخالف أمر سيده وعصى وتجاوز عن حده واعتدى، فهل يستحق هذا العبد من سيده إلا العذاب العظيم والعقاب الأليم؟ ثم قال: أنت ذلك العبد أيها الملك، إن الله اصطفاك على العباد وجعل بيدك أمر البلاد، وأمرك بالعدل والإحسان ونهاك عن الظلم والطغيان، وأنت نهارك مصروف في غصب

ص: 388

الأموال وسفك الدماء، وليلك بالفسق والفجور، فما استحق من الله تعالى كفى بنفسك! وكان يقول في العالم: أيها العالم إذا جاءك المستفتي تقول لا مساغ لسؤالك في الشرع أصلاً، وإذا ترك القرطاس تحت المصلى يكون ذلك وجهاً عن الصيدلاني أو الكرابيسي أو الاصطخري. ويقول في المتصوفية: أيها الشيخ إذا حضرت الدعوة تأكل أكل البعير ولو كان حراماً، وتسمي ابن صاحب المنزل شاهداً وزوجته سكرجة، وتترك العفاف خلف الزلى. وهذا من اصطلاحات الصوفية، والعفاف ليس يتخذونه لمذاكيرهم بتركه خلف الزلى. وفي اليوم الثاني يمشي يقول: فقير قد نسي خرقة خلف الزلى، ليعرفهم أنه صاحب العفاف الكبير، فمن له إليه حاجة يطلبه، فكان يتخذ لكل طبقة من طبقات الناس عيباً على هذا المثال.

وينسب إليها جماعة ما كان لهم نظير في وقتهم مثل عماد الملك، وزير السلطان خوارزمشاه، كان وزيراً ذا رأي وعلم.

وتاج الدين كمالان. كان عالماً ذا فنون من الخلاف والأصول والمذهب.

وبها المسكوي الطبيب. كان طبيباً فاضلاً وحيد دهره.

وسعد المغني فإنه جمع بين الصوت والصنعة، وله أقوال يتعجب منها أهل تلك الصنعة.

ومنها رتك المصارع. طاف أكثر البلاد وصارع كل مصارع فيها وغلبه ولم يغلب قط.

ومنها الصفي كانون الشطرنجي، فإنه كان يطرح الفرس لمن كان في الطبقة العالية.

ومن عاداتهم المحاجزة، وهي أن القوم إذا كان فصل الربيع كل جمعة بعد الصلاة خرج من محلتين من كل واحدة منهما مائتان أو ثلاثمائة غلام، يلتقون صفين عراة ويتلاكمون أشد الملاكمة، ولا يزال كذلك إلى أن ينهزم أحد الصفين.

ص: 389