الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبادان
جزيرة تحت البصرة قرب البحر الملح، فإن دجلة إذا قاربت البحر تفرقت فرقتين عند قرية تسمى المحرزي: فرقة تذهب إلى ناحية البحرين وهي اليمنى، واليسرى تذهب إلى عبادان وسيراف والحنابة، وعبادان في هذه الجزيرة وهي مثلثة الشكل، وإنما قالوا: ليس وراء عبادان قرية لأن وراءها بحراً.
ومن عجائبها أن لا زرع بها ولا ضرع، وأهلها متوكلون على الله يأتيهم الرزق من أطراف الأرض. وفيها مشاهد ورباطات وقوم مقيمون للعبادة منقطعون عن أمور الدنيا، وأكثر موادهم من النذور.
عبد الله اباذ
قرية بين قزوين وهمذان. بها حمة عجيبة ليس في شيء من البلاد مثلها، وذلك ان الماء يفور منها فوراناً شديداً قدر قامة وأكثر، وإذا تركت البيضة على عمود الماء النابع تبقى عليها وتسلقها حرارة الماء. ويجتمع هذا الماء في حوض يأتيه أصحاب العاهات ويستحمون به، ينفعهم نفعاً عظيماً بيناً.
العراق
ناحية مشهورة، وهي من الموصل إلى عبادان طولاً، ومن القادسية إلى حلوان عرضاً. أرضها أعدل أرض الله هواء وأصحها تربة وأعذبها ماء. وهي كواسطة القلادة من الاقليم، وأهلها أصحاب الأبدان الصحيحة والأعضاء السليمة، والعقول الوافرة والآراء الراجحة وأرباب البراعة في كل صناعة. والغالب عليهم الغدر لكثرة الأشرار ومكر الليل والنهار. أقام بها عبد الله بن المبارك سبعة عشر يوماً تصدق بسبعة عشر درهماً كفارة لذلك. وأهلها مخصوصون ببغض الغرباء خصوصاً العجم.
ويقال لأهل العراق نبط؛ قالوا: نبط كان اسم رجل شرير كثرت جناياته في زمن سليمان بن داود، عليه السلام، فأمر بحبسه، فاستغاث منه أهل الحبس إلى سليمان من كثرة سعايته ونميمته، والقائه الشر بين أهل الحبس، فأمر سليمان، عليه السلام، بتقييده وحمله إلى حبس الشياطين، فاستغاث الشياطين وقالوا: يا نبي الله لا تجمع بين الحبس ومقاساة نبط! فرأى سليمان أن يأمره بشغل حتى يقل شره. وكان في الحبس امرأة مومسة، قيل لنبط: نريد منك أن تغسل هذا الصوف الأسود وتبيضه بالغسل، وأن تروح هذه المرأة حتى يلتحم فرجها بالترويح، فأمر بذلك ووكل به، ففعل ذلك مدة طويلة حتى ضجر، ثم أراد أن يجرب هل التحمت أم لا، فباشرها، فحملت منه وأتت بولد وصار له نسل بأرض العراق، فلهذا ترى السعاية والنميمة والفجور في النبط كثيراً لأنها شيمة أبيهم نبط! وحكي أن عبد الله بن المبارك قيل له: كيف رأيت أهل العراق؟ قال: ما رأيت بها إلا شرطياً غضبان! بها نهر دجلة، مخرجه من جبل بقرب آمد عند حصن يعرف بحصن ذي القرنين، وهي هناك ساقية كلما امتد ينضم إليها مياه جبال ديار بكر، ثم يمتد إلى ميافارقين وإلى حصن كيفا، ثم إلى جزيرة ابن عمر ويحيط بها ثم إلى الموصل ثم إلى تكريت، وقبل ذلك ينصب إليه الزابان ويعظم بهما، ثم إلى بغداد ثم إلى واسط ثم البصرة ثم إلى عبادان وينصب إلى البحر. وماء دجلة من أعذب المياه وأخفها وأكثرها نفعاً لأن مجراه من مخرجه إلى مصبه في العمارات، وفي آخر الصيف يستعملونه كله بواسط والبصرة.
وروي عن ابن عباس أن الله تعالى أوحى إلى دانيال، عليه السلام، أن فجر لعبادي نهرين، واجعل مصبهما البحر، فقد أمرت الأرض أن تطيعك. فأخذ خشبة يجرها في الأرض والماء يتبعه، فكلما مر بأرض يتيم أو أرملة أو شيخ ناشده الله فيحيد عنها، فعواقيل دجلة والفرات من ذلك.
وبها نهر الفرات. مخرج الفرات من أرمينية ثم من قاليقلا، ويدور بتلك الجبال حتى يدخل أرض الروم، ويخرج إلى ملطية ثم إلى سميساط ثم إلى قلعة نجم ثم إلى الرقة ثم إلى عانة ثم إلى هيت، فيصير أنهاراً تسقي زروع السواد وما فضل منها انصب في دجلة، بعضه فوق واسط وبعضه بين واسط والبصرة، فيصير الفرات ودجلة نهراً عظيماً يصب في بحر فارس.
وروي أن أربعة أنهار من الجنة: النيل والفرات وسيحان وجيحان. وروي عن علي، رضي الله عنه، انه قال: يا أهل الكوفة، إن نهركم هذا يصب إليه ميزابان من الجنة.
وروي عن جعفر بن محمد الصادق انه شرب من الفرات فحمد الله وقال ما أعظم بركته! لو علم الناس ما فيه من البركة لضربوا على حافتيه القباب! ولولا ما يدخله من خطائين ما اغتمس فيه ذو عاهة إلا برأ.
وحكى السدي أن الفرات مد في زمن علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، فألقى رمانة في غاية العظم فأخذت فكان فيها كر حب قسمها بين المسلمين، فكانوا يرون أنها من الجنة. وهذا حديث مشهور في عدة كتب للعلماء.
ينسب إليها هشام بن الحكم، وكان معتزلياً يرجح علياً، فقال رجل: إني ألزمه أن يقول عند الخليفة إن علياً كان ظالماً! فلما حضر هشام عند الخليفة قال: أبا محمد، أنشدك بالله أما تعلم أن علياً نازع العباس عند أبي بكر؟ قال: نعم. قال: فمن كان الظالم منهما؟ فكره أن يقول العباس خوفاً من الخليفة، وكره أن يقول علي خوفاً من مخالفة اعتقاده، فقال: ما منهما ظالم! فقال الرجل: كيف يتنازعان ولا يكون أحدهما ظالماً؟ فقال: كما اختصم الملكان إلى داود، عليه السلام، وما منهما ظالم، وغرضهما تنبيه داود على الخطيئة؛ هكذا كان العباس وعلي، كان غرضهما تنبيه أبي بكر على خطيئته.
وينسب إليها يحيى بن معمر، أحضره الحجاج وقال: أنت الذي تقول الحسين بن علي من ذرية رسول الله؟ قال: نعم. قال: فوالله لتأتين بالمخرج
عما قلت أو لأضربن عنقك! فقال يحيى: إن جئت بالمخرج فأنا آمن؟ قال: نعم. قال: اقرأ وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم إلى قوله ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله وزكريا ويحيى وعيسى فمن يعد عيسى من ذرية إبراهيم لا يعد الحسين من ذرية محمد، عليه السلام؟ فقال الحجاج: والله كأني ما قرأت هذه الآية قط! فولاه قضاء المدينة، وكان قاضيها إلى أن مات.
وينسب إليها أبو محمد سليمان بن مهران الأعمش. قال عيسى بن يونس: ما رأينا في زماننا من الأعمش، فكان الأغنياء والملوك في مجلسه أحقر شيء، وهو محتاج إلى درهم! حكي انه يوم الشك من رمضان يأتيه الناس يستخبرون منه، فضجر من ذلك وترك بين يديه رمانة، كل من دخل عليه قبل أن يستخبر منه أخذ حبةً رماها في فمه، ليعلم أن اليوم ليس يوم صوم.
وحكي أن أبا حنيفة ذهب إليه فلما أراد الذهاب قال له: لا يكون ثقلت عليك! فقال: أنت في بيتك ثقيل علي فكيف في بيتي؟ وحكى أبو بكر بن عياش قال: دخلت على الأعمش في مرض موته فقلت: أدعو لك طبيباً؟ فقال: ما أصنع به؟ والله لو كانت نفسي بيدي لطرحتها في الحش! لا تؤذين أحداً واطرحني في لحدي! ولد الأعمش يوم قتل الحسين يوم عاشوراء سنة ستين، وتوفي في سنة ثمان وأربعين ومائة، وهو ابن ثمان وثمانين سنة.
وينسب إليها أبو الحسين سمنون بن حمزة صحب السري السقطي. كان من أولياء الله، ذكر انه لما أنشد:
وليس لي في سواك حظٌّ
…
فكيفما شئت فاختبرني
أخذ الأسر من ساعته، وكان يدور على المكاتب للصبيان ويقول: ادعوا لعمكم الكاذب! وحكى أبو أحمد المغازلي أنه كان ببغداد رجل أنفق على الفقراء أربعين
ألف درهم فقال لي سمنون: يا أبا أحمد، أما ترى هذا أنفق أربعين ألف درهم ونحن ما نجد شيئاً؟ فامض بي إلى موضع كذا نصلي بكل درهم أنفقه ركعة! فمضينا وصلينا أربعين ألف ركعة! وينسب إليها إبراهيم الآجري، رحمه الله، قال: أتاني يهودي له علي دين يتقاضاه، وأنا عند الشاخورة أوقدت ناراً تحت الآجر، فقال: يا إبراهيم أرني آية أسلم! قلت: أوتفعل ذلك؟ قال: نعم. فأخذت ثيابه ولففتها في وسط ثيابي ورميتها في الشاخورة، ثم دخلت الشاخورة وأخذت الثياب وخرجت من الباب الآخر، فإذا ثيابه في وسط ثيابي صارت حراقاً وثيابي بحالها. فلما رأى اليهودي ذلك أسلم!
وينسب إليها أبو الحسن علي بن الموفق، كان يقول: اللهم إن كنت تعلم أني أعبدك خوفاً من نارك فعذبني بها، وإن كنت تعلم اني أعبدك حباً لجنتك فاحرمنيها، وإن كنت تعلم أني أعبدك حباً مني لك وشوقاً إلى وجهك فاحنيه واصنع ما شئت! وحكي أنه وجد قرطاساً في الطريق، قال: فأخذته ووضعته في كمي وجلست أقرأه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن الموفق تخاف الفقر وأنا ربك؟ وحكي انه قال: تممت ستين حجة فلما فرغت من الطواف قعدت تحت الميزاب، فأنكرت في حالي عند الله تعالى وكثرة ترددي إلى هذا المكان، فغلبتني عيني فإذا قائل يقول: يا علي، هل تدعو إلى بيتك إلا من تحبه؟ فسري عني ما كنت فيه.
حكى محمد بن إسحق السراج قال: سمعت علي بن الموفق يقول: حججت نيفاً وخمسين حجة، فنظرت إلى ضجيج أهل الموقف فقلت: اللهم إن كان فيهم واحد لم تقبل حجه فقد وهبت حجتي له! فرجعت إلى المزدلفة وبت فيها، فرأيت في نومي رب العزة تعالى، فقال لي: يا علي بن الموفق أتتسخى علي؟ قد غفرت لأهل الموقف ولأمثالهم وشفعت كل واحد في أهل بيته وذريته