الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا: ((أتشفع في حد من حدود الله تعالى))؟. ثم قام فاختطب، ثم قال:((إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد! وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) (1).
هكذا كان الغضب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه هي مسوغاته في شرعة الإسلام، أن يكون لله، لا للنفس.
يجتنب السباب والفحش:
وإذا ما أخذ المسلم نفسه بهذا الخلق عند الغضب فبدهي ألا يجري على لسانه سباب أو هجر من القول أو فحش، ويعزز هذا الخلق في نفسية المسلم، وينزه لسانه عن السباب والفحش التزامه الصادق بتوجيهات الإسلام الخلقية التي نفرت من السباب والفحش والطعن واللعن تنفيرا جعل حس المسلم لا يطيق سماع مثل تلك العبارات:
فعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)) (2).
وقال: ((إن الله لا يحب كل فاحش متفحش)) (3).
وقال: ((إن الله تعالى يبغض الفاحش البذيء)) (4).
وقال: ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)) (5).
(1) متفق عليه.
(2)
متفق عليه.
(3)
رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات.
(4)
رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(5)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
إنها صفات لا تليق بالمسلم الذي استروح نسمات الإيمان الندية، وخالطت نفسه بشاشة الإسلام السمحة، ومن هنا هو عنها بعيد جد بعيد، وإنه ليزداد عنها بعدا كلما تبدت له الأسوة الحسنة مجسدة في رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم تند عنه كلمة واحدة فى حياته تخدش سمع السامع، أو تجرح شعوره أو تمس كرامته.
يقول أنس رضي الله عنه: ((لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا، ولا لعانا، ولا سبابا، كان يقول عند المعتبة: ما له؟ ترب جبينه)) (1))) (2).
بل إنه نزه لسانه حتى عن لعنه الكافرين الذين أوصدوا قلوبهم عن دعوته، فلم ينلهم بكلمة نابية جارحة، كما حدث بذلك الصحابي الجليل أبو هريرة، فقال: قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين، قال:((إني لم أبعث لعانا، ولكن بعثت رحمة)) (3).
ويذكر أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلا شرب الخمر، فأتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال للناس:((اضربوه))، فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه. فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، قال:((لا تقولوا هذا، لا تعينوا عليه الشيطان)) (4). فيا للنظرة الإنسانية الرحيمة الحانية على الإنسان، ولو كان من المتخبطين في متاهات الشرود والضلال والعصيان!
ويبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذروة في اجتثاث شأفة الشر والحقد والعدوان من النفوس حين يصور للمسلمين المصير الأسود الخاسر لمن أطلق لسانه في أعراض الناس، فإذا بتلك الشتائم الجوفاء والقذف الأرعن والاعتداءات
(1) أي من كثرة السجود.
(2)
رواه البخاري.
(3)
رواه مسلم.
(4)
رواه البخاري.
البشعة الرخيصة التي بدرت منه ذات يوم، تأتي على كل ما جناه في حياته من حسنات، وترده مفلسا خالي الوفاض من كل عاصم يعصمه من النار يوم الحساب الرهيب.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، يأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا. فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت خسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار)) (1).
فلا بدع أن تنتفي من حياة المسلمين الصادقين هذه التفاهات الفارغة، وتندر المشاحنات والخصومات المفضية إلى السباب والشتائم في المجتمع الإسلامي الحق الذي تسود فيه هذه القيم، وتعم تلك التوجيهات الخلقية العالية حياة الناس.
إن الفرد في المجتمع المسلم الحق ليحس في أعماقه أنه محاسب على كل كلمة يتفوه بها، إذا جرته غمرات الحياة إلى شيء من تلك الخصومات. إنه ليضبط انفعاله، ويتحكم في أعصابه وتعبيراته، ذاكرا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
((المتسابان ما قالا، فعلى البادي منهما (2) حتى يعتدي المظلوم (3))) (4).
ومن هنا هو يمسك لسانه عن السباب، ولو وجدت دواعيه، ويكف من
(1) رواه مسلم.
(2)
أي الإثم يقع على البادي.
(3)
أي يتجاوز حد الانتصار.
(4)
رواه مسلم.