الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأكبر الكبائر؟)) ثلاثا. قلنا: بلى يا رسول الله، قال:((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين)) (1).
يبر أمه ثم أباه:
ولكيلا يختل التوازن عند الأبناء في بر أحد الوالدين على حساب الآخر، جاءت توجيهات الإسلام تشمل الوالدين كليهما، وتخص كلا من الأم والأب على انفراد.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل الرجل الذي جاءه مبايعا على الجهاد كما رأينا آنفا: ((فهل من والديك أحد حي؟))، وهذا تقرير من الرسول الكريم بوجوب البر لكلا الوالدين على السواء.
ورأينا أيضا في حديث أسماء أنه أمرها بصلة أمها المشركة. وجاءه رجل فسأله: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فأجابه الرسول الكريم:((أمك)). قال: ثم من؟ قال: ((أمك)). قال: ثم من؟ قال: ((أمك)). قال: ثم من؟ قال: ((أبوك)) (2).
ففي هذا الحديث تأكيد من الرسول الكريم على أن بر الأم مقدم على بر الأب، وكان الصحابة الكرام يؤكدون للمسلمين هذا المعنى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إن ابن عباس رضي الله عنه، حبر الأمة وفقيهها، جعل بر الوالدة أقرب الأعمال إلى الله؟ فقد جاءه رجل فقال: إني خطبت امرأة فأبت أن تنكحني، وخطبها غيري فأحبت أن تنكحه، فغرت عليها، فقتلتها، فهل لي من توبة؟ قال: أمك حية؟ قال: لا. قال: تب إلى الله عز وجل، وتقرب إليه ما استطعت. قال عطاء بن يسار راوي هذا الحديث عن
(1) متفق عليه.
(2)
متفق عليه.
ابن عباس: فذهبت، فسألت ابن عباس: لم سألته عن حياة أمه؟ فقال: إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة (1).
ولهذا رأينا الإمام البخاري في كتابه (الأدب المفرد) الذي صدره بباب بر الوالدين يقدم باب بر الأم على باب بر الأب، محققا بذلك التناسق والانسجام بين تبويبه هذا وما تضمن من هدي نبوي كريم.
ولقد استثار القرآن مشاعر البر والعرفان في نفوس الأبناء، فوصى بالوالدين، ونوه بفضل الأم في الحمل والرضاعة، وما تكابد من مشاق ومتاعب في هاتين المرحلتين من مراحل الحياة في صورة لطيفة حانية، توحي بالبذل النبيل، والحنو المطلق، والانعطاف الرقيق:
فيا للتربية العليا! ويا للتوجيه الإنساني الرحيم! {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} . فشكر الوالدين على ما أسديا للولد من خير يلي شكر الله عز وجل، رأس الفضائل والأعمال الصالحات. ويا للمنزلة الكريمة العليا التي أحلها هذا الدين الوالدين!.
وقد تقبل الدنيا على الولد، وتدر عليه أخلاف الرزق، فتمتلئ خزائنه بالمال، وتشغله الزوجة الحسناء والفراخ الزغب، فينصرف عن العناية بوالديه، وينسى أباه وما أنفق في سبيله من مال، فيمسك يده عنه، فيبوء بغضب من الله.
(1) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
(2)
أي ضعفا على ضعف.
(3)
أي فطامه.
(4)
لقمان:14.