الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك أن الزكاة فريضة مالية تعبدية محددة، لا يسع المسلم الصادق أن يتهاون في إخراجها كاملة كما بينتها الشريعة. وما يتلكأ في إخراجها مسلم إلا وفي تدينه غبش، وفي نفسه كزازة، وفي خلقه التواء. وحسبنا أن نعلم أن حابسها يقاتل ويهدر دمه، حتى يؤديها كاملة كما بينتها أحكام الدين، وما تزال قولة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في أهل الردة تتردد في سمع الزمان معلنة عظمة هذا الدين في ربطه بين الدين والدنيا:((والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة)) (1). وإنه لقسم من أبي بكر يوحي بعمق فهمه لطبيعة هذا الدين الكامل المتكامل، وللعلاقة الوثقى بين الصلاة والزكاة في إقامة صرحه، إذ رأى آيات القرآن الكريم تترى متضافرة متآزرة متعاقبة تقرن بين الصلاة والزكاة على هذا النحو المتلازم:
{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} (2).
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (3).
{وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ} (4).
يصوم شهر رمضان ويقوم ليله:
والمسلم الحق يصوم رمضان إيمانا واحتسابا، والإيمان يعمر قلبه:
((أن من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) (5)، ويعرف حق الصوم عليه في حفظ لسانه وبصره وجوارحه عن كل مخالفة، تخدش صومه، أو تحبط من أجره:
(1) البداية والنهاية لابن كثير 6/ 315.
(2)
المائدة: 55.
(3)
البقر ة 43.
(4)
البقرة: 277.
(5)
متفق عليه.
((إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم)) (1).
((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) (2).
ولا يغيب عن بال المسلم الصائم أنه يعيش شهرا لا كالشهور؛ إنه شهر الصوم، والصوم لله، وهو الذي يجزي به، وجزاء الله الغنى المتفضل المنعم أكبر وأوفى وأعم وأشمل من أن يتصوره خيال:
((كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنه بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف.
قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه. ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك)) (3).
ومن هنا وجب على المسلم اليقظ الحصيف أن يغتنم أويقات هذا الشهر المبارك، فيملأها بالعمل الصالح؛ فنهاره صوم وصلاة وتلاوة وصدقة وغير ذلك من الصالحات، وليله قيام وتهجد ودعاء:
((من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) (4).
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان بالإكثار من الأعمال الصالحة ما لا يجتهد في غيره، وبخاصة في العشر الأواخر منه:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره)) (5).
(1) متفق عليه.
(2)
رواه البخاري.
(3)
متفق عليه.
(4)
متفق عليه.
(5)
رواه مسلم.
وعنها رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل كله، وأيقظ أهله، وجد، وشد المئزر)) (1).
وكان يأمر بتحري ليلة القدر، ويرغب في قيامها بقوله:
"تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان)) (2).
وقوله:
((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان)) (3).
وقوله:
((من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) (4).
ومن هنا كان هذا الشهر الكريم شهر عبادة خالصة، لا مجال فيه للمسلم الجاد أن يقضي الليل في اللهو والسهر الفارغ الطويل، حتى إذا ما قارب طلوع الفجر، وغشيه النعاس، تناول لقيمات، وآوى إلى فراشه، وراح يغط في نوم عميق، وقد لا يصحو لأداء صلاة الفجر!.
إن المسلم التقي الواعي تعاليم دينه يعود من صلاة التراويح، فلا يطيل السهرة لأنه سيستيقظ بعد سويعات قليلة لقيام الليل وتناول طعام السحور، ثم الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الفجر.
ولقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسحور، لما فيه من خير كثير، فقال:((تسحروا، فإن في السحور بركة)) (5).
ذلك أن الاستيقاظ للسحور يذكر بقيام الليل، وينشط النفوس للانطلاق إلى المساجد لأداء صلاة الفجر في جماعة، هذا إلى ما فيه من تقوية الأجسام
(1) متفق عليه.
(2)
متفق عليه.
(3)
رواه البخاري.
(4)
متفق عليه.
(5)
متفق عليه.