الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت)) (1).
يجتنب ظن السوء:
ومن خلائق المسلم الحق أنه لا يظن بالناس ظن السوء، ولا يسمح لنفسه أن يطلق لها عنان الخيال والتصورات التي تصم الناس بالعيب، وتنسب إليهم التهم، وهم منها برآء، وذلك عملا بقوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (2).
ولقد اشتد الهدي النبوي الكريم في التحذير من الظن ورجم الناس بالغيب بعيدا عن الحقيقة واليقين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم.
((إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث)) (3).
لقد عد النبي صلى الله عليه وسلم الظن أكذب الحديث، والمسلم الحق الصادق لا يجري على لسانه حديث فيه رائحة الكذب، فكيف يقع في أكذب الحديث!؟ والهدي النبوي العالي، إذ يحذر من الظن، ويعده كذب الحديث، يوجه المسلمين إلى الأخذ بالظاهر من أعمال الناس، والبعد عن رميهم بالظنون والشكوك والأقاويل والأوهام، فليس من خلق المسلم ولا من شأنه أن يكشف عن سرائر الناس ويغوص في خصوصياتهم، ويخوض في أعراضهم، فالسرائر يعلم خبيئها، ويكشف عنها، ويحاسب عليها الإله الذي يعلم السر وأخفى. أما الإنسان فليس له من أخيه إلا الظاهر من عمله، وهذا ما كان عليه
(1) متفق عليه.
(2)
الحجرات: 12.
(3)
متفق عليه.
السلف الصالح من الصحابة والتابعين الذين استروحوا نسمات هذا الهدي نقية صافية من كل شائبة وكدر.
أخرج عبد الرزاق عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، قال:((سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن ناسا كانوا يأخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا آمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه على سريرته، ومن أظهر لنا شرا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة)) (1).
ومن هنا كان المسلم التقي الواعي متحرزا في كل كلمة يتفوه بها، متثبتا من كل حكم يطلقه، لا يغيب عن حسه وفكره قول الله تبارك وتعالى يهتف به:
فإذا هو وقاف عند هذا النهي الحكيم، لا يتكلم إلا بعلم، ولا يحكم إلا بيقين.
وإنه ليزداد رهبة وخشية من الوقوع في إثم الخوض في الأعراض والرجم بالظنون، إذ يتمثل لعين قلبه ذلك الملك الرقيب العتيد الموكل به، الذي يحصي عليه كل كلمة تند عن لسانه، وكل قول يصدر عنه:
{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (3).
(1) حياة الصحابة 2/ 151.
(2)
الإسراء: 18.
(3)
ق: 18.