الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)) (1).
إن المجتمع الرباني الذي ينشئه الإسلام، لا مجال فيه لقيل وقال، وكثرة السؤال، والتدخل في شؤون الناس الخاصة، لأن أفراده مشغولون بما هو أجل وأكبر، إنهم مشغولون بتحقيق كلمة الله في الأرض، ورفع راياته فوق الربوع، ونشر قيمه بين الناس، والذين ينهضون بهذه الأعمال الجسام، لا يجدون وقتا للخوض في تلك الآثام.
بعيد عن الغيبة والنميمة:
ومن هنا كان المسلم بعيدا عن الغيبة والنميمة؛ لأنه، بحكم تنشئته وتكوينه على قيم الإسلام وأخلاته، منصرف عن هذه التفاهات إلى الأمور الجلى في الحياة، مصغ دوما إلى الهدي العالي من كتاب الله صلى الله عليه وسلم سنة رسوله، يأخذ بما يأمر به هذا الهدي، ويدع ما نهى عنه.
إنه ليقرأ قول الله تبارك وتعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} (2)، فتمتلىء نفسه نفورا من الغيبة وكراهية؛ إذا يرى صورة المغتاب يأكل لحم أخيه ميتا، فإذا هو يسارع إلى التوبة التي ذيل الله بها الآية، حضا لمن وقع في الغيبة على المسارعة إلى التوبة منها.
ويصغي إلى الهدي النبوي الكريم يجيب على سؤال سائل: أي المسلمين أفضل يا رسول الله؟ فيكون الجواب:
((من سلم المسلمون من لسانه ويده)) (3).
(1) رواه مسلم.
(2)
الحجرات: 12.
(3)
رواه مسلم.
وإزاء هذا الهدي العالي والتوجيه الحكيم لا يتورط المسلم التقي بغيبة، ولا تمتد يده إلى أحد في مجتمعه بأذى. بل إنه ليذهب إلى أبعد من ذلك، فيطارد الغيبة أنى وجدها، فيذب عن أخيه المسلم في غيبته، إن تناولته ألسنة البغي، ويدفع عنه قالة السوء، عملا بقول الرسول الكريم:
((من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار)) (1).
والمسلم التقي لا يمشي بالنميمة في مجتمعه؛ لأنه يحرك، بما فقه من هدي دينه، أن النميمة تجعل صاحبها في زمرة الأشرار الذين لا هم لهم إلا الإفساد بين الناس، وتقطيع عرى المحبة بين الأخلاء، فعن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ألا أخبركم بخياركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الذين إذا رؤوا ذكر الله عز وجل. ثم قال: ألا أخبركم بشراركم: المشاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العيب)) (2).
وحسب النمام المفسد خزيا في الدنيا، وسوء عاقبة في الآخرة، هذا الحديث القاطع الذي يسد عليه كل باب من أبواب الأمل والرجاء، إن ظل مصرا على خطيئته:
((لا يدخل الجنة نمام)) (3).
ومما يملأ النفسق هلعا ورعبا من عواقب النميمة أن عذاب الله الشديد ينصب على النمام المفسد منذ أن يوسد في قبره، وذلك فيما رواه الشيخان
(1) رواه أحمد بإسناد حسن.
(2)
رواه أحمد بإسناد حسن.
(3)
متفق عليه.