الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي رواية أخرى لمسلم: ((أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله)).
وإن نفس المسلم الحق الصادق لتطيب وترتاح وتسعد بالنفقة على العيال، إذ تستيقن أن ما من نفقة ينفقها المسلم على عياله أو غيرهم، يبتغي بها وجه الله إلا أعظم الله له فيها الأجر، حتى اللقمة يرفعها الرجل إلى فم امرأته متوددا ملاطفا مداعبا، له فيها أجر، يؤكد ذلك الحديث الذي رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
((وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في أمرأتك)) (1).
والمسلم الصادق لا يستطيع أن يتخفى عن عياله، ويجعلهم في فاقة وعسر وضياع، وهو يسمع صوت الرسول العظيم يهدد الرجال المتخفين عن مسؤولياتهم العائلية، وينذرهم بأوخم العواقب، وأشد أنواع الإثم والعقاب:
((كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت)) (2).
لا يفرق في حنوه ونفقته بين البنين والبنات:
وقد يضيق بعض الناس ذرعا بالبنات، ويتمنون لو أن الله ما رزقهم سوى الصبيان، ولم يدر هؤلاء الثواب العظيم الذي أعده الله للوالد الذي رزقه البنات، فصبر عليهن وأحسن تربيتهن، وفاضت نفسه بالحنان عليهن. ولو علموا هذا الثواب الذي ينتظر أبا البنات البار الكافل الرحيم لغبطوه عليه، وتمنوا لأنفسهم مثله.
(1) متفق عليه.
(2)
رواه مسلم وأبو داود وغيرهما.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من كان له ثلاث بناب، فصبر عليهن، وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته، كن له ججابا من النار يوم القيامة)) (1).
وفي رواية: ((من كان له ثلاث بنات يؤويهن، ويكفيهن، ويرحمهن، فقد وجبت له الجنة البتة، فقال رجل من بعض القوم: واثنتين يارسول الله؟ قال: ((واثنتين)).
فأي أب يتأفف من تربية البنات والإنفاق عليهن بعد أن يسمع ما أعده الله له من أجر ونعيم؟.
ويلحظ الإسلام، وهو دين الحياة الذي يعالج واقع الناس ومشكلاتهم
في كل زمان ومكان، أن البنت قد تطلق وتعود إلى بيت أبيها، وقد يكون أبوها في عسر وفاقة وضيق، من قلة في الدخل، أو كثرة من الولد، فيضع له الإسلام البلسم الشافي لجراح نفسه المعذبة المكدودة، ويقشع عنها ما يساورها من هم ونصب وعذاب، إذ يبين لهذا الوالد ذي العيلة أن إنفاقه على بنته المردودة إليه من أعظم الصدقات وأقرب القربات إلى الله.
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لسراقة بن جعشم: ((ألا أدلك على أعظم الصدقة، أو من أعظم الصدقة؟)) قال: بلى، يا رسول الله! قال:((ابنتك مردودة إليك، ليس لها كاسب غيرك)) (2).
فأين هذا الري العاطفي النبيل الذي يحظى به الأولاد في دنيا الإسلام من جفاف الحياة المادية الذي يعانيه الأولاد في الغرب، إذ ما يكاد الولد، صبيا كان أو بنتا، يكمل الثامنة عشرة من عمره حتى يخرج من محضن أبويه الدافىء، ليلقى الحياة المادية القاسية، ويواجه أعاصير الكسب، ولما يشتد عوده، ولما ينهل من منهل الحنان العائلي ما يرويه!!.
(1) رواه أحمد في مسنده بإسناد صحيح.
(2)
رواه البخاري في الأدب المفرد.