الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبى صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها، ثم سألته وعلمت أنه لا يرد سائلا، فقال: إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني. قال سهل: فكانت كفنه)) (1).
وكم كان صلوات الله عليه يطيب نفسا إذ يرى ثمرات غرسه في الإيثار
تؤتي أكلها في حياة المسلمين، إذا ما دعا إليه داع من جدب أو إقلال، فيعبر عن ذلك بقوله:
((إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموا بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم)) (2).
ينفس عن المعسر:
والمسلم الحق سمح، حسن المعاملة، رضي الخلق، يبادر إلى التنفيس عن المعسر، عملا بقوله تعالى:
{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (3).
ذلك أن الإسلام يريد من المسلم أن يكون إنسانا قبل أن يكون صاحب
حق، فإذا ما آنس من أخيه المدين عسرة مطبقة عليه، عذره، وقدر الضيق الذي هو فيه، وأنظره إلى أجل آخر، أو وضع عنه من الدين. وهو إذ يفعل ذلك إنما يمتثل أمر ربه، ويقدم بين يديه عملا صالحا ينجيه من كرب يوم القيامة، ويظله بظل العرش العظيم يوم لا ظل إلاظله:
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمول:
(1) رواه البخاري.
(2)
متفق عليه.
(3)
البقرة: 280.
((من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، فلينفس عن معسر (1) أو
يضع عنه (2))) (3).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أنظر معسرا، أو وضع له، أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله)) (4).
ولقد ورد في هذا الموضوع نصوص كثيرة، وكلها تؤكد أن تنازل الدائن للمدين لا يضيع عند الله، وإنما سيكون ذلك في صحيفته، وسيعوضه الله الكريم الوهاب بتجاوزه عن دين أخيه تجاوزا أكبر وأغنم وأعظم، يجبر التقصير، ويقيل من الزلل، وينجي من الهول، يوم يقوم الناس لرب العالمين:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: ((كان رجل يداين الناس، وكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه)) (5).
وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حوسب رجل ممن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس (6)، وكان موسرا، وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر. قال الله عز وجل:((نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه)) (7).
(1) أي يفرج عنه كربه بتأخير دفع الدين إن كان دائنا، أو بدفع الدين عنه.
(2)
أي من الدين.
(3)
رواه مسلم.
(4)
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
(5)
متفق عليه.
(6)
أي يعاملهم بالبيوع والمداينة.
(7)
رواه مسلم.