الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتصفية روحه.
وكذلك كان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول لأصحابه، وهم يمشون:((اجلسوا بنا نؤمن ساعة)) (1).
إن المسلم مسؤول عن تقوية روحه وتزكية نفسه، ودفعها دوما إلى أعلى، وحمايتها أبدا من الارتكاس إلى أدنى:
ومن هنا كان المسلم مطالبا بأن يحسن اختيار الأخلاء والبيئات التي لا تزيده إلا إيمانا وصلاحا وتقوى وتبصرة، وأن يعرض عن رفاق السوء من شياطين الإنس، وعن مجالس الفحش والمعصية التي تظلم فيها النفس ويصدأ القلب:
يكثر من ترديد الصيغ والأدعية المأثورة:
ومما يستعين به المسلم على تقوية روحه وربط قلبه بالله، ترديده الصيغ المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل عمل من الأعمال التي ورد فيها للرسول الكريم دعاء. فلقد كان له في الخروج من البيت دعاء، وللدخول فيه دعاء،
(1) حياة الصحابة 3/ 329.
(2)
الشمس:7 - 10.
(3)
الكهف: 28.
ولوداع المسافر دعاء، ولاستقباله دعاء، وللبس الثوب الجديد دعاء، وللاضطجاع في الفراش دعاء، وللاستيقاظ من النوم دعاء
…
وهكذا لم يكد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم بعمل إلا وكان له فيه دعاء، يتوجه به لله تعالى أن يلهمه القصد، ويجنبه العثار، ويلطف به، ويكتب له الخير، مما هو مبسوط في كتب الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)، وكان يعلم الصحابة الكرام هذه الأدعية والأذكار، ويحضهم على قولهم في أوقاتها.
والمسلم التقي الواعي يحرص على تعلم هذه الصيغ المأثورة الرائعة، تأسيا بالرسول الكريم وصحبه الأبرار، ويثابر على تردادها في أوقاتها ومناسباتها، ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وبذلك يبقى قلبه موصولا بالله عز وجل، وتزكو نفسه، وتسمو روحه، ويرهف وجدانه.
بهذه الرياضة الروحية راض الرسول الكريم أرواح الجيل الأول من الصحابة الغز الميامين، وصقل نفوسهم، فإذا هي متألقة صافية مجلوة، لا غبش فيها ولا كدر ولا دخل، فحقق بهم معجزة الإسلام الكبرى في إيجاد الجيل المهذب الراقي الفريد في حياة الإنسانية، الذي صنع المعجزات في سنوات معدودات.
والمسلم الصادق الحق مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن يروض جناح روحه على التحليق والارتفاع إلى هذا الأفق الوضيء السامي، ليكون على مستوى دعوته، وما تتطلبه من أعباء باهظة ومسؤوليات جسام.
…
(1) انظر كتاب الأذكار للنووي، والمأثورات لحسن البنا.