المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا يدخل غير بيته إلا باستئذان: - شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة

[محمد علي الهاشمي]

فهرس الكتاب

- ‌تعريف بالأديب والمفكر الإسلاميالدكتور محمد علي الهاشمي

- ‌مقدمة

- ‌ المسلم مع ربه

- ‌مؤمن يقظ:

- ‌مطيع أمر ربه:

- ‌يشعر بمسؤوليته عن رعيته:

- ‌راض بقضاء الله وقده:

- ‌أواب:

- ‌همه مرضاة ربه:

- ‌مؤد الفرائض والأركان والنوافل:

- ‌يقيم الصلوات الخمس:

- ‌يشهد الجماعة في المسجد:

- ‌يصلي السنن الرواتب والنوافل:

- ‌يحسن أداء الصلاة:

- ‌يؤذي زكاة ماله:

- ‌يصوم شهر رمضان ويقوم ليله:

- ‌يصوم النافلة:

- ‌يحج بيت الله الحرام:

- ‌يعتمر:

- ‌متمثل معنى العبودية لله:

- ‌كثير التلاوة للقرآن:

- ‌ المسلم مع نفسه

- ‌تمهيد:

- ‌أ - جسمه

- ‌معتدل في طعامه وشرابه:

- ‌يزاول الرياضة البدنية:

- ‌نظيف الجسم والثياب:

- ‌حسن الهيئة:

- ‌ب - عقله

- ‌العلم عند المسلم فريضة وشرف:

- ‌طلب العلم مستمر حتى الممات:

- ‌ما ينبغي للمسلم إتقانه:

- ‌يتقن ما تخصص به:

- ‌يفتح نوافذ على فكره:

- ‌يتقن لغة أجنبية:

- ‌ج - روحه

- ‌يصقل روحه بالعبادة:

- ‌يلزم الرفيق الصالح ومجالس الإيمان:

- ‌يكثر من ترديد الصيغ والأدعية المأثورة:

- ‌ المسلم مع والديه

- ‌بر بهما:

- ‌عارف قدرهما وما يجب عليه نحوهما:

- ‌بر بهما ولو كانا غير مسلمين:

- ‌كثير الخوف من عقوقهما:

- ‌يبر أمه ثم أباه:

- ‌يبر أهل ودهما:

- ‌أسلوبه في بره لهما:

- ‌ المسلم مع زوجته

- ‌نظرة الإسلام للزواج والمرأة:

- ‌الزوجة التي يطلبها المسلم:

- ‌يلتزم هدي الإسلام في حياته الزوجية:

- ‌المسلم الحق زوج مثالي:

- ‌من أنجح الأزواج:

- ‌كيس فطن مع زوجته:

- ‌يكمل نقصها:

- ‌يحسن التوفيق بين إرضاء زوجه وبر والدته:

- ‌يحسن القوامة على المرأة:

- ‌ المسلم مع أولاده

- ‌تمهيد:

- ‌يدرك مسؤوليته الكبرى إزاء أولاده:

- ‌يستخدم في تربيتهم أبرع الأساليب:

- ‌يشعرهم بحبه وحنانه:

- ‌ينفق عليهم بسخاء وطيب نفس:

- ‌لا يفرق في حنوه ونفقته بين البنين والبنات:

- ‌مفتح العينين على كل ما تؤثر في تكوينهم وتوجيههم:

- ‌يسوي بينهم:

- ‌يغرس فيهم الأخلاق العالية:

- ‌ المسلم مع أقربائه وذوي رحمه

- ‌الأرحام:

- ‌حفاوة الإسلام بالرحم:

- ‌المسلم واصل رحمه حسب هدي الإسلام:

- ‌يصل أرحامه ولو كانوا غير مسلمين:

- ‌يفهم صلة الرحم بمعناها الواسع:

- ‌يصل رحمه ولو لم يصلوه:

- ‌ المسلم مع جيرانه

- ‌أحسن الناس معاملة لجيرانه:

- ‌وعيه هدي الإسلام في الإحسان إلى الجار:

- ‌المسلم الحق سمح مع جاره:

- ‌يحب له ما يحب لنفسه:

- ‌شقاء الإنسانية بسبب غياب المسلم وأخلاقه:

- ‌المسلم يحسن إلى جاره قدر طاقته:

- ‌يخص بإحسانه جيرانه المسلمين وغير المسلمين:

- ‌يقدم في إحسانه الأقرب فالأقرب:

- ‌المسلم الحق خير جار:

- ‌جار السوء وصفحته السوداء:

- ‌جار السوء إنسان عري من نعمة الإيمان:

- ‌جار السوء إنسان حبط عمله:

- ‌المسلم الحق يحذر من الوقوع في خطيئة مع جاره:

- ‌لا يقصر في إسداء المعروف إليه:

- ‌صبور على هناته وأذاه:

- ‌لا يقابل إساءة جاره بمثلها:

- ‌يعرف حق جاره عليه:

- ‌ المسلم مع إخوانه وأصدقائه

- ‌يحبهم في الله:

- ‌مقام المتحابين في الل

- ‌تأثير الحب في الله في حياة المسلمين:

- ‌لا يقاطع إخوانه ولا يهجرهم:

- ‌سمح عفو عنهم:

- ‌يلقاهم بوجه طليق:

- ‌ينصح لهم:

- ‌مطبوع على البر والوفاء:

- ‌رفيق بإخوانه:

- ‌لا يغتابهم:

- ‌يجتنب معهم الجدل والمزاح المؤذي والإخلاف بالوعد:

- ‌كريم يؤثر إخوانه على نفسه:

- ‌يدعو لإخوانه بظهر الغيب:

- ‌ المسلم مع مجتمعه

- ‌تمهيد:

- ‌صادق

- ‌لا يغش ولا يخدع ولا يغدر:

- ‌لا يحسد:

- ‌ناصح:

- ‌موف بالعهد:

- ‌حسن الخلق:

- ‌متصف بالحياء:

- ‌رفيق بالناس:

- ‌رحيم:

- ‌عفو غفور:

- ‌سمح

- ‌طليق الوجه:

- ‌خفيف الظل:

- ‌حليم:

- ‌يجتنب السباب والفحش:

- ‌لا يرمي أحدا بفسق أو كفر بغير حق:

- ‌حيي ستير:

- ‌لا يتدخل فيما لا يعنيه:

- ‌بعيد عن الغيبة والنميمة:

- ‌يجتنب قول الزور:

- ‌يجتنب ظن السوء:

- ‌حافظ للسر:

- ‌لا يناجي ثانيا وبينهما ثالث:

- ‌لا يتكبر:

- ‌متواضع:

- ‌لا يسخر من أحد:

- ‌يجل الكبير وصاحب الفضل:

- ‌يعاشر كرام الناس:

- ‌يحرص على نفع الناس ودفع الضر عنهم:

- ‌يسعى بالصلح بين المسلمين:

- ‌داعية إلى الحق:

- ‌يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر:

- ‌لبق حكيم في دعوته:

- ‌لا ينافق:

- ‌بعيد عن الرياء والمباهاة:

- ‌مستقيم:

- ‌يعود المريض:

- ‌يشهد الجنازة:

- ‌يكافيء على المعروف ويشكر عليه:

- ‌يخالط الناس ويصبر على أذاهم:

- ‌يدخل السرور على القلوب:

- ‌يدل على الخير:

- ‌ميسر غير معسر:

- ‌عادل في حكمه:

- ‌لا يظلم:

- ‌يحب معالي الأمور:

- ‌لا يتنطع في كلامه:

- ‌لا يشمت بأحد:

- ‌كريم جواد:

- ‌لا يمن على من يعطيهم:

- ‌مضياف:

- ‌يؤثر على نفسه:

- ‌ينفس عن المعسر:

- ‌عفيف لا يتطلع إلى المسألة:

- ‌آلف مألوف:

- ‌يخضع عاداته لمقاييس الإسلام:

- ‌يتأدب بأدب الإسلام في طعامه وشرابه:

- ‌يفشي السلام:

- ‌لا يدخل غير بيته إلا باستئذان:

- ‌يجلس حيث ينتهي به المجلس:

- ‌يجتنب التثاؤب في المجلس ما استطاع:

- ‌يأخذ بأدب الإسلام عند العطاس:

- ‌لا يحد نظره في بيت غيره:

- ‌لا يتشبه بالنساء:

- ‌ خاتمة وتعقيب

الفصل: ‌لا يدخل غير بيته إلا باستئذان:

يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه المقداد رضي الله عنه في حديثه الطويل، قال:((كنا نرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه من اللبن، فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم كما كان يسلم)) (1).

ويكون السلام عند الدخول إلى المجلس وحين القيام منه وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:

((إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة)) (2).

‌لا يدخل غير بيته إلا باستئذان:

ولا يدخل المسلم الواعي آداب دينه بيتا غير بيته إلا باستئذان. وهذا الاستئذان أمر رباني، لا يجوز التهاون في شأنه أو التغاضي عنه:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا (3) وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} .

{وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ

} (4).

إن الدخول إلى بيوت الناس لا يكون نقيا خاليا من الشوائب بعيدا عن الشبهات، إلا إذا كان بإذن أهله. ومن هنا لا مجال للتلصص والاستغفال والترقب والتسرب والدخول غير المشروع الذي يخفي وراءه الريب والشكوك؛

(1) رواه مسلم.

(2)

رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.

(3)

أي تستأذنوا.

(4)

النور: 27 - 28، 59.

ص: 313

ذلك أزكى وأنقى لسمعة الزائر والمزور، وهذا ما أراده الله لعباده المؤمنين حين شرع الاستئذان.

وللاستئذان آداب حرص الإسلام على تجليتها للمسلم، وأمره بالتحلي بها كلما قادته قدماه إلى زيارة إنسان.

وأولها: ألا يقف أمام الباب، بل يأخذ يمنة أو يسرة، وهذا ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن عبد الله بن بسر، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم:((أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بابا يريد أن يستأذن لم يستقبله، جاء يمينا أو شمالا، فإن أذن له، وإلا انصرف)) (1).

ذلك أن الاستئذان جعل من أجل البصر، كما في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إنما جعل الاستئذان من أجل البصر)) (2).

ومن هنا لا يجوز للمستأذن أن يقف في مواجهة الباب حيث ينصب البصر حين فتحه.

وثانيها: السلام فالاستئذان، ولا يصح الاستئذان قبل السلام؛ بهذا جاء الهدي النبوي العالي في حديث ربعي بن حراش، قال:((حدثنا رجل من بني عامر أنه استأذن على النبى صلى الله عليه وسلم، وهو في بيت، فقال: أألج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخادمه: ((أخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان، فقل له: قل: السلام عليكم، أأدخل؟)) فسمعه الرجل فقال: السلام عليكم أأدخل؟ فأذن له النبى صلى الله عليه وسلم، فدخل (3).

(1) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.

(2)

متفق عليه.

(3)

أخرجه البخارى في الأدب المفرد.

ص: 314

وثالثها: أن يسمي نفسه بما يعرف به من اسم أو كنية، إذا قيل له: من أنت؟ ولا يقول كلمة غامضة مثل: أنا، ونحوها؛ فقد كره النبي صلى الله عليه وسلم أن يجيب الطارق بكلمة أنا التي لا تفصح عن هوية صاحبها وشخصيته، وأمر بذكر الاسم الصريح عند السؤال.

عن جابر رضي الله عنه قال: ((أتيث النبى صلى الله عليه وسلم، فدققت الباب، فقال: ((من هذا؟، فقلت: أنا، فقال: ((أنا أنا؟!)) كأنه كرهها)) (1).

لقد علمنا الرسرل الكريم بذلك أن السنة في أدب الاستئذان ذكر الاسم الصريح، وهذا ما كان عليه هو وصحابته الأكرمون.

فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: خرجت ليلة من الليالي، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وحده، فجعلت أمشي في ظل القمر، فالتفت فرآني، فقال:((من هذا؟)) فقلت: أبو ذر)) (2).

وعن أم هانئ رضي الله عنها قالت: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم، وهو يغتسل، وفاطمة تستره، فقال:((من هذه؟)) فقلت: أنا أم هانئ)) (3).

ورابعها: أن يرجع إذا قيل له: ارجع، دون أن يجد في نفسه شيئا من غضاضة؛ إذ بذلك جاء أمر الله في كتابه العزيز:

{وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (4).

وبذلك أيضا جاءه الهدي النبوي العالي، مبينا أن الاستئذان ثلاث، فإن

(1) متفق عليه.

(2)

متفق عليه.

(3)

متفق عليه.

(4)

النور: 28.

ص: 315

أذن للمستأذن دخل، وإلا رجع، وذلك في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك (1)، وإلا فارجع)) (2).

واستاذن أبو موسى الأشعري مرة على عمر فلم يأذن له، فانصرف، فأرسل إليه عمر، ودار بين الاثنين حديث حول الاستئذان والرجوع، من المفيد إيراده بنصه، ليطلع القارئ على دقة الصحابة الكرام في تقصي هدي الرسول الكريم، وحرصهم على وضعه موضع التطبيق، قال أبو موسى:

((استأذنت على عمر فلم يؤذن لي- ثلاثا- فأدبرت، فأرسل إلي فقال:

يا عبد الله، اشتد عليك أن تحتبس على بابي؟ إعلم أن الناس كذلك يشتد عليهم أن يحتبسوا على بابك، فقلت: بل استأذنت عليك ثلاثا، فلم تؤذن لي، فرجعت [وكنا نؤمر بذلك]. فقال: ممن سمعت هذا؟ فقلت: سمعته من النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: أسمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع؟ لئن لم تأتني على هذا ببينة لأجعلنك نكالا، فخرجت حتى أتيت نفرا من الأنصار جلوسا في المسجد، فسألتهم، فقالوا: أو يشك في هذا أحد؟ فأخبرتهم ما قال عمر، فقالوا: لا يقوم معك إلا أصغرنا. فقام معي أبو سعيد الخدري - أو أبو مسعود- إلى عمر، فقال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يريد سعد بن عبادة، حتى أتاه، فسلم، فلم يؤذن له، ثم سلم الثانية ثم الثالثة، فلم يؤذن له، فقال: قضينا ما علينا. ثم رجع، فأدركه سعد، فقال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق ما سلمت من مرة إلا وأنا أسمع وأرد عليك، ولكن أحببت أن تكثر من السلام علي وعلى أهل بيتي. فقال أبو موسى: والله إن

(1) أي فإن أذن لك فادخل.

(2)

متفق عليه.

ص: 316