الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: أهم أسس إعداد أهداف المنهج الدراسي
يمكن تحديد أهم هذه الأسس فيما يلي:
أ- تغطية المجالات الثلاثة للأهداف، وسوف نشرح هذا بشيء من التفصيل. فالأهداف مجالات ثلاثة، حسب تقسيم بلوم.
المجال الأول هو المجال المعرفي: وقد قسم بلوم وصحبه هذا المجال إلى ستة مستويات تبدأ بمعرفة المعلومات وتنتهي بالتقويم مرورا بالفهم والتطبيق والتحليل والتركيب، وقد أضاف المؤلف إلى هذه المستويات مستوى سابعًا هو الابتكار، كما هو مبين في شكل4.
وأتصور أن المثال التالي يوضح ما تعنيه هذه المستويات السبعة، هب أن طالبًا قرأ موضوعًا مكتوبًا في حصة المطالعة. فالمستوى الأدنى لتحصيله يكون معرفته لمعلومات وردت في الموضوع كثيرة كانت أم قليلة. وقد تحتاج إلى أن يعيد قراءة الموضوع مرات لكي يلم بالمعلومات الواردة فيه.
وإذا ألم بالمعلومات. يكون مهيأ للمستوى الثاني، وهو فهم ما في الموضوع من تعميمات أو علاقات. وإدراك طبيعة هذه العلاقات وتأثيرها في بعضها البعض.
وحينئذ يكون مهيأ للمستوى الثالث، وهو تطبيق هذه التعميمات أو العلاقات في مواقف أخرى، ربما في موضوع آخر ولكن بالترتيب نفسه.
وحينئذ يكون مستعدا لأن ينتقل إلى المستوى الرابع، وهو مستوى القدرة على التحليل. أي: تحليل العلاقات المركبة في الموضوع الذي قرأه إلى علاقات وتنظيمات أصغر داخل إطار العلاقات المركبة.
وبذلك يمكنه أن ينتقل إلى المستوى الخامس، وهو التركيب، حيث يمكنه تركيب العناصر تركيبًا جديدًا يختلف عما ورد في الموضوع الذي قرأه.
بعد ذلك يصل إلى المستوى السادس والأخير الذي حدده بلوم وأصحابه، وهو اكتساب الطالب القدرة على تقويم موضوع المطالعة أو غيره من الموضوعات وفق معايير يعدها بنفسه نتيجة لنموه في المستويات السابقة.
والمؤلف يقترح مجالًا سابعًا يتلو مستوى الابتكار، حين يستطيع الطالب أن يكتب موضوعات مبتكرة دون الرجوع إلى ما قرأه في كتاب المطالعة، تتوافر فيها المعايير التي استخلصها نتيجة لنموه في المستويات السابقة.
والمجال الثاني من مجالات الأهداف هو المجال الوجداني، ويتعلق بالمعتقدات والقيم والعواطف والمشاعر والاتجاهات والتقدير. ويبدأ بمستوى الاستقبال وينتهى
بمستوى التميز، كما يتضح من شكل "5". ومستوى الاستقبال محدود بمجرد استقبال المعلومة، وقد يستجيب المتعلم لما حصل من معلومات وقد لا يستجيب. فإذا استجاب لما حصل، يكون قد وصل إلى المستوى الثاني من التمكن. فمثلًا يمكن أن يسمع فرد خطيبا في موضوع معين، فإذا استجاب بالانتباه إلى الخطيب يكون قد وصل إلى المستوى الثاني من التمكن، أما في حال عدم انتباهه للخطيب فهذا يعني أنه لا يزال في المستوى الأول. مستوى الاستقبال.
وإذا استحسن ما يقوله الخطيب فإنه يكون قد انتقل إلى المستوى الثالث من التمكن، وهو مستوى الاستحسان والتقدير. بعد ذلك يصل المتعلم إلى المستوى الرابع إذا أدرك أهمية ما تشمله الخطبة من قيم أو اتجاهات فيزداد اندماجه في عملية التعلم، ويصل إلى المستوى الخامس -وهو مستوى التنظيم- إذ بدأ في تنظيم ما تعلمه من قيم أو اتجاهات أو عواطف في نظام معين وفق معيار يختاره لنفسه.
وفي الخطوة الأخيرة يبتكر الفرد نظامًا خاصا به يميزه، ربما نطاقا قيميا يتعلق بعلاقاته الاجتماعية أو الأسرية أو غير ذلك.
أما المجال الثالث من مجالات الأهداف فهو المجال الحركي، وهو خاص باكتساب المهارات الحركية. وكما هو موضح في شكل "6" يبدأ بمستوى الملاحظة وينتهي بمستوى الابتكار، مرورًا بمستويات التقليد والممارسة والتكييف.
فالمستوى الأول -إذن- هو مستوى الملاحظة. فإذا فرضنا أن متعلما يود أن يتعلم إصلاح أعطال جهاز المذياع. فإن نفطة البدء المحتملة أن يلاحظ غيره وهو يقوم بإصلاح أعطال مثل هذا الجهاز
بعد ذلك يقلد -في المستوى الثاني- ما لاحظه من أعمال غيره ليصلح الأعطال ذاتها، وإذا نجح في الإصلاح عن طريق التقليد واكتسب مهارة فيه، فإنه يكون مؤهلا للانتقال إلى المستوى الثالث.
والمستوى الثالث وهو ممارسة فحص الأجهزة وتحديد الأعطال وإصلاحها. فإذا مهر في ذلك، كان مستعدا لأن ينتقل إلى المستوى الرابع وهو التكييف.
ويمكن أن يكيف في المستوى الرابع -على سبيل المثال- الأدوات التي يستعملها أو قطع الغيار التي يتسخدمها. وإذا ما اكتسب المهارة الكافية في هذا، فإن الكاتب يرى أنه يمكن أن ينتقل إلى المستوى الخامس.
والمستوى الخامس -مستوى الابتكار- آفاقه واسعة. فد يكون الابتكار في الأسلوب، وقد يكون الابتكار في التصميم، وقد يكون الابتكار في استحداث أدوات أو مواد أو غير ذلك.
ومما ينبغي ذكره أن هذه المجالات الثلاثة متداخلة ومتكاملة فيما بينها، وأن هذا التقسيم لغرض الدراسة فقط. فعلى سبيل المثال، الاستقبال في المستوى الأول من المجال الوجداني، والملاحظة في المستوى الأول من المجال الحركي تتأثران كثيرًا بالمعلومات التي يعرفها المتعلم عن موضوع التعلم في المجال المعرفي، كما أن الحالة الوجدانية التي يكون فيها المتعلم تؤثر كثيرًا في تحصيله المعرفي.
وهكذا تكون المجالات الثلاثة منظومة ثلاثية الأبعاد تتفاعل مع بعضها البعض لتعطي أساسا لإعداد أهداف المنهج الدراسي.
ب- أن تعمل الأهداف على المحافظة على فطرة كل من المتعلم والمتعلمة وتنميته تنمية شاملة ومتوازنة بما يتفق مع هذه الفطرة، وتقدح قدراته وتوجه ميوله واتجاهاته الوجهة المطلوبة.
ج- أن تعمل الأهداف على الوفاء بحاجات المجتمع والمحافظة على قيمه واستثمار مصادره وحل مشكلاته وتنميته وتطوير الحياة فيه.
د- أن تراعي الأهداف كلا من: الحياتين الدنيا والآخرة، والجوانب الغيبية والجوانب المشهودة من العلم.
هـ- أن تعد الأهداف الإنسان لعبادة الله وعمارة الأرض في توازن واعتدال.
وأن تغطي الأهداف جميع جوانب العملية التعليمية وتتيح فرصًا لتكامل جهود أعضاء المجتمع المدرسي فيها.
ز- أن تتيح الأهداف دورًا مناسبًا لكل عنصر من عناصر العملية التعليمية.
ح- أن تراعي الأهداف طبيعة خبرات المنهج وتغطي جميع مستويات تحقيقها.
ط- أن تعمل الأهداف على تحقيق تكامل العملية التعليمية واستمرارها وتنوع أساليبها واختلاف مستوياتها.
ي: أن تتيح الأهداف فرص مواكبة كل حديث ومعاصر في العلم والتقانة وتستفيد من معطياته.
ك- أن تناسب مجال الدراسة الذي يتعلق به المنهج.
ل- أن تكون الأهداف متناسقة فيما بينها ومع المستويات الأخرى من الأهداف التربوية.
م- أن تكون الأهداف مرنة تتوافق مع مختلف الظروف، ومنها مقتضيات التطوير.
ن- أن تكون صياغة الأهداف واضحة ودقيقة وقابلة للترجمة إلى مواقف سلوكية.
س- أن تكون الأهداف عملية، بمعنى أن يكون تحقيقها ممكنًا بما يمكن توافره من إمكانات في المؤسسة التربوية.
وكما يتضح من شكل "7"، فإن هذه الخصائص تستمد قوامها من التربية الإسلامية. إذ طالما أن غاية هذه الأهداف هي تربية الفرد تربية إسلامية، فإن أسسها ينبغي أن تنبع من متطلباتها.
وتشمل هذه الأسس جميع متطلبات تنمية كل من المتعلم والمجتمع وجميع متطلبات مجال الدراسة، بمعنى أنه إذا كان المستهدف إعداد منهج الرياضيات فإن الأهداف ينبغي أن تراعي متطلبات تعليم وتعلم هذا المجال، وتؤكد هذه الأسس مواكبة الأهداف للمعاصر من العلم والتقنية، بمعنى أن الأهداف ينبغي أن تتيح فرصا لأن يشمل المنهج المستحدث من الرياضيات -في مثالنا السابق- وتطبيقاتها في الحديث من الفيزياء والكيمياء والأحياء والإحصاء وغيرها من العلوم. كما ينبغي أن تتيح الأهداف دورًا مناسبًا لكل عنصر من عناصر العملية التعليمية، وتغطي جميع جوانبها، كما تراعي طبيعة المجالات المختلفة للخبرات. وتعمل على تكامل العملية التعليمية واستمرارها. كما تعد الإنسان لوظيفتي عبادة الله وعمارة الأرض، وتشمل كلا من الحياتين الدنيا والآخرة، وتعمل على مواكبة كل حديث ومعاصر في جميع جوانب العملية التعليمية، سواء من حيث مستواها أو الطرق المستخدمة فيها أو غير ذلك مما يتصل بها. اختصارا للقول، فإن أسس الأهداف ينبغي أن تمكنها من الإحاطة بمختلف أطراف العملية التعليمية لتصل بها إلى صورتها المثلى.