الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعًا: بث الشعور بالحاجة إلى منهج جديد، والتوعية بمتطلباته ومشكلاته
المؤسسة التربوية في أي مجتمع تعمل على تحقيق أهدافه، ويتوقع أن تتناغم أعمالها مع الظروف التي تواجهه، ويتوقع أن يتفهم أعضاؤه ما يجرى في هذه المؤسسة وأثره على مستقبل أبنائهم. كما أن المؤسسات الاجتماعية: الإنتاجية والخدمية والإعلامية والمهنية، يهمها أن تتابع ما يجري داخل المؤسسات التربوية، وما إذا كان هذا يسهم في توفير الخبرات التي تحتاجها. ومن واجب المجتمع -على وجه العموم، كما أنه من حقه- أن يتابع التغير الذي يحدث في المؤسسات التربوية، وما إذا كان هذا التغير يتجه إلى تحقيق مصالح فئة أو طبقة من المجتمع دون أخرى، ومن واجب المؤسسة التربوية أن تعمل على تكوين قناعة لدى الجميع بما يجري فيها من تجديد أو تطوير أو خلافه.
ومن حق المؤسسة التربوية أن تحصل من المجتمع -أفرادا ومؤسسات وهيئات- على الدعم المادي والمعنوي لم تقوم به. فهي ليست جزيرة منعزلة عن المحيط الذي تعمل فيه، ولا هي عضو غريب عن جسم بيئتها. بل هي جزء من نسيج المجتمع وعروة من عروة بيئتها ووسيلة من وسائل تنميتها؛ لذلك فإن لها حق الدعم والرعاية من المجتمع بعامة، ومن البيئة المحلية بخاصة.
لذلك، فإنه من واجب المؤسسة التربوية أن تبصر مجتمعها وبيئتها المحلية بما يجري فيها. فالقائمون على الإدارة التعليمية والإدارة المدرسية والتوجيه والتعليم، والمتعلمون والموظفون والعمال بالمؤسسة التربوية، من حقهم جميعًا أن يتفهموا أهداف عملية تطبيق المنهج، وأن يدرك كل منهم واجباته نحوها، ويتكون لديه الدافع نحو أداء هذه الواجبات. يستوي في هؤلاء من له صلة مباشرة بعملية التجديد أو غير مباشرة. فكل عضو في مجتمع المؤسسة التربوية له إسهام ما -قل أو كثر- في هذه العملية، وهذا الإسهام يرتفع مستواه ويرشد وينمو -إلى حد كبير- إذا ما تكون دافع قوي عند الفرد نحو ما يعمل.
جميع ما سبق لا يمكن تحقيقه دون أن يقوم المعنيون بعملية التطبيق -وعلى رأسهم فريق العمل في تطبيق المنهج- بتكوين شعور إيجابي نحوها، وأن يستخدموا في هذا الأسلوب العلمي والوسائل المختلفة شديدة الفعالية: فتخطط الأساليب التي سوف يتم بها النشر أو الإعلام، وتحدد الإجراءات التي سوف تتبع، وتختار الأدوات التي سوف تستخدم، بالإضافة إلى هذا، ينبغي أن يحرص المعنيون بالتطبيق على الحصول على التغذية العائدة من نشاطهم في عملية بث الشعور والتأكد من تحقيقها لأهدافها.
وأهم ما يمكن أن يتناوله الجهد الموجه لبث الشعوب الإيجابي نحو تطبيق المنهج الجديد هو توضيح مزايا المنهج المقترح، وإذا كان هناك منهج سابق عليه ينبغي توضيح ما أظهره التقويم من ضعف في المنهج السابق، وشرح أهداف المنهج الجديد ومزايا تحقيقها بالنسبة للمتعلمين بخاصة والمجتمع بعامة، وإلقاء الضوء على خطة التطبيق ومراحلها وما تحتاجه من إمكانات مادية وبشرية، وما قد يواجهها من صعوبات، وما يلزمها من تعاون وتآزر من مختلف الأفراد والمؤسسات والهيئات في المجتمع، ومدى الاستعدادات المتوفرة لإنجازها.
ووسائل تحقيق بث الشعور الإيجابي نحو تطبيق المنهج الجديد كثيرة، منها:
شرح مزايا المنهج الجديد ومدى ملاءمته لتحقيق أهداف المجتمع ووفائه بحاجات المتعلم، ومقارنته بمناهج أخرى في بلدان متقدمة مناسبة. وعرض دراسات مقارنة بين المنهج الجديد والمنهج القديم -إن وجد- وتنظيم لقاءات في المؤسسة التربوية لكل من المتعلمين وأولياء أمورهم وقيادات المجتمع، والنشر في الصحافة المحلية، وعقد ندوات إعلامية صحفية وإذاعية وتلفازية عن أهمية تطبيق المنهج الجديد وأهداف تحقيقه ومخاطر عدم إنجازه، يشترك فيها أساتذة من المتخصصين في المادة، وفي طرائق تعليمها والموجهون والمدرسون وقيادات المجتمع وأولياء الأمور، وممثلون عن إدارة التعليم وإدارة المؤسسة التربوية، وقيادات الجماعات المهنية ذات العلاقة.
ومن أهم ما يود المؤلف بيانه هنا، هو أن النشاط الخاص ببث الشعور نحو تطبيق المناهج لا ينبغي أن يتوقف، ولا ينبغي أن يكون جذوة تظهر في بداية عملية التطبيق ثم تخبو. ولكن، ينبغي أن تعمل المؤسسة التربوية لكي يكون التحديث التربوي بعامة وتحديث المناهج وتطويرها بخاصة جزءا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع.
فتحديث المناهج ينبغي أن يكون عملية مستمرة، وبذلك فإن الشعور المؤيد له في المجتمع ينبغي أن يكون عملية مستمرة، وبذلك فإن الشعور المؤيد له في المجتمع ينبغي أن يظل حيا ومتواصلًا، وهذا لن يتحقق إلا إذا اتخذت المؤسسة التربوية كل السبل نحو تغذية هذا الشعور تغذية مستمرة بندوات عن أهمية تواصل التحديث التربوي، وخطواته وإنجازاته وخططه المستقبلة ونشر الوعي التربوي بين المواطنين، وتكوين جماعات لدعم تحديث المناهج في المجتمع يشترك فيها المعلمون، يكون من مهماتها توعية المجتمع ودعوته للاشتراك في أنشطة تجذبه نحو دعم العمل التربوي بعامة ودعم تحديث المناهج بخاصة. وجمعيات المعلمين والجمعيات التربوية والعلمية لها دور كبير في نشر الثقافة التربوية على وجه العموم، والتوعية بطبيعة ومتطلبات تحديث المناهج على وجه الخصوص.
ومما يساعد على تركيز الشعور بالمسئولية نحو التعليم والتربية والاهتمام بدعم المناهج تجلية موقف الإسلام من تحصيل العلم، وأنه فريضة على كل مسلم، وبيان جزاء من يسهل طريقًا لطلب العلم، ومدى ما يجنيه من ثواب لقاء ذلك.
بهذا يدرك الناس أن دعمهم للتعليم بعامة عمل يثابون عليه ويجزون عنه خير الجزاء في الآخرة، وأنه عمل يرضي الله ورسوله، فهذا يدفعهم إلى التعاون مع القائمين بعملية تطبيق المناهج في بث الشعور الإيجابي نحو تطبيق المناهج الجديدة.
كما ينبغي الاستعانة بأئمة المساجد وخطبائها ووسائل الإعلام ومختلف العاملين في الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنوادي الثقافية والاجتماعية والجماعات المهنية. بهذا تتكامل رسالة المؤسسات الدينية مع المؤسسات التربوية والاجتماعية والثقافية والمهنية في نشر الوعي التربوي في المجتمع. وفي إعادة الهوية الإسلامية للعمل التربوي التي كاد أن يفقدها في بلادنا في الوقت الحاضر.