الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب-
بيان حقوق كل من الزوجين ووقايتهما من الغواية:
العلاقة الزوجية في الإسلام علاقة مودة ورحمة. بل جعل الله الزوجة سكنًا للرجل يجد فيها الحبيبة التي يودع فيها نطفته وكوامن ذاته وحفيظتة نفسه.
قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21] .
وقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [النحل: 72] .
ولا ينبغي لعلاقة المودة هذه أن تهن أو تهتز في وقت الخلافات التي تؤدي إلى الانفصال، بل ينبغي أن تظل علاقة الزوجين بالمعروف ولا يحاول الزوج بحال من الأحوال الإضرار بزوجته، إلا أن يكون ظالمًا لنفسه عند الله.
قال تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [البقرة: 231] .
والرجال والنساء في الإسلام شركاء حياة وبناة مجتمع ورفاق مصير. يكونان معا نواة الأمة الإسلامية. وإنه لمن ضرورات الحياة -سواء في الحياة الزوجية أم في الحياة بعامة- أن تحدد حقوق الأفراد بما يحفظ التوازن بينهم. وقد حققت الشريعة الإسلامية هذا التوازن في الأسرة المسلمة.
يقول الشيخ مناع القطان:
بينت الشريعة الإسلامية حقوق الأسرة بما يحفظ التوازن بين أفرادها، فأعطت للمرأة الرشيدة حرية اختيار الزوج. وجعلت الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين متسقة مع الفطرة وطبيعة كل منهما. فللمرأة أهليتها الحقوقية الكاملة. تدير أموالها وتستثمرها، وتكون حاضنة لأولادها. ولها حق الإرث، وبين أحضانها تتربى أجيال المستقبل "8، 89".
لقد جعل الإسلام الزواج طلبا وقبولًا وشهادة عدول. فالطلب من الرجل والقبول من الفتاة أو المرأة. والمرأة تصرح برأيها، أما الفتاة التي لم يسبق لها الزواج فيكفيها السكوت تعبيرًا عن الموافقة. ولكن لا زواج بدون موافقتها في الحالين.
فعن أبي هرية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن". قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: "أن تسكت". "صحيح مسلم".
وجعل الإسلام للزوجة على زوجها حقوقًا كثيرة لا يمكن الإحاطة بها هنا، منها: الصداق والنفقة والعدل بينها وغيرها من الزوجات الأخريات، وألا يفاجئها بالدخول عليها بعد غيبة حتى لا يراها على هيئة لا يحبها. قال صلى الله عليه وسلم:"إذا دخلت ليلًا لا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة وتمشط الشعثة". "صحيح مسلم".
ومن حق الزوجة على زوجها أن يحفظ سرها.
فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها". "صحيح مسلم".
وكما أن الله سبحانه وتعالى، قرر للزوجة حقوقًا على الزوج، فقدج جعل له هو أيضًا حقوقًا عليها. منها: حق القوامة عليها. قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34] .
ونجد تفسير البعض لمدلول هذه الآية في قول الشيخ مناع القطان:
واحتفظت الشريعة الإسلامية بالسلطة العليا في تدبير شئون الأسرة للرجل؛ لأنه أقدر على ذلك بما منحه الله من صفات القيادة في الحزم وقوة الإرادة، وبما يتحمله من أعباء النفقة، فالغنم بالغرم "8، 89".
ونجد أن عقدة النكاح -في الأساس- بيد الرجل، كما نجد للرجل على زوجته: حق الطاعة والإرث وحفظ العرض وتربية الأولاد ورعاية المال وصلة الأرحام، إلى غير ذلك من الحقوق التي أوجبتها الشريعة الإسلامية على الزوجة لزوجها.