الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع". "رواه أبو داود".
وقد خص الإسلام الفتيان بعناية خاصة، فأبطل وأدهم. قال تعالى:{وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9] .
وقال تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام: 140] .
مما يدل على عناية الإسلام الخاصة بالفتيات قول عائشة رضي الله عنها: "دخلت على امرأة ومعها ابنتان لها، تسأل، فلم تجد عندي شيئًا غير تمرة واحدة، فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت فدخل علي النبي. فأخبرته، فقال: "من ابتلى من هذه البنات بشيء فأحسن أليهن كن له سترًا من النار". "متفق عليه.
ومما يجدر بيانه أن الإسلام قد خص فئات معينة من الأولاد بمزيد من الرعاية نظرًا لضعفها وحاجتها إلى تهيئة فرص للنمو الصحيح والتنشئة السوية. من هذه الفئات الجنين قبل الولادة. والطفل بعد الولادة واليتامى والمساكين وأبناء السبيل واللقطاء.
هـ-
وضع أسس لوقاية الأسرة من التفكك أو الانحراف:
لقد حفظ الإسلام للأسرة مقومات البقاء والمودة والتراحم والرعاية، وعني بوقايتها من التفكك بمختلف السبل التي من بينها تحديد أساليب معاملة الزوجة إذا خاف الزوج منها نشوزًا، قال تعالى:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] .
وأسلوب ثان هو تحكيم أهل الزوجين، إذا ظهرت بوادر للشقاق بين الزوجين. قال تعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] .
وأسلوب ثالث: هو السماح للزوجين أن يعودا للزواج بعد الطلاق ما لم يكن طلاقًا بائنا، وحتى في حال الطلاق البائن سمح الإسلام للزوجين بالعودة على أن تنكح الزوجة زوجًا آخر قبل العودة، قال تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] .
وقال تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] .
ووقاية الرجل والمرأة من الإغراء والغواية، وضع الإسلام منهاجا لوقاية كل منهما من الوقوع فيما نهى الله عنه. فعلى سبيل المثال، حدد محارم للمرأة لا تظهر إلا عليهم وأمر كلا من الرجل والمرأة بغض البصر وحفظ الفرج، كما أمر المرأة بعدم إظهار زينتها إلا لفئات حددها في قوله تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ} [النور: 30، 31] .
وأمر نساء المؤمنين أن يلبسن الثياب الساترة للمحرم كشفه، فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59] .
كما وجه المؤمنات بأن يكون كلامهن واضحًا لا يحتمل التأويل من قبل المنحرفين، ولا يتبرجن: فقال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 32، 33] .
ومن أهم عوامل وقاية الأسرة تحديد أسس العلاقات بين أعضائها. فالزواج والطلاق والرضاعة والحضانة والإرث والقوامة وبيان علاقة كل عضو من الأسرة
بالآخرين وعلاقة الأسرة بالأجانب عنها، كل هذا مما ذكرناه سابقًا وما لم يتسع المجال لذكره. من عوامل حماية الأسرة من التفكك أو الانحراف.
ولكي لا يحدث اتهام دون دليل قطعي في علاقة المرأة برجل غير زوجها. فقد جعل الإسلام إثبات الفاحشة على المرأة من الأمور التي لا يرقى إليها شك؛ حفاظًا على كرامة المرأة وسمعتها، وصيانة للأسرة من التفكك، وحماية للمجتمع من الشائعات غير القائمة على دليل أبو برهان. فقال تعالى:{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] .
وحرصًا على نقاء المجتمع بعامة والأسرة بخاصة، اتخذ الإسلام سبلًا لعلاج ما قد يظهر من انحرافات. فتوعد الله الذين يحبون إشاعة الفاحشة في المجتمع بالعذاب الأليم. في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور: 19] .
ومحافظة على الطهارة والحب، وحماية لكيان الأسرة والمجتمع، قرر الإسلام إقامة الحد على من يرمي المتزوجات دون دليل قاطع، وأسقط عنهم أهليتهم للشهادة. بل وصفهم بالفسق، وجعل لهم عقابًا على فعلتهم. قال تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] .
أما من يخرج عن منهج الله ويقترف الزنا في حق الأسرة والمجتمع الإسلامي، فقد خصص له حدا رادعًا يشهده طائفة من المؤمنين. قال تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] .
مما سبق يتبين أن الإسلام قد أولى الأسرة اهتمامًا كبيرًا، بدءا من اختيار الزوجين بما يحفظ للحياة الزوجية استقرارها. وسعادتها، وما يهيئ لها مناخًا مناسبًا لتنشئة الأبناء وحسن رعايتهم وتوجيههم. وجعل كل عضو فيها راعيا لبقية أعضائها. وجعل على الأسرة واجب التآخي والتآزر مع بقية الأسر في سبيل تقدم المجتمع ورفعة الإسلام. كما أوجب عليها التعاون مع مؤسسات المجتمع الأخرى مثل المسجد والمؤسسات الثقافية والإعلامية وغيرها، من أجل تربية أولادها وأولاد المسلمين تربية إسلامية، ومن أجل العمل على تقدم المجتمع ورفع راية الإسلام والمسلمين.