الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونلاحظ أن الطفل في السنة الأولى من عمره، يكون اتصاله بالعالم الخارجي عن طريق فمه -بالدرجة الأولى- ويكون دور الحواس -باستثناء السمع- ضعيفًا جدا. وحتى السمع في هذه المرحلة لا يؤدي وظيفته بصورة فعاله، إذ أن نسبة كبيرة من الأطفال في هذه المرحلة لا يميزون الأصوات، إلا أصوات من لهم بهم صلة وثيقة مثل الأم، أما حاسة اللمس فإنها لا تؤدي دورها بصورة جيدة، وخاصة في بداية المرحلة. ولذا نجد الطفل يتحسس عالمه الخارجي باللمس باليد عشوائيا، ثم يتحسن بتقدم عمره، وكذلك الأمر بالنسبة للحواس الأخرى.
مما سبق نستطيع أن نستنتج أن أكثر المؤثرات على الطفل في هذه المرحلة هو ثدي المرضعة الذي لا يمده فقط بالغذاء، ولكن أيضًا بالشعور بالأمان. وهنا تتضح حكمة الإسلام في التدقيق في اختيار المرضعة، وفي عنايته الخاصة بحاضنة الطفل في هذه المرحلة، وفي العناية الخاصة بالطفل نفسه، لما لهذه الفترة من تأثير كبير على نموه الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي.
ويستهوي الطفل في هذه المرحلة، الألوان الفاقعة مثل الأحمر والأصفر، وتستهويه الأجسام الكبيرة نسبيا، والأجسام المتحركة حركة بطيئة، كما تستهويه الأصوات المعتدلة ذات الإيقاع المنتظم. لذلك ينبغي مراعاة هذا عند اختيار خبرات المنهج الدراسي.
بناء على ما سبق، فإن عناية مخططي المناهج الدراسية للطفل في هذه المرحلة تتركز بالدرجة الأولى في العمل على توافر التغذية المناسبة والنظافة التامة لجسمه وملابسه وفراشه، والبيئة الصالحة لنموه المتكامل، ووقايته من التغيرات المفاجئة والحادة ومن الأخطار، والعمل على علاج ما قد يظهر من أعراض غير مرغوب فيها، وإحاطته بعوامل الشعور بالأمن والأمان والاستقرار الانفعالي، وتوفير فرص الحركة المناسبة وفرص اكتساب بعض العادات السليمة.
جـ-
مرحلة الطفولة:
"2-7".
يدرك المتخصصون في التربية وعلم النفس خطورة هذه المرحلة على تكوين القيم والاتجاهات والميول عند الأطفال. ففي هذه المرحلة يتكون لدى الطفل المفاهيم الأساسية عن الدين والحياة والمعرفة. وفي هذه المرحلة يكون دور الأسرة عظيمًا، فالأسرة هي التي يمكن أن توجه الطفل إلى مزالق خطرة في العقيدة أو تتركه على فطرة التوحيد، وهي التي توفر المناخ المناسب لنمو الطفل الروحي والجسمي والعقلي والاجتماعي أو يكون المناخ غير ذلك كله. وفي هذه المرحلة ينبغي أن يتاح للطفل جو من المرح، وأن يكتسب المعرفة والسلوك من خلال اللعب المحبب إليه، وفي جو من الحنو والعطف.
وقد ضرب الرسول عليه الصلاة والسلام لنا أمثلة لهذا الحنو نذكر منها، فيما روى عنه أنه ذهب يومًا إلى المسجد وهو يحمل أمامة بنت أبي العاص فصلى، فإذا ركع وضعها وإذا رفع رفعها. "فتح الباري بشرح البخاري".
وفي هذه المرحلة تتكون أساسيات شخصية الطفل. فمن حيث النمو الجسمي، فإن النمو الحواس يكتمل تقريبًا. وفي أول المرحلة يكون الطفل قد بدأ المشي والكلام والسيطرة على عضلاته، وينتقل من المشي إلى الجري، ومن الحركة غير المنتظمة وغير الثابتة إلى الحركة المستقرة الثابتة، وفي هذه المرحلة يستطيع التنسيق الحركي، فيركب الدراجة ويقفز ويتابع إيقاع الأصواب بحركة جسمه، وفي أثناء السنة الرابعة يبدأ في السيطرة على القلم وبالتدريج يستطيع السيطرة على عضلاته.
ومن حيث النمو العقلي، فإن الطفل يبدأ في فهم بعض الإرشادات وتنفيذها والبعض منهم يستطيع ذلك قبل سن الثانية، وفي بداية هذه المرحلة يستطيع الطفل أن يتعلم بعض العلاقات مثل "أمام" و"خلف" و"أكبر" و"أصغر" و
…
، وفي أثناء السنة الرابعة يستطيع أن يقوم بتلوين المساحات الواسعة، كما
يمكنه كتابة الحروف والأعداد بحجم كبير، وأن يقارن بين الفراغات والحجوم، وأن يتعلم بعض المهارات العقلية البسيطة، والمهارات الحركية. ولكن ينبغي التنبه -هنا- أنه لا يزال غير قادر على تركيز انتباهه لفترة طويلة. ومن أهم خصائص هذه المرحلة قدرة الطفل على التخيل، وعلى الحفظ السريع للمواد التعليمية المنظومة، وبخاصة إذا ما قدمت من خلال مخاطبة أكثر من حاسة من حواسه الخمس.
أما بالنسبة للنمو النفسي، فإن الطفل في هذه المرحلة تتركز اهتماماته حول ذاته، فهو أناني يحب ما يحقق أهدافه الخاصة بغض النظر عن أثره على الغير، ويكره ما يتعارض مع رغباته، ويكون متقلب المزاج سريع الخاطر. ولكن في نهاية هذه المرحلة تبدأ انفعالاته في الاستقرار.
وبقدر الأهمية البالغة لهذه المرحلة في تكوين الطفل ينبغي أن يتحمل مخططو المناهج المسئولية عن تنميته تنمية متكاملة في جميع مجالات النمو الجسمي والعقلي والنفسي1.
1 للتوسع ارجع إلى كتاب المؤلف: أساسيات المناهج الدراسية ومهماتها. الرياض: دار عالم الكتب، 1415هـ-1995م.