المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سابعا: التخطيط لاستثمار الفروق الفردية بين المتعلمين - الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية

[محمود أحمد شوق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الفهرس العام:

- ‌الباب الأول: مفهوم تخطيط المناهج الدراسية وأهم مجالاته المتعلقة بها

- ‌مقدمة الباب الأول:

- ‌الفصل الأول: مفهوم تخطيط المناهج الدراسية

- ‌مقدمة الفصل الأول

- ‌أولًا: مفهوم التخطيط، على وجه العموم

- ‌ثانيًا: مفهوم التخطيط للتدريس وأهميته بالنسبة للمعلمين

- ‌ثالثًا: مفهوم تخطيط المنهج الدراسي

- ‌خاتمة الفصل الأول:

- ‌أهم مصادر الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني: أهم مجالات التخطيط المتعلقة بالمناهج الدراسية

- ‌مقدمة الفصل الثاني

- ‌أولًا: التخطيط للتربية الميدانية

- ‌ثانيًا: التخطيط لبداية ناجحة في التدريس

- ‌ثالثًا: التخطيط للتدريس فصلًا دراسيا أو عاما دراسيا

- ‌رابعًا: التخطيط لتدريس موضوع أو وحدة

- ‌خامسًا: التخطيط للعمل اليومي

- ‌سادسًا: التخطيط لتدريس الدرس

- ‌سابعًا: التخطيط لاستثمار الفروق الفردية بين المتعلمين

- ‌خاتمة الفصل الثاني:

- ‌أهم مصادر الفصل الثاني:

- ‌خاتمة الباب الأول:

- ‌الباب الثاني: الأسس العامة لتخطيط المنهج الدراسي

- ‌مقدمة الباب الثاني:

- ‌الفصل الثالث: أهم خصائص التربية الإسلامية

- ‌مقدمة الفصل الثالث

- ‌أولًا: التربية الإسلامية ربانية المصدر، عالمية الغاية، شاملة الأثر

- ‌ثانيا: ثاتبة أصولها، مرنة تطبيقاتها

- ‌ثالثا: تعد التربية الإسلامية الإنسان للحياتين، الدنيا والآخرة في توازن واعتدال

- ‌رابعًا: حث المسلم على العمل بقدر طاقته

- ‌خاتمة الفصل الثالث:

- ‌أهم مصادر الفصل الثالث:

- ‌الفصل الرابع: أهم خصائص العلم وفق التوجيه الإسلامي

- ‌مقدمة الفصل الرابع:

- ‌أولًا: طلب العلم فريضة على كل مسلم

- ‌ثانيًا: العلم كله من عند الله، ولا ينفد

- ‌ثالثا: غاية العلم هي تطبيق منهج الله في الحياة

- ‌رابعًا: العلم يحيط بجميع متطلبات الحياة وفق منهج الله

- ‌خامسًا: تتوافق فيه حقائق الكون مع حقائق الوحي

- ‌سادسًا: العلم يرفع قدر طلابه عند الله

- ‌خاتمة الفصل الرابع:

- ‌أهم مصادر الفصل الرابع:

- ‌الفصل الخامس: التوجيه الإسلامي للعلوم

- ‌مقدمة الفصل الخامس

- ‌أولًا: دوافع التأصيل الإسلامي للعلوم

- ‌ثانيًا: المفهوم والمصطلح

- ‌ثالثًا: أسس التوجيه الإسلامي للعلوم ومنهجه

- ‌خاتمة الفصل الخامس:

- ‌أهم مصادر الفصل الخامس:

- ‌الفصل السادس: أهم الاتجاهات التربوية المعاصرة

- ‌مقدمة الفصل السادس:

- ‌أولًا: أهم ملامح التطورات العالمية المعاصرة

- ‌ثانيا: أهم الاتجاهات التربوية المعاصرة

- ‌مدخل

- ‌ أهم الاتجاهات المعاصرة في سياسة التعليم:

- ‌ أهم الاتجاهات المعاصرة في تربية المعلم *:

- ‌أهم الاتجاهات المعاصرة في المناهج الدراسية

- ‌خاتمة الفصل السادس:

- ‌أهم مصادر الفصل السادس:

- ‌خاتمة الباب الثاني:

- ‌الباب الثالث: مصادر خبرات المنهج الدراسي

- ‌مقدمة الباب الثالث:

- ‌الفصل السابع: أهم خصائص المتعلم

- ‌مقدمة الفصل السابع

- ‌أولًا: أهم جوانب طبيعة المتعلم

- ‌ثانيًا: أهم جوانب شخصية المتعلم

- ‌ثالثًا: وظيفة المتعلم

- ‌رابعا: أهم خصائص نمو المتعلم

- ‌مدخل

- ‌ مرحلة التكوين:

- ‌ مرحلة الرضاعة

- ‌ مرحلة الطفولة:

- ‌ مرحلة التمييز:

- ‌ مرحلة البلوغ أو الرشد:

- ‌مرحلة الشباب:

- ‌خاتمة الفصل السابع:

- ‌أهم مصادر الفصل السابع:

- ‌الفصل الثامن: أهم خصائص المجتمع المسلم

- ‌مقدمة الفصل الثامن:

- ‌أولًا: ترسيخ عقيدة التوحيد

- ‌ثانيًا: الحكم بما أنزل الله والأخذ بالشورى والالتزام بالعدل

- ‌ثالثًا: الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌رابعا: تكوين الأسرة المسلمة

- ‌مدخل

- ‌ الترغيب في الزواج وبيان أسس اختيار كل من الزوجين:

- ‌ بيان حقوق كل من الزوجين ووقايتهما من الغواية:

- ‌ بيان حقوق الوالدين:

- ‌بيان حقوق الأولاد والحرص على تربيتهم

- ‌ وضع أسس لوقاية الأسرة من التفكك أو الانحراف:

- ‌خامسا: تحقيق كل من التضامن الإسلامي والتكافل الاجتماعي بين المسلمين

- ‌إرساء أسس المحبة وصولا إلى التضامن والتعاون

- ‌ التكافل الاجتماعي:

- ‌سادسًا: متابعة الاجتهاد

- ‌سابعًا: بث روح الجهاد في سبيل الله

- ‌ثامنا: حسن استثمار المصادر البشرية والطبيعية بالمجتمع والعمل على الارتقاء بالحياة فيه

- ‌خاتمة الفصل الثامن:

- ‌أهم مصادر الفصل الثامن:

- ‌الفصل التاسع: أهم خصائص المجال الدراسي والثقافة والعلمية والتقنية

- ‌مقدمة الفصل التاسع

- ‌أولا: المجال الدراسي

- ‌مدخل

- ‌ بالنسبة للأساسيات والتسلسل:

- ‌ بالنسبة للتطورات المعاصرة في المجال

- ‌ بالنسبة للتطبيقات:

- ‌ بالنسبة للتوجيه الإسلامي للمجال الدراسي

- ‌ بالنسبة لإسهامات العلماء المسلمين في المجال الدراسي:

- ‌ثانيًا: الثقافة العلمية والتقنية

- ‌خاتمة الفصل التاسع:

- ‌أهم مصادر الفصل التاسع:

- ‌خاتمة الباب الثالث:

- ‌الباب الرابع: أهم خطوات تخطيط المنهج الدراسى ومعوقاته

- ‌مقدمة الباب الرابع

- ‌الفصل العاشر: أهم خطوات إعداد المنهج الدراسي

- ‌مقدمة الفصل العاشر

- ‌أولا: الإعداد للمهمة

- ‌ثانيًا: أهم أسس إعداد أهداف المنهج الدراسي

- ‌ثالثا: أهم أسس إعداد محتوى المنهج الدراسي

- ‌أهم أسس اختيار خبرات المنهج الدراسي

- ‌أهم أسس تنظيم خبرات المنهج الدراسي

- ‌رابعًا: أهم أسس إعداد طرائق التدريس *

- ‌خامسًا: أهم أسس الإعداد لاستخدام وسائل تقانة التعليم *

- ‌سادسًا: أهم أسس إعداد المناشط المدرسية *

- ‌سابعًا: أهم أسس الإعداد لتقويم مخرجات المنهج الدراسي

- ‌ثامنًا: تقويم المنهج الدراسي الذي تم إعداده

- ‌خاتمة الفصل العاشر:

- ‌أهم مصادر الفصل العاشر:

- ‌الفصل الحادي عشر: أهم خطوات تطبيق المنهج الدراسي الجديد

- ‌مقدمة الفصل الخادي عشر

- ‌أولًا: التخطيط للتطبيق الميداني

- ‌ثانيًا: إعداد متطلبات التطبيق

- ‌ثالثًا: تدريب المشاركين في تطبيق المنهج الجديد

- ‌رابعًا: بث الشعور بالحاجة إلى منهج جديد، والتوعية بمتطلباته ومشكلاته

- ‌خامسا: تجريب المنهج الجديد

- ‌سادسًا: تعميم المنهج الجديد ومتابعته بالتقويم والتطوير

- ‌خاتمة الفصل الحادي عشر:

- ‌أهم مصادر الفصل الحادي عشر:

- ‌الفصل الثاني عشر: أهم معوقات تخطيط المنهج الدراسي

- ‌مقدمة الفصل الثاني عشر

- ‌أولًا: معوقات خاصة بطبيعة التخطيط التربوي

- ‌ثانيًا: معوقات خاصة بالجوانب الفنية لعملية تخطيط المناهج

- ‌ثالثًا: معوقات خاصة بالقائمين بعملية تخطيط المنهج الدراسي

- ‌رابعًا: معوقات إدارية

- ‌خامسًا: معوقات اجتماعية

- ‌سادسًا: معوقات سياسية

- ‌سابعًا: معوقات خاصة بالظروف الطارئة، وعدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب

- ‌ثامنًا: القصور في الاعتمادات المالية

- ‌خاتمة الفصل الثاني عشر:

- ‌أهم مصادر الفصل الثاني عشر:

- ‌خاتمة الباب الرابع:

الفصل: ‌سابعا: التخطيط لاستثمار الفروق الفردية بين المتعلمين

‌سابعًا: التخطيط لاستثمار الفروق الفردية بين المتعلمين

ولما كانت مهمة المدرسة هي تمكين كل تلميذ من التعلم بأقصى طاقة تسمح بها إمكاناته، وجد المربون أن وضع جميع التلاميذ في ظروف تدريسية موحدة لا يستثمر الفروق الفردية بينهم في الوصول بعطاء كل منهم إلى حده الأقصى. ولذلك فكر المربون، في عدة طرق للتغلب على هذه الفروق الفردية في عملية التعليم والتعلم بين التلاميذ، من أهم هذه الطرق:

أ- التقسيم المتجانس.

ب- المقررات الشرفية أو المستوى الرفيع.

جـ- التقدم السريع.

أ- التقسيم المتجانس:

إحدى الطرق التى استثمر بها المربون الفروق الفردية بين التلاميذ، هي تقسيمهم إلى مجموعات متجانسة من حيث قدرتهم على التحصيل، وبذلك يدرس كل من التلميذ الموهوب، والتلميذ بطيء التعلم والتلميذ المتوسط بين أقرانه وأمثاله من حيث القدرة على التحصيل، الأمر الذي يساعد على تهيئة الجو النفسي والتعليمي والتحصيلي لكل منهم بصورة أفضل. ويكون التقسيم عادة إلى ثلاث فئات هي: فئة المتفوفين، وفئة العاديين، وفئة المتخلفين دراسيا.

ومن بين صور التقسيم المتجانس ما يلي:

1-

عزل كل فئة في مدرسة خاصة بها.

2-

عزل كل فئة في قسم أو فصل خاص بها في المدرسة ذاتها.

3-

التقسيم داخل الفصل الواحد.

وللتقسيم المتجانس أسس وعليه مآخذه، وله مميزات يجب أن يضعها القائمون بتخطيط المناهج والمشرفون على تطبيقها في الاعتبار، نذكر أهمها فيما يلي:

أولًا: أسس التقسيم المتجانس

يجب أن يكون واضحًا أن التلميذ الذي نود أن نوجهه إلى مجموعة المتخلفين دراسيا أو إلى مجموعة المتفوقين أو إلى مجموعة المتوسطين إنسان معقد تكوينه، ولا يمكن الحكم بانتمائه إلى مجموعة أو أخرى بسهولة، وتتأثر قدرته على التحصيل إلى حد كبير بمواهبه وخصائصه العقلية والجسمية والانفعالية، وبالبيئة التعليمية وبحياته خارج المدرسة، وليس بالذكاء وحده كما يعتقد البعض. ومن أجل هذا، عند الحكم على تلميذ ما بانتمائه إلى مجموعة أو أخرى من المجموعات

ص: 76

الثلاث، يجب أن نراعي عدة عوامل يتكامل بعضها مع بعض لتعطي صورة واضحة عن التلميذ في مختلف الخصائص العقلية والانفعالية والجسمية.

والمؤلف ينصح المدرس أن يكون دقيقًا وموضوعيا في تناول كل جانب من هذه الجوانب، حتى يتكون لديه صورة صادقة عن التلميذ، وينبغي أن يراعي العوامل المهمة التي يعتمد عليها في تصنيف كل من الموهوبين والمتوسطين وبطيئي التعلم.

ويمكن تحديد أهم هذه العوامل عند التقسيم المتجانس على النحو التالي:

1-

نسبة الذكاء.

2-

الدافع والمثابرة التي يتحلى بها التلميذ.

3-

رأي المدرسين الحاليين في تحصيله اعتمادًا على الدرجات التي حصل عليها.

4-

رأي المدرسين السابقين في مستوى تحصيله.

5-

البطاقات التتبعية.

6-

درجاته في الاختبارات المقننة -إن وجدت- التي تكشف عن الخصائص النفسية والعقلية.

7-

سن التلميذ، وعدد السنوات التي تختلف فيها أثناء سني الدراسة.

8-

صحة التلميذ بما في ذلك العاهات الجسمية.

9-

هوايات التلميذ.

10-

نوع المواد التي يرغب التلميذ في دراستها.

11-

رأي الوالدين أو ولي الأمر فيما يتعلق بمستوى تحصيله.

12-

المستوى التعليمي والثقافي لأسرة التلميذ، ومستواها الاقتصادي الاجتماعي.

بالإضافة إلى ما سبق ينبغي مراعاة ما يلي:

13-

يحسن ألا يتأخر تقسيم التلاميذ تقسيمًا متجانسًا لكي تتاح لكل فئة فرص التعليم المناسبة. فيمكن أن يتم التقسيم داخل الفصل الواحد في الصفوف العليا من المرحلة الابتدائية، ولكن تحديد التلاميذ المتفوقين أو بطيئي التعلم في مادة ما، يجب أن يتأخر حتى الصفوف الأولى من المرحلة الإعدادية.

14-

يجب متابعة عملية التقسيم المتجانس للتلاميذ ونعني بالمتابعة هنا أن التلميذ الذي لا يحتفظ بمستواه بين التلاميذ المتفوقين لا مانع من أن يعاد إلى فئة التلاميذ العاديين، والتلميذ الذي ينتمي إلى

ص: 77

فئة بطيئي التعلم في مادة ما، ينبغي نقله إلى فئة التلاميذ العاديين إذا استقر أداؤه في مستوى التلميذ العادي لفترة مناسبة. فإن هذا يحفز الجميع على بذل الجهد في التحصيل.

15-

التلميذ الموهوب في مادة ما لا يعني أنه موهوب في جميع المواد. فالتلميذ الموهوب في الرياضيات لا يعني بالضرورة أنه موهوب في اللغة العربية مثلًا، ولكن يجب ألا يكون الموهوب في إحدى المواد متخلفًا في أي مادة من المواد الدراسية. وما يقال عن الموهوب يقال عن بطيء التعلم. فليس صحيحًا أن التلميذ المتخلف دراسيا في إحدى المواد يكون بالضرورة متخلفًا في بقية المواد الأخرى، ولكن إذا كان التلميذ متخلفًا في الرياضيات -على سبيل المثال- ومتفوقًا في باقي المواد، فغالبًا ما يكون التلميذ في هذا الحال متخلفًا في الرياضيات لأسباب يمكن علاجها.

16-

تقسيم التلاميذ إلى مجموعات متجانسة ليس هدفًا في حد ذاته، ولكنه وسيلة لتوفير مناخ دراسي أكثر ملاءمة لتكييف عملية التدريس حسب خصائص التلاميذ. فالتقسيم المتجانس يمكن من وضع مناهج تلائم قدرات التلاميذ، وحاجاتهم وميولهم، ويمكن تخطيط الجوانب الأخرى لعملية التدريس فيما يتعلق بالأنشطة ووسائل تقانة التعليم وفترة الدرس وطرائق التعليم ووسائل التقويم، حسب خصائص التلاميذ. فكما يود المتعلم أن يحقق نجاحًا فإنه يود أيضًا أن يشعر أن هذا النجاح ذو قيمة، ولن يشعر بهذا إلا إذا وجد فيما يتعلمه تحديًا لقدراته.

ويتيح التوزيع المتجانس فرصة لتحدي قدرات كل من المتفوق وبطيء التعلم، وفي الوقت نفسه فيه فرصة لمراعاة إمكانات كل تلميذ على حدة. فالمتفوق يجد نفسه في حاجة إلى بذل جهد كبير في سبيل الاحتفاظ بمركزه بين فئة المتفوفين، ولا يستطيع بطيء التعلم -في الغالب- أن يحقق ذاته إلا بين أقرانه، إذ سيجد ما يتحدى تفكيره، إنما يتحدى تفكير آخرين من زملائه

أيضًا. وبدون التقسم المتجانس يتجه التدريس -غالبًا- إلى التلميذ المتوسط، وفي هذا الحال يشعر التلميذ المتفوق في كثير من الأحيان بتفاهة المادة، ومن ناحية أخرى لا يستطيع التلميذ المتخلف الإلمام بالدرس، الأمر الذي يجعله يمل الدراسة.

ص: 78

ثانيًا: أهم المآخذ على التقسيم المتجانس

ولكن التقسيم المتجانس ليس خيرًا كله، إذ يوجد عليه بعض المآخذ منها:

1-

عزل المتفوقين أو المتخلفين دراسيا في مدرسة خاصة يجعل مجتمع المدرسة مختلفًا تماما عن المجتمع الخارجي، فالمتفوق لا بد أن يدرك من خلال حياته في المجتمع المدرسي، أن في مجتمعه أناسًا قدراتهم محدودة، وسلوكهم محدود بهذه القدرات، وأن يتعلم كيف يؤدي لهم خدمات، وكيف يتعامل معهم. وبالمثل يجب أن يدرك المتخلف أن في مجتمعه طاقات وقدرات تفوق قدراته، وأن في المجتمع أنماط سلوكية وفكرية أكثر كفاءة مما لديه، وأنها ليست مصدر تهديد لوجوده ولكنها مصدر طمأنينة وعون له؛ لأنها تستطيع حل المشكلات التي تواجهه كعضو في المجتمع، عندما لا يستطيع هو التصدي لها.

وإحدى طرق علاج هذه المشكلة -كما يرى بعض المربين- يأتي من خلال النشاط المدرسي المشترك مع المدارس الأخرى، ففي النشاط العلمي والثقافي والرياضي والعملي مع المدارس العادية الأخرى فرصة لتفاعل جميع فئات التلاميذ.

2-

في حالة عزل المتفوقين أو المتخلفين دراسيا في فصول مستقلة داخل المدرسة، قد ينعزلون عن المجتمع الكبير. ففي كثير من الأحيان، ينعزل المتفوقون في برج خاص، وينزوي المتخلفون دراسيا مبتعدين عن مجتمع المدرسة.

ويرى البعض أن هناك وسائل كثيرة لتلافي حدوث ظاهرة انعزال كل من المتفوقين والمتخلفين عن المجتمع المدرسي الكبير. فمثلًا اشتراكهم في النشاط العلمي والعملي والثقافي والرياضي في المدرسة فرصة للتفاعل مع باقي التلاميذ، وكذلك في فناء المدرسة، وفي صالة المطعم، وفي الجمعية التعاونية، وغيرها من المجالات الخصبة التي تتيح فرص الاختلاط والتفاعل بين مختلف فئات التلاميذ.

3-

قد يشعر المتفوقون بالعلو على المجتمع فقد يتصور المتفوقون -أحيانًا- عند عزلهم في مدارس أو فصول مستقلة أنهم طبقة خاصة، من ثم يتعالون على المجتمع ويرى بعض المربين أن إحدى وسائل علاج شعور المتفوقين بالتعالي تأتي من خلال برامج الخدمة العامة. وذلك بأن تضع المدرسة برامج للخدمات العامة في المدرسة

ص: 79

وفي البيئة المدرسية، يقوم به المتفوقون ويكون للتفوق فيه تقدير خاص.

وهناك وسيلة أخرى لعلاج شعور المتفوقين بالتعالي، وهي دراسة تاريخ العلم. فعن طريق دراسة تاريخ العلم سوف يقف التلميذ المتفوق على المجهود الكبير الذي بذله العلماء في العصور المختلفة مثل الخوارزمي وابن حزم ونيوتين وابن سينا وابن رشد وابن الهيثم وأينشتين وغيرهم في سبيل رفاهية البشرية وسعادتها.

ويجب أن تقدم دراسة التاريخ أمثال هؤلاء العلماء على أنهم قدموا للإنسانية الخير فاستحقوا دخول تاريخها. وهنا توجد فرصة يتعلم فيها المتفوق أن خدمة المجتمع -وليس التعالي عليه- هي التي تسجل للإنسان تاريخًا مجيدًا.

ثالثًا: أهم ميزات التقسيم المتجانس

من أهم ميزات تقسيم التلاميذ تقسيمًا متجانسًا هو تمكين المربين من تخطيط المناهج الدراسية حسب قدراتهم، فبالإضافة إلى إعطاء كل فئة من فئات المتفوقين والعاديين والمتخلفين فرصة للدراسة في الوسط الذي يناسبه، فإن اختيار المادة العلمية وتنظيمها وتخطيط تنفيذها يكون أكثر ملاءمة لخصائص كل من هذه الفئات، عندما يكون تقسيمها تقسيما متجانسا من حيث القدرة على التحصيل.

ففي حال عزل تلاميذ كل فئة في مدرسة أو قسم في مدرسة أو حجرة من حجرات الدراسة، تكون مهمة المدرسة في إمداد التلاميذ بما يلائم مستواهم سهلة نسبيا. فتكون هناك مناهج خاصة وكتب خاصة لكل فئة، وكذلك الأمر عند تخطيط العمل المدرسي، وتنفيذه، وعند اختيار الأشخاص الذين سيعملون في المدرسة، وعلى رأسهم المعلمون حسب متطلبات خصائص كل فئة.

رابعًا: أهم خصائص مناهج المتفوقين دراسيا

1-

أن تحث المناهج التلاميذ على التفكير.

2-

أن تساعد على تنمية الاتجاه نحو الاكتشاف.

3-

أن تعطي للتلاميذ فرصة الابتكار والإبداع.

4-

أن تبعد التلاميذ عن الجمود الفكري، وفرض حلول معينة دون أساس علمي.

5-

أن يكون العمل التدريسي القائم على التكرار في حده الأدنى.

6-

أن تنمي في التلميذ روح البحث والاستزادة من العلم. وذلك بالرجوع إلى المراجع لاستكمال دراسة بعض الموضوعات.

ص: 80

7-

أن تتميز موضوعاتها بصفتي التجريد والحداثة بقدر الإمكان.

8-

أن تساعد التلميذ على اكتساب مهارات التعليم الذاتي المستمر.

خامسًا: أهم خصائص مناهج المتخلفين دراسيا:

1-

أن تساعد التلميذ على فهم المناشط التي تجري في بيئته، وأن تكون عاملًا مساعدًا في حياته العملية والمهنية والاجتماعية.

2-

أن تتخذ للمجردات مدخلًا حسيا، وأن تساعد المتعلم على فهم أسلوب حل المشكلات، بقدر الإمكان.

3-

أن ترتكز على العلاقات الاجتماعية والاقتصادية السائدة في حياة المتعلم اليومية.

4-

أن توفر للمتعلم قدرًا كافيا من التدريبات المتدرجة في الصعوبة وصولًا إلى اكتسابه المهارة وإجراء العمليات، واستيعاب المفاهيم.

5-

أن تكون غنية بالأمثلة المحلولة والأشكال التوضيحية الملونة.

6-

أن تكون سهلة اللغة بسيطة التراكيب.

7-

أن تقسم إلى دروس قصيرة، تتدرج من السهل إلى الصعب.

سادسًا: مهمات معلم التلميذ المتخلف

لا شك أن الكثير من المدرسين يفضلون القيام بالتدريس للتلاميذ العاديين أو المتفوقين على التدريس للتلاميذ المتخلفين. فمدرس التلميذ يجب أن يكون عطوفًا قادرًا على التدريس العلاجي، صاحب خبرة واسعة في استخدام وسائل تقانة التعليم، وفي مجالات تطبيق مادته في الحياة اليومية للتلميذ، كما يجب أن يكون ملما بمشكلات التلميذ المتخلف وخصائصه النفسية والجسمية والعقلية.

ومن أهم المشكلات التي تواجه مدرس التلميذ المتخلف هي مشكلة إثارة دوافعه نحو دراسة مادته. فعادة يكون التلميذ المتخلف غير راغب في الدراسة بالمدرسة. وكل ما يعنيه هو وأسرته أن يخرج إلى المجتمع وقد تعلم شيئا يكسب به عيشه. وفي غالب الأحيان، لا يكون عندهم ولاء لتنظيمات المدرسة التي تحتفظ به داخلها، على غير رغبة منه. كذلك ينبغي أن يبذل المعلم جهودًا مستمرة لإثارة دوافعه نحو التعلم، على وجه العموم، وإحدى وسائل تحقيق هذا التطبيق نجدها في الأعمال اليدوية، وإعداد وسائل التقانة التعليمية واستخدام الأفلام التعليمية. فهذا يساعد التلميذ المتخلف على تقبل المدرسة ويرغبه فيها. يضاف إلى ما سبق، تنويع طرائق التدريس والأنشطة وقصر فترات الدراسة "الحصة".

ص: 81

ومن بين ما يجب أن يراعيه المدرس بالنسبة لطاقة التلميذ الفكرية هو عدم قدرته على بلورة أفكاره بسرعة. ويستدعي هذا ألا يصر المدرس على أن ينتهي من دراسة موضوع معين، إذا وجد أن تلاميذه غير قادرين على استيعابه، فإن هذا -إن حدث- يثبط هممهم ويسبب لهم عقبات كثيرة في متابعة دراستهم فيما بعد، وخاصة بالنسبة للمواد ذات التسلسل المتتابع مثل الرياضيات. هذا بالاضافة إلى ما يسببه الفشل من عدم الثقة بالنفس.

أكثر من أي تلميذ آخر، يحتاج المتخلف إلى تدريب طويل، ولكن لا يجب أن يكون هذا التدريب آليا، بل ينبغي أن يكون التدريب وظيفيا يساعد على توضيح قاعدة عامة أو نظرية أو مبدأ. ويكون اختياره بناء على احتياجات التلاميذ أنفسهم. ويساعد على جعل التدريب ذا معنى عند التلاميذ، الاحتفاظ بتسجيل خطوات تقدمه وإعلامه بها، ومتابعة هذا التسجيل، فإن هذا يساعد التلميذ على الوقوف على ما لديه من نقاط القوة في أدائه، ومن ناحية أخرى يبعث في نفسه السرور بما يحرزه من تقدم.

والتلميذ المتخلف ينقصه الثقة بالنفس. ولذلك، على المدرس أن يداوم على تشجيعه. فلا شك أن تشجيع المدرس للتلميذ يعطيه فرصة لتحقيق ذاته بين زملائه في الفصل، وقد دلت التجربة على أن التلميذ المتخلف أكثر حساسية لمركزه بين زملائه في الفصل من التلميذ العادي.

ومما يوفر فرصًا للنجاح وتحقيق الذات بالنسبة للتلميذ المتخلف مراعاة الفروق الفردية بين تلاميذ الفصل. ولذلك يوجه المدرس للتلميذ المتخلف السؤال الذي يتوقع أنه يستطيع الإجابة عليه، وإذا فشل التلميذ في الإجابة فالأفضل أن يوجه المدرس إليه سؤال أسهل في نفس مضمون السؤال الأول. ومما يساعد التلاميذ المتخلفين على تحقيق النجاح في الدراسة ألا يعطي المدرس أكثر من طريقة لمعالجة موضوع ما في الحصة نفسها. فمثلًا عند تدريس حل المعادلات في الرياضيات لا يجب أن يعطي المدرس أكثر من طريقة لحلها. وفي اللغة العربية لا ينبغي أن يدرس المدرس الحال والتمييز في الحصة نفسها، فالأفضل بالنسبة للتلميذ المتخلف أن يتقن طريقة واحدة لمعالجة موضوع واحدة، وألا يتشتت في دوامة عدة طرق لمعالجته.

والأفضل أيضًا أن يدرس موضوعًا وتطبيقاته من أن يدرس موضوعين معًا.

والتقويم المستمر من الطرائق الفعالة في التدريس للمتخلفين، فمدرس المتخلفين في حاجة ماسة إلى الوقوف على نقاط الضعف والقوة عند تلاميذه بالتقويم، وبناء على هذا التقويم يستطيع المدرس أن يخطط التدريس العلاجي اللازم. وقد يحتاج المدرس إلى اختبارات تشخيصية قبل العلاج، وقد يحتاج إلى إعادة شرح بعض الدروس، ولكن كل هذا لا يمكن أن يتم إلا في ضوء التقويم. وعلى وجه العموم، يمكن تحديد أهم واجبات معلم التلميذ المتخلف فيما يلي:

ص: 82

1-

يجب أن يكون شرحه للدرس مبسطًا ومباشرًا، وأن تصحبه بعض التوضيحات والأمثلة من خارج المقرر على أن تكون مرتبطة بحياة التلميذ كلما أمكن، وأن يقسم المدرس الدرس إلى حلقات صغيرة يسهل على التلاميذ ربطها بعضها ببعض، وأن يقوم تحصيل التلاميذ تقويمًا مستمرا.

2-

استغلال المدرس لميول التلاميذ في تدريسه. وأن يعنى دائمًا بالمواقف التعليمية والنشاط والتدريبات، لمساعدة التلاميذ على اكتساب المهارة في تناول المفاهيم والعلاقات.

3-

اتخاذ نشاط التلميذ في الملعب وفي المنزل مدخلًا أساسيا للتدريس في حجرة الدراسة، وميدانا للتطبيقات.

4-

التدريبات العشوائية لا تفيد التلميذ كثيرًا. ولكن توجيه التدريبات إلى ما تسفر عنه نتائج الاختبارات التشخيصية، يساعد في حل مشكلات التلميذ

المتخلف.

5-

ضرورة أن يعالج المدرس المفاهيم والمجردات في تؤدة وتدرج، حتى يتمكن تلاميذه من استنتاج القواعد العامة أو التعريفات المطلوبة، قبل أن يعطي المدرس تطبيقات عليها.

6-

عدم إعطاء واجبات منزلية في درس ما، إلا بعد التأكد من أن تلاميذه قد فهموا الدرس جيدًا، حتى لا يحدث تدعيم لأخطائهم إذا مارسوا هذه الأخطاء أثناء أداء الواجب المنزلي.

7-

الانتباه إلى أن تخلف التلميذ في مادة كالرياضيات مثلًا، قد يعود -بالدرجة الأولى- إلى ضعفه في القراءة، ومن ثم عدم قدرته على قراءة المادة التي يتعلمها وفهمها. لذلك يجب أن يتأكد المدرس من أن كل تلميذ قادر على قراءة المادة التي يعطيها لهم وفهمها.

8-

من الاعتبارات المهمة التي يجب أن يأخذها المدرس في الحسبان ألا يضيف تلميذا مع المتخلفين بسبب مشكلاته السلوكية، ولكن يجب أن يكون هذا التصنيف على أساس الاعتبارات التي ذكرنا أهمها في تحديد خصائص التلميذ المتخلف.

9-

من العوامل التي تساعد التلميذ المتخلف، أن يحدد المدرس أوقاتًا معينة يساعد فيها من يحتاج إليه من تلاميذه في مكتبه.

ص: 83

سابعًا: مهمات معلم التلميذ المتفوق

يعتقد الكثيرون أن مهمة تدريس المتفوقين سهلة، ولكن هذا الاعتقاد غير صحيح، وأصحاب هذا الرأي يعتمدون على أن المتفوق يستطيع أن يعتمد على نفسه في التحصيل. ولكن قدرة التلميذ على الاعتماد على نفسه في حد ذاتها تحتاج إلى مدرس يفتح له الآفاق، ويساعده في حل ما يواجهه من مشكلات، وهذا بدوره يتطلب من المدرس أن يكون قويا في مادته واسع الاطلاع على أحدث التطورات فيها ومجالات تطبيقها، مثقفا ثقافة واسعة، ومن أهم ما يساعد مدرس المتفوقين، ما يلي:

1-

تحضيره لتدريس درسه تحضيرًا متقنا.

2-

اختيار مواقف وتدريبات تتحدى تفكير التلاميذ مع مراعاة الفروق الفردية بينهم.

3-

سعة الاطلاع، في مادته وتطبيقاتها في المجالات المختلفة، وخاصة في المجالات العلمية والتقنية ومشاكل الحياة اليومية.

4-

حضور مؤتمرات وندوات ولقاءات الجماعات المهنية المتخصصة في مادته وطرائق تدريسها، كوسيلة من وسائل التنمية الذاتية.

5-

عقد اجتماعات فردية وجماعية مع تلاميذه لتوجيههم وحل مشكلاتهم، وذلك في غير أوقات الحصص المقررة.

6-

عقد حلقات دراسية وحلقات للبحث، مع تلاميذه الذين يرغبون في دراسة موضوعات معينة.

7-

تكوين جمعيات للنشاط المدرسي من تلاميذه، مثل النوادي الأدبية والعلمية والرياضية.

8-

متابعة التجارب والمناشط التي تقوم بها مدارس المتفوقين الأخرى، وتبادل الخبرات مع المشرفين عليها.

9-

الاحتفاظ بمكتبة حديثة في مادته، وفي طرائق تدريسها وفي مجالات تطبيقاتها. لكي يستفيد منها في تدريسه.

10-

تكوين حلقات دراسية في مادته، وفي طرائق تدريسها مع مدرسي المتفوقين بالمدارس الأخرى.

11-

تقسيم تلاميذه إلى مجموعات متكافئة -بقدر الإمكان- يكون تكليف كل منها بإجراء بحوث ودراسات، يشترك المعلم والتلاميذ في اختيارها والتخطيط لدراستها، أسلوبا من أساليب التدريس.

ص: 84

12-

الحرص على الثقافة العامة في الموضوعات والقضايا المعاصرة يساعده على إشباع الاستطلاع العلمي والتقني وغيرهما لدى تلاميذه.

ولا شك إن إدارة المدرسة عليها مسئولية مساعدة المعلم على تحقيق الأمور السابقة، وخاصة فيما يختص بالمكتبة والنشاط المدرسي، وتمكينه من حضور اجتماعات الجمعيات المهنية، ومن حضوره برامج التدريب، وإعفائه من المهمات الإدارية والكتابية بالمدرسة، بل يفضل تخفيف نصاب تدريسه.

8-

أهم واجبات المدرس عندما يواجه فئات المتفوقين والعاديين والمتخلفين في نفس الفصل الدراسي:

في حالة المدرسة الصغيرة التي لا يتوافر فيها عدد من التلاميذ من كل فئة يكفي فصل مستقل، تكون مشكلة التقسيم المتجانس أكثر تعقيدا بالنسبة للمدرس.

ففي هذا الحال، يجد المدرس في نفس الفصل تلاميذ متفوقين في مادته وآخرين متخلفين فيها، وعليه أن يتيح الفرصة لكل من الفئتين للتحصيل بأقصى ما تسمح به طاقاتها إلى جانب التلاميذ العاديين الذين ينبغي أن يتيح لهم الفرصة ذاتها.

إحدى وسائل التغلب على هذه المشكلة هي تقسيم الفصل إلى ثلاث مجموعات: مجموعة المتفوقين دراسيا. ومجموعة المتخلفين دراسيا، ومجموعة العاديين أو المتوسطين دراسيا، ويقوم المدرس بالتدريس للثلاث مجموعات في الوقت نفسه، وربما من ثلاثة كتب مختلفة.

ولكن هناك مشكلات في هذه الطريقة، وهي أن المدرس كثيرًا ما يجد صعوبة في شغل إحدى المجموعات بعمل يستطيع أفرادها القيام به بأنفسهم، في الوقت الذي يكون هو في مساعدة المجموعتين الأخريين، وخاصة أن تلاميذ مجموعة المتخلفين لا يستطيعون -في العادة- القيام بالعمل بأنفسهم لفترة طويلة دون إرشاد ومساعدة المدرس، بل إنهم لا يستطيعون العمل فترة طويلة حتى بمساعدة المدرس. وكذلك يجد معظم المدرسين صعوبة في حفظ النظام في الفصل. وقد حاول بعض المدرسين التغلب على هذه الصعوبات بجعل التلاميذ المتفوفين يساعدون المتخلفين في الفصل. وذلك بأن يقوم التلاميذ المتفوقون بالتدريس للتلاميذ المتخلفين، في الوقت الذي يكون المدرس فيه مشغولًا بمساعدة الفئة المتوسطة. ولكن يؤخذ على هذا الإجراء أن حساسية التلاميذ المتخلفين قد تجعلهم يرفضون مساعدة المتفوقين، كما أنهم قد يعتمدون على هذه المساعدة أكثر من اللازم، وبالإضافة إلى هذا طريقة أخرى هي المساعدة الفردية خارج الفصل لإعطاء كل تلميذ الفرصة التي يحتاجها، ولم تتوافر له داخل الفصل.

في حال تقسيم الفصل إلى مستويين أو ثلاثة مستويات، وحينما يكون الكتاب الذي يدرسه التلاميذ واحدًا، تكون مهمة المدرس في اختيار تمارينه وواجباته

ص: 85

المنزلية -بما يناسب جميع المستويات- مهمة صعبة، وبخاصة أن عليه أن يشفي غلة كل فئة من التعلم. في هذا الحال، يجب أن تتأرجح أسئلة المدرس الذي يتناول من خلالها شرح الدرس بين الصعوبة والسهولة، فيوجه السؤال الصعب إلى التلميذ المتفوق والتلميذ المتوسط، والسؤال المتوسط الصعوبة إلى التلميذ المتوسط والتلميذ المتخلف، والسؤال السهل إلى التلميذ المتخلف.

وبالمثل عند اختياره للتمارين والواجبات المنزلية، وفي جميع الأحوال يجب أن يراعى أمرين هامين:

- أن يجد كل تلميذ في بعض أسئلة المدرس والتمارين ما يتحدى قدراته.

- أن تتيح الأسئلة والتطبيقات -على وجه العموم- فرصة الإجابة الصحيحة.

ويمكن أن يقسم المدرس تلاميذه إلى أسر، بحيث تضم كل أسرة قطاعًا رأسيا من التلاميذ، يكون فيه تلاميذ متفوقون ومتوسطون ومتخلفون، ومن داخل هذا التنظيم -إذا أحسنت إدراته- قد تتوافر ظروف التعاون بين تلاميذ كل أسرة.

وغني عن البيان أن مراعاة الفروق الفردية داخل كل فئة، واستخدام النشاط المدرسي والوسائل التقانية في التدريس، والتقويم المستمر، والتدريس الوقائي، والتدريس العلاجي، جميعها من أساسيات عملية التدريس عمومًا وللمتخلفين بخاصة.

ب- المقررات الشرفية أو مقررات المستوى الرفيع للمتفوقين:

من بين الإجراءات التي يتخذها بعض المربين لمقابلة متطلبات الفروق الفردية بين التلاميذ تنظيم مقررات خاصة للمتفوقين، ويطلق على هذه المقررات "المقررات الشرفية" أو "مقررات المستوى الرفيع". فيدرس التلميذ المتفوق البرنامج العادي مع التلاميذ العاديين، وبالإضافة إلى هذه المقررات يدرس هذه المقررات الخاصة.

وتكون هذه المقررات في المواد التي أثبت التاريخ الدراسي للتلميذ تفوقه فيها. ولذلك نجد بعض المتفوقين يدرسون مقررات خا صة في الرياضيات. والبعض يدرس مقررات خاصة في العلوم، وآخرون يدرسون مقررات خاصة في اللغات وهكذا.

وينبغي ملاحظة أن تطبيق هذا النظام في المدارس الصغيرة يصبح مكلفًا من الناحية المادية؛ لأن المجموعات التي تدرس كل مقرر من المقررات الشرفية تكون صغيرة، ولكنه إجراء سليم من وجهة النظر التربوية إذ إنه يتيح للتلميذ المتفوق التعمق في دراسة المادة التي يتفوق فيها. وينبغي أن تتميز هذه المقررات بالحداثة.

وتكون هذه المقررات ذات فائدة أكبر، إذا كتبت مادتها خصيصًا للمتفوقين.

ص: 86

جـ- التقدم السريع:

من بين الإجراءات التي يتخذها المربون في البلدان المتقدمة، إتاحة الفرصة لكل تلميذ أن يتقدم إلى صفوف الدراسة الأعلى حسب قدراته. وذلك بأن يسمح للتلميذ الذي أتم دراسة مقررات الصفة الأول الثانوي -مثلًا- بالانتقال إلى الصف الثاني الثانوي في أي وقت من العام وبعد أن يؤدي بنجاح الامتحانات المقررة في الصف الأول الثانوي.

وبناء على هذا، فإن التلميذ المتفوق قد ينتهي من دراسة المرحلة الثانية في سنتين فقط بدلًا من ثلاث، وهذا الإجراء يعتبر مقبولًا من الناحية النظرية، ولكن إذا تذكرنا أن المادة التعليمية التي يدرسها المتفوق ينبغي أن يتوافر فيها خصائص معينة تناسب قدرات المتفوقين، نجد أن هذا الإجراء لا يساعد على قدح قدرات المتفوقين، وإثراء خبراتهم. هذا فضلًا عن الصعبوات الإدارية والإشرافية الخاصة بتطبيق هذا النظام.

ويعتمد هذا النظام على تفريد التعليم، بمعنى أن يخطط المنهج بحيث يستطيع أن يسير كل تلميذ حسب قدراته بغض النظر عن بيقة زملائة. وغالبًا ما يقسم المقرر الدراسي إلى وحدات متتابعة فإذا أنجز الطالب واحدة واختبر فيها بنجاح، انتقل إلى دراسة الوحدة التالية في المقرر نفسه إذا شاء. وقد يدرس الطالب الوحدة الأولى فقط من خمس وحدات في الرياضيات -على سبيل المثال- في حين أنه قد أتم دراسة جميع الوحدات في اللغة العربية. حينئذ يستطيع التلميذ -وقد أتم دراسة مقرر اللغة العربية- أن يبدأ في دراسة الوحدة الأولى من المستوى التالي في اللغة العربية، وبعض التطبيقات لا تسمح بالانتقال إلى المستوى التالي إلا بعد إتمام دراسة جميع مقررات المستوى السابق عليه، ويستخدم في هذا النظام -في كثير من الأحيان- الحاسب الآلي أو التعليم المبرمج، ولكن يمكن تطبيقه بدونهما.

وفي حال استخدام الحاسب الآلي تسجل جميع الوحدات على أشرطة، ولكل طالب فرصة الجلوس إلا الجهاز ليتابع دراسة الوحدات الخاصة به والمخزنة في الحاسب، وفي التعليم المبرمج تكون الوحدات مبرمجة في كتيبات، وكل تلميذ يأخذ الكتيبات الخاصة بالوحدات التي يدرسها.

ولا يجتمع الطلاب كمجموعة مع المدرس إلا في حال وجود توجيهات عامة أو أخطاء شائعة، أما من حيث التحصيل الدراسي. فإن المدرس يساعد كل تلميذ على حدة في تخطيط برنامجه الدراسي، يحيث لا يتأخر كثيرًا في دراسة اللغة العربية -مثلًا- ويسرع كثيرًا في دراسة العلوم. فالمدرس يساعد التلميذ على التوازن والتنسيق بين مختلف المواد الدراسية في سيره الدراسي، كما يساعده على حل المشكلات التي يطلب من المدرس المساعدة في حلها، أو المشكلات التي يكتشفها المدرس نتيجة لتقويمه المستمر لأداء الطالب في الوحدات أو الموضوعات التي أنجز دراستها.

ص: 87

أولًا: أهم خصائص طريقة التقدم السريع

1-

يعتمد الطالب في دراسته على جهده الخاص، بعد الله سبحانه وتعالى.

2-

لا يكون تقدمه في الدراسة مرتبطًا بأحد من الطلاب الآخرين من زملائه.

3-

يقف الطالب على نتيجة أدائه أولا بأول، وبخاصة إذا ما استخدم الحاسب الآلي والتعليم المبرمج في تقديم المادة التعليمية.

4-

لا يقوم المدرس بالتدريس التقليدي، ولكنه يكون مرشدًا وموجها للطلاب، ومساعدًا لهم على تخطيط برامج سيرهم الدراسي ومشجعا لهم على الإنجاز، ومقوما لإنجازهم.

ثانيًا: أهم مميزات طريقة التقدم السريع:

1-

أنها تدرب الطالب على التعليم الذاتي، وهو من بين المؤهلات للتعليم المستمر، وكلاهما ضرورة لملاحقة الفيض المعرفي المعاصر.

2-

تعود الطالب على الاستقلال، واتخاذ القرارات من خلال تخطيط برنامجه الدراسي، والالتزام بالوفاء بمتطلبات تنفيذه.

3-

في حال استخدام التعليم المبرمج أو الحاسب الآلي بخاصة، يقف الطالب أولًا بأول على مستوى أدائه، وهذا فوق أنه حافز مستمر له على التعليم، فإنه يعود الطالب على تحمل المسئولية وعلى التقويم المستمر.

4-

تخفف عن الطالب عبء عرض مستواه أمام زملائه، ولا يكون تقويم عمله على أساس قدرات الغير ومستوى تحصيلهم، بل تتيح له فرصة السير في دراسته وفق قدراته الخاصة، ويقوم أداؤه بناء على ذلك.

5-

تخفف عبء التحضير والتصحيح عن المدرس، وخاصة عندما يستخدم التعليم المبرمج أو الحاسب الآلي.

6-

تتيح فرصة أكبر للمدرس بأن يتعرف على طلابه، ليس من حيث خصائصهم العقلية فقط، ولكن أيضًا من حيث مختلف نواحي شخصيتهم.

ثالثًا: أهم المآخذ على طريقة التقدم السريع:

1-

أنها تحتاج إلى خبرات كبيرة في إعداد برامجها، وتنفيذها وتقويمها ومتابعتها.

ص: 88