المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: مفهوم تخطيط المنهج الدراسي - الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية

[محمود أحمد شوق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الفهرس العام:

- ‌الباب الأول: مفهوم تخطيط المناهج الدراسية وأهم مجالاته المتعلقة بها

- ‌مقدمة الباب الأول:

- ‌الفصل الأول: مفهوم تخطيط المناهج الدراسية

- ‌مقدمة الفصل الأول

- ‌أولًا: مفهوم التخطيط، على وجه العموم

- ‌ثانيًا: مفهوم التخطيط للتدريس وأهميته بالنسبة للمعلمين

- ‌ثالثًا: مفهوم تخطيط المنهج الدراسي

- ‌خاتمة الفصل الأول:

- ‌أهم مصادر الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني: أهم مجالات التخطيط المتعلقة بالمناهج الدراسية

- ‌مقدمة الفصل الثاني

- ‌أولًا: التخطيط للتربية الميدانية

- ‌ثانيًا: التخطيط لبداية ناجحة في التدريس

- ‌ثالثًا: التخطيط للتدريس فصلًا دراسيا أو عاما دراسيا

- ‌رابعًا: التخطيط لتدريس موضوع أو وحدة

- ‌خامسًا: التخطيط للعمل اليومي

- ‌سادسًا: التخطيط لتدريس الدرس

- ‌سابعًا: التخطيط لاستثمار الفروق الفردية بين المتعلمين

- ‌خاتمة الفصل الثاني:

- ‌أهم مصادر الفصل الثاني:

- ‌خاتمة الباب الأول:

- ‌الباب الثاني: الأسس العامة لتخطيط المنهج الدراسي

- ‌مقدمة الباب الثاني:

- ‌الفصل الثالث: أهم خصائص التربية الإسلامية

- ‌مقدمة الفصل الثالث

- ‌أولًا: التربية الإسلامية ربانية المصدر، عالمية الغاية، شاملة الأثر

- ‌ثانيا: ثاتبة أصولها، مرنة تطبيقاتها

- ‌ثالثا: تعد التربية الإسلامية الإنسان للحياتين، الدنيا والآخرة في توازن واعتدال

- ‌رابعًا: حث المسلم على العمل بقدر طاقته

- ‌خاتمة الفصل الثالث:

- ‌أهم مصادر الفصل الثالث:

- ‌الفصل الرابع: أهم خصائص العلم وفق التوجيه الإسلامي

- ‌مقدمة الفصل الرابع:

- ‌أولًا: طلب العلم فريضة على كل مسلم

- ‌ثانيًا: العلم كله من عند الله، ولا ينفد

- ‌ثالثا: غاية العلم هي تطبيق منهج الله في الحياة

- ‌رابعًا: العلم يحيط بجميع متطلبات الحياة وفق منهج الله

- ‌خامسًا: تتوافق فيه حقائق الكون مع حقائق الوحي

- ‌سادسًا: العلم يرفع قدر طلابه عند الله

- ‌خاتمة الفصل الرابع:

- ‌أهم مصادر الفصل الرابع:

- ‌الفصل الخامس: التوجيه الإسلامي للعلوم

- ‌مقدمة الفصل الخامس

- ‌أولًا: دوافع التأصيل الإسلامي للعلوم

- ‌ثانيًا: المفهوم والمصطلح

- ‌ثالثًا: أسس التوجيه الإسلامي للعلوم ومنهجه

- ‌خاتمة الفصل الخامس:

- ‌أهم مصادر الفصل الخامس:

- ‌الفصل السادس: أهم الاتجاهات التربوية المعاصرة

- ‌مقدمة الفصل السادس:

- ‌أولًا: أهم ملامح التطورات العالمية المعاصرة

- ‌ثانيا: أهم الاتجاهات التربوية المعاصرة

- ‌مدخل

- ‌ أهم الاتجاهات المعاصرة في سياسة التعليم:

- ‌ أهم الاتجاهات المعاصرة في تربية المعلم *:

- ‌أهم الاتجاهات المعاصرة في المناهج الدراسية

- ‌خاتمة الفصل السادس:

- ‌أهم مصادر الفصل السادس:

- ‌خاتمة الباب الثاني:

- ‌الباب الثالث: مصادر خبرات المنهج الدراسي

- ‌مقدمة الباب الثالث:

- ‌الفصل السابع: أهم خصائص المتعلم

- ‌مقدمة الفصل السابع

- ‌أولًا: أهم جوانب طبيعة المتعلم

- ‌ثانيًا: أهم جوانب شخصية المتعلم

- ‌ثالثًا: وظيفة المتعلم

- ‌رابعا: أهم خصائص نمو المتعلم

- ‌مدخل

- ‌ مرحلة التكوين:

- ‌ مرحلة الرضاعة

- ‌ مرحلة الطفولة:

- ‌ مرحلة التمييز:

- ‌ مرحلة البلوغ أو الرشد:

- ‌مرحلة الشباب:

- ‌خاتمة الفصل السابع:

- ‌أهم مصادر الفصل السابع:

- ‌الفصل الثامن: أهم خصائص المجتمع المسلم

- ‌مقدمة الفصل الثامن:

- ‌أولًا: ترسيخ عقيدة التوحيد

- ‌ثانيًا: الحكم بما أنزل الله والأخذ بالشورى والالتزام بالعدل

- ‌ثالثًا: الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌رابعا: تكوين الأسرة المسلمة

- ‌مدخل

- ‌ الترغيب في الزواج وبيان أسس اختيار كل من الزوجين:

- ‌ بيان حقوق كل من الزوجين ووقايتهما من الغواية:

- ‌ بيان حقوق الوالدين:

- ‌بيان حقوق الأولاد والحرص على تربيتهم

- ‌ وضع أسس لوقاية الأسرة من التفكك أو الانحراف:

- ‌خامسا: تحقيق كل من التضامن الإسلامي والتكافل الاجتماعي بين المسلمين

- ‌إرساء أسس المحبة وصولا إلى التضامن والتعاون

- ‌ التكافل الاجتماعي:

- ‌سادسًا: متابعة الاجتهاد

- ‌سابعًا: بث روح الجهاد في سبيل الله

- ‌ثامنا: حسن استثمار المصادر البشرية والطبيعية بالمجتمع والعمل على الارتقاء بالحياة فيه

- ‌خاتمة الفصل الثامن:

- ‌أهم مصادر الفصل الثامن:

- ‌الفصل التاسع: أهم خصائص المجال الدراسي والثقافة والعلمية والتقنية

- ‌مقدمة الفصل التاسع

- ‌أولا: المجال الدراسي

- ‌مدخل

- ‌ بالنسبة للأساسيات والتسلسل:

- ‌ بالنسبة للتطورات المعاصرة في المجال

- ‌ بالنسبة للتطبيقات:

- ‌ بالنسبة للتوجيه الإسلامي للمجال الدراسي

- ‌ بالنسبة لإسهامات العلماء المسلمين في المجال الدراسي:

- ‌ثانيًا: الثقافة العلمية والتقنية

- ‌خاتمة الفصل التاسع:

- ‌أهم مصادر الفصل التاسع:

- ‌خاتمة الباب الثالث:

- ‌الباب الرابع: أهم خطوات تخطيط المنهج الدراسى ومعوقاته

- ‌مقدمة الباب الرابع

- ‌الفصل العاشر: أهم خطوات إعداد المنهج الدراسي

- ‌مقدمة الفصل العاشر

- ‌أولا: الإعداد للمهمة

- ‌ثانيًا: أهم أسس إعداد أهداف المنهج الدراسي

- ‌ثالثا: أهم أسس إعداد محتوى المنهج الدراسي

- ‌أهم أسس اختيار خبرات المنهج الدراسي

- ‌أهم أسس تنظيم خبرات المنهج الدراسي

- ‌رابعًا: أهم أسس إعداد طرائق التدريس *

- ‌خامسًا: أهم أسس الإعداد لاستخدام وسائل تقانة التعليم *

- ‌سادسًا: أهم أسس إعداد المناشط المدرسية *

- ‌سابعًا: أهم أسس الإعداد لتقويم مخرجات المنهج الدراسي

- ‌ثامنًا: تقويم المنهج الدراسي الذي تم إعداده

- ‌خاتمة الفصل العاشر:

- ‌أهم مصادر الفصل العاشر:

- ‌الفصل الحادي عشر: أهم خطوات تطبيق المنهج الدراسي الجديد

- ‌مقدمة الفصل الخادي عشر

- ‌أولًا: التخطيط للتطبيق الميداني

- ‌ثانيًا: إعداد متطلبات التطبيق

- ‌ثالثًا: تدريب المشاركين في تطبيق المنهج الجديد

- ‌رابعًا: بث الشعور بالحاجة إلى منهج جديد، والتوعية بمتطلباته ومشكلاته

- ‌خامسا: تجريب المنهج الجديد

- ‌سادسًا: تعميم المنهج الجديد ومتابعته بالتقويم والتطوير

- ‌خاتمة الفصل الحادي عشر:

- ‌أهم مصادر الفصل الحادي عشر:

- ‌الفصل الثاني عشر: أهم معوقات تخطيط المنهج الدراسي

- ‌مقدمة الفصل الثاني عشر

- ‌أولًا: معوقات خاصة بطبيعة التخطيط التربوي

- ‌ثانيًا: معوقات خاصة بالجوانب الفنية لعملية تخطيط المناهج

- ‌ثالثًا: معوقات خاصة بالقائمين بعملية تخطيط المنهج الدراسي

- ‌رابعًا: معوقات إدارية

- ‌خامسًا: معوقات اجتماعية

- ‌سادسًا: معوقات سياسية

- ‌سابعًا: معوقات خاصة بالظروف الطارئة، وعدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب

- ‌ثامنًا: القصور في الاعتمادات المالية

- ‌خاتمة الفصل الثاني عشر:

- ‌أهم مصادر الفصل الثاني عشر:

- ‌خاتمة الباب الرابع:

الفصل: ‌ثالثا: مفهوم تخطيط المنهج الدراسي

‌ثالثًا: مفهوم تخطيط المنهج الدراسي

يكتسب المنهج الدراسي أهمية كبيرة في العملية التعليمية، فهو الوعاء الخبري الذي ينهل منه المتعلمون، وهو مجال نشاط المعلمين الذي به يتواصلون مع طلابهم، وهو الميدان الذي يجمع في ساحته كلا من المتعلمين والمعلمين والمديرين والموجهين ومختلف العاملين في المدرسة. فهؤلاء جميعًا تتكامل جهودهم في تطبيق المنهج الدراسي، وتقويمه ومتابعته وتطويره لكي يظل مواكبًا لتحقيق الأهداف المرجوة في عالم سريع التغير، وهو الإطار الذي يجمع المدرسة والمجتمع.

ومع معدلات التغير المتسارعة في مختلف جوانب الحياة، ومع الخبرات الجديدة المتدفقة من مراكز البحث العلمي، ومع التقدم التقني الذي يلف أعناق عالمنا، ومع السباق المحموم بين الأمم في استثمار طاقاتها البشرية والمادية، ومع ارتفاع الطلب على الأدمفة المفكرة المبدعة المنتجة للمعرفة المنتجية للمعرفة المكتشفة للجديد، السباقة في اسشراف المستقبل، تصبح هموم المناهج الدراسية ثقالًا، وقد أصبح عليها أن تواكب هذا كله وصولا إلى تكوين الفرد المعاصر.

ويصبح الكثير من التساؤلات التي تدور في أذهان مخططي المناهج صبعة الإجابة، فماذا يأخذون من مجالات الخبرات وماذا يدعون؟ وبماذا يبدءون وبماذا ينتهون؟ وماذا يتخيرون من الخبرات وماذا يتركون؟ بل، كيف يخططون المناهج؟ هل يخططونها بناء على معطيات الماضي أم بناء على معطيات الحاضر؟ ومع هذا التسارع في التغير، أليس المستقبل أساسا من أسس هذا التخطيط؟ وما الحدود الفاصلة بين اعتبارات كل من الماضي والحاضر والمستقبل في عملية تخطيط المناهج؟ وما أسس هذا التخطيط؟ وما مصادر خبرات المناهج في هذا الخضم الهائل؟ وما مفهوم المنهج الذي على أساسه تتم عملية تخطيطه؟ وما مكوناته؟ كثيرة هي الأسئلة التي تتوارد على الخاطر -اليوم- عند التفكير في تخطيط المناهج. وكثيرة هي العوامل التي ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار عند تنفيذها.

ولكننا سوف نتناول هنا باختصار مفهوم تخطيط المنهج الدراسي تاركين للفصول التالية الإجالة على بقية الأسئلة. ولكي نتناول مفهوم تخطيط المنهج لا بد من أن نحدد سمتين من سمات المنهج الدراسي، هما منطلق تخطيطه: الأولى هي مفهوم المنهج الدراسي، والثانية هي المكونات أو العناصر التي يتكون منها هذا المنهج. فكل من المفهوم والمكونات يؤثر تأثيرًا جوهريا على تخطيطه. فإذا تصورنا أن المنهج يعني فقط المعلومات التي سوف يتعلمها التلميذ فإن تخطيطه سوف يهتم

ص: 29

بهذه المعلومات فقط، وبطبيعة الحال، فإن الأمر سوف يختلف إذا ما كان المنهج يعني غير ذلك، وكذلك الأمر بالنسبة لمكونات المنهج أو عناصره، فإذا تصورنا أن المنهج يتكون من عنصر واحد. فإن جهد مخططي المناهج سوف ينصرف إلى تكوين هذا العنصر، وإذا كان المنهج يتكون من عنصرين أو ثلاثة. فإن المخطط سوف يعمل على تكوين هذه العناصر جميعًا.

بناء عليه، فإننا سوف نتناول ما يلي في بقية هذا الفصل:

أ- مفهوم المنهج الدراسي وفق التربية الإسلامية.

ب- مكونات المنهج الدراسي، على وجه العموم.

جـ- مفهوم تخطيط المنهج الدراسي وفق التربية الإسلامية.

أ- مفهوم المنهج الدراسي وفق التربية الإسلامية:

إن من يطلع على الكتابات في المناهج يجد مفهوم المنهج الدراسي -على وجه العموم- يتأرجح بين معنيين:

الأول: يشار إليه بالمعنى الضيق أو التقليدي أو القديم.. إلى غير ذلك من الصفات التي تأتي ألفاظها بالمعنى ذاته، والثاني يشار إليه بالمعنى الواسع أو التقدمي أو الحديث إلى غير ذلك من الصفات التي تأتي أيضًا بالمعنى ذاته.

ويذكر الكاتبون مع ما قد يكون من اختلاف في الألفاظ دون اختلاف في المعنى أن المنهج الدراسي بالمعنى الضيق، يعني: المواد الدراسية أو المقررات أو المعلومات التي تقدمها المدرسة لطلابها بقصد استيعابها وصولا إلى تحقيق أهدافها.

كما يذكرون -مع ما قد يكون من اختلاف في الألفاظ دون اختلاف كبير في المعنى- أن المنهج الدراسي بالمعنى الواسع أو الحديث يعني: جميع الخبرات التي تعدها المدرسة ليكتسبها الطلاب تحت إشرافها وصولًا إلى تحقيق أهدافها.

وحيث إن مفهوم المنهج الدراسي يعتمد على مفهوم الخبرة، فإن المؤلف سوف يوضح -أولًا- مفهوم الخبرة ومصادرها قبل تحديد مفهوم المنهج الدراسي.

ص: 30

1-

مفهوم الخبرة وفق التربية الإسلامية:

إن للخبرة التربوية -على وجه العموم- معاني متعددة عند الكاتبين في المناهج، ولكن هناك اتفاقًا بينهم بأن الخبرة نتيجة الاحتكاك بعناصر البيئة التي تحيط بالتلميذ.

ويتفق المؤلف مع هذا الرأي في أن الخبرة نتيجة لتفاعل المتعلم مع عناصر بيئته، مع التأكيد على أن هذا العناصر لا تكون مادية فقط، بل تشمل عناصر مادية وأخرى معنوية، ومنها ما هو متغير ومنها ما هو ثابت. ونضرب مثلًا للعناصر الثابتة بالعقيدة الإسلامية والشريعة الإسلامية والغيبيات.

ويرى المؤلف أن جميع مصادر الخبرة التربوية في التربية الإسلامية ترجع إلى الدين الإسلامي كما أنزله الله سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتكون الخبرة نتيجة التفاعل مع عناصر البيئة، وفق منهج الله، وتشمل هذه العناصر الخبرات الخاصة بجميع المنقول عن الله، ومنه الغيبيات مثل الحياة الآخرة والقدر والجنة وحساب القبر ويوم القيامة، كما تشمل جميع المكتسب في الحياة من علم وتقنية وغير ذلك.

ويرى المؤلف أن موقف اكتساب الخبرة قد يكون موقفًا يحتوي على فكرة أو معلومة أو أداء، وقد يتعلق بالمنزل من عند الله الحكيم العليم، أو بما يوفق الله الإنسان لكشفه أو صنعه، وقد يتعلق بالحياة الدنيا، وقد يتعلق بالحياة الآخرة، وقد يتعلق بما هو معلوم للإنسان أو ما هو مغيب عنه من علم الله. كما يرى أن أثر الخبرة لا يقف عند الحياة الدنيا فقط كما هو مقصود في كتابات معظم من كتبوا عن الخبرة، ولكنه يمتد إلى الحياة الآخرة. فمثلًا، توظيف العلم الذي حصله الإنسان في الدنيا لخدمة الأمة والإنسانية أودعوة الولد الصالح، لهما أثرهما على الأنسان بعد مماته.

مما سبق نستطيع أن نعبر عن الخبرة التي نعدها أساسًا للمنهج وفق التربية الإسلامية بأنها:

موقف يتفاعل فيه المتعلم تفاعلًا إيجابيا وفق منهج الله مع عناصر بيئته سواء المنزلة من عند الله أو المكتسبة من الحياة "6، 37".

ونلاحظ في تحديد الخبرة بهذا المعنى ما يأتي:

أولا: 1- أنها موقف يكون المتعلم فيه نشيطًا إيجابيا في تفاعله مع عناصر بيئته.

2-

أن من بين عناصر البيئة كتاب الله المسطور الذي أنزله الله تبارك وتعالى على رسوله، وخلق الله المنظور وهو الكون بما فيه من

ص: 31

مخلوقات وما يشمل من إبداع الإنسان. وهي بذلك تشكل كلا من المنزل من عند الله والمكتسب بواسطة البشر في حياتهم.

3-

أن كل تفاعل بين عناصر البيئة والمتعلم ينبغي أن يكون وفق منهج الله، وهذا ضمان لتوجيه الخبرة نحو تحقيق الخير للإنسان في كل مكان وفي كل زمان.

4-

أن توجيه الخبرة وفق منهج الله يجعل المنهج يشمل خبرات الحياتين الدنيا والآخرة، كما يحقق نظرة الإسلام للإنسان والكون والحياة.

ثانيا: مفهوم المنهج الدراسي وفق التربية الإسلامية

بناء على المعني الذي ذكرناه -هنا- للخبرة نستطيع أن نحدد معنى المنهج الدراسي بأنه:

نظام من الخبرات التي تقدمها المؤسسة التربوية للمتعلمين -منها ما يتعلق بالمنزل من عند الله، وأخرى تتعلق بالمكتسب بواسطة البشر- لتساعدهم على اكتسابها تحت إشرافها. وذلك بهدف تحقيق نموهم نموا شاملًا ومتوازنًا، وتمكنهم من السلوك قولا وعملا وفق تعاليم الدين الحنيف. "6، 39".

المنهج الدراسي بهذا المعنى ينبغي أن ينطبق على جميع المؤسسات في المجتمع المسلم؛ لأن جميع المؤسسات في هذا المجتمع مسئولة عن التربية الإسلامية، فالمسجد ومؤسسات الإعلام والنوادي الثقافية والاجتماعية والرياضية ومؤسسات الصناعة والتجارة والزراعة والخدمات، جميعًا تتحمل مسئولية تربية منسوبيها تربية إسلامية عن طريق التزامهم بالسلوك الإسلامي، وتخطيط برامجها وتنفيذها والإشراف عليها وتقويمها بمقتضى مدى إسهامها في تحقيق التربية الإسلامية في سلوك منسوبيها وفي غيرهم. وبذلك فإن المسئولين في كل مؤسسة مكلفون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاستقامة على منهج الله بحيث يكونون قدوة في السلوك الإسلامي.

وبناء على هذا، فإن "التربية غير المقصودة" لا وجود لها في المجتمع المسلم؛ لأن أساس وجودها هو الفصل بين المدرسة ومؤسسات المجتمع الأخرى من حيث الوفاء بمهمة التربية. بمعنى أن التربية الدينية تكون تربية غير مقصودة؛ لأن دور العبادة هي التي تقوم بها وليس المدرسة. بناء على هذا، هل يعتبر المسجد في الإسلام من عوامل التربية غير المقصودة؟

الكاتب يرى أن هذا يخالف جوهر الإسلام. ويرى أن جميع مؤسسات المجتمع المسلم هي مؤسسات للتربية الإسلامية المقصودة، وعليها دور تربوي ينبغي أن تضطلع به بأسلوب علمي.

ص: 32

وحين نطبق التعريف السابق للمنهج على المدرسة، نجد:

1-

أن مصادره تشتمل على جميع القيم والحقائق الثابتة المنزلة من عند الله تبارك وتعالى كما تشتمل على جميع الخبرات التي يكتسبها الإنسان من خلال كدحه في عمارة الأرض.

2-

أنه لا يتعلق بطلاب المدرسة وحدهم، وإنما يمتد إلى جميع منسوبي المدرسة من إدارة ومدرسين وموظفين وعمال. وهذا الشمول نابع من طبيعة الإسلام الذي ينظر إلى المجتمع من حيث كونه وحدة متكاملة، ويجعل التربية الإسلامية، ضرورة حيوية دائمة، ومستمرة لكل فرد في هذا المجتمع؛ ولذلك فإن المنهج الدراسي ينبغي أن يراعي متطلبات هذه التربية بالنسبة لجميع أعضاء المجتمع المدرسي وليس بالنسبة للطلاب فقط.

كما أن كفاءة تعاون أعضاء المجتمع المدرسي على تنفيذ المنهج الدراسي، تتطلب أن يعنى هذا المنهج بكل عضو منهم، وليس بالطلاب دون غيرهم.

ولكي يمكن تحقيق شمول التربية الإسلامية، وتحقيق كفاءة التعاون بين أعضاء المجتمع المدرسي، نرى أن تشمل خبرات المنهج الدراسي ما يلي:

- خبرات خاصة بتكوين الطلاب وفق الأهداف المرجوة.

- خبرات خاصة بكل من المعلمين ومنسوبي المدرسة الآخرين، تفي بحاجة كل منهم للمشاركة الإيجابية في تنفيذ المنهج وتقويم أثره.

فما نلاحظه الآن في كثير من الأحيان، أن تخطيط المناهج الدراسية للطلاب وحدهم، ثم تسلم إلى منسوبي المدرسة لتنفيذها دون إعدادهم لذلك الإعداد المناسب، حدث هذا عند تطبيق مناهج الرياضيات الحديثة في بعض البلدان العربية، وخاصة ما تعلق منها بالمرحلتين المتوسطة والابتدائية. فمن المعروف أن مناهج الرياضيات الحديثة بدأ تطبيقها في المرحلة الثانوية في العالم العربي، وقد حاولت حركة تدريب المعلم مواكبة التوسع في تطبيق المناهج الجديدة. ومع هذا جأر كثير من أولياء أمور الطلاب بالشكوى من عدم تمكن المعلم من المنهج الجديد. وكانت الشكوى أشد بالنسبة للمرحلتين المتوسطة والابتدائية. ففي المرحلة الابتدائية تصور القائمون على تطبيق مناهج الرياضيات أن محتواها ومستواها من البساطة بحيث لا يتطلب تدريب هذا العدد الكبير من معلمي هذه المرحلة. فكانت النتيجة سيئة للغاية.

ص: 33

وغني عن القول: إن إغفال تمكن المعلم من الخبرات الجديدة المعنية بالمناهج التي يقوم بتعليمها، ومن طرائق تعليمها وتقنية معالجتها وتقويم مخرجاتها، يؤدي إلى تعويق إسهام هذه المناهج في تحقيق الأهداف المرجوة منها.

ويقع على إدارة المدرسة مسئوليات كبيرة في تطبيق المناهج الدراسية، ومن منطلق الوعي بهذه المسئوليات واكتساب المهارات اللازمة لتحملها، نرى أن على المنهج أن يحوي خبرات تعد الإدارة المدرسية للاضطلاع بمهماتها في تطبيق المنهج بتفهم وتبصر ووعي.

فناظر المدرسة أو مديرها مشرف مقيم على تنفيذ جميع المناهج في المدرسة. ومن حقه أن يتفهم أهداف ما يجري على هذه المناهج من تعديل، وما يدخل فيها من تحديد، وما يتطلبه هذا من مواد أو أدوات أو أجهزة أو نشاط أو تعديل في الجداول الدراسية أو زيارات ميدانية أو مطبوعات أو غير ذلك، بحيث يكون مشاركًا وليس متفرجًا.

ونرى أن من حق كل عضو في المجتمع المدرسي، أن يقدم له المنهج الدراسي الخبرات التي تعده لمهماته في تنفيذ المناهج إعدادًا جيدًا.

بهذا التكامل الذي يحدثه المنهج الدراسي في المجتمع المدرسي تقل المشكلات الكثيرة التي يعاني منها تطوير المناهج الدراسية في الوقت الحاضر، وتخف حدة الهدر التربوي في العملية التعليمية، إضافة إلى توحيد توجه منسوبي المدرسة نحو تحقيق أهدافها، والعمل على ترشيد مسيرتها.

3-

إن التربية الإسلامية تؤكد على العمل بمقتضى المعرفة، وبناء عليه فإن التطبيق هو الهدف من الخبرات المكتسبة في المنهج، فإذا شمل تطبيق التربية الإسلامية -بمفهوما المتكامل السابق ذكره- جميع أعضاء المجتمع المدرسي. عمل جميع أعضاء هذا المجتمع بمقتضاها في تناسق وتكامل، وساعد هذا على توافر القدوة فيه، وهي من أهم ركائز التربية في المجتمع المسلم.

يضاف إلى هذا، أن تطبيق التربية الإسلامية في المجتمع المدرسي يسهم في تأهيل عناصر هذا المجتمع لأداء المطلوب منهم في تخطيط المنهج الدراسي، والإشراف على تنفيذه وتقويمه، ويفتح آفاق التعاون بين هذه العناصر على اختلاف تخصصاتهم ومواقعهم على تطبيق التربية الإسلامية في المجتمع خارج المدرسة، فتصبح الحياة داخل

ص: 34

المدرسة وما تقوم به خارجها. أنموذجًا للحياة في المجتمع المسلم وفق متطلبات التربية الإسلامية.

4-

أن المنهج الدراسي يهدف إلى تنمية منسوبي المدرسة تنمية شاملة لجميع جوانب النمو الاعتقادية والجسمية والعقلية والوجدانية والاجتماعية، وإلى أن يسلك المتعلم في حياته العملية سواء في القول أو في العمل وفق منهج الله. وفي هذا توحد في التوجه في المجتمع المدرسي، وحرص على التناسق بين فئاته وأعضائه، وتعميق التزام الجميع بتعاليم الإسلام.

5-

أن هذا المنهج يعد بواسطة خبراء في شئون تربية وتعليم منسوبي المدرسة، وفي الوقوف على متطلبات التربية الإسلامية بالنسبة لهم، وفي تنظيم هذه المتطلبات، وفي أساليب تقديمها لمختلف فئات المجتمع المدرسي، وفي تقويم مخرجات المنهج على وجه العموم، وتطويره وتخطيطه على وجه الخصوص، وحيث إن أعضاء المجتمع المدرسي يسهمون مع هؤلاء الخبراء في هذا كله بدرجات متفاوته، إضافة إلى اضطلاعهم بتنفيذ المنهج، تصبح عناية المنهج بهم ضرورة لحسن مسيرته.

6-

أن ربط خبرات المنهج بالتربية الإسلامية يجعل الدين الإسلامي أساسًا لاختيار الخبرات وتنظيمها وتقديمها وتقويم مخرجاتها، ويحقق التكامل بين جميع جوانب الخبرة: ما يتعلق منها بالمنقول وما يتعلق بالمعقول، وما يتعلق بالمشهود وما يتعلق بالمغيب، وما يتعلق بالمستحدث من العلوم والتقنية. كل هذا في إطار منهج دراسي يأتي مردوده في سلوك جميع عناصر المجتمع المدرسي، كما يحقق انسجام جوانب المعرفة مع جوانب الشعور والاعتقاد الدافعة على السلوك.

7-

أن اكتساب خبرات المنهج الدراسي ينبغي أن يتم تحت إشراف المؤسسة التربوية، وذلك لكي يتوافر الإرشاد الخبير والتوجيه الكفء، اللذان يساعدان على تحقيق أهداف المنهج.

8-

أن أثر تطبيق المنهج يمتد إلى الحياة الآخرة، ولا يقتصر على الحياة الدنيا فقط، ويحقق هذا أنه يهدف إلى تحقيق سلوك المتعلم قولًا وعملًا وفق تعاليم الإسلام، وهي شاملة للحياتين معا.

اختصارًا للقول، فإن خبرات المنهج ينبغي أن تفي بحاجات كل من يشترك في عمليات المنهج، وهذا يقضي على تفتيت العملية التعليمية المتعلقة بالمنهج

ص: 35

الدراسي إلى خبرات توجه للتلميذ تسمى "منهج"، وخبرات أخرى توجه المعلم والإدارة وغير هؤلاء من منسوبي المدرسة يطلق عليها "برامج تدريبية" مرتبطة بهذا المنهج.

ب- مكونات المنهج الدراسي، على وجه العموم:

يوجد خلاف حول مكونات المنهج الدراسي بين الكاتبين في المناهج، فهناك من يجعلها الأهداف والمحتوى وطريق التدريس والوسائل التعليمية والأنشطة والتقويم "6، 48-95 "، وهناك من يضيف دليل المعلم "3، 157-246"، وهناك من يجعلها المقررات الدراسية والمراجع والكتب، والوسائل التعليمية والنشاطات وطريقة التدريس والامتحانات وأساليب التقويم إضافة إلى المرافق والأبنية والمعدات. "5، 16-19".

ونحن نرى أن لا ينبغي الخلط بين المكونات العضوية للمنهج الدراسي، وما يؤثر عليه، فمكونات المنهج ينبغي أن تنسجم تماما مع مفهومه من حيث إنه "مجموعة من الخبرات"؛ لذلك لا نتصور أن تكون المرافق والأبنية والمعدات من بين مكونات المنهج -مع وعينا بأثرها البالغ عليه- لأنها ليست خبرات.

ولكي نبدأ التعرف على المكون أو العنصر الأول من مكونات المنهج الدراسي، سوف نحاول إبراز الحاجة إليه من حياتنا اليومية، ففي حياتنا اليومية ما من أحد مكلف يهم بعمل شيء ما لم يكن لديه تصور -ولو مبدئيا- عن الهدف منه. إذ بدون تحديد الهدف، لن تسير الأمور سيرًا حسنا. بل سوف تتخبط دون دليل يرشدها إلى طريق الصواب.

فالأهداف منارات يدور حولها العمل والاجتهاد والبذل. فإذا سألت زارعًا أو تاجرًا أو مدرسًا أو طبيبًا أو غيرهم: لماذا فعلت هذا؟ يجيبك: لأني أريد أن أحقق كذا وكذا، ويذكر الأهداف التي يتوخاها من عمله.

وكذلك الأمر بالنسبة لمخططي المناهج الدراسية. حين تسألهم لماذا تخططون منهجًا ما؟ سوف يجيبونك: لنحقق أهدافًا نقصدها. فلا بد لكل منهج من أهداف يعمل على تحقيقها. فالأهداف التي يعمل المنهج الدراسي على تحقيقها هي الجانب أو العنصر الأول من مكونات هذا المنهج الدراسي.

بعد ذلك يأتي البحث في كيفية تحقيق هذه الأهداف في سلوك الدارسين.

فكما ذكرنا في تحديدنا لمفهوم المنهج الدراسي. فإن التربية التي تتغياها التربية الإسلامية، هي ما يتحقق في السلوك. بمعنى أن تهدف المناهج الدراسية إلى أن يسلك الفرد قولا وعملًا وفق منهج الله تبارك وتعالى. وتتفق التربيات الأخرى مع الإسلام في ذلك، ولكن السلوك المرتجى يكون وفق أهداف مجتمعاتهم فقط.

ص: 36

والبحث في متطلبات تحقيق أهداف المنهج الدراسي يقود بالضرورة إلى جوانب أخرى من المنهج، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولنضرب لذلك مثلًا نوضح به المقصود. إذا فرضنا أن هدف المنهج هو: معرفة وظيفة الجهاز التنفسي في جسم الإنسان، يصبح من الضروري أن يقدم المنهج الدراسي معلومات عن كل من: أعضاء الجهاز التنفسي، وعلاقة الجهاز التنفسي بغيره من أجهزة الجسم، وأساليب وقاية الجهاز التنفسي من الأمراض

وغير ذلك من المعلومات اللازمة لتحقيق هذا الهدف. هذه المعلومات ومثيلاتها مما يحتاجه المنهج الدراسي لتحقيق أهدافه هو المحتوى "محتوى المنهج الدراسي". ولذلك فإن محتوى المنهج الدراسي "هو المكون أو العنصر الثاني من مكونات المنهج الدراسي".

ولما كان الغرض من المنهج هو في النهاية، أن يكتسب الدارس خبراته بمساعدة المعلم وإرشاده، فإنه يصبح من اللازم البحث عن طرائق تساعد المعلم على توجيه المتعلم إلى اكتساب الخبرات التي يتضمنها هذا المنهج. وهذا ينقلنا إلى البحث عن طرائق التعليم التي تقدم هذه الخبرات بالكفاءة المطلوبة إلى المتعلم.

وبذلك تكون "طرائق التعليم" هي الجانب الثالث للمنهج الدراسي.

ولكي تؤتي هذه الطرائق أكلها على أفضل وجه ممكن، وتحقق الأهداف بالمستوى المتوقع، ينبغي توظيف التقانية التربوية وأدواتها في عملية التعليم والتعلم، فمن وظائفها الأساسية أنها تثري عملية التعليم والتعلم وتجسد المجرد فيها وتصل المنقطع منها، وتجمع أطرافها في تكامل حافز، وتستقطب انتباه المتعلم في الموقف التعليمي، وتتخطى به حواجز الزمان والمكان. فلم يعد استخدام التقانة التربوية وأدواتها -اليوم- ترفا تربويا، بل أصبح جزءًا أساسيا في العملية التعليمية. لذلك تكون "التقانة التربوية" هي الجانب الرابع للمنهج التربوي.

ومن الأهمية بمكان أن تترابط هذه الجوانب جميعها في نشاط يكون فيه المتعلم حجر الزاوية، وتزال فيه الحواجز بين مختلف مقررات الدراسة وتخصصاتها، وتنصهر في بوتقة واحدة فتصير مركبًا تعليميا تربويا متجانسًا، وتخطط فيه مجالات مختلف أنواعها، ومواقف يتعاون أطراف المجتمع المدرسي فيها من حيث كونهم فريقًا يتكاتف في تحقيق أهداف المنهج الدراسي من خلال الإسهام في أوجه النشاط المدرسي. وتفتح من خلاله قنوات الاتصال بين المجتمع المدرسي والمجتمع بعامة، والبيئة المحلية بخاصة. هذا "النشاط المدرسي" هو الجانب الخامس للمنهج الدراسي".

هذه الجوانب الخمسة تستهدف إيجاد عملية تربوية ناجحة، وتقصد جعل المنهج أداة كفية في تحقيق الأهداف التربوية بعامة، وتحقيق أهدافه بخاصه، بتعبير آخر فإن المقصود من تطبيق هذه الجوانب الخمسة هي تحقيق الأهداف المنشودة.

ص: 37

ولكن هب أننا طبقنا الجوانب الخمسة السابقة بأفضل طريقة ممكنة -من وجهة نظرنا- فما يدرينا أننا حققنا -فعلًا- الأهداف المرجوة؟ وما السبيل إلى الوقوف على مدى تحقيق هذه الأهداف؟ وكيف نقف على أسباب القوة والضعف فيما طبق من خطوات؟ وعلى أي أساس نشخص المشكلات؟ وعلى أي أساس نخطط للعلاج؟ وعلى أي أساس نخطط للتحسين على وجه العموم؟

مثل هذه الأسئلة توصلنا إلى الجانب السادس للمنهج وهو "تقويم مخرجات المنهج الدراسي" فبهذا التقويم نستطيع الإجابة على جميع الأسئلة السابقة.

مما سبق نستنتج أن المنهج الدراسي يتكون من ستة جوانب أو عناصر، هي:

أ- الأهداف.

ب- المحتوى.

جـ- طرائق التعليم.

د- التقانة التربوية.

هـ- النشاط المدرسي.

وتقويم مخرجات المنهج.

شكل "2" نظام المنهج الدراسي.

وكما يتضح من شكل "2" فإن المنهج الدراسي نظام تتكامل عناصره وتتأثر ببعضها البعض، مثنى وثلاث ورباع وخماس وسداس. ولكن تظل الأهداف هي أساس اختيار بقية المكونات، وأساس تقويم أثرها، فهي نقطة البداية في تخطيط المنهج الدراسي ونقطة النهاية في تقويم مخرجاته، كما أنها المرشد المستمر لتنفيذ المنهج فيما بين البداية والنهاية.

ص: 38

جـ- مفهوم تخطيط المنهج الدراسي وفق التربية الإسلامية:

إذا رجعنا إلى ما سبق أن ذكرنا عن كل من مفهوم المنهج الدراسي ومكوناته، وعلمنا أن المناهج الدراسية لها مصادر ينبغي أن تحتل مكانها الصحيح في تخطيط المناهج وأن لتخطيط المناهج أسسا ينبغي أن تراعى في هذا التخطيط، عرفنا أن عملية تخطيط المناهج علمية دقيقة ومعقدة.

وقد سبق أن أوضحنا كلا من مفهوم المنهج الدراسي ومكوناته، أما مصادره وأسسه فسوف نتناولها بشيء من التفصيل -إن شاء الله- في فصلين قادمين في هذا الكتاب، ولكن لا بأس من أن نشير هنا -إلى هذه المصادر وتلكم الأسس بغية إيضاح صلتها بمفهوم تخطيط المناهج ولعل شكل "3" يوضح هذه الصلة.

شكل "3" علاقة المنهج الدراسي بمصادر خبراته والأسس العامة لاختيارها وتنطيمها.

ولمزيد من إيضاح هذه العلاقة يوضح شكل "4" عناصر كل من مصادر خبرات المنهج الدراسي والأسس العامة لاختيار وتنظيم خبراته.

ويتضح من هذا الشكل أن خبرات المنهج الدراسي يتم اختيارها من مصادر معينة، وأن هذا الاختيار ليس عفويا ولا بناء على الآراء الشخصية أو الاجتهادات الجماعية، ولكن يتم بناء على أسس بذاتها، لا بد أن يراعيها القائمون على اختيار هذه الخبرات.

ص: 39

شكل "4" مصادر اختيار خبرات المنهج الدراسي والأسس العامة لاختيارها وتنظيمها.

ويتضح من شكل "4" الأسس التي ينبغي مراعاتها عند اختيار خبرات المناهج الدراسية لجميع مجالات التخصص، فلا يختلف في هذا الرياضيات عن اللغة العربية ولا يختلف كلاهما عن التاريخ أو الاجتماع أو غير ذلك من مجالات الدراسة. فمناهج جميع المجالات ينبغي أن تسهم في تربية المتعلم في جميع المراحل الدراسية، وجميع مراحل العمر تربية إسلامية، وأن تراعي خصائص العلم في الإسلام، وأن توجه خبراتها توجيها إسلاميا، وأن تستثمر التطور التربوي المعاصر في تخطيطها وتطبيقها وتقويمها وتطويرها، وسوف نفصل الأسس العامة لاختيار خبرات المنهج الدراسي ومصادرها في البابين الثاني والثالث على التوالي.

هذه الأسس تسهم في حفظ الهوية المسلمة، والثقافة الإسلامية في المناهج الدراسية، وتحافظ عليها من الانحراف عن هذه الهوية، يضاف إلى هذا أنها تحاول

ص: 40

توجيه المناهج الدراسية إلى الأخذ بكل جديد ومفيد ونافع، بهذا يسهم المنهج في تربية المتعلم تربية إسلامية، ونشر الثقافة الإسلامية بين المتعلمين، كما يسهم في تكوين المجتمع المسلم، ويعلم على الارتقاء بالحياة فيه.

ويتضح أيضًا من شكل "4" أن مصادر اختيار خبرات المنهج الدراسي تشمل المتعلم من حيث طبيعته ووظيفته في الحياة، وتكوينه ومرحلة نموه وحاجاته. وقدراته واستعداداته وطموحاته والأساليب المناسبة لتعليمه، كما تشمل المجتمع من حيث مقوماته مثل العقيدة والقيم والعادات والتقاليد الراسخة والمصادر الطبيعية التي تتوافر فيه، ومرحلة التطور التي يمر بها وموقعه من ركب التقدم بين الأمم، وحاجاته العاجلة والآجلة، وتشمل مجال الدراسة من حيث طبيعته وأسسه والتطورات المعاصرة فيه وتطبيقاته في مختلف الميادين.

وبعد الاختيار تأتي خطوة أخرى مهمة، هي وضع الخبرات التي تم اختيارها في منظومة تعليمية يمكن من مساعدة المتعلمين على اكتسابها، وكما حدث من مراعاة للأسس السابق ذكرها عند اختيار المنهج، فإن هذه الأسس ذاتها ينبغي أن تراعى في تنظيم خبرات المنهج الدراسي.

بناء على ما سبق، يمكن تحديد مفهوم تخطيط المنهج الدراسي تحديدًا إجرائيا على النحو التالي:

يعني تخطيط المنهج الدراسي اشتقاق الخبرات من مصادرها وتنظيمها في نسق تربوي بناء، على أسس تساعد المتعلم على النمو الشامل المتكامل المتوازن، والسلوك وفق تعاليم الدين الحنيف.

يلاحظ هنا أننا لم نفرق بين تخطيط المنهج الدراسي وبنائه، واعتبرنا تخطيط المناهج وبناءها يعنيان الشيء نفسه، وبناء عليه، فإن التعريف السابق يمكن اعتباره تعريفًا لبناء المناهج أيضًا.

وبالنظر إلى هذا التعريف يلاحظ ما يلي:

1-

أن تخطيط المنهج يشتمل على خطوتين: الأولى، اشتقاق الخبرات من مصادر معينة، والثانية تنظيم هذه الخبرات في نسق تربوي.

2-

أن مخططي المناهج سوف يشتقون الخبرات، بمعنى أنهم لن يجدوها جاهزة فيجمعوها، ولكنهم سوف يقومون بعملية بحث عن أنسب الخبرات الملائمة لتحقيق أهداف المنهج الدراسي.

3-

أن تنظيم الخبرات قد تتعدد صوره بتعدد الأنساق التربوية، ولكن مهما تعددت هذه الأنساق فإن جميعها ينبغي أن تحقق أهداف المنهج الدراسي.

4-

أن هذا الاشتقاق وذاك التنظيم لا يتم عفويا، ولا بناء على آراء شخصية أو جماعية، ولكن على أسس محددة توجه هاتين العمليتين.

5-

أن تخطيط المنهج ينبغي أن يحقق أهدافًا ثلاثة، الأول: هو تنمية المتعلم. والثاني هو توجيه المتعلم لأن يسلك وفق تعاليم الدين الحنيف والثالث: هو تكوين المجتمع المسلم والعمل على تقدمه وفق متطلبات العصر.

ص: 41