الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: أهم خصائص العلم وفق التوجيه الإسلامي
مقدمة الفصل الرابع:
خصائص العلم وفق التوجيه الإسلامي هي الأساس الثاني لاختيار خبرات المناهج الدراسية وتنظيمها. فالعلم هو الوعاء الخيري الذي تنهل منه المناهج الدراسية. ولا يمكن أن يشمل هذا الوعاء ما يخالف مقومات المجتمع.
فلكل مجتمع عقيدته وقيمه وتقاليده الراسخة وآماله وتطلعاته المستقبلة، وتختلف المجتمعات فيما بينها باختلاف ثقافاتها من حيث النظرة إلى الكون والإنسان والحياة، وتتقارب وتتباعد بقدر الاتفاق أو الاختلاف في هذه النظرة، لكنها لا تتطابق أبدًا بالاتفاق الكامل فيها، وهذا أمر بعيد المنال.
لذلك تحرص المجتمعات على أن تحافظ نظمها التعليمية ومناهجها على معتقداتها وقيمها وتقاليدها الراسخة، وأن تعمل على وقايتها من الغزو الخارجي وصولا إلى المحافظة على هويتها الثقافية وقاية لها من عوامل التفكك والانحلال.
كذلك الأمر بالنسبة للمجتمع المسلم. لكي يحافظ على تماسكه، ينبغي أن يحافظ على هويته الإسلامية عمومًا وعلى محتوى المناهج الدراسية، بصفة خاصة من التلوث الخارجي، ويعرف المتخصصون في المناهج الدراسية أن هذه المناهج تتأثر بالفكر السائد في المجتمع عن العلم وخصائصه.
لذلك، فإنه من الأهمية بمكان أن تراعي المناهج الدراسية في المجتمع المسلم خصائص العلم الذي تستقي منه المناهج الدراسية خبراتها، وأن تكون هذه الخصائص محل رعاية من القائمين على المناهج الدراسية في العالم الإسلامي عند اختيار خبراتها وتخطيطها وتنظيمها وتقويمها ومتابعتها.
ونعني بالعلم هنا جميع ما يتعلمه الإنسان في حياته، وبصورة أكثر تفصيلًا فإننا نعني به الخبرات النظرية والعملية والميدانية والتطبيقية وشتى صور الخبرات التي يكتسبها الإنسان في أثناء وجوده على الأرض ما دام حيا. وفق هذا التعريف فإن العلم يجمع الخبرات المتعلقة بالوجدان والمتعلقة بالمعرفة والمتعلقة بالمهارات وغيرها من المجالات، وأن العلم يحيط بجميع جوانب المعرفة والثقافة والحضارة والقيم والمعتقدات وجميع ما يمكن أن يحصل عليه الإنسان في الحال أو الاستقبال من معارف وخبرات، إضافة إلى ما حصله في تاريخ الإنسانية السابق كله.
العلم في الإسلام له خصائص ينبغي أن يحيط بها مخططو المناهج لكي يأخذوها في الاعتبار عند اختيارهم لخبرات هذه المناهج. هذه الخصائص هي موضوع اهتمامنا في هذا الفصل من الكتاب. وسنحاول إلقاء الضوء عليها من خلال التفكير في الإجابة عن الأسئلة التالية:
- ما موقف المسلم من العلم؟
- هل للعلم -وفق التوجيه الإسلامي- من خصائص غير مسبوقة يتفرد بها؟
- هل للعلم مصادر، في الإسلام، غير ما نعرفه من مصادر بشرية مثل بحوث العلماء وملاحظاتهم وحدسهم وتجارب معاملهم؟
- هل للعلم في هذا الدين وظائف سوى تطويع البيئة للإنسان وإحكام السيطرة عليها، وإسعاد الإنسان عن طريق توفير أسباب المتاع له في حياته الدنيا؟.
- وهل من غاية العلم في المجتمع المسلم غير توفير الرفاه لهذا المجتمع وفق الأهداف التي يراها لنفسه، ووفق مصالحه ومقتضيات تحقيق ما يطمح إليه من أهداف سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية.
- وهل هناك حاجة للبحث عن مصادر أخرى سوى العلم لتسيير أمور الحياة؟
- وما واجب العلماء، وما أثر ما حصلوه من علم على صلتهم بالله سبحانه وتعالى؟
من خلال البحث عن إجابات لهذه الأسئلة، وبالرجوع إلى المصادر الإسلامية الأصلية سنحاول تحديد خصائص العلم -وفق التوجيه الإسلامي- على النحو التالي:
أولًا: طلب العلم فريضة على كل مسلم.
ثانيًا: العلم كله من عند الله، ولا ينضب.
ثالثًا: غاية العلم هي تطبيق منهج لله في الحياة.
رابعًا: العلم يحيط بجميع متطلبات الحياة، وفق منهج الله.
خامسًا: تتوافق فيه حقائق الكون مع حقائق الوحي.
سادسًا: العلم يرفع قدر طلابه عند الله.