المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهم أسس تنظيم خبرات المنهج الدراسي - الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية

[محمود أحمد شوق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الفهرس العام:

- ‌الباب الأول: مفهوم تخطيط المناهج الدراسية وأهم مجالاته المتعلقة بها

- ‌مقدمة الباب الأول:

- ‌الفصل الأول: مفهوم تخطيط المناهج الدراسية

- ‌مقدمة الفصل الأول

- ‌أولًا: مفهوم التخطيط، على وجه العموم

- ‌ثانيًا: مفهوم التخطيط للتدريس وأهميته بالنسبة للمعلمين

- ‌ثالثًا: مفهوم تخطيط المنهج الدراسي

- ‌خاتمة الفصل الأول:

- ‌أهم مصادر الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني: أهم مجالات التخطيط المتعلقة بالمناهج الدراسية

- ‌مقدمة الفصل الثاني

- ‌أولًا: التخطيط للتربية الميدانية

- ‌ثانيًا: التخطيط لبداية ناجحة في التدريس

- ‌ثالثًا: التخطيط للتدريس فصلًا دراسيا أو عاما دراسيا

- ‌رابعًا: التخطيط لتدريس موضوع أو وحدة

- ‌خامسًا: التخطيط للعمل اليومي

- ‌سادسًا: التخطيط لتدريس الدرس

- ‌سابعًا: التخطيط لاستثمار الفروق الفردية بين المتعلمين

- ‌خاتمة الفصل الثاني:

- ‌أهم مصادر الفصل الثاني:

- ‌خاتمة الباب الأول:

- ‌الباب الثاني: الأسس العامة لتخطيط المنهج الدراسي

- ‌مقدمة الباب الثاني:

- ‌الفصل الثالث: أهم خصائص التربية الإسلامية

- ‌مقدمة الفصل الثالث

- ‌أولًا: التربية الإسلامية ربانية المصدر، عالمية الغاية، شاملة الأثر

- ‌ثانيا: ثاتبة أصولها، مرنة تطبيقاتها

- ‌ثالثا: تعد التربية الإسلامية الإنسان للحياتين، الدنيا والآخرة في توازن واعتدال

- ‌رابعًا: حث المسلم على العمل بقدر طاقته

- ‌خاتمة الفصل الثالث:

- ‌أهم مصادر الفصل الثالث:

- ‌الفصل الرابع: أهم خصائص العلم وفق التوجيه الإسلامي

- ‌مقدمة الفصل الرابع:

- ‌أولًا: طلب العلم فريضة على كل مسلم

- ‌ثانيًا: العلم كله من عند الله، ولا ينفد

- ‌ثالثا: غاية العلم هي تطبيق منهج الله في الحياة

- ‌رابعًا: العلم يحيط بجميع متطلبات الحياة وفق منهج الله

- ‌خامسًا: تتوافق فيه حقائق الكون مع حقائق الوحي

- ‌سادسًا: العلم يرفع قدر طلابه عند الله

- ‌خاتمة الفصل الرابع:

- ‌أهم مصادر الفصل الرابع:

- ‌الفصل الخامس: التوجيه الإسلامي للعلوم

- ‌مقدمة الفصل الخامس

- ‌أولًا: دوافع التأصيل الإسلامي للعلوم

- ‌ثانيًا: المفهوم والمصطلح

- ‌ثالثًا: أسس التوجيه الإسلامي للعلوم ومنهجه

- ‌خاتمة الفصل الخامس:

- ‌أهم مصادر الفصل الخامس:

- ‌الفصل السادس: أهم الاتجاهات التربوية المعاصرة

- ‌مقدمة الفصل السادس:

- ‌أولًا: أهم ملامح التطورات العالمية المعاصرة

- ‌ثانيا: أهم الاتجاهات التربوية المعاصرة

- ‌مدخل

- ‌ أهم الاتجاهات المعاصرة في سياسة التعليم:

- ‌ أهم الاتجاهات المعاصرة في تربية المعلم *:

- ‌أهم الاتجاهات المعاصرة في المناهج الدراسية

- ‌خاتمة الفصل السادس:

- ‌أهم مصادر الفصل السادس:

- ‌خاتمة الباب الثاني:

- ‌الباب الثالث: مصادر خبرات المنهج الدراسي

- ‌مقدمة الباب الثالث:

- ‌الفصل السابع: أهم خصائص المتعلم

- ‌مقدمة الفصل السابع

- ‌أولًا: أهم جوانب طبيعة المتعلم

- ‌ثانيًا: أهم جوانب شخصية المتعلم

- ‌ثالثًا: وظيفة المتعلم

- ‌رابعا: أهم خصائص نمو المتعلم

- ‌مدخل

- ‌ مرحلة التكوين:

- ‌ مرحلة الرضاعة

- ‌ مرحلة الطفولة:

- ‌ مرحلة التمييز:

- ‌ مرحلة البلوغ أو الرشد:

- ‌مرحلة الشباب:

- ‌خاتمة الفصل السابع:

- ‌أهم مصادر الفصل السابع:

- ‌الفصل الثامن: أهم خصائص المجتمع المسلم

- ‌مقدمة الفصل الثامن:

- ‌أولًا: ترسيخ عقيدة التوحيد

- ‌ثانيًا: الحكم بما أنزل الله والأخذ بالشورى والالتزام بالعدل

- ‌ثالثًا: الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌رابعا: تكوين الأسرة المسلمة

- ‌مدخل

- ‌ الترغيب في الزواج وبيان أسس اختيار كل من الزوجين:

- ‌ بيان حقوق كل من الزوجين ووقايتهما من الغواية:

- ‌ بيان حقوق الوالدين:

- ‌بيان حقوق الأولاد والحرص على تربيتهم

- ‌ وضع أسس لوقاية الأسرة من التفكك أو الانحراف:

- ‌خامسا: تحقيق كل من التضامن الإسلامي والتكافل الاجتماعي بين المسلمين

- ‌إرساء أسس المحبة وصولا إلى التضامن والتعاون

- ‌ التكافل الاجتماعي:

- ‌سادسًا: متابعة الاجتهاد

- ‌سابعًا: بث روح الجهاد في سبيل الله

- ‌ثامنا: حسن استثمار المصادر البشرية والطبيعية بالمجتمع والعمل على الارتقاء بالحياة فيه

- ‌خاتمة الفصل الثامن:

- ‌أهم مصادر الفصل الثامن:

- ‌الفصل التاسع: أهم خصائص المجال الدراسي والثقافة والعلمية والتقنية

- ‌مقدمة الفصل التاسع

- ‌أولا: المجال الدراسي

- ‌مدخل

- ‌ بالنسبة للأساسيات والتسلسل:

- ‌ بالنسبة للتطورات المعاصرة في المجال

- ‌ بالنسبة للتطبيقات:

- ‌ بالنسبة للتوجيه الإسلامي للمجال الدراسي

- ‌ بالنسبة لإسهامات العلماء المسلمين في المجال الدراسي:

- ‌ثانيًا: الثقافة العلمية والتقنية

- ‌خاتمة الفصل التاسع:

- ‌أهم مصادر الفصل التاسع:

- ‌خاتمة الباب الثالث:

- ‌الباب الرابع: أهم خطوات تخطيط المنهج الدراسى ومعوقاته

- ‌مقدمة الباب الرابع

- ‌الفصل العاشر: أهم خطوات إعداد المنهج الدراسي

- ‌مقدمة الفصل العاشر

- ‌أولا: الإعداد للمهمة

- ‌ثانيًا: أهم أسس إعداد أهداف المنهج الدراسي

- ‌ثالثا: أهم أسس إعداد محتوى المنهج الدراسي

- ‌أهم أسس اختيار خبرات المنهج الدراسي

- ‌أهم أسس تنظيم خبرات المنهج الدراسي

- ‌رابعًا: أهم أسس إعداد طرائق التدريس *

- ‌خامسًا: أهم أسس الإعداد لاستخدام وسائل تقانة التعليم *

- ‌سادسًا: أهم أسس إعداد المناشط المدرسية *

- ‌سابعًا: أهم أسس الإعداد لتقويم مخرجات المنهج الدراسي

- ‌ثامنًا: تقويم المنهج الدراسي الذي تم إعداده

- ‌خاتمة الفصل العاشر:

- ‌أهم مصادر الفصل العاشر:

- ‌الفصل الحادي عشر: أهم خطوات تطبيق المنهج الدراسي الجديد

- ‌مقدمة الفصل الخادي عشر

- ‌أولًا: التخطيط للتطبيق الميداني

- ‌ثانيًا: إعداد متطلبات التطبيق

- ‌ثالثًا: تدريب المشاركين في تطبيق المنهج الجديد

- ‌رابعًا: بث الشعور بالحاجة إلى منهج جديد، والتوعية بمتطلباته ومشكلاته

- ‌خامسا: تجريب المنهج الجديد

- ‌سادسًا: تعميم المنهج الجديد ومتابعته بالتقويم والتطوير

- ‌خاتمة الفصل الحادي عشر:

- ‌أهم مصادر الفصل الحادي عشر:

- ‌الفصل الثاني عشر: أهم معوقات تخطيط المنهج الدراسي

- ‌مقدمة الفصل الثاني عشر

- ‌أولًا: معوقات خاصة بطبيعة التخطيط التربوي

- ‌ثانيًا: معوقات خاصة بالجوانب الفنية لعملية تخطيط المناهج

- ‌ثالثًا: معوقات خاصة بالقائمين بعملية تخطيط المنهج الدراسي

- ‌رابعًا: معوقات إدارية

- ‌خامسًا: معوقات اجتماعية

- ‌سادسًا: معوقات سياسية

- ‌سابعًا: معوقات خاصة بالظروف الطارئة، وعدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب

- ‌ثامنًا: القصور في الاعتمادات المالية

- ‌خاتمة الفصل الثاني عشر:

- ‌أهم مصادر الفصل الثاني عشر:

- ‌خاتمة الباب الرابع:

الفصل: ‌أهم أسس تنظيم خبرات المنهج الدراسي

‌أهم أسس تنظيم خبرات المنهج الدراسي

1-

أن يراعي الاختيار والتنظيم خبرات المتعلمين السابقة، وطبيعتهم ووظيفتهم وخصائصهم العقلية والنفسية والجسمية ومستوى نضجهم، ويفي بمتطلبات نموهم وبحاجاتهم. من المعروف أن المتعلمين يأتون إلى المدرسة بحصيلة من الخبرات التي اكتسبوها من مصادر مختلفة، منها: مناهج التعليم السابقة والأسرة والبيئة المحلية. وتختلف هذه المصادر في ثرائها ومدى تأثيرها في المتعلم، كما يختلف عمقها واتساعها من المتعلم لآخر. ومن هنا كان من بين مهمات القائمين على تنظيم خبرات المنهج أن يقفوا على حصيلة هذه الخبرات التي سوف يؤسسون عليها تنظيمهم. ومدى تنوعها ومدى اختلاف مستوياتها بين المتعلمين. وخصائص المتعلمين هي -أيضًا- من أهم منطلقات تنظيم خبرات المناهج. فذكاء الفرد وقدراته العقلية الخاصة وميوله وحاجاته واستعدادته، وما يقبل عليه بشوق وما يدبر عنه بصدود، ومدى احتماله لبذل الجهد البدني، ومدى حاجته في كل مجال من مجالات النمو الجسمي والعقلي والوجداني، ونظرته إلى الإنسان والكون والحياة والمستقبل والمجتمع. كل هذه العناصر من بين الأسس التي يبنى عليها "تنظيم المنهج الدراسي" كما أن الفروق الفردية بين المتعلمين في كل من مجالات النمو الروحي والعقلي والنفسي والجسمي وفي النضج في هذا النمو من بين هذه الأسس.

ولقد كان الوفاء بجميع ما ذكر فيما سبق أمرًا ميسورًا في الماضي. أما اليوم فقد أصبح أمرًا بالغ التعقيد. فما كان مسلمًا بصحته في الماضي أصبح اليوم محفوفا بالمخاطر. فعلى سبيل المثال كانت التغذية المتوازنة من عوامل النمو الجسمي السليم، والتوازن هنا يعود إلى مجرد الوفاء المتوازن بين العناصر الغذائية كما ونوعا. اليوم أصبح هذا غير كاف، إذ إن كمية منشطات النمو التي تستخدم للإسراع بنمو النباتات والفواكه والطيور والحيوانات، وكمية المبيدات التي تستخدم في مقاومة الآفات الزراعية تجعل مسببات الأمراض تكمن في المنتج النباتي أو الحيواني. كما أصبح التلوث السمعي والبصري والصحي يلاحق الإنسان حيثما ذهب، نتيجة لما تفرزه المصانع والسيارات ومركبات الفضاء والمحروقات وغبار التجارب على الأسلحة وغيرها. وهذا كله يضع أعباء جديدة على المناهج بأن تساعد المتعلم على النمو الجسمي السليم في هذا الخضم من مقاوماته.

ولم يعد النمو الوجداني متوقفا على المؤثرات عليه من بيئة الفرد الأسرية والمجتمعية، ولكن امتدت المؤثرات إلى أقصى مدى وصلت إليه ثورة الاتصالات التي غطت الأركان الأربعة للكون. وبذلك وصلت للفرد هموم العالم كله، كما أن الإيقاع السريع للأحداث وعدم استقرار الأمن بالنسبة للفرد والمجتمعات على السواء

ص: 388

واحتلال الإرهاب والمخدرات والبطالة والفساد السياسي والاجتماعي مساحة واسعة في الحياة، قد أصاب الإنسان بالتوتر شبه المستمر. وشعور الإنسان بتخلفه عن اللحاق بالتدفق المعروفي، والفوران التقاني يزيد من توتره ويزيد من ضعف ثقته بنفسه، ويصيبه بالإحباط العقلي.

وفي هذا الخضم من المتغيرات تتغير حاجات الإنسان وتتبدل، فعلى سبيل المثال. أصبحت حاجات في المقدمة بإلحاح مثل الحاجة إلى الأمن، والحاجة إلى الاستقرار الاقتصادي، والحاجة إلى الثقافة المعاصرة، والحاجة إلى المهارات التقانية، أما الحاجة إلى ظهور السلوك الإنساني الخير على مسرح حياة الأفراد والمجتمعات فقد أضحى إشباعها حلمًا بعيد المنال.

وفي كل زمان، وفي كل مكان، تشرئب الأعناق إلى المؤسسات التربوية لكي تدخل حلبة تحقيق الأحلام والوفاء بالحاجات وحل المشكلات، وهذا يلقي بثقله على المناهج الدراسية اختيارًا وتنظيمًا.

1-

التعرف على خبرات المتعلمين السابقة ومستواها، واتخاذها أساسًا لاختيار وتنظيم المنهج الدراسي واستثمارها في حفز المتعلمين على اكتساب الخبرات الجديدة.

2-

أن يخاطب الاختيار والتنظيم مختلف العمليات العقلية لدى المتعلم مع مراعاة التوازن بينها وفق مرحلة النمو التي يمر بها، ومتطلبات تحقيق أهداف المنهج الدراسي.

3-

أن يقدم التنظيم المفاهيم والحقائق والمهارات وفق أهداف المنهج الدراسي مراعيًا خصائص المتعلم.

4-

أن يثير التنظيم حوافز المتعلمين نحو التعلم ونحو تقديرهم لخبرات المنهج الدراسي، ويوقفهم على أهم آثارها في حياتهم.

5-

أن يساعدهم الاختيار والتنظيم على اكتساب مهارات المحافظة على صحة الدين والجسم والعقل والنفس، وكيفية الوفاء بمتطلبات النمو في هذه المجالات في توازن واعتدال.

6-

أن يواكب الاختيار والتنظيم مستويات النضج في كل جانب من جوانب نمو المتعلم، ويراعي الفروق الفردية فيما بين المتعلمين.

ص: 389

7-

أن يتيح التنظيم فرصًا لكل متعلم أن يحقق ذاته، ويستوفي حاجاته من خلال التنوع في المداخل، وطرق العرض ومجالات المهارات ومستويات الخبرات المراد تعلمها.

8-

أن يحرص التنظيم على تربية المتعلم تربية إسلامية على وجه العموم، وبخاصة فيما يتعلق بواجباته نحو ربه ونفسه وأسرته والمسلمين أفرادًا وجماعات.

9-

أن يتيح التنظيم للمتعلم دورًا إيجابيا في عملية التعليم والتعلم واختيار مجالات الدراسة. ويشركة في تخطيطها وتنفيذها وتقويمها، ويتيح له فرصًا لتعزيز نجاحه.

10-

أن يراعي التنظيم مفهوم الإسلام عن الإنسان والكون والحياة، وبخاصة فيما يتعلق بطبيعة الإنسان وتكوينه ووظيفته ومراحل نموه.

11-

أن يغطي التنظيم مختلف أنواع الخبرات -المباشرة وغير المباشرة، والمحسوسة. وشبه المحسوسة، والفردية والجماعية، والنظرية والعلمية، والميدانية

كما يواكب مختلف مستويات التحصيل.

2-

أن يراعي قيم المجتمع وحاجاته ومشكلاته وطموحاته. لكل مجتمع أنموذج من القيم من أهمها القيم الدينية والاجتماعية والثقافية والسياسية ينبغي أن تعمل المناهج الدراسية على ترسيخها وصولًا إلى استقرار المجتمع والمحافظة على بنيته الأساسية. ولكل مجتمع حاجات أهمها الحاجات التربوية والتنموية والأمنية، وهذه ينبغي أن يعمل المنهج على الوفاء بها. ولكل مجتمع مشكلاته التي تعيق مسيرته من أمثلتها الأمية والبطالة والتخلف الاقتصادي وندرة العمالة الماهرة، وهذه تتحمل المناهج الدراسية مسئولية الإسهام في حلها.

وللمجتمع المسلم -أيضًا- قيمه وحاجاته ومشكلاته التي ينبغي أن تعمل المناهج الدراسية في مؤسساته التربوية على الوفاء بمتطلباتها، بحيث تكون من عوامل استقرار المجتمع والمحافظة على هويته وتقدمه وتحقيق أهدافه. فالحاجة إلى ترسيخ العقيدة الإسلامية والدعوة إلى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ بالأساليب الحديثة في التنمية وملاحقة التقدم العلمي والتقاني من الحاجات الملحة لمجتمعات المسلمين. ومن مشكلات بعض المجتمعات المسلمة الأمية الروحية والتخلف عن أداء الفرائض، والانحدار الأخلاقي

ص: 390

والانبهار المحبط بحضارة الآخرين، وتدني مستوى الإنتاج، وندرة المياه والتحصر والحاجة إلى الطاقة، والإرهاب.

وطموحات المجتمعات المسلمة كثيرة منها: أن تعوض فجوة التخلف الحضارة الحالية التي تواجهها، وأن تنهض بمجتمعاتها بحيث توفر لها المقومات الأساسية للحياة، وأن تتوحد كياناتها لكي تواكب الكيانات الكبرى التي تتكون من حولها، وأن تتبوأ مكانها اللائق بين الأمم في مسيرة التقدم المتسارع.

وعلى وجه العموم، فإن أهم ما ينبغي أن ينجزه القائمون على تنظيم المنهج الدراسي للوفاء بمتطلبات المجتمع، ما يلي:

1-

التركيز على مقومات المجتمع المسلم بما في هذا التمسك بالعقيدة الإسلامية وتحكيم شرع الله، والتكافل الاجتماعي، والاجتهاد في حل مشكلات الحياة الإسلامية.

2-

الحث على الحرص على أداء العبادات والتمسك بالأخلاق الإسلامية والتعاون على البر والخير.

3-

بيان الأسلوب الصحيح للدعوة الإسلامية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأداء المعاملات على أساس الدين الحنيف.

4-

مراعاة متطلبات التربية الإسلامية فيما يتناوله تنظيم المنهج الدراسي من أفكار وطرائق للتناول.

5-

بيان مقومات التضامن بين المجتمعات الإسلامية وصولًا إلى تكوين كيان إسلامي يواكب ما يتكون في العالم المعاصر من كيانات كبرى تؤثر فيه سياسيا واقتصاديا وتربويا وثقافيا.

6-

العمل على كشف ما في العالم الإسلامي من خيرات، سواء في صورة مصادر بشرية أو مصادر طبيعية، وحسن استثمارها والتعاون والتنسيق والتكامل بين المجتمعات الإسلامية بشأنها.

7-

العمل على حصر ما في المجتمعات الإسلامية من مشكلات مثل مشكلة التخلف العلمي والتقاني والإرهاب وحلها حلولًا ذاتية بقدر الإمكان.

8-

التكامل والتنسيق بخصوص خطط التنمية في المجتمعات الإسلامية وفي توفير الخبرات اللازمة لتنفيذها.

ص: 391

9-

العمل على اللحاق بالتقدم العلمي والتقاني المعاصر، وتوظيفهما في إنهاض العالم الإسلامي.

10-

العمل على إنشاء بنك معلومات شامل عن العالم الإسلامي، يكون أساسًا لرسم خطط تنميته، ومرجعًا للباحثين في شئونه.

11-

تحقيق التوازن والتكامل بين خبرات مختلف المجالات الخاصة بالحياة في المجتمع، فمثلًا يطغى الجانب التعبدي على جانب اللحاق بالتقدم العلمي والتقاني أو العكس.

12-

فتح آفاق التعاون مع المجتمعات غير الإسلامية بهدف تحقيق التقدم المنشود في العالم الإسلامي، والعمل على استقرار السلام والأمن العالمي والتعاون على تحقيق الرفاه للمجتمع دون تفريط.

3-

أن يحافظ على تتابع الخبرات. خاصة التتابع خاصة مهمة في البناء المعرفي، وفي عملية التعلم، فمن حيث البناء المعرفي نجد أن كل خبرة يكتسبها المتعلم تبني على سابقتها وتمهد للاحقتها، بحيث تكون المعرفة سلسلة متتابعة من الخبرات تبدأ بمستوى معين وتتجه إلى مستويات أعلى.

ويمكن أن توجه خاصة التتابع في تنظيم خبرات المنهج في المجالات المعرفية وفق درجة التعقيد أو العمق أو التوسع. بمعنى أن تتبع الخبرات الأكبر عمقًا والأكثر تعقيدًا والأكثر توسعًا الأقل منها عمقًا وتعقيدا وتوسعًا، على الترتيب.

ولكن هناك خبرات في المنهج لا يؤثر تطبيق خاصة التتابع عليها كثيرًا. مثل تلك المتعلقة بتعديل الاتجاهات وتنمية الميول وقدح القدرات وتكوين المدركات واكتساب الأنماط السلوكية مثل الاحترام والنظام والتعاون

ومن الجدير بالذكر أن خاصة التتابع تعتمد في تحقيقها على عوامل كثيرة منها درجة نضح المتعلم واستعدادته وخبراته السابقة، وطبيعة الخبرات التي يتناولها التنظيم، وبيئة التعلم.

4-

أن يفسح المجال لشمول الخبرات وتنوعها ومرونتها وتكاملها وتحقيق كفاءة عملية التعلم. كما سبق أن ذكرنا، إن العصر الذي نعيش فيه اليوم يتسم باتساع آفاق المعرفة وتنوعها وسرعة التغير فيها، وبتسارع التقدم التقاني الذي دفع عجلة التطور في مخلتف جوانب الحياة إلى سرعة غير مسبوقة. لذلك فإن تنظيمات المناهج ينبغي أن تفتح آفاقًا للتعليم تشمل مختلف المجالات التي تهم المتعلم، ويكون له بها حاجة في حياته وهي حاجات متنوعة متجددة وفق الإيقاع

ص: 392

السريع للعصر، الأمر الذي يلقي على تنظيم المنهج مسئولية تنويع الخبرات لتجمع بين الخبرات العلمية والنظرية، وبين العمق والاتساع وبين المجرد والمحسوس، وبين الوجداني والمهاري، وبين ما يتطلب الإبداع والابتكار وما يتطلب مجرد التذكر والفهم، وبين حاجات المتعلم وحاجات المجتمع.

كما ينبغي أن تتوافر المرونة في تنظيم المنهج الدراسي. إذ تعتبر المرونة خاصة ضرورية لمواكبة التغيرات التي تحدث في مختلف جوانب الحياة، ولمراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين والمعلمين، وللاستجابة لحاجات المجتمع، ولكفاءة التكيف مع عوامل الاختلاف في المواقف التعليمية ولاستيعاب طرائق التعليم الحديثة وتقانته الجديدة، وللوفاء بالحاجات الطارئة للمجتمع والبيئة المحلية للمدرسة، ولإدخال عناصر التشويق والجذب على الموقف التعليمي من خلال توفير البدائل.

وجميع ما سبق يساعد على كفاءة عملية التعليم والتعلم، فالموقف التعليمي الذي يتوافر فيه شمول الخبرات وتنوعها ومرونتها يكون قد قطع شوطًا على طريق النجاح، ومما يزيد أيضًا من كفاءة عملية التعلم أن تعتمد على تقديم الكليات، قبل الدخول في التفاصيل، ولذلك فإن استخدام مفهوم البنية المعرفية والتنظيم الحلزوني في تنظيم المنهج يساعد في كفاءة عملية التعليم والتعلم، يضاف لما سبق، مراعاة التوازن بين مستويات التحصيل، فلا يعطي أهمية للحفظ على حساب الفهم أو التحليل على حساب التركيب أو التقويم على حساب الإبداع. ومراعاة التوازن بين جوانب النمو، فلا تعطي أهمية للنمو العقلي على حساب النمو الجسمي، ولا النمو الوجداني على حساب النمو الاجتماعي، ولا لأي مما سبق على حساب النمو العقدي.

والتكامل من طبيعة عملية النمو، بمعنى أن النمو يحدث في جميع أعضاء الجسم وجيميع مكونات الإنسان بيولوجيا ووظيفيا ونفسيا، ولا يستقل عضو بالنمو على حساب بقية الأعضاء. وكذلك التعلم يبدأ كليا قبل أن ينتقل إلى التفاصيل، بمعنى أن الإنسان حين ينظر إلى شيء فإنه ينظر -أولًا- إلى خصائصه العامة من حيث كونه إنسانًا أو حيوانا أو نباتا، كبير الحجم أو صغيره. ثم يبدأ -بعد ذلك- في النظر إلى التفاصيل.

فخاصة التكامل -إذن- تعود إلى خواص النمو السليم والتعلم الأفضل. ومن ثم فإن توافرها في تنظيم المناهج الدراسية يؤدي -بالضرورة- إلى استيعاب أفضل لخبرات هذه المناهج. يضاف إلى هذا أن مواقف الحياة لا تتجزأ بحيث يكون

ص: 393

أحدها يتعلق بخبرات مادة التاريخ فقط، والآخر يتعلق بخبرات مادة الجغرافيا فقط، والثالث يتعلق بخبرات الرياضيات فقط، بل تحتاج هذه المواقف -لفهمها والتفاعل معها بنجاح- إلى جماع خبرات الإنسان من مختلف المصادر سواء من مجال دراسي معين أم من غيره من المجالات. لذلك كلما كانت خبرات المناهج متكاملة كانت أكثر فعالية في إعداد المتعلم لمواجهة مواقف الحياة بنجاح.

ولتكامل خبرات المنهج مجال آخر إلى جانب تكاملها بالنسبة لمختلف المواد الدراسية. هو أن خبرات المنهج الدراسي لا تتجزأ على أساس عناصر المنهج الستة التي بيناها في الفصل الثاني من الباب الأول من هذا الكتاب. فلا نجد -على سبيل المثال- فئة من الخبرات تخص الأهداف وحدها. وأخرى خاصة بالمحتوى وحده وثالثة، تخص التقويم وحده، بل نجد خبرات المنهج نسقًا تربويا يصنعه "تنظيم المنهج" تتكامل فيه منظومة خبرات المنهج وفق حاجة المتعلم وطبيعة الموقف التعليمي.

ويعود تكامل خبرات عناصر المنهج الدراسي إلى كون هذه العناصر تشبه -إلى حد كبير- أعضاء الكائن الحي، ومن حيث إن أعضاءه تتضح فرادى إلا أن وظائفها تتكامل إلى حد أن تدنى كفاءة عضو واحد منها يتسبب في تدني كفاءة الكائن الحي ككل. ولهذا السبب، فإننا نعتبر المنهج الدراسي نظامًا يتكون من ستة عناصر يؤثر كل منها في الآخر ويتأثر به.

وعملية التعلم التي ينبغي أن يعمل "تنظيم المنهج" على رفع كفاءتها، لها أسسها التي لا بديل عن توافرها لتحقيق هذه الكفاءة من بينها: تنويع خبرات التعلم ومرونتها بما يواكب الفروق الفردية في نمو المتعلمين، ويفي بالحاجات المتنامية والمختلفة للمجتمع، ويستوعب النمو السريع للمتعلم.

لذلك، فإنه لكي يحقق "تنظيم المنهج" تكامل خبرات المنهج الدراسي وتنوعها ومرونتها إضافة إلى رفع كفاءة عملية التعلم، فإنه ينبغي أن يتوافر في هذا التنظيم مجموعة من الخصائص، ومن أهمها:

1-

أن يترجم القائمون على "تنظيم المنهج الدراسي" أهداف المنهج ترجمة إجرائية على شكل أنماط سلوكية تناسب كلا من المتعلم والمجتمع والمقررات الدراسية والمستوى الدراسي بحيث يمكن الوقوف على مدى تحقيق هذه الأنماط بسهولة عند تطبيقها.

ص: 394

2-

تحليل كل نمط سلوكي إلى مجالات متنوعة للتعلم: مباشرة وغير مباشرة، ونظرية وعملية، وفردية وجماعية، وغير ذلك من مجالات اكتساب الخبرات.

3-

تحليل كل مجال إلى الخبرات الخاصة به على أن يتوافر في مجموعها التكامل والتنوع والمرونة، وأن تكون نسقًا تربويا يناسب نضج المتعلمين في نموهم الروحي والجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، ويراعي الفروق الفردية بين المتعلمين في مختلف مجالات النمو.

4-

الحرص على أن يحفز هذا النسق المتعلم نحو اكتساب خبراته ويعطيه دورًا إيجابيا في ذلك ويعزز بصفة مستمرة نجاحه.

5-

مراعاة ربط هذه الخبرات بخبرات المتعلم السابقة وبحياته اليومية ومشكلاتها، وإتاحة فرص للتعلم المستمر في حلقات متواصلة.

6-

إن التغير السريع في نمط الحياة اليومي يتطلب أن تركز "تنطيمات المناهج" على مساعدة المتعلم على اكتساب شخصية مرنة قادرة على التكيف مع التغير وحسن استثماره، وعلى اكتساب المهارة في استخدام طرق التفكير المختلفة، وفي ممارسة أسلوب حل المشكلات وفي البحث العلمي والتعليم الذاتي المستمر.

7-

أن يلاحظ القائمون على تنظيم المناهج أن "التعلم عملية كلية" تبدأ بالإدراك الكلي للمواقف، وتتوقف على التفاعل المثمر مع البيئة يترتب عليه خبرة متعددة الجوانب لا ينفصل فيها جانب المعرفة عن المهارات أو التفكير، ومن ثم تحتاج هذه العملية إلى تنظيم للخبرات يجمع هذه الجوانب.

8-

مراعاة أن التعلم يتوقف على الاستعدادات الفردية، لذلك فقد ظهر اتجاه حديث نحو "تفريد التعليم" ومعناه الاهتمام بالنواحي الفردية "للمتعلم" ومراعاة مستوى الدارس الفرد وحاجاته.

9-

إن التعلم الجماعي يولد حوافز نحو التعلم، ويدفع على الإجادة فيه من خلال التنافس البناء ما دامت الخبرات المكتسبة ليست فوق مستوى قدرات المتعلمين.

10-

ملاحظة أن التعلم يكون أبقى أثرًا ما استخدم فيه أكثر من حاسة وكان قائمًا على الممارسة الفعلية، وكانت خبرات التعلم ذات معنى للمتعلم.

ص: 395

11-

أن بيئة التعلم الواضحة للمتعلم والجاذبة لانتباهه والتي يدرك المتعلم أهدافها، ويتضح له طرق تحقيقها تساعده كثيرًا على النجاح في عملية التعلم.

5-

أن يساعد المعلم على أداء المهمات الجديدة التي ألقيت على عاتقه نتيجة لتعدد مصادر المعرفة. إنه لمن الأهمية بمكان أن يعمل "تنظيم خبرات المنهج" على مساعدة المعلم على أداء وظائفه الأساسية في عملية التعليم والتعلم وفق الاتجاهات الحديثة، وبما يتوافق مع قنوات المعلومات المستحدثة. فلم يعد المعلم -اليوم- هو المصدر الأول للمعلومات. بل أصبحت مصادر أخرى تنافسه في تزويد طلابه بأحدث المعلومات وأكثرها ارتباطا بتقانة العصر، من بينها شرائط الفيديو والحاسب الآلي وقنوات البث المباشر وغيرها، مما يملأ الساحة -اليوم- مبشرًا بالمستحدث من المعارف والعلوم والتقانة.

وإزاء هذا التغير، تتغير وظائف مصادر المعرفة وبخاصة المعلم. لذلك، ينبغي أن يعنى "تنظيم المنهج الدراسي" بهذه الوظائف بحيث يتكامل فيما بينها بما يثري حصيلة المتعلم ويوفر له تنوع الخبرات ويساعد المعلم على تحمل المهارات الجديدة التي ألقيت على عاتقه.

فعلى سبيل المثال، لم يعد المعلم ملقنا للمعلومات. ولكنه أصبح يعنى بمهمات أخرى، هو أقدر على إنجازها مما سواه من العوامل المؤثرة في عملية التعليم والتعلم. من هذه المهمات تخطيط العملية التعليمية، بما يحقق التكامل بين هذه العوامل، وإرشاد الطلاب وتوجيههم بما يساعدهم على التعليم الذاتي والاستثمار الأقصى لقدراتهم واستعداداتهم ومهاراتهم وحسن استثمار الفروق الفردية بينهم. يضاف إلى هذا كله، تقويم مخرجات المنهج وبخاصة بالنسبة لنمو التلاميذ، وتخطيط كل من التدريس الوقائي والتدريس العلاجي على وجه الخصوص، وملاحقة التطورات المعاصرة في كل من الفكر التربوي وتقانة التعليم، ومجال التخصص، وأن يشترك في برامج التدريب المختلفة، وتتاح فرص الاشتراك في حلقات لتبادل الخبرات مع الآخرين حول المستحدث في مختلف جوانب عملية التعليم والتعلم.

ولكي يساعد "تنظيم المنهج الدراسي" المعلم على إنجاز مهماته الجديدة، ينبغي أن يضعها القائمون عليه في الاعتبار، وذلك من خلال تحقيق التالي، على سبيل المثال:

ص: 396

1-

أن يكون التنظيم مرنًا بحيث يسمح للمعلم بتخطيط المواقف التعليمية التي تناسب الظروف المستجدة بالنسبة للمتعلم والمجتمع والتطور التربوي والتقاني.

2-

أن تتيح التنظيم للمعلم بإعطاء المتعلم دور المشارك الفعلى في عملية التعليم والتعلم، وذلك عن طريق تمكين المعلم من تكليف المتعلم بقراءات وبحوث وتجارب عملية ودراسات ميدانية، إضافة إلى استمرار إثارة تفكيره من خلال التفاعل مع خبرات المنهج.

3-

أن يعنى التنظيم بمساعدة المعلم على أن يتيح للمتعلم فرص اكتساب مهارت التعلم الذاتي المستمر عن طريق اكتسابه المهارة في البحث عن مصادر المعرفة، وحسن استثمارها والاطلاع عليها وتلخيصها والتعبير عنها بأساليب مختلفة.

4-

أن يعنى التنظيم بتنويع مداخل اكتساب الخبرات في كل موضوع من موضوعات المنهج، الأمر الذي يساعد المعلم على مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين عن طريق إتاحة الفرصة لكل متعلم لاكتساب الخبرات التي تناسبه من خلال المدخل الذي يناسبه.

5-

أن يساعد التنظيم المعلم على توزيع مجالات اكتساب الخبرات بين مختلف عناصر المنهج الدراسي كلما دعت الحاجة. بمعنى أن يقسمها بين طرائق التعليم وتقانته والنشاط المدرسي والتقويم إضافة إلى المحتوى، الأمر الذي يدعم التنوع في الخبرات والمواقف التعليمية ويحفز المتعلمين نحو اكتسابها.

6-

أن يعنى التنظيم بتنويع أساليب التقويم وأدواته ومواقفه بما يساعد المعلم على جعل التقويم مجالا لاكتساب الخبرات التربوية، إضافة إلى كونه أداة للحكم على تحصيل المتعلم.

7-

أن يساعد التنظيم المعلم على تنفيذ التدريس الوقائي والعلاجي، وإرشاد طلابه وتوجيههم إلى مجالات الدراسة المناسبة لقدراتهم واستعدادتهم. وذلك من خلال تنظيم خبرات متدرجة في مستوى الصعوبة، تركز على مكامن الخطأ المحتملة، وأخرى تركز على علاج الأخطاء التي سبق تواترها.

ص: 397

8-

إن تقانة التعليم من أهم ما يؤثر على العملية التعليمية، ويتزايد تأثيرها على هذه العملية يومًا بعد يوم. ولكي يساعد "تنظيم المنهج" المعلم على التفاعل البناء معها ينبغي أن يهتم بالمستحدث منها.

9-

أن يتيح التنظيم للمعلم التخلص من النظام التقليدي الذي يقيد الطلاب بالبقاء في حجرة الدراسة. ويمكنه من الخروج بهم إلى أماكن أخرى داخل المدرسة أو خارجها للدراسات الميدانية أو لمجرد تغيير البيئة التعليمية.

6-

أن يتيح فرصًا لتعاون المعلمين بخاصة وأعضاء مجتمع المدرسة بعامة في العملية التعليمية ولبقاء المتعلمين في المدرسة يومًا دراسيا كاملًا. إن من الأهداف المهمة لتنظيم المنهج الدراسي هو توفير مناخ لتعاون عناصر المجتمع المدرسي في تخطيط هذا المنهج وتنفيذه وتقويمه وتطويره. إذ يعمل "تنظيم المنهج" على توافر مناشط فردية وأخرى جماعية يتعاون فيها مختلف عناصر المجتمع المدرسي، ومناشط تجمع بين مختلف مجالات الدراسة.

ولهذا التعاون مآت عدة، من أهمها اختيار تنظيمات لخبرات المنهج الدراسي، تزيل الحواجز بين المقررات الدراسية وتعد مواقفها في صورة خبرات شاملة تتصل -أساسًا- بمواقف الحياة التي تجمع بين خبرات مختلف التخصصات الدراسية.

ويمكن أن يحقق تنظيم المنهج الدراسي هذا التعاون من خلال طرائق التعليم والبحوث المشتركة والنشاط المدرسي. فمن بين طرائق التعليم ما يتطلب تعاون المعلمين على تخطيطها وتنفيذها وتقويم مخرجاتها، مثل طريقة "التدريس بالفريق" ومن بين البحوث الميدانية، ما يوجه لحل مشكلة اجتماعية تغطي دراستها أكثر من تخصص دراسي ومن ثم يتعاون فيها أكثر من معلم.

والمدخل الثالث، لتعاون المعلمين والمتعلمين هو "المناشط المدرسية" ففيها فرص كثيرة لهذا التعاون، إذ منها ما هو صفي وما هو لا صفي، ويتم بعض الأخير داخل المدرسة والبعض الآخر يتم خارجها، وفي كلا الحالين فإن المناشط يمكن أن تجمع حولهما معلمي أكثر من تخصص. فعلى سبيل المثال إذا قرر القائمون على المناشط المدرسية عمل موسم ثقافي عن التنمية في البيئة المحلية للمدرسة، فإن مثل هذا المنشط سوف يحتاج تعاون مختلف عناصر مجتمع المدرسة لتنفيذه، وبينهم من ناحية وبعض عناصر مؤسسات التنمية في البيئة من ناحية أخرى.

وإن تعاون المعلمين بخاصة وأعضاء المجتمع المدرسي بعامة، وتنوع الخبرات وتوازنها وشمولها وتكاملها واختلاف مستوياتها يجعل مناخ المدرسة حببًا لكل من المعلمين والمتعلمين، ويجعلهم يندمجون في عملية التعليم والتعلم، ويستمتعون

ص: 398

ببقائهم في المؤسسة التربوية دون ملل، وهذا يساعد على تطبيق نظام اليوم الكامل الذي ينادي التربويون بضرورة تطبيقه. وكل هذا يمكن تحقيقه من خلال "تنظيم خبرات المنهج الدراسي".

ويمكن تلخيص ما يمكن أن يسهم به "تنظيم خبرات المناهج" في هذا الصدد على النحو التالي:

1-

أن يتيح التنظيم أنشطة مشتركة بين أفراد المجتمع المدرسي من خلال خبرات المنهج.

2-

أن يتسم التنظيم بالتكامل الداخلي، بمعنى أن تنظم خبرات عناصر المنهج في مواقف متكاملة، ومن ثم تكون مجالًا لتعاون عناصر المجتمع المدرسي على مساعدة المتعلمين على اكتساب هذه الخبرات.

3-

أن يتسم التنظيم بالتكامل الخارجي بمعنى أن تتكامل خبرات مناهج مختلف المجالات الدراسية بحيث يؤسس هذا التكامل للتعاون بين معلمي هذه المجالات.

4-

أن يعنى التنظيم بمختلف أنواع المناشط النظرية والعملية، والفردية والجماعية، والصفية واللا صفية، ما يتم داخل المدرسة وما يتم خارجها، ومن ثم يؤسس التنظيم من خلال هذا التعاون المعلمين وغيرهم من المشرفين على هذه المناشط.

5-

أن يعنى التنظيم عناية خاصة بالخبرات المتعلقة بالنمو الروحي والجسمي والنفسي والاجتماعي إضافة إلى النمو العقلي، الأمر الذي يتيح التنوع في مجالات اكتساب خبرات المنهج، ومن ثم مساعدة المتعلمين على قضاء يوم دراسي كامل دون ملل.

6-

أن يتيح تنظيم المنهج فرصًا لتفاعل المدرسة مع مؤسسات المجتمع الأخرى، الأمر الذي يدفع عناصر المجتمع المدرسي -ومنهم المعلمون- إلى التنسيق والتعاون مع هذه المؤسسات، كما يدفع منسوبي هذه المؤسسات للتعاون مع المدرسة. وهذا ييسر العمل بنظام اليوم الدراسي الكامل.

7-

أن يعنى التنظيم باستخدام تقانة التعليم في عملية التعليم والتعلم، فإنها من المناشط المحببة إلى المتعلمين وتخفف العبء عن المعلمين إضافة إلى أنها مدخل لتنويع خبرات المنهج.

ص: 399

7-

أن يستثمر الاتجاهات الحديثة في تنظيمات المناهج الدراسية على أسس تجريبية، تشهد "تنظيمات المناهج" تطورًا سريعًا انتقل بها من التنظيم المنطقي دون كبير اعتبار لطبيعة المتعلم وخصائصه إلى "التنظيم النفسي" الذي يعنى بخصائص نمو المتعلم. وقد ظهرت تنظيمات أخرى كثيرة نتيجة للبحوث النفسية والتربوية ونتيجة للتقدم التقاني. مثل "التنظيم الحلزوني"، "وتنظيم البنية المعرفية" الذي يأخذ ببناء المعرفة حول مفاهيم أساسية تكون بمثابة أطر عامة يتفرع منها، وتؤسس عليها التفاصيل، وقد ظهر هذا النموذج نتيجة للنهضة التي تشهدها العلوم، والتي جاءت بعلوم حديثة لا يمكن استيعابها بسهولة إلا بناء على استحداث تنظيمات لخبرات المناهج تسهم في رفع كفاءة عملية التعليم والتعلم.

والمثال الثالث الذي نعرضه هنا عكس المثال السابق. فالمثال السابق يقدم "البنية المعرفية" التي تعتمد على الكليات، أما هذا المثال فيعتمد على إطار من التفصيلات. ويعرف هذا لتنظيم بـ"التعليم المبرمج". وفيه يتم تحليل كل خطوة في عملية التعليم إلى تفاصيل جزئية بهدف تمكين المتعلم من اكتساب ما ينبغي أن يتعلمه، ويتبع كل خطوة ناجحة تعزيز لهذا النجاح.

ولكي يؤسس "تنظيم المنهج" لعملية تعلم ناجحة، ينبغي أن يستفيد من ميزات التنظيمات المطروحة على الساحة، على أن يوضح كل تنظيم قبل الأخذ به موضوع التجريب إلى أن يثبت صلاحه أو عدم صلاحه.

واليوم، ظهرت أسس جديدة لتنظيم المنهج، من أمثلتها:"الأساس التقاني" ويكون التركيز فيه على التقانة، و"الأساس الإنساني" وفيه يكون التركيز على التنمية الشاملة للإنسان، و"الأساس البيئي" حيث يكون التركيز على البيئة ومشكلاتها.

ويرى المؤلف أن هذه الأسس جميعًا ليست إلا ردود أفعال لظواهر معينة تفرض نفسها على المناهج الدراسية، فالأساس المعرفي -على سبيل المثال- هو رد فعل لسيطرة المعرفة واحتلالها مجال الصدارة. ولما غزت التقانة عالمنا المعاصر، نادى منادون بالمنهج التقاني الذي تختار خبراته بالتركيز على التقانة وتنظم على أساس معطياتها التقانة، وكذلك الأمر بالنسبة للأسس الأخرى.

كما يرى المؤلف أنه لا يمكن أن يتفرد منهج بأساس واحد من هذه الأسس دون غيره، سواء في اختيار خبراته أو في تنظيمها، فيما أن المنهج منظومة الخبرات التي تقدمها المؤسسة التربوية للمتعلم بقصد تربيته للحياة في مجتمع بذاته، وفي وقت أصبحت التقانة غاشية فيه، فإن هذا يعني أن المنهج -إلى جانب عنايته بالتقانة-

ص: 400

ينبغي أن يحيط بمتطلبات هذه التربية فيما يتعلق بكل من المتعلم والمعرفة والمجتمع وغير ذلك من المقتضيات التربوية المناسبة، ومن ثم فإن أي تنظيم لا بد أن يأخذ في الاعتبار جميع العوامل المؤثرة فيه، وتلك التي تسهم في تحقيق أهدافه، ولكنه قد يوجه عناية لعامل معين أكثر من غيره من العوامل.

وكما يتضح من شكل "12" فإن عوامل متعددة تؤثر في "تنظيم المنهج الدراسي".

8-

أن يتم الاختيار والتنظيم والتجريب والتعميم على أسس علمية. لقد مضى الزمن الذي فيه كان يختار خبرات المنهج، وينظمها لجان من عدة أفراد بناء على خبرتهم الشخصية، ودون تأسيس على عمل علمي رصين، فإذا نظرنا إلى واقع حياتنا المعاصرة، نجد أن البلدان التي لا تزال تتبع هذا الأسلوب قد غرقت في بحر من المشكلات التربوية، وهناك بلدان تصورت أن إنقاذها من التدهور التربوي الذي تعانيه يتم بالنقل من الغير، فزادت الطين بلة.

وكفاية المنهج لا تتحقق إلا بتأسيسه على دراسات علمية. ومن أمثلة الدراسات العلمية التي يبنى عليها اختيار الخبرات: دراسات علمية لخبرات المتعلمين السابقة وخصائص نموهم وتاريخهم الدراسي والمستوى الاقتصادي الاجتماعي الثقافي لأسرهم والفروق الفردية فيما بينهم في هذا كله. ودراسات علمية للمجتمع وواقع الإمكانات المتوافرة فيه ومشكلاته وحاجات تنميته بعامة، وخطط التنمية فيه بخاصة، والتغير المحتمل في مطالب سوق العمل فيه، ومدى التزام أفراده ومؤسساته بالسلوك المرتجى، ودراسات علمية عن التقدم العلمي والتقاني والتربوي المعاصر، واختيار ما يلائم المجتمع من هذا التقدم.

ص: 401