الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم تقف حقوق رعاية الأولاد لوالديهما عند البر بهما في حياتهما. ولكن امتدت هذه الحقوق إلى الحياة الأخرى. عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شئ أبرهما به بعد موتهما؟ قال:"نعم: الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما". "رواه أبو داود".
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". "رواه مسلم".
بيان حقوق الأولاد والحرص على تربيتهم
…
د- بييان حقوق الأولاد والحرص على تربيتهم
إن للأولاد في الأسرة شأنا كبيرًا، فالأسرة هي البيئة التي يتشربون منها قيمهم ومعاييرهم ونظرتهم للحياة. وفي الأم يجدون المحضن الذي يأوون إليه فيشعرون بالأمن والحنان والحب، وفي الأب يجدون المثل والوقاية والمنقذ، وفي الإخوة والأخوات يجدون تلاميذ مدرسة الأسرة الذين يأخذون عنهم ما يساعدهم على فهم الحياة. ومن الأسرة يأخذ الطفل دينه فيظل على فطرته مسلمًا أو يعتنق المسيحية أو اليهودية أو المجوسية. ويكون هذا أو ذاك بناء على تعليم الأبوين وتوجيههما.
وفي هذا روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن رسول صلى الله عليه وسلم: قوله: "ما من مولود يولد إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء". "متفق عليه".
وتقع مسئولية تربية الأولاد على الأبوين بحكم مسئولية رعايتهما لهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن
رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته"، قال: وحسبت أن قد قال: "الرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته". "مختصر صحيح البخاري".
وقال صلى الله عليه وسلم: "أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله". "رواه مسلم".
بالإضافة إلى ما سبق، فإن الإسلام قد قرر حق الأولاد في ثروة الوالدين والأقربين، وجعل لهم فيها نصيبًا مفروضًا، وذلك في قوله تعالى:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7] .
ويؤكد رسول الإسلام -بالفعل وليس بالقول فقط- أن الحنان والعطف على الأطفال هو حجر الزاوية في تربيتهم:
عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: رأيت النبي. يؤم الناس وأمامة بنت أبي العاص وهي ابنة زينب بنت رسول الله. على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود أعادها. "مختصر صحيح مسلم".
وقد بلغ عطف الرسول عليه الصلاة والسلام على الأطفال؛ أنه نعت من لا يلاطف الأطفال، ولا يداعبهم بأنه غير رحيم، بل وأنذره بأنه لن يرحم يوم القيامة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع:
إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدًا. فنظر إليه رسول الله. فقال: "من لا يرحم لا يرحم". "متفق عليه".
ويضرب الرسول المعلم مثلا في احترام الطفل كي يتربى على احترام الذات.
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم، والأشياخ عن يساره، فقال:"يا غلام أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ"؟. قال: ما كنت لأوثر بفضلي منك أحدًا يا رسول الله، فأعطاه إياه. "مختصر صحيح البخاري".
وهكذا يضرب الرسول الأمين مثلًا للمربين في معاملة الأطفال، فهو -صاحب الرسالة- يستأذن غلامًا في أمر تقديم الشيوخ عليه، ويأبى الغلام فينفذ له الرسول رغبته.
وكان الرسول الأمين حريصًا أشد الحرص على حسن تنشئة الأولاد وتربيتهم والعدل بينهم. فقد قال صلى الله عليه وسلم: