الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1) - (80) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ
(1)
- 452 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَيَّةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُرِيَكُمْ طُهُورَ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم.
===
(1)
- (85) - (باب ما جاء في غسل القدمين)
تثنية قدم، والقدم للإنسان بمنزلة الخف للإبل، والظلف للبقر والغنم، والحافر للفرس والبغال والحمير.
* * *
واستدل المؤلف عليه بحديث علي رضي الله عنه، فقال رحمه الله تعالى ونفعنا بعلومه آمين:
(1)
- 452 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي حية) بن قيس الوادعي الكوفي، قيل: اسمه عمرو بن نصر، وقيل: اسمه عبد الله، وقيل: اسمه عامر بن الحارث، وقال أبو أحمد الحاكم وغيره: لا يُعرف اسمه، مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(عم).
(قال) أبو حية: (رأيت علي) بن أبي طالب رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
أي: أبصرت عليًّا؛ يعني: حالة كونه (توضأ، فغسل قدميه إلى الكعبين) أي: مع الكعبين؛ هما العظمان الناتئان من الجانبين عند مفصل القدم والساق، (ثم) بعدما غسل الرجلين (قال) على:(أردت) أي: قصدت بوضوئي (أن أُريكم) وأُبصركم (طهور) -بضم الطاء لا غير- أي: وضوء (نبيكم) محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لكون رجاله ثقات، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
قال السندي: قوله: (رأيت عليًّا
…
) إلى آخره، فيه رد بليغ على الشيعة القائلين بالمسح على الرجلين من حيث إن الغسل كان من رواية على، ولذلك ذكره المؤلف من رواية علي، وبدأ به الباب، وإلا .. فقد قال المحققون؛ منهم النووي: إن جميع من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن مختلفة وعلى صفات متعددة متفقون على غسل الرجلين، ولقد أحسن المؤلف وأجاد في تخريج حديث علي في هذا الباب، جزاه الله خيرًا.
وظاهر القرآن يقتضي المسح، كما جاء عن ابن عباس، فيجب حمله على الغسل ضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المبين لأمر الله والمفسّر للقرآن، وهو الذي فوّض الله إليه بيان القرآن، فلا يؤخذ البيان إلا منه صلى الله عليه وسلم، فيقال: قراءة النصب للأرجل ظاهرة في الإغسال، وقراءة جرها مبنية على الجوار، والجوار وإن كان قليلًا في كلامهم .. يجب الأخذ به هنا؛ للتوفيق بين القرآن وبين ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من البيان، وفائدة الجوار إيهام العطف على الممسوح؛ للتنبيه على كونه غسلًا خفيفًا قريبًا من المسح، فإن الأرجل من بين المغسولات مظنة إفراط الصب عليها، كذا ذكره صاحب "الكشاف".
ولذلك فصل بينها وبين المغسولات المذكورة أولًا، وأيضًا في الفصل تنبيه على وجوب الترتيب في أفعال الوضوء، وقد ذكر العلماء وجوهًا أُخر في فوائد الفصل، وقد بسطتها في تفسيري "حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن"، فراجعه إن شئت بسط الكلام في هذا المقام.
* * *
(2)
- 453 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا.
===
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث علي بحديث المقدام رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(2)
- 453 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) السلمي الدمشقي، صدوق، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي الأوزاعي الدمشقي، ثقة، من الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا حريز) بفتح أوله وكسر ثانيه آخره زاي (بن عثمان) الرحبي -بفتحتين بعدهما موحدة- الحمصي، ثقة ثبت، رُمي بالنصب، من الخامسة، مات سنة ثلاث وستين ومئة (163 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(عن عبد الرحمن بن ميسرة) الحضرمي الحمصي، مقبول، من الرابعة. يروي عنه:(د ق).
(عن المقدام بن معدي كرب) بن عمرو الكندي أبي كريمة الشامي الصحابي المشهور رضي الله عنه، مات سنة سبع وثمانين (87 هـ) على الصحيح، وله إحدى وتسعون سنة. يروي عنه:(خ عم).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فغسل رجليه) أي: قدميه مع الكعبين كل رجل (ثلاثًا ثلاثًا).
(3)
- 454 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ قَالَتْ: أَتَانِي ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ؛
===
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لكون رجاله ثقات، وله شاهد من حديث علي رضي الله عنه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث علي بحديث الرّبيع بنت معوذ رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(3)
- 454 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا) إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري المشهورب (ابن علية) اسم أمه، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثلاث وتسعين ومئة (193 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن روح بن القاسم) التميمي العنبري أبي غياث البصري، ثقة، من السادسة، مات سنة إحدى وأربعين ومئة (141 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
(عن عبد الله بن محمد بن عقيل) بن أبي طالب الهاشمي المدني، صدوق، في حديثه لين، من الرابعة، مات بعد الأربعين ومئة. يروي عنه:(د ت ق).
(عن الرُّبيِّع) بنت معوِّذ ابن عفراء الأنصارية الصحابية رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه لين.
(قالت) الرّبيع: (أتاني) أي: جاءني (ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما في بيتي، (فسألني) ابن عباس (عن هذا الحديث) هل سمعتيه من
تَعْنِي: حَدِيثَهَا الَّذِي ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ النَّاسَ أَبَوْا إِلَّا الْغَسْلَ، وَلَا أَجِدُ فِي كِتَابِ اللهِ إِلَّا الْمَسْحَ.
===
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (تعني) الرّبيع بالحديث الذي سألها عنه (حديثها الذي ذكرت) وحدّثت له بقوله: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، وغسل رجليه، فقال ابن عباس) بعدما ذكرت له حديثها: (إن الناس) عامة (أبوا) وامتنعوا وأنفوا من الاكتفاء في وضوئهم بمسح الرجلين (إلا الغسل) أي: إلا الإتيان بالغسل، كما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، (ولا أجد في كتاب الله) عز وجل أي: لم أجد في القرآن ذكر الغسل، بل لم يذكر (إلا المسح) حيث قال:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} (1).
قوله: (إن الناس أبوا إلا الغسل) كأنه جعل هذا الكلام كالنتيجة لما سمع منها أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل رجليه؛ يريد أنه لأجل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الاغتسال اتفق الناس عليه، وإلا .. فظاهر القرآن هو المسح.
قوله: (ولا أجد في كتاب الله) أي: ظاهرًا، وفيه: أن الحق هو الاغتسال؛ لاتفاق السنة وإجماع الأمة عليه؛ إذ لم يكن ثمة ناس إلا الصحابة وإجماعهم حجة؛ أي: حجة بالاتفاق، فيجب حمل القرآن عليه بنحو ما ذكرنا، وإنما كان المسح هو ظاهر الكتاب؛ لأن قراءة الجر ظاهرة فيه، وحمل قراءة النصب عليها بجعل العطف على المحل .. أقرب من حمل قراءة الجر على قراءة النصب بالوجه الذي ذكرنا، كما صرح به النحاة؛ لشذوذ الجوار واطراد العطف على المحل، وأيضًا فيه خلوص عن الفصل بالأجنبي بين المعطوف والمعطوف
(1) سورة المائدة: (6).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عليه، وهذا لازم على ما ذكرنا، فصار ظاهر القرآن هو المسح، ويحتمل أنه قال ذلك؛ لعدم بلوغ قراءة النصب إليه. انتهى من "السندي".
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه: ولكن رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه".
ودرجته: أنه حسن؛ لما مر في سنده إلا قوله: (فقال ابن عباس
…
) إلى آخره؛ فإنه منكر، وغرضه: الاستشهاد به إلا ما كان منكرًا منه.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول: حديث علي، ذكره للاستدلال.
والثاني: حديث المقدام، ذكره للاستشهاد.
والثالث: حديث الرّبيع، ذكره للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم