الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ورد بعد نسخ الأمر بالوضوء مما مسته النار، وإلا .. وجب الوضوء بعد لحم الغنم أيضًا، ولم يُعلم استحباب الوضوء الشرعي من بعض ما مسته النار بعد أن نُسخ وجوبه حتى يُحمل الحديث عليه، فوجب حمله على غسل اليدين.
قال الترمذي: وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بحديث جابر: (كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما غيرت النار). ولكن هذا الحديث عام وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص، والخاص مقدم على العام. انتهى.
تنبيه
قال صاحب "بذل المجهود": أخرج ابن ماجه عن أسيد بن حضير وعبد الله بن عمرو يرفعانه: "توضؤوا من ألبان الإبل" وهذا محمول عند جميع الأمة على شربها؛ بأن يستحب له أن يمضمض ويزيل الدسومة عن فمه، كذلك يستحب له إذا أكل لحم الجزور أن يغسل يده وفمه ويزيل الدسومة والزهومة. انتهى كلامه.
تنبيه آخر
قال صاحب "بذل المجهود": ولما كان لحوم الإبل داخلة فيما مست النار، وكان فردًا من أفراده، ونُسخ وجوب الوضوء بجميع أفرادها؛ يعني: بحديث جابر أنه قال: (كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ترك الوضوء مما مست النار) .. استلزم نسخ الوجوب عن هذا الفرد أيضًا. انتهى كلامه.
وهذا الحديث درجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولعدم الانفراد به، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
(40)
- 491 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ،
===
ولكن قد عرفت ما فيه من تأويل الجمهور.
* * *
ثم استشهد له بحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه، فقال:
(40)
- 491 - (2)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري.
(حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي مولاهم أبو سعيد البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا زائدة) بن قدامة الثقفي الكوفي، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة ستين ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(وإسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي أبو يوسف الكوفي، ثقة، من السابعة، مات سنة ستين ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع). كلاهما رويا:
(عن أشعث بن أبي الشعثاء) سليم بن الأسود المحاربي الكوفي، ثقة، من السادسة، مات سنة خمس وعشرين ومئة (125 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جعفر بن أبي ثور) واسم أبيه: عكرمة، وقيل: مسلمة السوائي الكوفي. روى عن: جده جابر بن سمرة في الوضوء من لحوم الإبل وغير ذلك، وهو جده من قبل أمه، وقيل: من قبل أبيه، وذكر البخاري في "التاريخ" الاختلاف في نسبه، وصدر كلامه بقوله: قال سفيان وزكرياء وزائدة عن سماك عن جعفر بن أبي ثور بن جابر عن جابر بن سمرة، فكأنه عنده أرجح، وصحح
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، وَلَا نَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ.
===
حديثه في لحوم الإبل مسلم وابن خزيمة وابن حبان. انتهى من "التهذيب"، وقال في "التقريب": مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(م ق).
(عن جابر بن سمرة) بن جنادة السوائي الكوفي، الصحابي بن الصحابي المشهور رضي الله عنه، له مئة وستة وأربعون حديثًا. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة.
(قال) جابر: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتوضأ من لحوم الإبل، ولا نتوضأ من لحوم الغنم).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الإمام مسلم؛ أخرجه في كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، رقم (97)، وأحمد في "مسنده".
قال النووي: أما أحكام هذا الباب .. فاختلف العلماء في أكل لحم الجزور: فذهب الأكثر إلى أنه لا ينقض الوضوء، وممن ذهب إليه الخلفاء الراشدون الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وابن مسعود وأُبي بن كعب وابن عباس وأبو الدرداء وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أمامة، وجماهير التابعين، ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم، وذهب إلى انتقاض الوضوء به أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبو بكر بن المنذر وابن خزيمة، واختاره البيهقي، واحتج هؤلاء بحديث الباب؛ يعني: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة.
قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب حديثان: حديث البراء بن عازب، وحديث جابر بن سمرة، وهذا المذهب أقوى دليلًا، وإن كان الجمهور على خلافه، وقد أجاب الجمهور
(41)
- 492 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَرَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ،
===
عن هذين الحديثين بحديث جابر بن عبد الله: (كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ترك الوضوء مما مست النار)، ولكن هذا الحديث عام، وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص، والخاص مقدم على العام. انتهى.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة على سبيل الاستطراد بحديث أُسيد بن حضير رضي الله عنه، فقال:
(41)
- 492 - (3)(حدثنا أبو إسحاق الهروي) -بفتحتين- نسبة إلى هراة؛ مدينة بخراسان (إبراهيم بن عبد الله بن حاتم) نزيل بغداد. روى عن: عبّاد بن العوام، وهشيم، وابن أبي الزناد، وابن علية، وغيرهم، ويروي عنه:(ت ق)، وأبو زرعة، وأبو حاتم.
قال ابن معين: لا بأس به، وقال صالح جزرة وأبو زرعة الرازي: صدوق، وقال الدارقطني: ثقة ثبت، وقال إبراهيم الحربي: كان حافظًا متقنًا تقيًا ما كان ها هنا أحد مثله، وقال أبو داوود: ضعيف، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال في "التقريب": صدوق حافظ، تُكلم فيه بسبب القرآن، من العاشرة، مات سنة أربع وأربعين ومئتين (244 هـ)، وله ست وستون سنة.
(حدثنا عبّاد بن العوام) بن عمر بن عبد الله بن المنذر الكلابي مولاهم أبو سهل الواسطي. روى عن: حجاج بن أرطاة، ويحيى بن إسحاق الحضرمي، ويروي عنه:(ع)، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن منيع.
قال في "التقريب": ثقة، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومئة، وقيل بعدها.
عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَكَانَ ثِقَةً، وَكَانَ الْحَكَمُ يَأْخُذُ عَنْهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ
===
(عن حجاج) بن أرطاة النخعي أبي أرطاة الكوفي، قاضي البصرة، صدوق، من السابعة كثير الخطأ والتدليس، مات سنة خمس، أو سبع وأربعين ومئة. يروي عنه:(م عم).
(عن عبد الله بن عبد الله) الهاشمي (مولى بني هاشم) أبي جعفر الرازي، أصله كوفي، (وكان ثقة، وكان الحكم) بن عتيبة (يأخذ) ويروي (عنه) أي: عن عبد الله بن عبد الله الحديث. يروي عنه: (د ت ق)، والأعمش، وحجاج بن أرطاة.
وقال في "التقريب": صدوق، من الرابعة.
(حدثنا عبد الرحمن بن أبي ليلى) الأنصاري المدني ثم الكوفي، ثقة، من الثانية، مات بوقعة الجماجم سنة ثلاث وثمانين. يروي عنه:(ع).
(عن أُسيد بن حضير) -بالتصغير فيهما- ابن سماك بن عتيك -بفتح المهملة، وكسر المثناة الفوقية، وسكون التحتانية- الأنصاري الأشهلي أبي يحيى المدني الصحابي الشهير رضي الله عنه، له ثمانية عشر حديثًا. يروي عنه:(ع)، مات سنة عشرين (20 هـ)، أو إحدى وعشرين.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لضعف حجاج بن أرطاة وتدليسه لا سيما وقد خالف غيره، فخالف الحجاج الأعمش؛ فإن الأعمش قال: عن البراء بن عازب، وقال الحجاج: عن أسيد بن حضير، والصحيح عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب؛ فإن الأعمش الراوي عن عبد الله بن عبد الله .. أوثق وأحفظ من الحجاج، قال الحافظ في "التلخيص": قال ابن خزيمة في "صحيحه": لم أر خلافًا بين علماء الحديث أن هذا الخبر؛
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَوَضَّؤُوا مِنْ أَلْبَانِ الْغَنَمِ، وَتَوَضَّؤُوا مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ".
===
يعني: حديث البراء .. صحيح من جهة النقل؛ لعدالة ناقليه، ونقل الترمذي الخلاف فيه على ابن أبي ليلى هل هو عن البراء، أو عن ذي الغُرة أو عن أسيد بن حضير؟ وصحح أنه عن البراء، وكذا ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبيه. انتهى.
قال إسحاق: صح في هذا الباب؛ أي: في باب الوضوء من لحوم الإبل .. حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط: الأول: حديث البراء الذي أخرجه الترمذي في هذا الباب، وأخرجه أيضًا أبو داوود وابن حبان وابن الجارود وابن خزيمة، والثاني: حديث جابر بن سمرة، أخرجه مسلم وابن ماجه.
(قال) أُسيد بن حضير: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا توضؤوا من ألبان الغنم) لأنه لا دسومة لها، والمراد بالوضوء المنفي: غسل الفم بعد شربها، (وتوضؤوا من ألبان الإبل) والمراد بالوضوء منها: أن يمضمض ويزيل الدسومة من فمه.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، فهو ضعيف، قال ابن قدامة: وفي شرب لبن الإبل روايتان: إحداهما: ينقض الوضوء؛ لما روى أُسيد بن حضير، والثانية: لا وضوء فيه؛ لأن الحديث إنما ورد في اللحم، وقولهم: فيه حديثان صحيحان حديث البراء وحديث جابر بن سمرة .. يدل على أنه لا صحيح في هذا الباب سواهما، والحكم ها هنا؛ يعني: في لبن الإبل غير معقول، فيجب الاقتصار على مورد النص؛ وهو اللحم. انتهى كلام ابن قدامة.
على أن استحباب المضمضة من شرب لبن الإبل ليس لحديث أُسيد بن
(42)
-493 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ،
===
حضير، بل لحديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبنًا، فمضمض وقال:"إن له دسمًا".
فهذا الحديث: ضعيف متنًا وسندًا (4)(76)، فالحديث: ضعيف استطرادي، كما أنه ضعيف استئناسي.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا للترجمة بحديث عبد الله بن عمرو -رضي الله تعالى عنهما-، فقال:
(42)
-493 - (4)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله الذهلي النيسابوري، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا يزيد بن عبد ربه) الزبيدي -بالضم- أبو الفضل الحمصي المؤذن الجرجسي- بجيمين مضمومتين بينهما راء ساكنة، ثم سين مهملة- نسبة إلى جرجس؛ اسم محلة من حمص. روى عن: بقية بن الوليد، ووكيع، والوليد بن مسلم، وغيرهم، ويروي عنه:(م د س ق)، بواسطة الذهلي، والكوسج.
قال ابن معين: ثقة صاحب حديث، وقال أبو بكر بن أبي داوود: حمصي ثقة، أوثق من روى عن بقية، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وعشرين ومئتين (224 هـ)، وله ست وخمسون سنة.
(حدثنا بقية) بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي أبو يُحمد -بضم
عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "تَوَضَّؤُوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ
===
التحتية وسكون المهملة وكسر الميم- صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، من الثامنة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ)، وله سبع وثمانون سنة. يروي عنه:(م عم).
(عن خالد بن يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري) الكوفي، قال في "التقريب": مجهول الحال معروف النسب، من الثامنة. روى عن: عطاء بن السائب، ويروي عنه: بقية، له في ابن ماجه حديث واحد في الوضوء من لحوم الإبل.
قال الذهبي: فيه جهالة؛ لأنه لم يرو عنه غير بقية.
(عن عطاء بن السائب) أبي محمد الثقفي الكوفي، صدوق اختلط، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(قال) عطاء: (سمعت محارب) بضم الميم وكسر الراء (ابن دثار) -بكسر المهملة وتخفيف المثلثة- السدوسي الكوفي، القاضي ثقة إمام زاهد، من الرابعة، مات سنة ست عشرة ومئة (116 هـ). يروي عنه:(ع).
(يقول) محارب: (سمعت عبد الله بن عمر) بن الخطاب -رضي الله تعالى عنهما-.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه بقية بن الوليد، وهو ضعيف مدلس، روى بالعنعنة، وشيخه خالد بن يزيد وهو مجهول الحال .. لم يرو عنه إلا بقية بن الوليد.
(يقول) عبد الله بن عمرو: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: توضؤوا من) أكل (لحوم الإبل) أي: اغسلوا أيديكم إذا أكلتم لحمها؛ لما فيه
وَلَا تَوَضَّؤُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ، وَتَوَضَّؤُوا مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ وَلَا تَوَضَّؤُوا مِنْ أَلْبَانِ الْغَنَمِ، وَصَلُّوا فِي مَرَاحِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ".
===
من الدسومة الغليظة، (ولا توضؤوا) أي: لا تغسلوا أيديكم (من) أكل (لحوم الغنم) لخفة دسومتها، وهذا التفسير على مذهب الجمهور الذي يؤولون الوضوء بغسل الأيدي، والراجح دليلًا عدم التأويل؛ كما هو مذهب أحمد وإسحاق ومن وافقهما، كما مر بسط الكلام فيه.
(وتوضؤوا) أي: مضمضوا فمكم (من) شرب (ألبان الإبل) لغلظ دسومتها، (ولا توضؤوا) أي: لا تمضمضوا فمكم (من) شرب (ألبان الغنم) لخفة دسومتها، (وصلوا في مراح الغنم) أي: مأواها في الليل؛ لأنها هادئة لا تشوش المصلي، (ولا تصلوا في معاطن الإبل) لشدة نفارها وكثرة صياحها؛ فقد يؤدي ذلك إلى بطلان الصلاة، أو قطع الخشوع.
قال السندي: ومراح الغنم: مأواها ليلًا، ومرابض الغنم: مباركها عند الماء، وكلاهما تجوز الصلاة فيه بلا كراهة، ومرابض الغنم: جمع مربض - بفتح الميم وكسر الباء الموحدة آخرها ضاد معجمة - قال الجوهري: المرابض كالمعاطن للإبل، قال: ورُبوض الغنم والبقر والفرس مثل بروك الإبل وجثوم الطير، والمعاطن جمع معطن؛ وهو مبرك الإبل حول الماء، يقال: برك الإبل بروكًا إذا وقع على بركه وهو صدره، كذا في "المصباح"، قال الجوهري: برك الإبل يبرك بروكًا من باب (قعد) إذا استناخ، والنهي عن الصلاة في معاطنها .. للكراهة، وكُرهت فيها؛ لما لا يؤمن من نفارها، فيلحق المصلي ضرر من صدمته وغيرها، فلا يكون له حضور القلب.
ومعنى الحديث: أن الغنم ليس فيها تمرد ولا شرود، بل هي ضعيفة، وفيها سكينة، فلا تؤذي المصلي، ولا تقطع صلاته؛ فهي ذات بركة وسكينة، فصلوا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
في مرابضها، والحديث يدل على عدم جواز الصلاة في مبارك الإبل، وعلى جوازها في مرابض الغنم، قال أحمد بن حنبل: لا تصح الصلاة في مبارك الإبل بحال، قال: ومن صلى فيها .. أعاد أبدًا، وسُئل مالك: عمن لا يجد إلا عطن الإبل، قال: لا يصلي، قيل: فإن بسط عليه ثوبًا، قال: لا. انتهى من "العون".
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف (5)(77)؛ لضعف سنده مع انفراده به، وغرضه: الاستئناس به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول: حديث البراء بن عازب، ذكره للاستدلال.
والثاني: حديث جابر بن سمرة، ذكره للاستشهاد.
والثالث: حديث أُسيد بن حضير، ذكره للاستئناس.
والرابع: حديث عبد الله بن عمرو، ذكره للاستئناس.
والله سبحانه وتعالى أعلم