المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(51) - (130) - باب: تحت كل شعرة جنابة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة كتاب الطهارة وسننها

- ‌(1) - (80) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ

- ‌(2) - (81) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ عَلَى مَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى

- ‌(3) - (82) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّضْحِ بَعْدَ الْوُضُوءِ

- ‌(4) - (83) - بَابُ الْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَبَعْدَ الْغُسْلِ

- ‌(5) - (84) - بَابُ مَا يُقَالُ بَعْدَ الْوُضُوءِ

- ‌(6) - (85) - بَابُ الْوُضُوءِ بِالصُّفْرِ

- ‌(7) - (86) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌(8) - (87) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

- ‌(9) - (88) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌(10) - (89) - بَابُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ

- ‌(11) - (90) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌(12) - (91) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌(13) - (92) - بَابُ الْمَضْمَضَةِ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ

- ‌(14) - (93) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الْقُبْلَةِ

- ‌(15) - (94) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَذْيِ

- ‌فائدة

- ‌(16) - (95) - بَابُ وُضُوءِ النَّوْمِ

- ‌(17) - (96) - بَابُ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَالصَّلَوَاتِ كُلِّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ

- ‌(18) - (97) - بَابُ الْوُضُوءِ عَلَى الطَّهَارَةِ

- ‌(19) - (98) - بَابُ لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ

- ‌(20) - (99) - بَابُ مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يُنَجَّسُ

- ‌(21) - (100) - بَابُ الْحِيَاضِ

- ‌(22) - (101) - بَابُ مَا جَاءَ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَطْعَمْ

- ‌(23) - (152) - بَاب: الْأَرْضُ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ كيْفَ تُغْسَلُ

- ‌(24) - (103) - بَاب: الْأَرْضُ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا

- ‌(25) - (104) - بَابُ مُصَافَحَةِ الْجُنُبِ

- ‌(26) - (105) - بَابُ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌تتمة

- ‌(27) - (106) - بَابٌ: فِي فَرْكِ الْمَنِيِّ مِنَ الثَّوْبِ

- ‌(28) - (107) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ

- ‌(29) - (108) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌(30) - (109) - بَابٌ: فِي مَسْحِ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ

- ‌(31) - (110) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ

- ‌فائدة

- ‌(32) - (111) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ بِغَيْرِ تَوْقِيتٍ

- ‌(33) - (112) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ

- ‌(34) - (113) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ

- ‌تتمة

- ‌أَبْوَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌(35) - (114) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّيَمُّمِ

- ‌(36) - (115) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً

- ‌(37) - (116) - بَابٌ: فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَتَيْنِ

- ‌(38) - (117) - بَابٌ: فِي الْمَجْرُوحِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ إِنِ اغْتَسَلَ

- ‌(39) - (118) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(40) - (119) - بَاب: فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(41) - (120) - بَابٌ: فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ

- ‌(42) - (121) - بَاب: فِي الْجُنُبِ يَسْتَدْفِع بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ

- ‌(43) - (122) - بَابٌ: فِي الْجُنُبِ يَنَامُ كهَيْئَتِهِ لَا يَمَسُّ مَاءً

- ‌(44) - (123) - بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَنَامُ الْجُنُبُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ

- ‌(45) - (124) - بَابٌ: فِي الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ تَوَضَّأَ

- ‌(46) - (125) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَغْتَسِلُ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ غُسْلًا وَاحِدًا

- ‌(47) - (126) - بَابٌ: فِيمَنْ يَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ غُسْلًا

- ‌(48) - (127) - بَابٌ: فِي الْجُنُبِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ

- ‌(49) - (128) - بَابُ مَنْ قَالَ يُجْزِئُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ

- ‌(50) - (129) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ

- ‌(51) - (130) - بَابٌ: تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةٌ

- ‌(52) - (131) - بَابٌ: فِي الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ

- ‌(53) - (132) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ النِّسَاءِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(54) - (133) - بَابُ الْجُنُبِ يَنْغَمِسُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ أَيُجْزِئُهُ

- ‌(55) - (134) - بَابُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ

- ‌(56) - (135) - بَابُ مَا جَاءَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ

- ‌(57) - (136) - بَابُ مَنِ احْتَلَمَ وَلَمْ يَرَ بَلَلًا

- ‌(58) - (137) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاسْتِتَارِ عِنْدَ الْغُسْلِ

- ‌(59) - (138) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ لِلْحَاقِنِ أَنْ يُصَلِّيَ

- ‌(60) - (139) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي قَدْ عَدَّتْ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَمِرَّ بِهَا الدَّمُ

- ‌(61) - (140) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا اخْتَلَطَ عَلَيْهَا الدَّمُ فَلَمْ تَقِفْ عَلَى أَيَّامِ حَيْضِهَا

- ‌(62) - (141) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبِكْرِ إِذَا ابْتُدِئَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ كَانَ لَهَا أَيَّامُ حَيْضٍ فَنَسِيَتْهَا

- ‌(63) - (142) - بَابٌ: فِيمَا جَاءَ فِي دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌(64) - (143) - بَابُ الْحَائِضِ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ

- ‌(65) - (144) - بَابُ الْحَائِضِ تَتَنَاوَلُ الشَّيءَ مِنَ الْمَسْجِدِ

- ‌(66) - (145) - بَابُ مَا لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا

- ‌(67) - (146) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ الْحَائِضِ

- ‌(68) - (147) - بَابٌ: فِي كفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌(69) - (148) - بَابٌ: فِي الْحَائِضِ كَيْفَ تَغْتَسِلُ

- ‌(70) - (149) - بَابٌ: فِيمَا جَاءَ فِي مُؤَاكلَةِ الْحَائِضِ وَسُؤْرِهَا

- ‌(71) - (150) - بَابٌ: فِيمَا جَاءَ فِي اجْتِنَابِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ

- ‌(72) - (151) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَائِضِ تَرَى بَعْدَ الطُّهْرِ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ

- ‌(73) - (152) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النُّفَسَاءِ كَمْ تَجْلِسُ

- ‌(74) - (153) - بَابُ مَنْ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

- ‌(75) - (154) - بَابٌ: فِي مُؤَاكلَةِ الْحَائِضِ

- ‌(76) - (155) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِ الْحَائِضِ

- ‌(77) - (156) - بَابٌ: إِذَا حَاضَتِ الْجَارِيَةُ لَمْ تُصلِّ إِلَّا بِخِمَارٍ

- ‌(78) - (157) - بَابُ الْحَائِضِ تَخْتَضِبُ

- ‌(79) - (158) - بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ

- ‌(80) - (159) - بَابُ اللُّعَابِ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌(81) - (160) - بَابُ المَجِّ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(82) - (161) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَرَى عَوْرَةَ أَخِيهِ

- ‌(83) - (162) - بَابُ مَنِ اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَبَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ كَيْفَ يَصْنَعُ

- ‌(84) - (163) - بَابُ مَنْ تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعًا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ

الفصل: ‌(51) - (130) - باب: تحت كل شعرة جنابة

(51) - (130) - بَابٌ: تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةٌ

(137)

-588 - (1) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ وَجِيهٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ،

===

(51)

- (130) - (باب: تحت كل شعرة جنابة)

(137)

- 588 - (1)(حدثنا نصر بن علي) البصري (الجهضمي) نسبة إلى محلة في البصرة.

(حدثنا الحارث بن وجيه) بوزن عظيم، وقيل: ابن وجبة -بفتح الواو وسكون الجيم بعدها موحدة- الراسبي أبو محمد البصري، ضعيف، من الثامنة. روى عن: مالك بن دينار، ويروي عنه:(د ت ق)، ونصر بن علي الجهضمي، وأبو كامل الجحدري، وزيد بن الحباب.

قال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال البخاري: في حديثه بعض المناكير، وكذا قال أبو حاتم، وزاد: ضعيف الحديث، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن عدي: لا أعلم له رواية إلا عن مالك بن دينار. أخرجوا له حديثًا واحدًا في الطهارة، وقال العقيلي: ضعفه نصر بن علي، وقال الترمذي بعد تخريج حديثه: هذا حديث غريب، والحارث بن وجيه شيخ ليس بذاك.

(حدثنا مالك بن دينار) السامي - بمهملة - الناجي - بنون - مولاهم أبو يحيى البصري الزاهد، كان أبوه من سبي سجستان. روى عن: محمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وأنس بن مالك، ويروي عنه:(عم)، والحارث بن وجيه، وسعيد بن أبي عروبة، وآخرون.

قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق عابد، من الخامسة، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ)، أو نحوها.

ص: 387

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةً، فَاغْسِلُوا الشَّعَرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ".

===

(عن محمد بن سيرين) الأنصاري مولاهم أبي بكر بن أبي عمرة البصري، ثقة ثبت عابد كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن من رجاله الحارث بن وجيه، وهو متفق على ضعفه.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن تحت كل شعرة جنابة) قال السندي: هذا كناية عن شمول الجنابة جميع ظاهر البدن الذي هو محل الشعر عادة، ولذلك رتب عليه، قوله:(فاغسلوا الشعر) أي: عمموا ظاهره وباطنه بالماء وخللوه؛ ليصل الماء إلى باطنه، (وأنقوا البشرة) - بقطع الهمزة - من الإنقاء؛ وهو التنظيف والتصفية؛ أي: نظفوا وصفوا البشرة التي ليس عليها شعر من الوسخ بدلكها وإمرار اليد عليها، وإلا .. فكون الجنابة تحت كل شعرة يقتضي وجوب إيصال الماء على ما تحت الشعر؛ يعني: منبته، ولا يقتضي غسل الشعر وإنقاء الجلد وتصفيته وتنظيفه من الوسخ، ثم هذا الحديث ضعفه الترمذي وأبو داوود. انتهى منه بزيادة.

قوله: "إن تحت كل شعرة جنابة" فلو بقيت شعرة واحدة لم يصل الماء إليها .. بقيت جنابته، والشعر -بفتح الشين وسكون العين- يكون للإنسان وغيره، فيجمع على شعور؛ مثل فلس وفلوس، وبفتح العين، فيجمع على أشعار؛ مثل سبب وأسباب، وهو مذكر، والواحدة شعرة -بفتح الشين- والشعرة - بكسر

ص: 388

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الشين على وزن سدرة -: شعر الركب للنساء خاصة، قاله في "العباب"، فلو بقيت شعرة لم يصل إليها الماء .. بقيت الجنابة، كما مر آنفًا.

قوله: "فاغسلوا الشعر" -بفتح العين وسكونها- أي: جميعه بالتخليل، قال الخطابي: ظاهر هذا الحديث يوجب نقض القرون والضفائر إذا أراد الاغتسال من الجنابة؛ لأنه لا يكون شعره كله شعرة شعرة مغسولًا إلا بنقضها، وإليه ذهب إبراهيم النخعي، وقال عامة أهل العلم: إيصال الماء إلى أصول الشعر وإن لم ينقض شعره .. يجزيه.

قوله: "وأنقوا البشرة" من الإنقاء؛ أي: نظفوا البشر من الأوساخ؛ لأنه لو منع شيء من ذلك وصول الماء إليها .. لم ترتفع الجنابة، والبشر -بفتح الباء والشين-: ظاهر جلد الإنسان كذا في "الصحاح" و"المصباح" و"القاموس"، وقال في "القاموس": الأَدَمَة - محركة -: باطن الجلدة التي تلي اللحم أو ظاهرها الذي عليها الشعر، قال الخطابي: وقد يحتج به من يوجب الاستنشاق في الجنابة؛ لما في داخل الأنف من الشعر، واحتج بعضهم في إيجاب المضمضة بقوله:"وأنقوا البشرة" وزعم أن داخل الفم من البشر، وهذا خلاف قول أهل اللغة؛ لأن البشرة عندهم هي ما ظهر من البدن فباشره البصر من الناظر، وأما داخل الأنف والفم .. فهو الأدمة، قال الجوهري: الأدمة: باطن الجلد الذي يلي اللحم، والبشرة: ظاهرها الجلد الذي عليه الشعر، والعرب تقول: فلان مؤدم مبشر إذا كان خشن الظاهر لين الباطن.

قلت: على ما ذكره الجوهري داخل الأنف والفم ليس من الأدمة؛ لأن الأدمة على تفسيره: هي باطن الجلد الذي يلي اللحم، وداخل الفم والأنف ليس كذلك، بل هو مما لا يلي اللحم وليس هو من الباطن، بل هو من الظاهر،

ص: 389

(138)

- 589 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ،

===

فالاستدلال على إيجاب المضمضة والاستنشاق في الغسل من الجنابة بقوله: "وأنقوا البشرة" .. صحيح. انتهى من "العون" بتصرف.

قلت: وحديث أبي هريرة هذا ضعيف السند؛ لأن في سنده الحارث بن وجيه؛ وهو متفق على ضعفه، صحيح المتن بغيره؛ أعني به: ما بعده من حديث أبي أيوب الأنصاري وحديث علي بن أبي طالب، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، فهو ضعيف السند، صحيح المتن.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(138)

- 589 - (2) حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي.

(حدثنا يحيى بن حمزة) بن واقد الحضرمي أبو عبد الرحمن الدمشقي القاضي، ثقة، رمي بالقدر، من الثامنة. يروي عنه:(ع)، مات سنة ثلاث وثمانين ومئة (183 هـ) على الصحيح، وله ثمانون سنة.

(حدثني عتبة بن أبي حكيم) الهمداني - بسكون الميم - أبو العباس الأردني -بضم الهمزة والدال بينهما راء ساكنة وتشديد النون- صدوق يخطئ كثيرًا، من السادسة، مات بصور بعد الأربعين ومئة. يروي عنه:(عخ عم).

(حدثني) أبو سفيان (طلحة بن نافع) الواسطي القرشي مولاهم نزيل مكة، صدوق، من الرابعة. يروي عنه:(ع). انتهى من "التقريب".

وهو ثقة، وثقه النسائي والبزار وابن عدي وأصحاب السنن الأربعة.

ص: 390

حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ .. كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهَا"، قُلْتُ: وَمَا أَدَاءُ الْأَمَانَةِ؟ قَالَ: "غُسْلُ الْجَنَابَةِ؛ فَإِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةً".

===

(حدثني أبو أيوب الأنصاري) خالد بن زيد رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصلوات الخمس) المفروضة، (والجمعة إلى الجمعة) أي: صلاة الجمعة مضمومة إلى صلاة الجمعة الأخرى، (وأداء الأمانة) إلى أهلها .. (كفارة لما بينها) من الذنوب الصغائر وماحية لها من صحف الملائكة، وأما الكبائر .. فلا تكفر إلا بالتوبة أو بمحض فضل الله سبحانه.

قال أبو أيوب: (قلت): يا رسول الله (وما أداء الأمانة؟ قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالي: أداء الأمانة (غسل الجنابة؛ فإن تحت كل شعرة جنابة) أي: وبالغسل تزول تلك الجنابة، فصار البدن مستحقًا للغسل بعد الجنابة كاستحقاق أهل الأمانة لأمانتهم، فصار الغسل كأنه من جملة الأمانات الواجب أداؤها إلى أهلها بقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (1)، فأطلق عليه اسم الأمانة؛ لأنه واجب الأداء والعمل والتحصيل. انتهى "سندي".

وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.

قال البوصيري: هذا إسناد فيه مقال؛ طلحة بن نافع لم يسمع من أبي أيوب، قاله ابن أبي حاتم عن أبيه، وفيما قاله أبو حاتم نظر؛ فإن طلحة بن نافع وإن

(1) سورة النساء: (58).

ص: 391

(139)

- 590 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ،

===

وصفه الحاكم بالتدليس .. فقد صرح بالتحديث؛ فزالت تهمة تدليسه، وهو ثقة، وثقه النسائي والبزار وابن عدي وأصحاب السنن الأربعة، وأما عتبة بن أبي حكيم .. فهو مختلف فيه، رواه أحمد بن منيع في "مسنده": حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا يحيى بن حمزة بن عتبة بن أبي حكيم، حدثني طلحة بن نافع، حدثني أبو أيوب الأنصاري

فذكره بإسناده ومتنه، وروى أبو داوود والترمذي من هذا الحديث الجملة الأخيرة من حديث أبي هريرة، فتحصل لنا مما ذكرنا أن حديث أبي أيوب صحيح متنًا وسندًا، فلا غبار عليه.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(139)

- 590 - (3) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا الأسود بن عامر) الشامي الملقب بشاذان، أبو عبد الرحمن نزيل بغداد. روى عن: الحمادين، وشعبة، والثوري، وجماعة، ويروي عنه:(ع)، وابنا أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وعمرو الناقد، وخلق.

قال ابن معين: لا بأس به، وقال ابن المديني: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق صالح، وقال في التقريب: ثقة، من التاسعة، مات في أول سنة ثمان ومئتين (208 هـ).

(حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري، ثقة، من الثامنة، مات سنة سبع وستين ومئة (167 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن عطاء بن السائب) بن مالك الثقفي أبي السائب الكوفي. روى عنه:

ص: 392

عَنْ زَاذَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعَرَةٍ مِنْ جَسَدِهِ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا .. فُعِلَ بِهِ

===

زاذان، وأنس، وعبد الله بن أبي أوفى، والحسن البصري، وغيرهم، ويروي عنه:(خ عم).

وثقه أيوب، وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: ثقة ثقة، رجل صالح، وقال أبو طالب عن أحمد: من سمع منه قديمًا .. فسماعه صحيح، ومن سمع منه أخيرًا .. لم يكن بشيء، سمع منه قديمًا سفيان وشعبة وحماد بن سلمة، وسمع منه حديثًا جرير وخالد وإسماعيل، وقال في "التقريب": صدوق اختلط، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ)، وقال الدارقطني: دخل عطاء البصرة مرتين، فسماع أيوب وحماد بن سلمة في الرحلة الأولى صحيح. انتهى "تهذيب".

(عن زاذان) أبي عمر الكندي البزاز، صدوق يرسل، وفيه شيعية، من الثانية، مات سنة اثنتين وثمانين (82 هـ). يروي عنه؟ (م عم).

(عن علي بن أبي طالب) رضي الله عنه، (عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من سداسياته؛ وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (من ترك) قدر (موضع شعرة من جسده) لم يرد المحل الذي تحت الشعر؛ فإن إيصال الماء إليه متعذر، بل أراد محلًا يمكن قيام الشعر فيه؛ يعني: ترك شيئًا قليلًا من ظاهر البدن قدر ما يمكن أن ينبت فيه الشعر في اغتساله (من جنابة) أي: ترك قدر موضع شعرة، حالة كونه (لم يغسلها) أي: لم يغسل قدر موضع الشعرة، وأنث الضمير العائد إلى موضع شعر مع تذكيره؛ لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه .. (فعل به) بالبناء

ص: 393

كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ"، قَالَ عَلِيٌّ: فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ شَعَرِي وَكَانَ يَجُزُّهُ.

===

للمجهول؛ أي: بذلك التارك أو بالموضع المتروك (كذا وكذا من) عذاب (النار)، كناية عن العذاب الشديد.

قوله: "من جنابة" متعلق بترك؛ أي: من عضو مجنب "لم يغسلها" الظاهر بالنظر إلى المعنى: أن يكون الضمير لموضع أنثه باعتبار المضاف إليه، "فعل" بصيغة المجهول "بها" الباء للسببية، والضمير المؤنث يرجع إلى الشعرة أو موضعها، ولفظ أحمد:"فعل الله به"، "كذا وكذا من النار" كناية عن العدد؛ أي: كذا وكذا عذابًا أو زمانًا. انتهى من "العون".

(قال علي) بن أبي طالب: (فمن ثم) أي: فمن أجل سماعي هذا التهديد الشديد (عاديت شعري) أي: عاملته معاملة العدو في البعد عنه؛ أي: فعلت بشعر رأسي فعل العدو بالعدو؛ يعني: قطعت شعر رأسي مخافة ألا يصل الماء إلى جميع رأسي، وقوله:(عاديت) هو كناية عن دوام جز شعر الرأس وقطعه.

(وكان) علي (يجزه) أي: يقص شعر رأسه، من الجز -بالجيم وتشديد الزاي المعجمة-: وهو قص الشعر والصوف، قال في "المصباح": جززت الصوف جزًا قطعته، من باب قتل، وقال بعضهم: الجز: القطع في الصوف وغيره

واستدل بحديث على هذا على جواز حلق الرأس ولو دوامًا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أقر عليًّا على ذلك، ولأنه من جملة الخلفاء الراشدين المأمور بالاقتداء بهم والتمسك بسنتهم، ويدل أيضًا على جواز حلق الرأس حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيًا حلق بعض رأسه وترك بعضه، فنهى عن ذلك، وقال:"احلقوا كله، أو اتركوا كله" أخرجه مسلم وأبو داوود، ويأتي بحث ذلك في كتاب الترجل. انتهى من "العون".

ص: 394

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود؛ أخرجه في الطهارة (98)، باب الغسل من الجنابة، رقم (249)، والدارمي والبيهقي وأحمد وابن أبي شيبة في "مصنفه".

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، كما قررناه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول: حديث أبي هريرة، ذكره للاستدلال.

والثاني: حديث أبي أيوب، ذكره للاستشهاد.

والثالث: حديث علي، ذكره للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 395